أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - كتابات ساخرة - سنان أحمد حقّي - فنطازيا التنمية الإنفجاريّة















المزيد.....

فنطازيا التنمية الإنفجاريّة


سنان أحمد حقّي

الحوار المتمدن-العدد: 2097 - 2007 / 11 / 12 - 09:36
المحور: كتابات ساخرة
    


مواهب فلاح القياديّة بدات تظهر عليه في وقت مبكّر
فعندما استدعاه احد كوادر حزب كانت السلطة القائمة قد شكلته ودعاه للإنظمام إليهم طبعا بعد أن مدحه وأثنى على قابلياته وشطارته كثيرا ردّ عليه فلاح وما ذا سيحصل إذا انتمى لهم؟ قال له الكادر المزيف أنهم سيجعلون منه وزيراً! (هكذا ودفعة واحدة) ولكن فلاح كما أشرنا كانت قد بدت عليه إمارات الزعامة في وقت مبكّر وهنا أجابه فلاح :لا..أنا أريد أكثر..
فقال له الكادر الوهمي ولكن خذ في حسابك أننا بعد أن نستوزرك قليلا سنقوم بانقلاب وسنعيّنك رئيسا للجمهوريّة ! هنا انفرجت أسارير فلاح ولولا اطلاع أخته الصغيرة التي وشت به إلى أهلها وأدّى ذلك إلى أن يوسعه أبوه ضربا لكان فلاح هذا اليوم ربما من كوادر شيءٍ ما لا يعلمه إلاّ الله ولأصبح على أحسن تقدير شرطيا أو احد حمايات بعض المسؤولين المحليين وهو ينتظر دوره ليستوزر أو ...
فلاح اصبح ملاحظ فني بعد عدة سنوات
واقتنع بالتنمية الإنفجاريّة وأنه يجب اللحاق بالعالم وبما أن بلادنا متخلفة فإننا يجب أن نعمل تسريع للتنمية كبير لكي نلحق بالعالم والأمم المتقدمة وبما أنه يتمتع بمواهب قياديّة كما أسلفنا فقد أقحم نفسه في العمل المتنوع لتحقيق تلك الأهداف
وانفجرت!
اصبح فلاح المسكين مشغولا بالعمل ليلا نهارا
وأعدّوا كمّا هائلا من مستندات المقاولات وجداول الكميات وأعلنوا عنها
لكن السوق لم تكن تستوعب هذا الحجم وارتفعت تالأسعار والأجور لتعاظم الطلب وقلة المعروض من البضائع والمواد الإنشائية والأيدي العاملة
وأخذوا يبحثون عن متعهدين يلتزمون تنفيذ تلك الأعمال و لمالم يجدوا ضاعفوا الأسعار ولم يجدِ ذلك نفعا بل أدى ذلك إلى مطالبة المتعهدين الملتزمين فعلا معهم بفروق أسعار بحجة ارتفاع في الأسعار والأجور غير متوقع.
وجد بعض الناس سبيلا لإقناع فلاح أن يتفاهم مع رؤسائه للتساهل في الشروط واجبة التحقق في المقاول مثل الأعمال المماثلة والتأمينات وبعض الشروط والمواصفات التي وجدوا أن لا موجب للإلتزام بها في بلد مثل بلدنا
وهكذا أُحيلت كثير من التعهدات والمقاولات بعهدة بعض أصحاب بيع السمك والندّافين و(الخردفوشيّة)وأحيانا بعض مصلحي الدراجات الهوائيّة وفي حالات نادرة بعهدة بعض معلمي المدارس الإبتدائيّة الذين سرعان ما واجهوا حسد زملائهم ومضايقتهم لهم بل حتى كتابة التقارير حول الطبيعة التي آلت إليها أعمالهم وإهمالهم لطلابهم
بعض المعلمين عرفوا كيف يتدبرون أمورهم وكيف ينتهزون فرص الأعياد والمناسبات لتقديم الهدايا للمديروالمعلمين مما جعلهم يلهجون بالشكر لزميلهم الذي لم ينس لهم زمالتهم وأخذوا يلتمسون له الأعذار في الغياب والإنشغال بل أن بعضهم أصبح يتبرع له بتصحيح كراريس الطلاب
طبعا بعض المعلمين لم ينسوا تقديم العطايا بمناسبة رمضان ولا الطبخ أيام عاشور أو في المولد النبوي
أحد باعة السمك التزم ببناء مبنى صغير
وبما أنه وضع في عمله الجديد كل رأسماله فإنه أصبح ينام ويعيش في موقع العمل مع الحارس ودفتر مصاريفه الصغير معه وهو ملثّم طول الوقت بغترته الجديدة ويتعقب كل الأمور الصغيرة منها والكبيرةوقلبه يكاد ينفطر وجيفا عندما يجد أن بعض المصاريف قد تضخمت أو فاقت ما هو متصوّر!
