|
سيدة المزلقان الأولى
أسامة صفار
الحوار المتمدن-العدد: 2106 - 2007 / 11 / 21 - 07:14
المحور:
الادب والفن
سيدتي العظيمة 00لا تكفيك المعلقات العربية السبع مدحاً وثناءً ، ولا تكفيك أفلام هوليود كلها لتصور لحظة واحدة من لحظات جلالك و عظمتك ، ولو اجتمع كل علماء الإجتماع وعلم النفس ما استطاعوا أن يخرجوا بنظرية حولك ، سيدتي التي لا تتكرر لا تكوني سوى ما أنت عليه ، فهكذا يكون الجمال وهكذا يكون الوفاء ..وهكذا يكون الكمال ملامحك المستريحة ، وعيناك الجريئتان ، ويداك اللتان تتحركان كبندول يعرف طريقه وزمنه، ثقتك العظيمة فيما تفعلين حين أطلب ( ولاعة) أو أضع قدمي على صندوقك الخشبي فتبدأين طقوس التلميع ...كل هذا يشعرني بالضآلة والتقزم أمامك ، يا أعلى من هرم خوفو ، ويا أعظم من حضارة مصر الفرعونية ، سنوات تزيد عن السبعة ، وانا أمر عليك يومياً ، تفعلين ما تفعلين بلا ملل ، يكبر الطفلان ، ولا تكبرين ، يعودان من الحضانة ويجلسان بجوارك ، ترفضين أن تمتد يد أحدهما لبيع أو تلميع حذاء، أسألك عنهما ، تحكين بفخر أنهما سيصبحان دكاترة أو مهندسين ، تجتهدين في تلميع الحذاء كأنما تؤكدين على ما تقولين. سيدتي الأجمل ، سنواتك السبع السابقة تضاءل خلالها الأمل ، طفلاك اللذان يدرسان الآن في الإبتدائية ، قد لا يستطيعان دخول الجامعات المجانية بعد أن أصبحت تكلفتها تقارب الخاصة ، وصندوق التلميع وفاترينة السجائر والمناديل والولاعات لن تستطيع الإنفاق على طالب في الجامعة ، وإرادتك الحديدية وكل هذا الجمال لن ينتصرا على القبح الذي غزا بلادي في السنوات السبع التي مرت علينا ، فالأرض التي تجلسين عليها لها من يملكها ، والسماء التي تنظرين إليها في شموخ لها مالكها ، حتى أنا وأنت لنا من يمتلكنا ، لكن ....ورغم السواد واليأس ، ورغم الهزيمة والفقر فقد علمت الطفلين كيف يكون معنى الوفاء والجمال والتحدي ، كيف تصمد امرأة ضعيفة وفقيرة في مواجهة موجات النهب والسلب وقتل الإنسان ، لا تحملين سوى إرادة مصر التي كانت في قلبك ، لا تعنيك نظرات بائع الجرائد الجائعة ، ولا تهتمين بلزوجة بائع الفطير المراهق ، تجبرينهم على إحترامك حتى تصبحين سيدة المزلقان ، يعرفك أمين الشرطة الذي ينظم المرور ، وضابط إشغال الطرق الذي يمنعه صمودك من الإقتراب منك ، يعرفك المارون يوميا فقد صرت ( أبو الهول) ذلك المزلقان ، لكنك أبدا لا تصمتين ، فعيناك تحملان بلاغة لا تدانيها بلاغة ، وانتظامك العسكري اليومي درس لنا ، واحتمالك لما يفوق احتمال الجميع درس لأمة بكاملها.
#أسامة_صفار (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
أبواب القصر
-
مشهد ليلي
المزيد.....
-
شائعة حول اختطاف فنانة مصرية شهيرة تثير جدلا (صور)
-
اللغة العربية ضيفة الشرف في مهرجان أفينيون الفرنسي العام الم
...
-
تراث عربي عريق.. النجف موطن صناعة العقال العراقي
-
الاحتفاء بذكرى أم كلثوم الـ50 في مهرجاني نوتردام وأسوان لسين
...
-
رجع أيام زمان.. استقبل قناة روتانا سينما 2024 وعيش فن زمان ا
...
-
الرواية الصهيونية وتداعيات كذب الإحتلال باغتيال-محمد الضيف-
...
-
الجزائر.. تحرك سريع بعد ضجة كبرى على واقعة نشر عمل روائي -إب
...
-
كيف تناول الشعراء أحداث الهجرة النبوية في قصائدهم؟
-
افتتاح التدريب العملي لطلاب الجامعات الروسية الدارسين باللغة
...
-
“فنان” في ألمانيا عمره عامين فقط.. يبيع لوحاته بأكثر من 7500
...
المزيد.....
-
الرفيق أبو خمرة والشيخ ابو نهدة
/ محمد الهلالي
-
أسواق الحقيقة
/ محمد الهلالي
-
نظرية التداخلات الأجناسية في رواية كل من عليها خان للسيد ح
...
/ روباش عليمة
-
خواطر الشيطان
/ عدنان رضوان
-
إتقان الذات
/ عدنان رضوان
-
الكتابة المسرحية للأطفال بين الواقع والتجريب أعمال السيد
...
/ الويزة جبابلية
-
تمثلات التجريب في المسرح العربي : السيد حافظ أنموذجاً
/ عبدالستار عبد ثابت البيضاني
-
الصراع الدرامى فى مسرح السيد حافظ التجريبى مسرحية بوابة الم
...
/ محمد السيد عبدالعاطي دحريجة
-
سأُحاولُكِ مرَّة أُخرى/ ديوان
/ ريتا عودة
-
أنا جنونُكَ--- مجموعة قصصيّة
/ ريتا عودة
المزيد.....
|