أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - زاهد عزت حرش - -صح النوم- حلم طال به الانتظار!















المزيد.....

-صح النوم- حلم طال به الانتظار!


زاهد عزت حرش
(Zahed Ezzt Harash)


الحوار المتمدن-العدد: 2100 - 2007 / 11 / 15 - 07:50
المحور: الادب والفن
    



تألقت السيدة فيروز في العرض الغنائي الرحباني "صح النوم"، وهي التي لا تستطيع إلا أن تتألق. فقدر فيروز وحضورها الفني الذي كوّن سيماءه رحابنة العصر الذهبي للموسيقى العربية.. يحتم عليها أن تكون شامخة، أصيلة، طوفان من الرهبة المتاخمة حد القداسة.. وهي كذلك!!

إذ ما معنى ان يترجل الرحيل لآلاف الفلسطينيون الباقون على تراب وطنهم.. في رحيل لأرض يسكونها أكثرية أبناء شعبنا الذي شردته النكبة.. لا لتلتقي العيون بالعيون.. إنما لتكحل العيون حدقاتها ببهاء السيدة فيروز، وليشم القلب نثرات رذاذ صوتها العظيم.. فاللقاء بسيدة الصوت والرهبة والمحبة.. كان أثمن، في غفلة الزمن هذه.. من لقاء الوطن بالشتات. وكان لساعات الانتظار الممتدة ما بين يوم الجمعة في الثاني من تشرين الثاني.. بفجره ذو الشمس المتأرجحة بين الدفء ونسيم الشتاء. ويوم السبت التالي له.. سبب يعادل كل أسباب النزوح.. هو ان نلتقي بالسيدة فيروز.. ربما كان الحلم بلقائها اكبر من اليقين.. إذ إننا في صراعنا مع ما نصبو إليه وما نستطيع.. أمر مرهون بلعبة القدر. هل ستعطي لنا الأيام الآتيات فرصة أخرى للقاء يعيد التلاحم الأبدي، لامتداد قطعت أوصاله آلة الحرب والدمار؟ لماذا لا تغني فيروز في الناصرة.. في الجليل، في المثلث.. في بيت لحم، في بيت المقدس!! فيتحتم رحيل الناس بآلافهم الى شرقي الأردن.. يتأبطون أحلامهم ومشاعرهم دون ان يتبادر الى عقولهم أي سؤال عن الأسباب التي منعتهم من لقاءها هنا، تحت سماء فلسطين.

كان المسرح (وليس القاعة) أشبه بقصر صمم بناءه ديفنشيٌ عريق.. فكل ما ظهر أمام أعيننا كان مبهر، رهيب الدقة في تصميمه وتكوينه وبناءه.. كأننا أمام قصر حقيقي تتسربل منه العظمة.. التي تذكرنا بقصور أولياء الله على الأرض.. ملوك هذا الوطن العربي الممتد من الصحراء الى الصحراء.. فرِحنا به وكأنه قصر الشعب.. قصر الفقراء والمشردين.. لان على أعتابه وقفت فيروز شامخة أبية.. كمئذنة القدس أو رحاب القيامة العظيم.

العرض الغنائي.. لم يشغلنا.. ولم يستحوذ على شغاف قلوبنا.. كل ما فينا من مشاعر وحواس كان ينتظر سيدة الأمل.. السيدة فيروز.. فأن مشت، مشت خلفها العيون.. وان تنهدت سكنت القلوب خوفًا من ان تعكر صفو أنفاسها.. كل ما في الأجواء مرهون بها.. لا أكاد اصدق ان امرأة واحدة تستطيع ان تجمع حولها هذا الكم الهائل من الحب والصدق واليقين.. لا شك ان هذا الوفاء الأبدي تراكم على مر السنوات.. ومرور الزمن، لما حملته السيدة فيروز من مصداقية في عطائها الفني الكبير.

