أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - ملف مفتوح: مناهضة ومنع قتل النساء بذريعة جرائم الشرف - فاضل البياتي - غسل العار.. يثير قلق السويديين - الفجوة تتسع بين تقاليد اللاجئين الموروثة وقوانين المجتمعات الأوروبية -















المزيد.....


غسل العار.. يثير قلق السويديين - الفجوة تتسع بين تقاليد اللاجئين الموروثة وقوانين المجتمعات الأوروبية -


فاضل البياتي

الحوار المتمدن-العدد: 103 - 2002 / 3 / 28 - 08:55
المحور: ملف مفتوح: مناهضة ومنع قتل النساء بذريعة جرائم الشرف
    


حينما كان العالم يحتفل باليوم العالمي للمرأة، كانت الاحتفالات في السويد حيال هذه المناسبة قد أخذت مسحة حزينة، كان باعثها سلسلة من أحداث العنف والقتل الذي يمارس ضد المرأة في هذا البلد.. وخاصة النساء المهاجرات. ولقد كان نصيب المرأة الكردية مفجعاً من تلك الممارسات، حيث أصبح هذا النصيب ــ شبه ظاهرة تعاني منه الفتاة الكردية هذه الأيام..
الجذور
ليس من الجديد القول، إن السويد البلد الأكثر تفتحاً في الشمال الأوروبي تقدس قوانينه الروح الانسانية بصرف النظر إلي أن هذه الروح للمواطن السويدي أم للمهاجر.. ولقد وصلت قوانين هذا البلد الاسكندنافي من الرقي بحيث سنّ ومنذ زمن بعيد ما يحرم أي عنف يمارس ضد المرأة.. والطفل، بل وحتي الحيوانات والأشجار.. ولو اتضح مثلاً أن فرداً ما مارس العنف ضد قطة يربيها معه في منزله فان هذا الشخص سيتعرض لمساءلة قانونية.. إذ أن ما فعله يعد جريمة.
وازاء قوانين متحضرة مثل هذه، كان المجتمع السويدي قد اهتز تماماً حينما وقعت مؤخراً جريمة قتل وممارسات عنف ضد بضع من فتيات كرديات تحديداً.. ولا يمضي اسبوع إلا وتطالعنا الصحف أو أجهزة الاعلام السويدية الأخري بخبر عن فتاة تعاني من خوف علي حياتها..
.. ولكن.. ما هي جذور وحقيقة هذه الظاهرة..؟
.. وكيف هو التأثير الذي فعلته في روابط العلاقات الاجتماعية بين السويدين والمهاجرين.. بحيث مازالت قنوات الاعلام تعتبرها موضوعاً يقلق قضية اندماج المهاجرين من أصول شرقية أوسطية في المجتمع السويدي.. وهل أن هذه الظاهرة سوف تمضي تصاعدياً أم أنها ذاهبة للانحسار؟ تلك الأسئلة وأخري غيرها يأتي الجواب عنها هنا.. لكن البعض منها قمين بالمستقبل أن يحسم فيها..
إن أي لاجئ أو مهاجر للسويد يعترف به بصورة شرعية سوف يتلقي منذ أيامه الأولي دروساً نظـرية وتطبيقية من أجل يتلاءم وينصهر في المجتمع السويدي.. وهذا أمر غاية في الأهمية من حيث الرؤيا السياسية والاجتماعية في هذا البلد.. كي يصبح المهاجر اللاجئ وبأسرع وقت ممكن جزءاً فاعلاً في المجتمع لا عالة عليه.
اضهاد حكومات متعاقبة
ولأن الأكراد شعب عاني من اضطهادات حكومات مختلفة، ونسبة كبيرة من الأكراد جاءوا من العراق ومنهم مَن أمضي أكثر من عشرين عاماً في السويد، ولأن لهجرة الأكراد خصوصيتها.. ففي الوقت الذي كان يريد فيه الانسان الكردي الحفاظ علي حياته وهويته وقوميته، ففر من الطغيان فانه في الوقت ذاته أخذ يلمس أن أبناءه الذين ولدوا أو ترعرعوا في السويد صاروا يبتعدون تدريجياً أو ربما بقفزة واحدة عن تقاليد ذلك المجتمع الكردي المغلق والمحافظ.. وتحت اشكالية اجتماعية من هذا النوع تكون الفجوة بين جيل الآباء المهاجرين الأوائل وابنائه ذاهبة للتوسع علي الرغم مما يعمل له الآباء والأسرة الكردية من ــ ضوابط ــ لربط لجام الرغبة في التحرر التي تعمل داخل الجيل الجديد، وخاصة الفتيات من هذا الجيل..

