غريب عسقلاني
الحوار المتمدن-العدد: 2100 - 2007 / 11 / 15 - 07:58
المحور:
الادب والفن
الديك الرومي ينفش ريش جناحيه، يضخ الدم إلى أطراف بدنه، فينتصب عرفه تاجاً أحمر على قمة رأسه، يختال مزهواً ينفث قهقهاته بين دجاجاته، يتنازلن له عن أفضل الحبوب وأطيب الثمار، يتذللن لعل الواحدة منهن تفوز بالرضا، وتطمئن على بيضتها التي ستحمل نطفته.
والديك الرومي إذا غضب من إحدى جواريه, يطرف عينيها "بهبدة" من جناحه، فتنزوي في عشها كسيرة حسيرة، تبكي بيضتها العقيمة، وامعاناً في اذلالها ينقر البيضة ويشربها ويتجشأ، تسكب الدجاجة دموعها عند قدميه، فتنال ما تناله من وخزات مخالبه التي تدمي جنبيها، فيهطل رشيش دمها على شعيرات ريشها.. تبتهج غرائزه وينفش ريش جناحيه ويصهل.. فتفر العصافير وتهجر طيور الخُضّير أعشاشها حفظاً لنسلها قبل انتشار رائحة الدم.
وفي يوم حط هدهد وزوجته في المكان، وأخذا يفتشان في الأرض، وكانا اذا عثرا على دودة يتوقفان ويتهامسان، ثم يأتيان عليها حتى الامتلاء، يقفزان إلى الأشجار.. تمشط الأنثى تاج زوجها بمنقارها حتى تتصاعد شهواته فيحلمان معاً.. ويتناوبان إلى يوم معلوم على بيضتين ورديتين .
راقبت دجاجات الديك الرومي عروس الهدهد.. ولاحظن كيف تنبش الأرض وتقصف هامات الديدان الرعناء.. واستغربن لأن الدم لم ينبثق من جنبيها.. وفي يوم استقبلت احداهن نطفة الديك ، تدللت عليه وسألته :
- ما شأن الهدهد؟
- عَفِن يبحث عن ديدان عفنة.
تاج رأسه جميل, ولا يحتاج منه إلى ضخ الدم..
وتمحكت به حتى استرخى، وانهدل عرفه قطعة جلد باهتة، راوغته وقالت :
- لو تحمل تاجاً من ريش ملون، أمشطه بمنقاري واستدعي شهواتك، واحتفظ بأسرارك..
- ىشهواتي أستدعيها متى أريد.
غفى الديك، فأحاطت به الدجاجات, وزرعن في رأسه ريشات طفلة أخذنها من أجنحة الحساسين واللامي وزغاليل الخضير، وحاولن ما استطعن اخفاء دودة عرفه.. لكن الديك ظل راقداً حتى تفسخت أنبوبة عرفه أسفل الريش ونعف منها الدود.
نبش الهدهد وزوجته أسفل ريش التاج، وتوقفا طويلاً وتهامسا، قال الهدهد :
- هذا دود غريب .
قالت زوجته :
- قد يضر بالبذور، فلا تعشب الأرض .
- وقد يُسرب الغطرسة إلى أبداننا اذا أكلناه .
وانقضا على الديدان تقتيلاً، ثم طارا إلى الشجرة.
فتشت الدجاجات عن دودة عرف الديك الرومي، تطاير الريش وانكشفت أمامهن جمجمة فارغة.
#غريب_عسقلاني (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