كان عليّ ان أعود من هناك بكلمات من أغنية "أهواك.. أهواك.. بلا أمل".. فما تسنى لي ذلك.. ولم تصل لوحة تأبطتها فوق أعباء الطريق الى صاحبتها.. فهي منذ "مواسم الفيروز".. منذ عام.. تنتظر اللقاء.

ربما يكتب الانسان عن ذاته بشيء من الفخر والنرجسية المفرطة في بعض الأحيان.. إلا انه أمام فيروز.. الفن والعطاء والمصداقية التاريخية.. لا يملك إلا ان يفاخر بها.. ولا يستوي به الأمر إلا ان يتنرجس برائحة عطرها الجميل.. فكثيرًا من الحب حملت فيروز في صوتها وحضورها المقدس.. وكثيراً من الحب حمل لها أبناء شعبنا النازح للقائها عبر الأردن.. وما أجمله من لقاء.

أما بعد..
طريق الألم امتد بنا من هنا الى هناك.. ولم يشغل بالنا ولم يثنينا. بيد ان ما نغص وجفف قلبي، وربما قلوب الآخرين.. هو ان يكون الوطن العربي على هذه الحال. تجوب شوارع العاصمة الأردنية.. "فلا ماء ولا خضراء ولا وجه حسن".. طرقات بلا أسماء.. ومساحات من اللون الرمادي تغطي طرقاتها الممتدة من أقصاها الى أقصاها.. وحين تصل الى أعتاب جامعة عمان الأهلية، حيث مسرح "الارينا".. تصاب بالذهول.. أهذه هي الجامعة؟!! الله أكبر.. إذا كانت هذه هي جامعات الوطن العربي.. فكيف يكون طلابها.. وكيف تكون علومها!؟؟

والأنكى من كل هذا، الطريق المودي الى القاعة.. تمر في طريق معبدة.. عبر ساحة وقوف السيارة.. يحتشد الجمع النازح بكل ما يختزن القلب من عفوية الفرح بلقاء الفرح.. فتتعثر بالحفر والحجارة المبعثرة هنا وهناك.. المكان غير مضاء.. بقيّ الناس يتدافعون في لطف لساعتين وأكثر.. والسبب وراء هذا الانتظار.. ان بعض من حاشية "الجلالة" سيحضر الحفل.. فيضطر الناس القادمون من عبر الأردن الى الانتظار.. نساءً ورجالاً.. مسنون وشباب.. فتيات وفتيان.. ومعاق على كرسي وحيد!! ويمضي الوقت ببطء رهيب.. يتنفس الناس يتأوهون.. ويسخرون مما هم عليه.. لكنهم ينتظرون.. بفرح العاشق بلقاء معبودته.. يفرحون.. فقاب دقائق وأدنى سيكون اللقاء.

ندخل القاعة عبر نزول مدرج شديد الانحدار.. ونمر عبر قنوات الرقابة.. نسلم المحظورات لهم.. المهم ان ندخل الى قاعة "المسرح". وهناك.. قاعة كبرى هي بالأساس ملعب لكرة السلة.. فلماذا أطلقوا عليه اسم "مسرح الارينا".

عاصمة "بني هاشم" لا تملك مسرحًا يليق بسيدة الأمل!! لا يوجد مقعد واحد في القاعة يعطيك إمكانية التعامل مع العرض المسرحي.. كمتفرج من الدرجة الأولى.. سوى الصف الأول من الحضور.. حيث لا يحد من مجال الرؤية أمامه أي شيء.. أما الآخرون فكل وبلوته أمامه. الم يصل علم بناء القاعات المسرحية الى الأردن بعد؟! فقاموا بتحويل المكان من ملعب لكرة السلة الى قاعة مسرح؟!! تذكروا مسرح جرش القائم منذ أيام الرومان. في البدء.. ومنذ البدء.. عرف البشر الفرق ما بين قاعة للعروض الفنية الموسيقية والمسرحية، وبين قاعة للعروض الرياضيةّ!! في المسرح يكون المدرج مواجه بخطوط متوازية ردح خشبة المسرح.. مدرج أمامي، وأن كانت به مقاعد جانبية يتم ترتيبها، بشكل متوازي نوعًا ما، مع صدر المسرح!! وإلا كيف ينظر الجالس في مقعد جانبي الى قلب الحدث المسرحي!؟ المسرح ليس ساحة للعب كرة السلة أو سباق الخيل.. فهنا يمكن ان يلف المدرج كل محيط الساحة.. بيد ان للمسرح تكوينه المتعارف عليه منذ ألآف العصور.. كي يكون مسرحًا بكل ما للمسرح من لغة يحاكي بها الممثل بأدواته كل الجمهور.

