أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - مصباح الغفري - الطَّشَــــرون














المزيد.....

الطَّشَــــرون


مصباح الغفري

الحوار المتمدن-العدد: 652 - 2003 / 11 / 14 - 01:18
المحور: الادب والفن
    


[1]
 بين هامان وفرعون !
 أضحَت تُفصّلُ في لندُن عُروبتكُم         خياطَ لندنَ ، لا تبخلْ بها قصَبا!
  (وصفي القرنفلي)
 حدثنا أبو يسار الدمشقي قال :
 شعَرت بالضجر والضيق ، فرحت أتمشى في الطريق ، أبحث عن صديق . وما هي إلا ساعة ، حتى رأيت رجلاً يخطب في جماعة . كانت على رأسه عمامَة ، تحسَــبه شيخاً من تهامَة . دفعني الفضول ، فوقفت أستمع إلى ما يقول . كان الرجل يُعوِلُ ويَصيح ، بلسان عربي فصيح :
ـ  نحن المجتمعين في هذا المكان ، من المهاجرين إلى الميدان . ومن الشاغور والبزورية ، إلى باب توما والقيمرية . ألسنا جميعاً  يا أهل الشام ، فداءً للحكام ؟ فإذا أردتم الشفاء من البرص والجذام ، ومن سَلَسِ البول في اليقظة والمنام ، فاقرأوا كتاب الخدّام ! فهذا الكتاب العجيب ، هو حلية الأريب ، ومنية اللبيب . إذا قرأته قبل الطعام ، شَعَرْت بفوائد الصيام . وإذا قرأته أثناء السفر ، هانت عليك نار الجحيم في سقر !
كان الخطيب يُرغي ويُزبد ، ويُبرقُ ويُرعِد . ورغم أنه أتقن التنكّر والاستخفاء ، بنظارة سوداء . فقد عرفت أنه صاحبنا أبو زيد ، رجلُ الإحتيال والصيد !
إنفض الجمع فأخذته بالأحضان ، وتحدثنا عن الغربة في الأوطان . قال : 
لايغرنكَ يا أبا يسار ، حديث رجلٍ مهذار . فهذا كلام دسَسْت فيه السمّ بالدسَم ، ابتغاء ما في يدي هذا المخلوق من نِعَم .  وأنا لم أقرأ كتاب نائب الرئيس المُناضل ، لأنني لا زلت وفيّاً لصحن الفول والفلافل ، وأتقن التفريق بين الغربان والعنادل ، وبين نواح المُستأجَرة والثاكل . ولن أقـــرأ ما كتبه عن الوحدة والحريّة ، بعد أن قضى زهرة شبابه في خدمة الديكتاتورية . واليوم أدركته حِرفة الكتابة والأدب ، فهو يُنظّـِـرُ لوحدة العرب ، أليس هذا أعجب العجب ؟ 
قلت : إن الله يبعث لهذه الأمة على رأس كل قرن من الزمان ، من يَكشف عنها الغمّــة إلى أن يحين الأوان . ويبدو أن هناك من يبعث لنا كلَّ ثلاثة عقود ، قائداً يُحولنا إلى قرود ، أو طاغية من بقايا ثمود !
قرأنا في التاريخ عن سبع سنوات عِجاف ، تموءُ  الناس فيها كالقطط وتمشي إلى الذبح كالخراف . فلماذا أصبحت سنواتنا العجاف في الشام ، ثلاثين بالتمام ؟ ولماذا يبقى العَرّابون من حاملي النياشين ، والخـُــدّام والغراسين[2]  ، الذين جمَعوا الملايين ، على ظهورنا راكبين ؟ هل عقمت أرحام النساء في البلاد ، فعجزت عن حمل غير الأوغاد ؟
قال أبو زيد بلهجة يشوبها الوجل ، خفف من غلوائك وهيا بنا على عجَل . أنسيت أننا في عاصمة الجمهورية الوراثية ، حيث يولد المرء ويموت في ظل الأحكام العُرفية ؟  لا تنسَ أيها الهُمام ، أن الكلام هنا حرام ، إلا إذا أردت مديح النظام! 
ثم إنه ذرف عبْرَة ، وقال بحسرة : 
المحامي الفاشل يعمل في القضاء ، والقاضي الفاشل يُصبح من الوزراء ! وسيادته كان محافظاً للجولان ، وبعد تسليمها أصبح مُقرباً من السلطان . فلماذا لا يعمل بعد أن ذهب الأطيبان ، وبقي الأخبثان ، كاتباً يشارُ إليه بالبنان ؟
كان الديكتاتور الراحل من فئة " الطشرون " ، مقاولاً من الباطن يطلب العوْن . والمقاول الرئيسي في الشرق الأوسط ، معروف كالثعبان الأرقط . أما صاحب المقاولة ، فلا تكثروا المُجادلة . إسألوا عنه " جابر عثرات اللئام " ، العم سام !
نائب الديكتاتور هو الهُدهُد الذي ذكره مظفر النواب ، فلماذا تستغرب أن ينتسب إلى اتحاد الكتاب ؟ وله في وزير الطبخ والدبابات ، والنياشين والطبنجات ، أسوة وزمالة عقودٍ وسنوات !
قلت : ذكرتني يا أبا زيد بالشعر ، فليس لنا غيره في زمن العُهْرِ والقهر . فاسمع هذه الأبيات لوصفي القرنفلي :
وسَرسَريٍّ سَخيفٍ ، شَـــــدّ من مُزقٍ        من الحُروف ، وسمى لغوَها كُتبا
كالطفلِ في زيّ عمـلاقٍ نضى خشباً        سماهُ سيفاً ، وأقعى يصقلُ الخشبا
ويدّعي نسَبَ الأجــــــدادِ من عـَرَبٍ         أنظر إليه ، أهذا يُشـبه العَــــربا ؟
إنّ العــــــروبة أخــــلاق مُنضـــرة        وأنت ما أنت ؟ إخسأ وانتسب حطبا
ما أنت يا أنت ، إلا أنت ، كُن عرباً         أو بربراً ، لستَ إلا الزور والكذبا!
 
