|
الواقع الفلفسطيني الراهن والمشروع الصهيوني
جادالله صفا
الحوار المتمدن-العدد: 2106 - 2007 / 11 / 21 - 11:59
المحور:
القضية الفلسطينية
لا توجد مؤشرات بالوقت الحاضر تبشر بخروج الساحة الفلسطينية من حالة الانقسام التي تمر بها، وذلك بعد عملية الحسم العسكري التي قامت به حماس خلال شهر حزيران الماضي، فالمتتبع للمواقف والتصاريح التي تخرج من قياديي طرفي الازمة، يشعر بعمق الازمة والشرخ بالجسم الفلسطيني، فتصريحات الزهار الاخيرة من خلال الجزيرة الذي يقول ان حركته حصلت على الاغلبية بانتخابات المجلس التشريعي ومن حقها ان تحكم بقطاع غزة والضفة، تؤكد على خطورة هذه التصريح من منطلق طمع حماس وقيادتها بالسلطة وليس طمعها بالوحدة الوطنية والبرنامج المشترك لتحرير الارض، وازالة الاحتلال واثاره.
فالواقع بقطاع غزة، هو استمرار الاحتلال بمفاهيم الاحتلال، والتاكيد على عدم قدرة حماس على اثبات استقلالية القطاع من الاحتلال، والابتعاد عن تاثيراته السياسية والاقتصادية والاجتماعية، فالمروجين لاستقلال القطاع فهم واهمون، فلا سلطة على مياه القطاع او معابره او اقتصاده او حتى على الحياة اليومية للناس، التي يتحكم الاحتلال بتفاصيلها، لا استقلالية للقطاع بالمفاهيم والمصطلحات الوطنية، ومازال الاحتلال واثاره هو الواضح بكل اشكاله، يدخل ويتجول في مدنه وشوراعها واحيائها، رغم المقاومة البطولية والشرسة التي يستبسلها ابناء القطاع اثناء الاجتياحات.
السلطة الفلسطينية وقياديي من حركة فتح يؤكدون يوميا ان لا حوار مع الانقلابيين الا من خلال اعادة الوضع الى ما كان عليه قبل الانقلاب، واعتذار الحركة عن ما قامت به، ورغم التراجع الطفيف بموقف السلطة وبعض قياديي حركة فتح بتوجيه الاتهامات الى طرف دموي بحركة حماس ويجب التخلص منه، الا ان السلطة وقيادة فتح غير جادين اطلاقا بمعالجة الازمة بما يخدم المصالح الوطنية للشعب الفلسطيني، كذلك الامر عند قيادة حماس، حيث لا تغلب المصالح الوطنية على المصالح الضيقة والفئوية واطماعهما الذاتية، فكلا الطرفين يعتمد على انه الاغلبية بالساحة الفلسطينية، ففتح تقول ان خلافاتها الداخلية ادت الى فوز حماس بانتخابات المجلس التشريعي وحصولها على الاغلبية، وقد اتفق مع هذا القول على اساس المشروع الانتخابي الفلسطيني الذي اقره المجلس التشريعي، وقبل ذلك اتفقت عليه الفصائل الفلسطينية في حواراتها السابقة لذلك، ففي مرشحي الدوائر ما كان لحركة حماس ان تفوز بهذه النسبة لولا كثرة المرشحين الفتحاويين، فمثلا بمحافظة سلفيت، كان هناك ثلاثة مرشحين لحركة فتح حصلوا تقريبا على 13 الف صوت ، مقابل مرشح واحد لحماس حصل على اقل من سبعة الاف صوت، الذي يساوي مقعد المحافظة بالمجلس، كذلك حصل بالمحافظات الاخرى حيث وصل بمحافظة رام الله تقريبا 12 مرشحا لحركة فتح مقابل خمسة لحركة حماس التي هي عدد مقاعد المحافظة، هذا عن الدوائر، اما بالنسبة للتمثيل النسبي فانني اتفق مع وجهة النظر التي تقول ان حماس هي الفصيل الاول بالساحة حيث حصلت على 44% من الاصوات مقابل 41% لفتح، ولكن هذا لا يعطي الحق لحماس ان تكون هي صاحبة القرار بالساحة الفلسطينية، كذلك لا يعطيها الحق بان تجزم نهائيا بانها الفصيل الاول والاكبر قبل ان تكتمل اجراء انتخابات كاملة تشمل الشعب الفلسطيني بكافة اماكن تواجده.