جدل ما زال مستمراً
قد يعتقد البعض ممن هم في السويد أو خارجه، أن مَن فجّر ظاهرة ممارسة العنف ضد الفتيات الكرديات في الظرف الراهن، هي تلك الجريمة التي راحت ضحيتها فتاة كردية تدعي (فاطمة) ويسمونها هنا ــ فادمة ــ حيث حصلت هذه المأساة ــ التي سأتعرض إلي تفاصيلها ــ في مدينة (أبسولا) شمال استوكهولم في الحادي والعشرين من كانون الثاني (يناير) من العام الحالي.. أنها في واقع الأمر ليست الحادثة الأولي من هذا النوع، إذ أن هنالك سوابق مماثلة، بيد إنها تباعدت زمنياً في ما بينها، وهذا مما حقق لها بعض النسيان في ذاكرة المجتمع السويدي والمهاجر.
.. لعل البداية كانت في عام 1996 حيث قتلت فتاة عراقية عمرها 15 عاماً علي أيدي أخيها وعمها.. وكانت الأسباب هي ذات الأسباب التي قتلت فيها ــ فادمة ــ لقد كان الأخ والعم غير متسامحين معها علي اختياراتها للحياة السويدية (بكل تفاصيلها). .. وفي يوم 24 حزيران (يونيو) عام 1999 قتلت فتاة كردية عراقية أخري عمرها 19 عاماً في العاصمة استكهولم، والقاتل كان والدها.. وذرائع القتل، انها أصبحت تعيش كأية سويدية أخري!..
إن التفسير المختصر لكل تلك الحوادث تختزله عبارة واحدة هي القتل غسلاً للعار .. وهي التي دفعت بأولي أمر تلك الفتيات الي ما قاموا به.. سوي أن تلك العبارة وهذا الدافع ليس له أي حساب في نظر القوانين السويدية، فضلاً عن أن هذا الدافع ما زال يجتهد فيه كثيرون وهو محط جدل راهن، إضافة إلي رفضه من قبل قوانين العديد من البلدان الشرق الأوسطية التي جاء منها المهاجرون..
مَن يتأسف علي مَن؟
فاديمة، فتاة كردية، كان لها من العمر سبعة أعوام عندما هاجرت عائلتها إلي السويد، ولقد تربت ونشأت بين تقاليد ثقافتين متباينتين جذرياً... واحدة داخل الأسرة الكردية واخري خارجها حيث الانفتاح والتحرر.. وعندما شبت هذه الفتاة عشقت شاباً سويدياً انه ــ باتريك ــ وقررا الارتباط.. غير أن أبيها كان يفكر منذ وقت بعيد لأن يزوجها من شخص كردي ومن ذات العائلة.. لكن الفتاة التي تضمن لها القوانين حرية الاختيار وتقرير المصير رفضت اختيار والدها.. وانتقلت للعيش مع باتريك من مدينة ــ ابسولا ــ شمال استوكهولم بـ65 كلم.. نحو مدينة في الشمال السويدي هي ــ ساندوفال ــ لكن الأب والابن الأصغر هدداها بالعدول عن الاستمرار وفي العيش مع الشاب السويدي.. ولأن مجرد التهديد يعد جريمة، فانهما وقعا تحت طائلة القانون، حيث حكم عليهما علي أنهما هدداها بالقتل..
بعد ذلك عرض التلفزيون السويدي ريبورتاجاً حول كل ما حصل.. وما هو إلا وقت قصير حتي جرت الأحداث بغير ما تتوقع هذه الفتاة..
إذ أدي حادث اصطدام لسيارة يقتل جراءها ــ باتريك ــ.. وهكذا تعرضت ــ فادمة ــ أو فاطمة ــ للعنف والتهديد ثانية من قبل شقيقها الأصغر هذه المرة.. حتي حكم عليه بالسجن خمسة شهور..
.. لقد كانت هذه الفتاة الكردية نشطة وفعالة في مجال الدفاع عن حقوق المرأة، وفي يوم ما كانت قد دخلت البرلمان السويدي، وخاطبت الجميع بالقول..
ــ أنا لست آسفة علي أنني تركت اسرتي، لكنني حزينة لأنه لم يكن بمقدوري، ولم يكن بوسعهم من جهتهم أن يكونوا متفهمين للحياة السويدية..
بعد كل ذلك، وعلي حين فجأة وبطريقة غير متوقعة، عادت فادمة إلي بيت أهلها في أبسولا، من دون أن يعلم للآن بالضبط ما هو الدافع الذي حثها علي العودة.. فلاقت حتفها بمسدس والدها الذي كان يترصدها ويتربص بها.. فودعت الحياة وهي في السادسة والعشرين..
.. إن هذه الحادثة التي استقبلها المجتمع السويدي بالادانة والرفض، فتحت ملفاً مازال ساخناً في نشاطات الجمعيات والمنظمات المدافعة عن حقوق الانسان وحقوق المرأة.. وتولد هاجس بتوقع مثيلتها في يوم ما.. لذلك فقد بادرت الحكومة السويدية الي تخصيص مليوني كرونة ومسكن خاص لمساعدة وايواء الفتيات اللواتي تكون حياتهن في خطر..

