أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - مجدي السماك - لعبة عروسة وعريس














المزيد.....

لعبة عروسة وعريس


مجدي السماك

الحوار المتمدن-العدد: 2111 - 2007 / 11 / 26 - 09:05
المحور: الادب والفن
    



بيتها مقابل بيته في نفس العمارة . أمام العمارة مساحة واسعة متربة ، صحيح انه ساكن جديد إلا أنهما أصبحا صديقين من أول لحظة التقيا بها ، كأنها صداقة من زمن بعيد . تملكتني الدهشة حين طلبا مني أن انقل لهما حجرين كبيرين من مسافة ليست بعيدة كي يجلسا عليهما بجانب بعضهما متلاصقين .. و قالا لي بفرح غامر : شكرا يا عمو .
توهج وجهه بابتسامة عريضة حين قال لها : يلا نلعب عروسة وعريس .
قالت ضاحكة : يلا .. فأسرعا و جلسا على الحجرين متلاصقين .
- إنتي بدكيش تلبسي الطرحة .
- لا . بديش البسها ، لأني أنا العريس ..إنته البس الطرحة .. إنته العروسه
- مينفعش .. أنا ولد .. إنتي بنت .. إنتي العروسة ولازم تلبسيها .
- يا سلام !.. يعني كل مرة بنلعب إنته بتكون العريس .. هادي المرة أنا العريس .
- هادي بياخة منك .. إنتي بدك تخربي اللعبة زي كل مرة .
شدت الطرحة - قطعة قماش- عن الأرض بعصبية و زعقت متجهمة : طيب أنا بديش العب .
حاول إقناعها قائلا لها بحماسة : عمرك شفتي عريس شعرة طويل زي شعرك و كمان لابس فستان زي فستانك . فردت عليه بعصبية : إنته عمرك شفت عريس بعرفش يعد للعشرة بالانجليزي ، و ينتش الشوكلاتة من العروسة و يضربها ، أنا بعرف اعد للعشرة . تجهم وجهه و لطمها بكف يده على وجهها لطمة قوية ، فتهدجت أنفاسها و انقبضت تقاسيم وجهها و سالت الدموع على خديها مدرارا ، التصقت بالحائط وأخذت تبكي منهنهة .. و ما لبث أن رق قلبه إليها فوضع يده على ظهرها واخذ يطبطب عليها بحنان .. لكنها تركته غاضبة وأسرعت صاعدة إلى بيتها بأنفاس متقطعة متلاحقة.. و بقي هو وحده يبحث عمن يلاعبه ويؤنس وحدته .. أخيرا قرر أن يذهب إليها موافقا على أن يكون هو العروسة وهي العريس .. إلا أن شعورا داخليا بالكرامة منعه من ذلك و صده .. فذهب إلى بيته بمزاج كدر و منغص .
ذهبت هي إلى أمها وطلبت منها قص شعرها و أن تلبس بلوزة و بنطال بدل الفستان.. بعد إلحاح شديد منها و ممل لبت لها أمها ما أرادت ، فصارت تشعر أنها عريس بكل جدارة. لمّا خرجت في صباح اليوم التالي و قابلته طلب منها اللعب ، لكنها أصبحت أكثر تصميما من ذي قبل على أحقيتها بلعب دور العريس .. كأنها بملابسها و شعرها القصير أخذت شهادة لعب دور العريس أو رخصة بذلك .. فقالت بنبرة عالية رنانة ..
- أنا قصيت شعري .. يلا نلعب .. أنا العريس .
- بس إنتي لسه بنت .
- بس أنا بشعر قصير وبنطال .. إنته مش شايف .
- عندي حل وسط ، إئيش رأيك نلعب أنا مرة العريس وإنتي مرة .. موافقه؟ كويس؟.
- اه ، موافقه .. بس أنا الأول أكون العريس .
اتفقا أخيرا على اللعب ، و أن يكون دور العريس لها أولا .. فوضع الطرحة على رأسه و ثبت طرفها بواسطة مشبك بمقدمة شعره ، و أسدلها إلى الخلف على ظهره .. تسللت هي إلى البيت بهدوء و أحضرت ربطة العنق خلسة من بين ملابس والدها على غفلة من أمها ، و دست الروج في جيبها.. ثم عادت و أخذت تلف ربطة العنق حول رقبتها و جلست بجانبه فرحة ، فتكوم الطرف الآخر لربطة العنق على الأرض .. مدت إليه يدها لتعطيه الروج .
- لا .. أنا ولد .. محطش الروج ، يا عيب الشوم ! .. إنتي لازم تحطي !.
- بس انته العروسه .. لازم تحط روج .. بنفعش بدونه .
- لا .. أعطيني ربطة العنق اربطها في رقبتي ، و إنتي حطي الروج .
- يعني انته بدك تخرب اللعبة .. كل حاجة عندك بالقوة و الغصب .
- إذا شافني حدا وأنا حاطط الروج ؟ حتكوني مبسوطة ساعتها على الفضيحة ؟ .
سكتت بغيظ ، و سكت هو أيضا سكوت المنتصر .. قطع السكوت صوت انفجار قوي ، فتفتفت الصمت و اختلط بصدى فرقعة قوية وشديدة .. هي فرقعة انفجار صاروخ أطلقته طائرة إسرائيلية على سيارة في الشارع المقابل . هرعت سيارات الإسعاف إلى المكان .. و الناس تجري على غير هدي ، جلبة وفوضى سرت في المكان .. كأن الصمت تحول إلى نثار من الأصوات المبعثرة بعشوائية .
تملكهما الخوف و استبد بهما الذعر ، فعادا أدراجهما إلى البيت عدوا.
الآن هدوء . قليل هو الهدوء ، إلا انه موجود ولو إلى حين ، ما أن رآها حتى بادرها بالسؤال مبتهجا ..
- إئيش بدنا نلعب ؟.
- يلا نلعب يهود وعرب !
- يلا .. بس أنا العرب .
- لا . بديش .. يعني أنا يهودية .. علشان اطخني وتموتني .
- مش حأموتك ، بطخك عن كذب .. معايه باروده من خشب .
- لا .انته بدك تنتقم من اليهود لأنهم قصفوا السيارة و قتلوا الناس .
- أنتي دايما هيك .. لازم تقلبيها نكد وتخربي اللعبة .
- انته دايما راكب راسك .. وبدك تلعب زي ما بدك على كيفك .. طيب ليش متكونش إنته اليهودي .
- أنا بعرف أطخ .. أما إنتي مبتعرفيش .
احتدم النقاش بينهما ، قطعه هدير طائرة حربية إسرائيلية على علو منخفض ، فجريا إلى البيت مذعورين ،و وقع هو على الدرج وتدحرج فكسرت ساقه . توجهت في اليوم التالي مع أمها لزيارته .. ما أن رأته ممدا على السرير بلا أي حركة حتى غرقت في صمت حزين و كأنها صنم .. سالت الدموع على خديها ، وقعدت بجانبه على حافة السرير ثم مدت يدها وأمسكت يده قائلة : لمّا تقوم بالسلامة حخليك تلعب انته العريس . فقال لها : و أنا حخليكي تلعبي إنتي العرب .
[email protected]



