|
تلفزتنا... قد نشاهدك لكننا لا نراك
محمد بوزكَو
الحوار المتمدن-العدد: 2114 - 2007 / 11 / 29 - 10:15
المحور:
كتابات ساخرة
أيها السائقون لأنفسهم، أيتها السائقات لأنفسهن في هذا الوطن. أيها القائدون... لعربات حياتهم، أيتها القائدات .... لعربات حياتهن في دواليب هذه البلاد، انتبهوا أثناء قيادتكم... فالقيادة ليست دائما رمزا للسلطة!... اذن تمهلوا وتحسسوا فرامكلم فالرؤية مضببة بعدما اقتنعت بالرؤيا وتحجبت أو احتجبت... تغلفت في خمار كي تتعفف وتورعت كي لا تنزلق في غواية الوضوح... هكذا نحن المغاربة، كتب علينا أن نعيش في الضباب... ليس الضباب السماوي كما عند ساكني ناطحات السحاب بل ذاك البشري كما عندنا فوق "الدص" وتحت الطاولة... نعم كتب علينا أن نعيش لعنة الضبابية... التلفزيون المغربي بقناتيه، بعد أن سخن الطرح كثيرا وهو "يدوز"، ليس الكَواز، برامجه وسخطه على الزيارة الملكية الاسبانية لسبتة ومليلية سرعان ما برد وتجمد وهو يعلن بلغة يابسة تفقص القلب وتفقس البيض عن وفاة سعيد الخطابي نجل محمد عبد الكريم الخطابي... تقول التلفـــ....زة: توفي سعيد الخطابي بالقاهرة بعد صراع .....مع المرض. كأن الأمر يتعلق بأحد الفنانين الذين يملأون الشاشات بوجوههم المختفية وراء المساحيق والابتسامات الذابلة... آه لو كانت احدى تلفزاتنا بيضة والأخرى مطيشة حينها سأتذكر وجدة يوم كنت "زوفريا" أتابع الدراسة، سأصنع منهما أحلى شرمولة ثم ألتهمها وأبرد فيها جوعي للتلفزة الحقيقية... نعم أن تتجاهل تلفزتان تدعيان الوطنية أبناء أحد المناظلين المجاهدين فتلك وطيئة لا وطنية. هكذا تعاملنا تلفزتنا نحن الأمازيغ... تتجاهلنا غالبا... وحين تتكلم عنا تبحث عن أرقى كلمات الاختزال... تنتقي المرادفات المضببة... تختار السياقات المنعرجة...وتطنبنا بكثير من الفراغ... فراغ يبتلع الوضوح، يكتم أنفاس الحقيقة ويسدل ستائر ضباب يحجب الرؤية... فمهلا في السياقة... تربة هذه البلاد أصبحت منجرفة من كثرة السيولة في الكذب... والطرقات من كثرة الانزلاقات أضحت غير موصلة للحقيقة... والتاريخ شامخا يقف في سفوح جبال الريف يستهزء من كل منعرج منزلق.. مات عبد المنعم مذبولي فنطقوا بأفعاله... مات يونس شلبي فذكرونا بخفة دمه.... ولما مات من منا أصابتهم لَقوَة في اللسان وعجزوا عن انشاء جملة مفيدة قد يلتقطها أي مواطن ويتعرف من خلالها على أحد أبطال بلده وعلى ابنائه، كيف عاشوا وماذا فعلوا، أين ماتوا وأين دفنوا... باختصار أن يضيئوا جانبا من حياتهم على اعتبار أنهم يشكلون رموزا لا يمكن تحت أي عذر تجاهله.. لكن يبدو أن المسؤولين على التلفزة لا انارة لديهم حتى يسلطونها على تاريخ اولاد هذا الريف... بل لديهم أشياء أخرى يحترفون تسليطها علينا... كالضباب مثلا.. توفي سعيد..