قصة فادمة
.. وإذا كانت ــ فادمة ــ قد رفض أهلها الارتباط بشخص سويدي حتي دفعت ثمن ذلك.. فان فتاة كردية أخري ــ سهيلة ــ وهي طالبة تدرس اللغة السويدية، قد تعرضت للتهديد بالقتل هي الأخري لكن السبب هذه المرة، لم يكن فتي الأحلام سويدياً وانما عربي عراقي من النجف.. والحكاية تتلخص ــ مثلما عرضها التلفزيون السويدي مرات عدة، وتابعتها الصحف، أن سهيلة التحقت بزوجها الكردي المهاجر.. وخلال سنتين تقريباً من اقامتها في السويد، هبت عاصفة المشاكل بينها وبينه.. فحدث الطلاق.. وهذا يعني أن عليها أن تعود إلي كردستان.. لكنها كانت قد تعرفت علي شخص عراقي رغبا معاً أن يرتبطا لو حدث الطلاق.. ولقد عرف أهلها بهذه الرغبة فكان الرد هو تهديدها بالقتل لو عادت.. وكان التهديد في رسالة خطية واضحة من أهلها.. كانت حتمية عودة سهيلة يقررها قانون الهجرة سواء ارتبطت بفتي أحلامها الجديد أم لم ترتبط .. بيد أن حادثة مقتل ــ فادمة ــ قد ألقي الضوء بشدة علي الموقف الحرج الذي كانت فيه سهيلة.. وفي اللحظة الأخيرة ظهرت سهيلة من علي شاشة التلفزيون السويدية وهي في أقصي مراحل غبطتها.. إذ وافقت دائرة الهجرة وتحت ظروف انسانية علي بقائها هنا...
... ويبدو والحال كذلك أن الفجوة بين التقاليد المتوارثة والراسخة التي يحتفظ بها المهاجر وليس الكردي وحسب، وبين مجتمع وصل إلي أبعد نقطة في مناقشة واستيعاب قضية التحرر وخاصة لدي المرأة.. ستبقي هذه الفجوة فاتحة فمها لتطحن بين أضراسها القاسية جيلاً يتشكل ويتكون وقد أمسكت به الجذور في العمق وراح يتنفس نسيماً آخر في الأعالي.. ولعمري إن ذلك إنما هو الشيزوفرينا التي لابد أن تبتلي بها شخصية المهاجر.. فلا هو هنا تماماً.. ولا هو هناك.. ولسنا ندري هل كان غاندي علي حق حينما قال قولته الشهيرة أفتح جميع نوافذ بيتي علي كل رياح العالم، غير أنني لا أسمح لها أن تقتلعني من الجذور .