هذه النتيجة التي افرزتها الانتخابات التشريعية، سعرت الخلافات الداخلية الفلسطينية، ورفعت حدة التناقضات، وغلبت التناقضات الداخلية الفلسطينية على التناقض الاساسي مع العدو، وبدء كل طرف بالازمة يتصرف بمنطقة سيطرته على اثبات قدراته في قمع الطرف الاخر والحد من حركته مستخدمين مبرارات لا تخدم بالنهاية الا مشاريع العدو الصهيوني ولا تزيد الا من حدة الحقد والكراهية الداخلية، وتنذر بمزيد من التدهور والانهيار الفلسطيني، فالعدو الصهيوني الذي قام باعتقالات واسعة بالضفة الغربية وبالاخص ضد قيادات ورموز حركة حماس وعلى راسها رئيس واعضاء المجلس التشريعي وممثلي حركة حماس بالمجلس والمنتخبين من الشعب، كان يدرك جيدا ماذا يريد هذا العدو والى اين يريد ان يصل بهذه الاعتقالات، وبالتاكيد حجّم من قدرة حماس ودورها بالضفة باعتبارها قوة اساسية وعزز من دور نهج اخر مساوم ومهادن بالضفة، ووقف هذا الكيان مكتوف الايدي امام ما حصل بالقطاع، فلو سالنا انفسنا السؤال التالي: ماذا سيكون موقف الكيان الصهيوني لو حماس مارست بالضفه ما قامت به بالقطاع؟ فاكيد لن تقف الحكومة الاسرائيلية مكتوفة الايدي، لان مشروعها فصل الضفة عن القطاع وخلق سلطتين منفصلتين، فمنذ فوز حماس بدأ هذا العدو بالتلويح ان حماس هي عقبة التوصل الى سلام بالمنطقة، وما امام هذا النهج الا الاسراع بالتخلص من هذه الحركة، وابعادها عن مراكز القرار حتى لا تكون قادرة على التاثير، وبالفعل مارست اسرائيل والادارة الامريكية والغرب بشكل عام ضغوطا متواصله على رئاسة السلطة من اجل جر الساحة الى متاهات اخرى نحن بغنى عنها، فلولا هذه الضغوط والتلويح بان فرصة السلام قادمة وان هناك امكانية لاقامة دولة فلسطينية وان الحل المنتظر هو رؤية بوش باقامة دولتين متجاورتين فلسطينية واسرائيلية وان لا حل امام الفلسطينيين الا من خلال خارطة الطريق، لما حصل ما حصل بقطاع غزة.
بالتاكيد اسرائيل هي المستفيدة من ما حصل بقطاع غزة، فهي بالتاكيد حققت ما تطمح له من خلق شرخ بالجسم الفلسطيني، ففصلت القطاع عن الضفة، بعد ان سلخت القدس عن جسمها الفلسطيني، وعطلت دور الجماهير الفلسطينية والشعب الفلسطيني في الخارج من خلال تهميش مؤسساته الوطنية الممثلة بمنظمة التحرير الفلسطينية، فلا يمكن لاسرائيل ان تسمح بتواصل بين القطاع والضفة مهما كان الثمن، فهذه هي فرصتها التاريخية، فالوضع العربي الرديء والسيء، والدعم الدولي لمواقف الحكومة الاسرائيلية والتزاماتهم اتجاه اسرائيل بالدفاع والحفاظ عليها من الاخطار التي تهددها سواء بلبنان، سوريا او ايران والتيارات الدينية المتطرفة يتطلب من هذا المعسكر تفكيك هذا الحلف المعادي وبناء منطقة شرق اوسطية راضخة وخالية من العنف، بعد تصفية القضية الفلسطينية، هذا الوضع يساعد اسرائيل على تمرير مشروعها التي طالما سعت لتحقيقه، فمطالب قادة اسرائيل من الطرف الفلسطيني بالاعتراف بيهودية الدولة، هي الخطوة الاخيرة التي تسعى لها اسرائيل من اجل تصفية القضية الفلسطينية، فمن مؤتمر انابوليس لا يوجد امل للفلسطينيين بانهم سيحصلوا على شيء، وما تحذير الوفد الفلسطيني للاسرائيليين والامريكان وللعالم اجمع بان المنطقة على حافة الانفجار ان فشل المؤتمر وان العنف سيتصاعد بالمنطقة والتي تنذر بحروب تدميرية تهدد العالم، فلا اعرف على ماذا اعتمد الوفد الفلسطيني بتصريحاته هذه.
تسعى اسرائيل بالفعل الى التخلص من الكثافة السكانية التي تتواجد بالضفة ومنطقة ال 48، وان الحل القادم المنتظر هو اعادة غزة الى وضعه السابق قبل عام 1967 ولكن دون عودته الى السيادة المصرية، وانما ضمن سيادة فلسطينية محدودة بمفاهيم اسرائيلية، كذلك الحال الذي ينتظر الضفة الغربية سيادة وادارة فلسطينية في المناطق ذات الكثافة السكانية مع ضم مناطق من ال 48 اليها تكون ضمن الجدار، لها منفذ الى الاردن من خلال معبر اريحا، كذلك دون عودة الضفة الى السيادة الاردنية، لان فلسطين هي ارض اسرائيل حسب المفهوم التوراتي وهذا ما يحرم على اي قائد اسرائيلي بالتنازل عن ارض "اسرائيل"، وتتحكم اسرائيل بحركة الدخول والخروج على المعابر، ففي ظل هذا الوضع الفلسطيني الرديء والانقسام السيء الذي نمر به، والتعنت الفلسطيني الفلسطيني، والاوهام الفلسطينية، وفي ظل غياب طرف ثالث فلسطيني قد يساهم باخراج الساحة من مازقها او انهيارها، لا ارى الا مشروعا صهيونيا امريكيا غربيا ينقض على القضية الفلسطينية.