هناك أحد البنائين يصاحب بائع السمك المذكور وهو الذي يشير عليه في معظم الوقت ،الأمور مازالت تسير بصورة مقبولة حتّى وصل العمل إلى التسقيف بالخرسانة المسلحة وهو عمل مهم ويتطلب حرف متعددة من نجارين وحدادين وعمال لصب الخرسانة ورافعةوكذلك همّ وجود المهندس الذي ربما يكون موجودا طوال النهار أو وقت الصب
المهندسون ..! آه منهم لا يرضون عن شيء ويجدون في كل شيء خطأ ولا يهمهم رفض الأعمال أو المواد حتى لو تكلفت الشيء الفلاني..إلاّ طبعا...!
وكان أن تعرّف لأول مرة على مكعبات فحص الخرسانة وهو لا يفهم من أمرها شيئا البتّة ولكن البنائين الذين يُصاحبونه تعهدوا بالقيام بكل ما يلزم وأنه لا يجب أن يبقى بفكر!
وبعد صرف مبالغ طويلة عريضة لم يكن يعهدها أيام بيع السمك تقدّم للدائرة بطلب سلفة! أو دفعة على الحساب
لكن المهندس ..آه من المهندس كلّه من المهندس! لم يوافق قبل أن تأتي نتائج الفحوصات المختبريّة ورابط بائع السمك في المختبر كما كان يرابط أيام زمان عند مكتب الجوازات والمقاولون (اللحم على اللحم!)وعندما دفع المعلوم عدة مرات قالوا له تجد النتائج في الدائرة ولمّا ألح ودفع المعلوم الثاني سلّموه الكتاب الرسمي والسرّي الذي يتضمن النتائج وكان مختوما وأخبروه أنه ممنوع فتحه إلاّ من قبل الدائرة!
واستأجر تاكسي سريعا وذهب إلى الدائرة.
وسلّم النتائج للموظف المختصّ وفتحها الموظف وقرأها فقال له :لا..لا..قال بائع السمك شنو؟ قال الموظف :حجّي هذي النتائج فاشلة
خرّ بائع السمك مغشيّا عليه ولم يعد إلى وعيه إلاّ بعد أن اجتمعت الدائرة كلها حوله والجميع يقول :مسكين ..يا! ..خطيّة!
وفلاح جالس على الأرض يرشّ الماء البارد على وجه بائع السمك المسكين ويقول له :عمي هذا مو آخر المطاف هناك كور تيست أو خصم سعر لا تخاف!أو فحص تحميل!
وهو أحسن حالا من النداف الذي التزم بتبليط طرق وهو لا يتوفر لديه سوى دراجة هوائيّة لكن ابن عمّه عنده سيارة بيك أب ولو قديمة بس نشطة
والذين انتهى بهم الأمر إلى أن يقدّما عدد من الإلتماسات إلى كافة المسؤولين من المحافظ إلى رئيس الجمهوريّة يطلبا فيها مساعدتهما والعطف على أطفالهما ولم يكن قد أنجزا إلاّ شيئا بسيطا من التسوية الترابية التي سرعان ما عادت الأرض بعد عدة أسابيع إلى حالة لا تلمس فيها أية تسوية ولا أية جهود بسبب مرور المركبات والمطر وطفح المجاري ورمي النفايات وأصبح يتذلل لكل رائح وغادي يطلب منه أن يشفع له عند أي مسؤول ولم يجد الحلّ إلاّ عندما بكى في مقابلة أحد المسؤولين فأوعز المسؤول على مسؤوليته الخاصّة بإنهاء المقاولة وتاب النداف توبة نصوحة وعاد إلى دكانه ليجرب حظّه في بيع أنواع من الخفّ المحلّي الجديدة
أما مصلّح الدراجات الهوائيّة فكانت لديه واسطة قويّة ساعدته على العمل باستمرار فقد التزم بعمل تجهيز ونصب سياج حديدي للجزرة الوسطيّة لأحد الشوارع وعندما يقترب العمل من نهايته ويستلم حسابه يزور الشارع أحد كبار المسؤولين فيقول هذا شلون سياج! عالي!
فيسارع فلاح وجماعته إلى تحضير مستندات مقاولة جديدة لقلع السياج القديم وتجهيز ونصب سياج أو سور جديد لنفس الجزرة ونفس الشارع ولكن بارتفاع أقل من سابقه وعندما يوشك على العمل الإنتهاءوتتم تسوية الحساب يشاهد السور الجديد مسؤول جديد فيقول هذا شلون سياج أشو (ناصي) فيقال له هكذا أمر المسؤول السابق فيقول لهم نعم هو على حق بس مو هالشكل هذا (ناصي)جدا حتى ما يمنع القطط والكلاب من عبوره
فيتم الرجوع إلى بداية الحكاية وهكذا دواليك يستمر صاحب الدراجات الهوائيّة بالعمل طوال أيام السنة ولماّ صادفه أحد حسّاده وغبطه على هذا النعيم سمع فلاح ردّ مصلّح الدراجات عليه: منين يا خلاّف أشو كلّه رايح منها وإليها



