مزهر بن مدلول
الحوار المتمدن-العدد: 2104 - 2007 / 11 / 19 - 09:58
المحور:
الادب والفن
سياسي متقاعد ..
يضاجعُ ذاكرته كلّ ليلةٍ ، فتلدُ عقربا
دبيبها اصم ، وزفيرها كامل الدسم ..
رأيتهُ في حانةٍ
ضاجةٍ بالدخان والعيون
يخفي صلعته تحت قبعة سوداء عتيقة ، ويعلوها التراب
يلتصقُ بالكرسيِّ ، كأنّ عجيزته مطلية بالغراء ..
لااحد ينادمه الكأسَ
لااحد يقاسمه وحشة الايام القادمة
جسدهُ مرميا في تلك الزاوية المهملة
يحملقُ في السائل الابيض
ويهيمُ في شتات ابدي ..
انا اعرفه ُ
اعرفهُ جيدا
منذ ان كان يمشي تحت استار الليل
وقد ورث عن ذويهِ
النهيقَ الصاخبَ والاحتفاء بمأتم الحقيقة
يقفُ على انقاض هياكلنا
نحن الذين لاعروش لنا ، غير قمم احلامنا ..
وجههُ المتخشب ، يشبهُ قحفَ سلحفةٍ
تفترشُ داخله تجاعيدٌ محفورة ومرسومة بانتظام
كأنها انفاقاً من الكراهية واللئامة
حتى انك تظنّ
انهُ مثلَ من يحمل جنازة ويبحث عن حفارا ليقبرها ..
يعيش في صهريج الزمن المنسي
الزمن الزائف
الزمن المدجج بالممنوعات
الزمن المعفر بالغيوم والضباب
الزمن الخاتل في كهوف وثنية الروح ..
حبيساً بيقينهِ ، بانهُ وحده وليس سواه
مَنْ يقرأ الايحاء في لغة الارصفة
ويكتشفُ الخفيّ الغامض في معنى الخطوات ..
يتشدقُ بالجمل التافهة
ويرى ، انّ الحبَ والشعرَ والطيرَ والغزلَ ، مجرد هرجة سوق
وانّ العلاقة والصداقة والادب واللياقة ، ثرثرة كلمات ..
تمردُ السماء يفقدهُ الاتزان المطلوب
وتبدو ذاكرته مثل مقبرة
وعقله ملئ بالفراغ
رأيتهُ كغرابا بلونِ حلكة ِ هذا المساء
ينعقُ وحدهُ
( عندما اموت ، سيصبح الجميع اصدقائي ) !!.
#مزهر_بن_مدلول (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