بولس ادم
الحوار المتمدن-العدد: 2098 - 2007 / 11 / 13 - 09:01
المحور:
الادب والفن
.... ثمة اشياء قد تبدو غريبة فيما ساذكره هنا الا انها مما افكره وابحر فيه في خيالاتي المتواضعة تتزاحم وتحاكيني كومضات . هي جزء من محبتي لأشخاص بذلوا حياتهم للفن ويبقون محل اعتزاز كبير كنماذج تعكس في مراياها الأبداعية روح العصر !
كان للراحل سركون بولص قدرة على اخراج عدد من الأفلام العظيمة !
كان للراحل د. عوني كرومي موهبة عالم فيزياء !
كما للراحل كمال سبتي موهبة في الحوار الفلسفي !
لو كتب الشاعر العظيم سعدي يوسف رواية سيرة ذاتية حتما ستكون ملحمة مبهرة ..
اعتبر الفنان لوثر ايشو قاصا عظيما مع انه كتب لنفسه ولنا ونشر مرة واحدة وفي جريدة موصلية قصصا فقط !
نحن لاناسف لأنهم وغيرهم قد وجدوا انفسهم في مجال اختصاصهم وذلك جميل جدا .. الا انني ولفرط خيالاتي اتخيل لنفسي بان بامكانهم الحلول
في حيوات فنية وبمجالات رحبة اخرى ايضا .. ادرك تماما بان المرء فنانا يعيشها مرة واحدة فقط وبالشكل الذي يختار ..
ليس وفق مااتخيل لنفسي حتما ..
هكذا حوار شكل ارقا في حياة البعض ايضا .. الى درجة الحيرة
التي كلفت اعواما طويلة من حياتهم الأبداعية وهناك مثل حي في كاتب
حي هو الأمريكي ( بول اوستر ) كان لأنتقاله من فن الشعر الى فن
السرد الروائي .. قصة كلفته قلقا وحيرة بل قطيعة تامة ولسنوات
الى اللحظة التي فضل فيها ان يستمر روائيا وحقق هدفا ! لانعلم
لربما كان سيحققه شاعرا ايضا او لا .. الا انه نجح كروائي !
من تسنى له قراءة (ثلاثية نيويورك) لأوستر بالأنكليزية سيلاحظ بان (نورمان ميلر ) حي ! اكثر من اي وقت مضى كشاعر سوريالي يكتب الرواية ( له رواية جديدة تحتل الصدارة اليوم ) !
في لقاء قديم والأول من نوعه عربيا قال ( بول اوستير ) للشاعرة اللبنانية ( جمانة حداد ) في حوار / مايلي :-
( *لنبدأ من الصرخة الأولى، من لحظة اكتشافك أنك تريد ان تكون كاتبا: متى عرفتَ ذلك، في أي مرحلة من حياتك؟ فأنا أعلم أنك مارست عدة وظائف، ومنها غريب جدا، على غرار بحّار او عامل في مزرعة مثلا...
* أعتقد أن الولادة التي تشيرين اليها تمّت على الارجح عندما كنت في السادسة عشرة من العمر. لطالما كنتُ قارئا نهما، وكنت أكتب القصائد والقصص حتى في صغري. لكني اعتقد اني اصبحتُ جديا حيال المسألة في السادسة عشرة، فقلت في نفسي: هذا ما أريد فعله في حياتي. رحتُ أكتب النثر والشعر على السواء، لكني اتجهتُ كليا الى الشعر بعد ذلك ببضعة أعوام، وتحديدا خلال حرب فيتنام. اذ كنت يومذاك طالبا في جامعة كولومبيا في نيويورك، وكانت لدي قناعات سياسية قوية بينما البلاد تشهد حال غليان واجواء مشحونة بالضغوط، فتنازعتني رغبتان متناقضتان: الرغبة في المشاركة في شؤون بلادي العامة والالتزام سياسيا، والرغبة في الجلوس وحيدا في غرفة معزولة وكتابة القصائد والروايات. ولما كنت قد تعلمت الفرنسية في المدرسة، أتيح لي أن اطّلع على الأدب الفرنسي، وسحرني الشعراء السورياليون لأنهم استطاعوا تحديدا الجمع بين هذين النقيضين، فهم لم يكونوا يريدون تثوير الشعر فحسب، بل تثوير الحياة أيضا وخصوصا، ولذلك اتخذتهم مثالا وافتتنتُ بهم الى اقصى الحدود، وخصوصا اجملهم وأصفاهم بول ايلوار، وقد أذكوا نار حماستي لكتابة الشعر. طبعا لم اكن يوما متأثرا بهم في كتاباتي.