           
 


[1]  ـ  الطّشَــرون ، كلمة في العامية الدمشقية، معناها : المُقاول من الباطن .
[2]  ـ الغراسين : جمع غارسون ، وهو النادل الذي يخدم في المقهى .



#مصباح_الغفري (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الحصــن الحصــين في ذكر ما جرى في مؤتمر المقامرين!
- مــورِدُ الظـمـــآن في أسباب صَمْــتِ الأورانغوتان!
- أجهزة المخابرات مأكــولة مَــذمـــومَــة!
- رؤســاء الإنترنيت وحكام البامبرز !
- المســـألة الحِماريــّة! في توريث الجمهوريّـة والجماهيريـّـة
- فلسفة - الاستكراد - وديموقراطيــــة الإســـتعباد!
- يوم دخلت السُـلطة إلى حَمّــام الأســــطة!


المزيد.....




- عن فلسفة النبوغ الشعري وأسباب التردي.. كيف نعرف أصناف الشعرا ...
- -أجواء كانت مشحونة بالحيوية-.. صعود وهبوط السينما في المغرب ...
- الكوفية: حكاية قماش نسجت الهوية الفلسطينية منذ الثورة الكبرى ...
- رحيل الكوميدي المصري عادل الفار بعد صراع مع المرض
- -ثقوب-.. الفكرة وحدها لا تكفي لصنع فيلم سينمائي
- -قصتنا من دون تشفير-.. رحلة رونالدو في فيلم وثائقي
- مصر.. وفاة الفنان عادل الفار والكشف عن لحظات حياته الأخيرة
- فيلم -سلمى- يوجه تحية للراحل عبداللطيف عبدالحميد من القاهرة ...
- جيل -زد- والأدب.. كاتب مغربي يتحدث عن تجربته في تيك توك وفيس ...
- أدبه ما زال حاضرا.. 51 عاما على رحيل تيسير السبول


المزيد.....

- مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة / د. أمل درويش
- التلاحم الدلالي والبلاغي في معلقة امريء القيس والأرض اليباب ... / حسين علوان حسين
- التجريب في الرواية والمسرح عند السيد حافظ في عيون كتاب ونقا ... / نواف يونس وآخرون
- دلالة المفارقات الموضوعاتية في أعمال السيد حافظ الروائية - و ... / نادية سعدوني
- المرأة بين التسلط والقهر في مسرح الطفل للسيد حافظ وآخرين / د. راندا حلمى السعيد
- سراب مختلف ألوانه / خالد علي سليفاني
- جماليات الكتابة المسرحية الموجهة للطفل في مسرحية سندس للسيد ... / أمال قندوز - فاطنة بوكركب
- السيد حافظ أيقونة دراما الطفل / د. أحمد محمود أحمد سعيد
- اللغة الشعرية فى مسرح الطفل عند السيد حافظ / صبرينة نصري نجود نصري
- ببليوغرافيا الكاتب السيد الحافظ وأهم أعماله في المسرح والرو ... / السيد حافظ


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - مصباح الغفري - الطَّشَــــرون