#سنان_أحمد_حقّي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- أفكار فنطازيّة
- فستُبصِر ويُبصِرون(في تقسيم العراق!)
- بحور بلا حدود
- قضايا المرأة وغسل العار
- محمود عبد الوهاب
- صمتْ
- الأساتذة فيصل عودة ورفقاؤه من أعيان المعلمين عيد المعلم


المزيد.....




- فيلم -سلمى- يوجه تحية للراحل عبداللطيف عبدالحميد من القاهرة ...
- جيل -زد- والأدب.. كاتب مغربي يتحدث عن تجربته في تيك توك وفيس ...
- أدبه ما زال حاضرا.. 51 عاما على رحيل تيسير السبول
- طالبان تحظر هذه الأعمال الأدبية..وتلاحق صور الكائنات الحية
- ظاهرة الدروس الخصوصية.. ترسيخ للفوارق الاجتماعية والثقافية ف ...
- 24ساعه افلام.. تردد روتانا سينما الجديد 2024 على النايل سات ...
- معجب يفاجئ نجما مصريا بطلب غريب في الشارع (فيديو)
- بيع لوحة -إمبراطورية الضوء- السريالية بمبلغ قياسي!
- بشعار -العالم في كتاب-.. انطلاق معرض الكويت الدولي للكتاب في ...
- -الشتاء الأبدي- الروسي يعرض في القاهرة (فيديو)


المزيد.....

- فوقوا بقى .. الخرافات بالهبل والعبيط / سامى لبيب
- وَيُسَمُّوْنَهَا «كورُونا»، وَيُسَمُّوْنَهُ «كورُونا» (3-4) ... / غياث المرزوق
- التقنية والحداثة من منظور مدرسة فرانكفو رت / محمد فشفاشي
- سَلَامُ ليَـــــالِيك / مزوار محمد سعيد
- سور الأزبكية : مقامة أدبية / ماجد هاشم كيلاني
- مقامات الكيلاني / ماجد هاشم كيلاني
- االمجد للأرانب : إشارات الإغراء بالثقافة العربية والإرهاب / سامي عبدالعال
- تخاريف / أيمن زهري
- البنطلون لأ / خالد ابوعليو
- مشاركة المرأة العراقية في سوق العمل / نبيل جعفر عبد الرضا و مروة عبد الرحيم


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - كتابات ساخرة - سنان أحمد حقّي - فنطازيا التنمية الإنفجاريّة