* هكذا بدأتَ مع الشعر، ثم انقطعت عن الكتابة كليا، وعندما عدتَ الى احضانها في اواخر السبعينات، وتحديدا عام 1978، اتجهت مباشرة نحو النثر. وبدا كما لو انها بداية جديدة لك، ومفصلا بين مرحلتين مختلفتين من حياتك كاتبا، الأولى كشاعر والثانية كروائي. ولم تعد الى الشعر مذاك، رغم ان كثيرين يتأرجحون بين الشعر والرواية من دون أن يعيشوا عملية فصل قاطعة بينهما. فلم قرار التحوّل الحاسم هذا لديك؟
* ما حصل معي في الحقيقة أكثر تعقيدا وغرابة وقدرية من مفهوم القرار. فكما ذكرت، لطالما كنت أكتب النثر منذ بداياتي، الى جانب الشعر طبعا، وكان طموحي الحقيقي أن أصبح روائيا. وخلال أعوام مراهقتي كنت أكتب الكثير من النثر لكني لم اكن راضيا عنه ولم اكن اريه لأحد. في المقابل شعرت اني احقق تطورا أكثر أهمية في الشعر، فازددت غوصا في هذا الاتجاه، وقلت لنفسي بمرارة: ربما لا أملك موهبة كتابة الرواية. وفجأة، في تلك المرحلة بالذات، اصطدمت بجدار مرعب. لم أعد استطيع الكتابة، وبتّ عاجزا عن توليد قصيدة واحدة. في اختصار، علقت في ما يشبه الفخ. ومرّ وقت لم اكتب فيه اي كلمة، باستثناء رواية بوليسية نشرتها بإسم مستعار بغية تحصيل بعض المال.
* تلك التي عدت وأوردتها أخيرا كحاشية في كتابك "أيام التقتير"؟
* بالضبط، حاشية من 250 صفحة، الأطول من دون شك في تاريخ الحواشي! وعندما رجعتُ الى الكتابة مجددا بعد حين، صار الكلام يولد مني نثرا. كان امرا غريبا للغاية في الواقع، وطبيعيا وفطريا في الوقت نفسه، واني عاجز حتى عن تفسيره. لم أتخذ أي قرار بل اتُخذ القرار عني وجلّ ما فعلته هو الامتثال. وانتِ على حق، فكأني ولدت مرتين كاتبا: فجأة مات الشاعر وولد الروائي. والأوقات الوحيدة التي أكتب فيها اليوم شيئا يدور في فلك الشعر هي المناسبات العائلية، على غرار اعياد الميلاد مثلا، حين اكتب اشعارا مضحكة ومسلية. فضلا عن اني كتبتُ خلال الاشهر الستة او السبعة الاخيرة نصوص أغنيات لبعض الموسيقيين، لكني لا اعتبرها قصائد، بل تجربة مختلفة في حياتي. ) !!
احيط القراء الأعزاء علما بان الرسالة ادناه وفي صلب المضي مع ( فؤاد مرزا ) في اثاره ككاتب قرر التحول من الشعر الى النثر
في اللحظة التخاطرية حول مسالة من هذا النوع .. كانت تحمل في طياتها الصدق الكامل ازاء ماقرره ليتحول الى قاص وهو اثبت نجاحه
كفنان في السرد افضل منه كشاعر في خيالي الومضي فقط !
اليكم رسالة ( فؤاد مرزا ) نصا :-
قصة قصيرة جداّ ( ! )
:أرسل لي الشاعر( بولس آدم )سؤالاً مستعجلآ بالبريد الالكتروني
- لماذا لا تكتب الشعر يافؤاد؟
فأجبته بالميل إجابة أكثر عجالة:
عزيزي بولس
انت مليء بالشعر وتحول كل ما تلمسه الى ايقونة من الخزف الملون الثمين.