حقوق المرأة
ولكن، ما هي حدود الحرية التي منحها القانون السويدي للمرأة بحيث حصلت فجوة بين رؤيا المجتمع السويدي والمجتمعات التي تصدر المهاجرين، ليس من منطقة كردستان وانما من العالم الثالث بشكل عام..
بداية، فان المهاجر هنا يتلقي دروساً تبصره بقوانين هذه البلاد في شتي جوانب الحياة.. ومن بينها صورة وحقيقة العلاقة بين الرجل والمرأة اللذين يعيشان في أرض السويد.. فللمرأة حقوق متكافئة مع الرجل حيث أن للرجال والنساء الحقوق نفسها.. كما أن تعدد الأزواج والزوجات ممنوع، وضرب أو تهديد أو اضطهاد الزوج أو الزوجة ممنوع.. ولا يجوز بأي حالٍ من الأحوال ارغام الطرف الآخر علي ممارسة الجنس، كما يحق للمرأة في جميع الحالات رفض ذلك أيضاً لو كانت هذه المرأة متزوجة من الرجل الذي يريد ارغامها علي ذلك... ويحق للرجل أو المرأة الحق نفسه في اتخاذ القرارات ضمن العائلة، وأن العلاقات قبل الزواج مقبولة وعادية جداً.. ومن حق النساء والرجاء أن ينتقلوا للعيش سوية من دون زواج وفقاً لقانون وضع عام 1988.. وهذا يعني أنه لا يتوجب علي الشخص الزواج في السويد كي يعيش مع شخص آخر.. هنا يتبين تماماً مدي خصوصية وجذور المجتمع السويدي.. والذي تعزز فيه موقف المرأة بعد اعلان حقوق متميزة لها منذ عام 1919 و1921 وبعد صراع عنيف شاركت فيه العديد من النساء حصل انقلاب في المفاهيم في تلك السنوات..
.. والآن.. هل كان غاندي علي حق في ما ذهب إليه..؟ وإذا كان محقاً، أهي جذور وتقاليد الانسان السويدي الذي يكافح في البقاء عليها؟ أم هي جذور المهاجر الذي هو الآخر يمارس الفعل ذاته..؟ أية جذور كان يقصد غاندي بالضبط.. أحسب، لو أنه كان سيعلم بأن الناس صارت تطمح بالهرب من أوطانها وبيوتها نحو المنافي... لكان سيتأمل قليلاً في مقولته..
ولعله سيضيف عبارة أخيرة ليستقيم الحال.. عبارة كأن تكون مثلاً هذا لو استطعت البقاء حياً وأعيش بكرامة في بيتي .

الزمان



#فاضل_البياتي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295





- أول امرأة تنضم إلى الحكومة السورية الجديدة
- فرصة عظيمة لن تتكرر للمقبيلين على الزواج … خطوات التسجيل فى ...
- المرأة الإيرانية بين الأمومة وريادة الأعمال
- -إسرائيل- تتهم بابا الفاتيكان بازدواجية المعايير اثر تنديده ...
- عائشة الدبس للجزيرة: المرأة السورية سيكون لها دور مهم في سور ...
- مين اللي سرق الجزمة.. استمتع بأجمل اغاني الاطفال على قناة ون ...
- “بسهولة وعبر موقع الوكالة الوطنية للتشغيل”… خطوات وشروط التس ...
- الشرع يرفض الجدل بشأن طلبه من امرأة تغطية شعرها قبل التقاط ص ...
- -عزل النساء- في دمشق.. مشهد يشعل الغضب ويثير الجدل
- سجلي الـــآن .. رابط رسمي للتقديم في منحة المرأة الماكثة في ...


المزيد.....

- العنف الموجه ضد النساء جريمة الشرف نموذجا / وسام جلاحج
- المعالجة القانونية والإعلامية لجرائم قتل النساء على خلفية ما ... / محمد كريزم
- العنف الاسري ، العنف ضد الاطفال ، امراءة من الشرق – المرأة ا ... / فاطمة الفلاحي
- نموذج قاتل الطفلة نايا.. من هو السبب ..؟ / مصطفى حقي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - ملف مفتوح: مناهضة ومنع قتل النساء بذريعة جرائم الشرف - فاضل البياتي - غسل العار.. يثير قلق السويديين - الفجوة تتسع بين تقاليد اللاجئين الموروثة وقوانين المجتمعات الأوروبية -