وقبله أخوه وقبله أباه وكلهم في قبور مصر راقدون... كان سعيد ومن وراءه المجتمع المدني يريدون ارجاع رفاة عائلة عبد الكريم... ولما لم يتسنى له ذلك فضل ان يرقد بجانب أسرته هنا في بلاد الفراعنة... عاشوا المنفى، ماتوا فيه وفيه راقدون... أن تدافع عن وطنك حد النفي.. أن تموت وتدفن خارج موضوع دفاعك... وأن يتجاهلك ذاك الوطن ويتنكر لك... ماذا عساك أن تفعل حينذاك ...لن يبقى لك آنذاك سوى أن تسترخي ،ترقد وتعيش موتك بضمير هادئ... لأنك كذلك، على الأقل تكون قد أديت واجبك وأعطيت لوطنك كل شيئ ولا يهم بعد ذلك مقابل ذلك لأنك هكذا تكون قد مارست وطنيتك بوضوح وخارج الضباب... أما تلفزتنا... فتدفع لها من أموالك، تعلفها كما البهيمة... وتتنكر لك كما الخديعة... تشاهدها ولا تراك... تسمعها ولا تفهمك... تحاول أن تتذوقها لكن سرعان ما تحلبك.. تلفزتنا مسح لنا... ومسخ لهويتنا... تتذكرنا في المواسم... كالمدرسة والفلاحة... تتفقدنا للأداء... كالغرامة... تبتلعنا في المسلسلات... تشوهنا في الأخبار... تغيبنا في الرياضة والصحة والمائدة والحالة الجوية... لكن تستحضرنا مع ضربة بندير وجرة كمان... وتهتز فرائسها مع هزة شيخة... تلفزتنا تريد اتلافنا... ونحن شعب لا يتلف... اشعلي وبرمجي واكذبي ايتها التلفزة الموقرة... فنحن قد نشاهدك لكننا لا نراك... ولعائلة عبد الكريم الخطابي عزائي...
#محمد_بوزكَو (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
ماذا لو ذبح ابراهيم اسماعيل...
-
التعريب...التغريب
-
المغرب وطن لنا أم موطن لنا؟
-
متاهة
المزيد.....
-
-البحث عن منفذ لخروج السيد رامبو- في دور السينما مطلع 2025
-
مهرجان مراكش يكرم المخرج الكندي ديفيد كروننبرغ
-
أفلام تتناول المثلية الجنسية تطغى على النقاش في مهرجان مراكش
...
-
الروائي إبراهيم فرغلي: الذكاء الاصطناعي وسيلة محدودي الموهبة
...
-
المخرج الصربي أمير كوستوريتسا: أشعر أنني روسي
-
بوتين يعلق على فيلم -شعب المسيح في عصرنا-
-
من المسرح إلى -أم كلثوم-.. رحلة منى زكي بين المغامرة والتجدي
...
-
مهرجان العراق الدولي للأطفال.. رسالة أمل واستثمار في المستقب
...
-
بوراك أوزجيفيت في موسكو لتصوير مسلسل روسي
-
تبادل معارض للفن في فترة حكم السلالات الإمبراطورية بين روسيا
...
المزيد.....
-
فوقوا بقى .. الخرافات بالهبل والعبيط
/ سامى لبيب
-
وَيُسَمُّوْنَهَا «كورُونا»، وَيُسَمُّوْنَهُ «كورُونا» (3-4)
...
/ غياث المرزوق
-
التقنية والحداثة من منظور مدرسة فرانكفو رت
/ محمد فشفاشي
-
سَلَامُ ليَـــــالِيك
/ مزوار محمد سعيد
-
سور الأزبكية : مقامة أدبية
/ ماجد هاشم كيلاني
-
مقامات الكيلاني
/ ماجد هاشم كيلاني
-
االمجد للأرانب : إشارات الإغراء بالثقافة العربية والإرهاب
/ سامي عبدالعال
-
تخاريف
/ أيمن زهري
-
البنطلون لأ
/ خالد ابوعليو
-
مشاركة المرأة العراقية في سوق العمل
/ نبيل جعفر عبد الرضا و مروة عبد الرحيم
المزيد.....
|