فمن يعتقد ان الانتفاضة الفلسطينية الثالثة على الابواب فهو واهم في ظل الوضع الفلسطيني الراهن، فلا تواجد عسكري اسرائيلي مباشر بقطاع غزة، وقريبا لن يكون هناك تواجد عسكري مباشر ايضا بالضفة، وستكون هناك قوى امنية فلسطينية هدفها قمع اي تحرك حمساوي او فتحاوي في الضفة او القطاع تدافع عن سلطتين مختلفتين ايدولوجيا تتحكم اسرائيل بقدرتيهما وتطورهما، فلا حل بالمرحلة الحالية الا الاسراع بترتيب البيت الفلسطيني قبل فوات الاوان والتاكيد على الشراكة السياسية والشراكة بالقرار بما يخص الثوابت والحقوق الفلسطينية وتاكيد ذلك للصديق قبل العدو، وذلك قبل ان تتكرس وقائع جديدة يصعب التعامل معها، فعلى حماس وفتح ان تعلنان مباشرة بالتراجع عن مواقفهم العدائية ضد بعضهما البعض حفاظا على المصلحة الوطنية، لان التاريخ اكيد لن يرحمهما، كذلك يجب ان يدركوا اطراف الازمة وبالاخص السلطة الفلسطينية بان الواقع العربي السيء والرديء، والوضع العالمي وموازين القوى العالمية غير مناصرة للقضية الفلسطينية، فبدلا من اللهاث وراء سراب وتضييع الوقت وراء اوهام ان تبذل كافة الجهود من اجل الخروج من الازمة الفلسطينية الراهنة والنهوض بالوضع الفلسطيني واعادة ترتيب البيت بانتظار الفرصة المناسبة التي يتمكن بها شعبنا وقواه الطليعية من استعادة الحق الفلسطيني واقامة الدولة الفلسطينية على كامل التراب الفلسطيني.
#جادالله_صفا (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
اسئلة مشروعة للوفد الفلسطيني في مؤتمر الخريف
-
رهانات السلطة والحل الامريكي
-
الى اين ستاخذنا فتح والسلطة الفلسطينية
-
وعد بلفور والحقوق الفلسطينية
-
اليسار الفلسطيني بين حماس وفتح
-
الى اين ستصل العلاقات بين الجالية الفلسطينية واليهودية في ال
...
المزيد.....
-
جدّة إيطالية تكشف سرّ تحضير أفضل -باستا بوتانيسكا-
-
أحلام تبارك لقطر باليوم الوطني وتهنئ أولادها بهذه المناسبة
-
الكرملين يعلق على اغتيال الجنرال كيريلوف رئيس الحماية البيول
...
-
مصر.. تسجيلات صوتية تكشف جريمة مروعة
-
علييف يضع شرطين لأرمينيا لتوقيع اتفاقية السلام بين البلدين
-
حالات مرضية غامضة أثناء عرض في دار أوبرا بألمانيا
-
خاص RT: اجتماع بين ضباط الأمن العام اللبناني المسؤولين عن ال
...
-
منظمات بيئية تدق ناقوس الخطر وتحذر من مخاطر الفيضانات في بري
...
-
اكتشاف نجم -مصاب بالفواق- قد يساعد في فك رموز تطور الكون
-
3 فناجين من القهوة قد تحمي من داء السكري والجلطة الدماغية
المزيد.....
-
دراسة تاريخية لكافة التطورات الفكرية والسياسية للجبهة منذ تأ
...
/ غازي الصوراني
-
الحوار الوطني الفلسطيني 2020-2024
/ فهد سليمانفهد سليمان
-
تلخيص مكثف لمخطط -“إسرائيل” في عام 2020-
/ غازي الصوراني
-
(إعادة) تسمية المشهد المكاني: تشكيل الخارطة العبرية لإسرائيل
...
/ محمود الصباغ
-
عن الحرب في الشرق الأوسط
/ الحزب الشيوعي اليوناني
-
حول استراتيجية وتكتيكات النضال التحريري الفلسطيني
/ أحزاب اليسار و الشيوعية في اوروبا
-
الشرق الأوسط الإسرائيلي: وجهة نظر صهيونية
/ محمود الصباغ
-
إستراتيجيات التحرير: جدالاتٌ قديمة وحديثة في اليسار الفلسطين
...
/ رمسيس كيلاني
-
اعمار قطاع غزة خطة وطنية وليست شرعنة للاحتلال
/ غازي الصوراني
-
القضية الفلسطينية بين المسألة اليهودية والحركة الصهيونية ال
...
/ موقع 30 عشت
المزيد.....
|