موجع هذا اللقاء..
على الرغم مما حملته من حب ورغبة في ان أكون هناك.. وعلى الرغم من المشقة والألم.. فان اللقاء بسيدة الأمل هو حدث عظيم بحد ذاته!! إلا ان هناك حقائق لا اقدر على إخفائها. فمعظم الذين حضروا العرضين الغنائيين في ليليتي الجمعة والسبت.. كانوا من أبناء شعبنا الفلسطيني الباقي على ترابه الوطني.. واستطيع ان اجزم إننا شكلنا من الحضور ما نسبته 80% وأكثر.. إلا إذا أردنا ان نعتبر ان بعض "الحاشية الملكية" على قلته.. يساوي ما نسبته أكثر من 80%!!

في مراجعة سريعة لما نشر في الصحف الأردنية ومواقع الانترنيت هناك.. لم يأتي على ذكر حضورنا الشعبي أي كان!! تحدثوا عن مسرح "الارينا"، عن جمعية "الأيدي الواعدة" التي تترأسها "سمو الأميرة" عاليه الفيصل.. وتحدثوا عن شركة "انا الأردن".. وعن الأردن الذي يستضيف السيدة فيروز في "صح النوم".. أما نحن، فهباء وغبارًا منثورًا.. لا اثر ولا حضور. كيف يسمح هؤلاء "ذوي القربى" ألا يكترثوا لحضورنا.. ولولا هذا الحضور لما كان عرض ولا شبه عرض.

للحقيقة والتاريخ.. ان هذا العرض الغنائي جاء بناءً على توجيه وطلب من هنا.. من أرض هذا الوطن الفلسطيني الأبي.. وان ختم شركة نصراوية كان بمثابة النجمة المضيئة على بطاقات الدخول.. وأن ما دفعه الحاضرون من أبناء شعبنا هنا، لقاء تذكرة الدخول.. تجاوز الـ 100 ألف دولار.. وما تبقى منها.. هو ما تسرب الى صندوق جمعية "الأيدي الواعدة" وأميرته بسموها "العظيم".. أن نكران هذا الوجود.. لا يقلل من حضورنا.. إنما يفقد هؤلاء القوم "الأردن" مصداقية الحقيقة!!

حين تلتقي بأحدى أبناء الأردن وتلتقي بأحد أبناء شعبنا الفلسطيني هناك في الأردن.... تعرف الفارق الكبير ما بين القبلي والوطني.. ما بين البداوة والحضارة.. فحسبنا إننا من فلسطين.. أرضًا وتاريخًا وانتماء.
همسة عتاب..
من المتعارف عليه في مثل هذه الأحوال.. وخاصة حين يكون الحضور قد قطع مسافة من العناء لآجل لقاء تاريخي بينه وبين من يحب.. ان تكون كلمة تكريم.. أو شيء من الاعتبار.

وعلى أعتبار ان السيدة فيروز قليلة الكلام في مثل هذه المناسبات.. فلا عتب ولا اعتراض!! لكن أما كان بالإمكان ان ينوب عنها ابنها زياد، الذي ورد عنه في الصحف الأردنية ان "بدأت في عمان منذ نحو أسبوع، تحت إشراف زياد الرحباني، البروفات الخاصة بالمسرحية".. أو أن ينوب عن الفرقة ويتحدث باسمها الممثل القدير أنطوان كرباج.. ليقول وفاءً لجهد هذا الحشد الممتلئ حبًا وشغفًا بلقائهم.. ولقاء السيدة فيروز.. كلمة حق!؟؟ أما كان بالإمكان ان ينثر بعض الكلمات.. طيبًا وتقديرا لهم؟!!

