|
وقت الحسم السياسي
ساطع راجي
الحوار المتمدن-العدد: 2103 - 2007 / 11 / 18 - 11:56
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
بدت الاسابيع القليلة الماضية وكأنها مخاض عسير تشهده الساحة السياسية العراقية، مخاض لحسم الكثير من الملفات العالقة والمسكوت عنها او المؤجلة، من اهم تلك الملفات العلاقة العراقية الامريكية، اما على الصعيد الداخلي فقد وجدت معظم القوى السياسية غير المستقرة نفسها امام مواجهة صعبة لتحديد موقفها نهائيا من العملية السياسية ودورها فيها، فبعد سنوات من التذبذب والمواقف المتأرجحة والانتظارات غير المؤكدة لتقارير وجلسات الكونغرس الامريكي، وجدت تلك القوى نفسها منزوعة السلاح سياسيا ولامجال امامها للمناورة فقد اصبحت نتائج العملية السياسية في حالة استقرار وثبات رغم كل ما يحيط بها من انتقادات وما يشوب عملها من سلبيات لتغدو اليوم لا بديل عنها خاصة وان كل التجاذب الامريكي لم ينتج حتى تصورا مستقبليا قريبا للوضع في العراق غير ما تقود اليه المسيرة التي بدأت منذ الاطاحة بالنظام السابق. ان تذبذب المواقف هو احد اهم العقبات التي حالت دون استقرار العراق، خاصة وان تلك المواقف تصدر عن قوى سياسية تحمل اسماء المكونات العراقية، فتبدو تلك المواقف لصيقة بالمكون الاجتماعي شاء ام ابى ذلك المكون. والتطور الذي حدث على الصعيد السياسي لم يكن مخططا له بل جاء نتيجة استنفاد كل الاستحقاقات التي عول عليها البعض لإنتاج تحولات دراماتيكية في المشهد العراقي، فلا التقارير التي رفعها المسؤولون الامريكان ولا التجاذب الحزبي في واشنطن ولا الضغط الاعلامي، ولا تدخلات دول الجوارولا الرعب الارهابي كانت قادرة على اعادة تشكيل الخارطة السياسية، لقد استمرت الحكومة العراقية على قيد الحياة فقط لأن معارضيها لم ينجحوا في جمع شتاتهم لإسقاطها عبر البرلمان، كما انهم فشلوا في حشد المشاعر الشعبية ضدها بإتجاه اسقاطها رغم وجود تذمر في الشارع العراقي من نقص الخدمات وبطء الاداء الا ان التحسن الامني ساعد الحكومة كثيرا وعزز من صورتها، بعد ان انتجت بدائل في المواجهة مع الارهاب وفتحت قنوات فرعية للمصالحة تبدو غير مرئية ولكنها محسوسة في كثير من الاماكن، كما ان الجانب الامريكي ساهم في تقوية الاداء الحكومي الامني والسياسي ومن ذلك حضور رئيس الوزراء عملية اطلاق سراح معتقلين عراقيين في السجون الامريكية وهو ما كان جديدا في المشهد. لكن السؤال المهم يتعلق بمدى ايجابية او سلبية هذا الوضع على العملية السياسية، فعجز قوى المعارضة عن اتخاذ مواقف واضحة، وعجزها ايضا عن اقتراح بدائل سياسية ومن ثم عجزها عن التعاطي مع الحكومة بشكل سلس كلها تؤشر على مستوى منخفض من الاداء السياسي لعدد كبير من الاحزاب والتنظيمات وبالتالي عدم قدرتها على المبادرة، وقد يشجع هذا الامر مستقبلا الممسك بالقرار التنفيذي على اقتراف مخالفات دستورية والتفرد بالقرار والتعسف بالاحكام فالاساس في وجود حياة سياسية سليمة يكمن في وجود قوى في الحكم والمعارضة متعادلة ومتوازنة وتتمتع بنفس المستوى من الحيوية. ان المآزق التي واجهتها قوى المعارضة تعود في جزء كبير منها الى اعتماد هذه القوى على المعطيات الخارجية بشكل مفرط، فقد توقعت هذه القوى ان الولايات المتحدة ستنقلب ضد حكومة المالكي قبل نهاية الصيف او على الاكثر في الخريف فأسرعت تلك القوى بالفرار من مركب الحكومة الذي بدا آنذاك متأرجحا وهو يواجه الصعاب، لكن يبدو ان تأرجح مركب الحكومة يعود اساسا الى قلق