#مجدي_السماك (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- رؤية خريفية
- مملكة فنان ميت .. قصة
- بائع العلكة الصغير
- آهات وعرانيس ..قصة قصيرة
- آهات وعرانيس .. قصة قصيرة
- جهنم نحن وقودها
- الهوية الفلسطينية في الطريق الى الضياع


المزيد.....




- بشعار -العالم في كتاب-.. انطلاق معرض الكويت الدولي للكتاب في ...
- -الشتاء الأبدي- الروسي يعرض في القاهرة (فيديو)
- حفل إطلاق كتاب -رَحِم العالم.. أمومة عابرة للحدود- للناقدة ش ...
- انطلاق فعاليات معرض الكويت الدولي للكتاب 2024
- -سرقة قلادة أم كلثوم الذهبية في مصر-.. حفيدة كوكب الشرق تكشف ...
- -مأساة خلف الكواليس- .. الكشف عن سبب وفاة -طرزان-
- -موجز تاريخ الحرب- كما يسطره المؤرخ العسكري غوين داير
- شاهد ما حدث للمثل الكوميدي جاي لينو بعد سقوطه من أعلى تلة
- حرب الانتقام.. مسلسل قيامة عثمان الحلقة 171 مترجمة على موقع ...
- تركيا.. اكتشاف تميمة تشير إلى قصة محظورة عن النبي سليمان وهو ...


المزيد.....

- مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة / د. أمل درويش
- التلاحم الدلالي والبلاغي في معلقة امريء القيس والأرض اليباب ... / حسين علوان حسين
- التجريب في الرواية والمسرح عند السيد حافظ في عيون كتاب ونقا ... / نواف يونس وآخرون
- دلالة المفارقات الموضوعاتية في أعمال السيد حافظ الروائية - و ... / نادية سعدوني
- المرأة بين التسلط والقهر في مسرح الطفل للسيد حافظ وآخرين / د. راندا حلمى السعيد
- سراب مختلف ألوانه / خالد علي سليفاني
- جماليات الكتابة المسرحية الموجهة للطفل في مسرحية سندس للسيد ... / أمال قندوز - فاطنة بوكركب
- السيد حافظ أيقونة دراما الطفل / د. أحمد محمود أحمد سعيد
- اللغة الشعرية فى مسرح الطفل عند السيد حافظ / صبرينة نصري نجود نصري
- ببليوغرافيا الكاتب السيد الحافظ وأهم أعماله في المسرح والرو ... / السيد حافظ


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - مجدي السماك - لعبة عروسة وعريس