كلهم ينشدون فلسطين.. كلهم يدبكون ويرقصون من أجل فلسطين!! وحين تأتي فلسطين إليهم.. يهربون!! ورغم هذا فلست نادمًا على شيء.. فحسبي إنني كنت هناك.

شفاعمرو – قلب الجليل - 10.11.07



#زاهد_عزت_حرش (هاشتاغ)       Zahed_Ezzt_Harash#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- على أهداب -نسيج آخر للوقت-
- إلى محمود درويش.. وكل العرب!!
- وطني وأنت
- هل يعود عضو الكنيست د. ع الى البلاد
- حواريات - سامحيني يا امل الدنيا
- كل سني وانتو سالمين
- الأعمال المدمرة -شهداء- وما هشمته الحرب هم -جرحى- وجراح أكثر ...
- رجعنا لقصة الجواسيس
- ايها المجرمون.. قتلتم الإنسان والطبيعة والحضارة
- فشل معرض -صمت الدماء- يا بلد الهريسه
- يا شيعه.. يا شيوعية!!
- وداعاً ايها العاشق الكبير
- للمسرح ميدان
- يا دولة العدالة والعدل العظيم
- شفاعمرو الان .. الان الان!!
- في رحاب المهرجان الثالث للنحت بالخشب
- بحبوحه ع القانون
- هيك اشي ما بيصير غير عنا - 2
- وجعي .. وانا بخير!!
- هيك اشي ما بيصير غير عنا 1


المزيد.....




- جيل -زد- والأدب.. كاتب مغربي يتحدث عن تجربته في تيك توك وفيس ...
- أدبه ما زال حاضرا.. 51 عاما على رحيل تيسير السبول
- طالبان تحظر هذه الأعمال الأدبية..وتلاحق صور الكائنات الحية
- ظاهرة الدروس الخصوصية.. ترسيخ للفوارق الاجتماعية والثقافية ف ...
- 24ساعه افلام.. تردد روتانا سينما الجديد 2024 على النايل سات ...
- معجب يفاجئ نجما مصريا بطلب غريب في الشارع (فيديو)
- بيع لوحة -إمبراطورية الضوء- السريالية بمبلغ قياسي!
- بشعار -العالم في كتاب-.. انطلاق معرض الكويت الدولي للكتاب في ...
- -الشتاء الأبدي- الروسي يعرض في القاهرة (فيديو)
- حفل إطلاق كتاب -رَحِم العالم.. أمومة عابرة للحدود- للناقدة ش ...


المزيد.....

- مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة / د. أمل درويش
- التلاحم الدلالي والبلاغي في معلقة امريء القيس والأرض اليباب ... / حسين علوان حسين
- التجريب في الرواية والمسرح عند السيد حافظ في عيون كتاب ونقا ... / نواف يونس وآخرون
- دلالة المفارقات الموضوعاتية في أعمال السيد حافظ الروائية - و ... / نادية سعدوني
- المرأة بين التسلط والقهر في مسرح الطفل للسيد حافظ وآخرين / د. راندا حلمى السعيد
- سراب مختلف ألوانه / خالد علي سليفاني
- جماليات الكتابة المسرحية الموجهة للطفل في مسرحية سندس للسيد ... / أمال قندوز - فاطنة بوكركب
- السيد حافظ أيقونة دراما الطفل / د. أحمد محمود أحمد سعيد
- اللغة الشعرية فى مسرح الطفل عند السيد حافظ / صبرينة نصري نجود نصري
- ببليوغرافيا الكاتب السيد الحافظ وأهم أعماله في المسرح والرو ... / السيد حافظ


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - زاهد عزت حرش - -صح النوم- حلم طال به الانتظار!