بعض ركابه وربابنته وتذبذبهم وتشتت قراراتهم، وما ان هبطوا منه مسرعين تخوفا من عواصف نهاية الصيف حتى اصبح مركب الحكومة اكثر استقرارا رغم انه مازال يعاني من مصاعب جمة. ان الذين اصبحوا خارج الحكومة من واجبهم الآن تحقيق تنسيق ما ولو بأدنى مستوياته بالاجماع على مجموعة من الملاحظات والاصلاحات التي يمكن ان يفعلوا بها العملية السياسية ويزيدوا من نشاطها وذلك لعدة أسباب، منها ان يمحوا صورة النزق السياسي عن ذهن المواطن العراقي، وكذلك ليساهموا برسم معالم الحراك السياسي والاهم ان يعيدوا تواجدهم الفاعل في الساحة حتى ولو من خلال المعارضة، والامر الحيوي الاخر تحقيق السلام في المحافظات التي تشهد تناحرا سياسيا بين قوى خرجت من الحكومة وأخرى ما زالت فيها، ذلك التناحر الذي شهدت بعض فصوله الدامية محافظات الفرات الاوسط في الآونة الاخيرة. القوى التي اصبحت خارج الحكومة هي الاحوج الآن لإستمرار العملية السياسية لأن توقفها يعني بقاءها خارج مؤسسة السلطة لزمن طويل قادم، او زيادة ضعفها وتشرذمها، ولذلك يبدو الوقت القريب القادم وقتا للقرارات السياسية الحاسمة خاصة وان هناك قائمة طويلة من الاستحقاقات المهمة التي ينتظر البت فيها.
#ساطع_راجي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
مواجهات دولية في العراق
-
معادلات السياسة والأمن
-
النزاهة في الجدل السياسي
-
الباب العالي وصدره الأعظم
-
الهجوم الدبلوماسي
-
مطالب أنقرة
-
ازمة متعددة الوجوه
-
هاجس الزمن
-
الخطر العراقي
-
الاتفاق الشيعي...هدنة أم رؤية؟
-
تسييس الأمن
-
قرار التشويش الخشن
-
الهاشمي على باب السستاني
-
أسس الاتفاقات القادمة
-
الطريقة الفرنسية
-
ظاهرة القاعدة
-
صورة نصفية لمانديلا...من يتذكر دكلارك؟
-
الخواء السياسي والأزمة العراقية
-
الانسحابات المفيدة
-
برنامج المعارضة
المزيد.....
-
السجن 11 عاما لسيناتور أمريكي سابق لتلقيه رشاوى من رجال أعما
...
-
مبعوث ترامب: على مصر والأردن تقديم بديل لرفض استقبال الفلسطي
...
-
المقاومة الفلسطينية وأسطورة ترامب
-
هيغسيث: إسرائيل حليف مثالي للولايات المتحدة
-
علماء يكشفون كيف وصلت الحياة إلى الأرض
-
ماسك يرد على ترشيحه لنيل جائزة نوبل للسلام
-
برلماني أوكراني: زيلينسكي يركز جهوده على محاربة منافسيه السي
...
-
رئيس جنوب إفريقيا يحذر نظيره الرواندي من عواقب الفشل في وقف
...
-
مستشار سابق في البنتاغون: على واشنطن وموسكو إبرام اتفاقية أم
...
-
منعا للتضليل.. الخارجية الروسية تدعو إلى التحقق بعناية من تص
...
المزيد.....
-
الخروج للنهار (كتاب الموتى)
/ شريف الصيفي
-
قراءة في الحال والأداء الوطني خلال العدوان الإسرائيلي وحرب ا
...
/ صلاح محمد عبد العاطي
-
لبنان: أزمة غذاء في ظل الحرب والاستغلال الرأسمالي
/ غسان مكارم
-
إرادة الشعوب ستسقط مشروع الشرق الأوسط الجديد الصهيو- أمريكي-
...
/ محمد حسن خليل
-
المجلد العشرون - دراسات ومقالات- منشورة بين عامي 2023 و 2024
/ غازي الصوراني
-
المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021
/ غازي الصوراني
-
المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020
/ غازي الصوراني
-
المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و
...
/ غازي الصوراني
-
دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد
...
/ غازي الصوراني
-
تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ
/ غنية ولهي- - - سمية حملاوي
المزيد.....
|