لن اسمع نصيحتك ولن تعديني بجرثومة الشعر المقدسة. لأن لدي مشاغل لعائلتي علي أن اؤديها, وعمل مجهد يتطلب صرامة وروتينية مملة, كما علي قيادة السيارة ساعة كاملة كل يوم.. بإختصار أنا لا اصلح للشعر حاليا. على الأقل.
يالهي.. اليوم رأيت صورة لبرج بيزا المائل على الياهو, فلمستني يد خفية ونفخت في روحى: شعرت بميول جارف تجاه الفتاة السمراء التي كانت تتقدمني كانت داكنة السمرة فاحمة الشعر, تتخاطب بالإسبانية, وحينما وصلنا قمة برج بيزا, مكثت الهث لدقائق وكان ميولي مثل ميول البرج قد وصل ذروته,غمرني هاجس ان البرج سيسقط ليتحطم امام الانظار, وفي تلك اللحظة من الإنفلات الروحي والهيجان قلت لها احبك..
أعود بذاكرتي الى جان دمو في مقهى البرلمان. يحدق في نقطة واحدة ولا يقلب الصفحة, بعد ساعة تقريبا قلت له: أما أنك تصغي وتتبع ما حولك.. وأما انك تقرء الكتاب دون أن تقلب الصفحات, وأما أنك تقرء كتاب أخر لم تجلبه معك!! ابتسم بحذر شديد. ثم سألني: تلك الفتاة المنحرفة فوق برج بيزا
كيف عرفت بإنها اسبانية قد تكون من أمريكا الجنوبية. قلت صدقت لا أعرف. عاد الى نقطة تركيزه وسط الكتاب وتمتم وقد غاب وجودي تماما من وعيه: أنا متأكد أنها من أمريكا الجنوبية...
لا .. لا اريد أن اكتب الشعر ياعزيزي بولس.
.. أريد أن اعيشه.
محبتي
فؤاد
الشهر العاشر/ 21/2007
.....
وانا بدوري اعترف بخسارتي لتلك الجولة لصالح القاص نفسه .. لكن
حضور ( عيسى الأبله ) في القصة هو عودة الى حضور التداعي الشعري مجددا عبر شخص ياتي سرا ليلتقي امه ويعود .. يعود .. يعود الى
( جزيرة الفطر الأحمر ) المعزولة وسط النهر .. وصائدي الأسود .. لسوف ارافقهم في الحلقة القادمة !
قبل ذلك ولمرة اخرى اتكلم عن الأسد باضافة اخرى في نهاية الحلقة .. ولااستطيع اغفال مايجري اليوم حول كل ذلك .. ( فؤاد مرزا )
يكتب حاليا وبعد اعوام طويلة جدا ماهو بمثابة الجزء الثالث من قصته ( رحلة لصيد الأسود -76 ) !
...
( واحده من اشهر الاساطير اليمنية القديمة .. تقول الأسطورة أن أسدا من الأسود الكاسرة كان يهاجم احد القرى الأمنه ويعمل فيها وفي اهلها قتلا وتدميرا ، والادهى أنه كان يداهمهم بغتة فلا يتمكنون من الفرار او عمل شيء لمواجهته، حتى ضاق بهم الحال وفقدوا الكثير من ابنائهم وتحولت قريتهم الآمنه الى مكانا للخوف والفزع والموت .
اجتمع عقال هذه القرية يتدراسون الموقف بعد أن اوشكو على الهلاك جميعهم ، واهتدوا الى فكرة ان طبقت ستمكنهم من الاستعداد للاسد عند قدومه ومواجهته بشكل افضل وبالتالي لن يتمكن من مباغتتهم او اخذهم على حين غرة .
الفكرة تقضي بان يُعلقوا ناقوسا في عنق ذاك الوحش كي يتنبهوا لقدومه .. استحسن الجميع الفكرة ووافقوا عليها وجاء وقت التنفيذ فوقفوا عاجزين .. إذ من يمكنهم تعليق هذا الناقوس على عنق هذا الاسد المفترس . وهكذا ظل الاسد يمارس عليهم هوايته وظلوا عاجزين عن تعليق الناقوس. )
هذه الاسطورة تنطبق تماما على واقع الستينات والى يومنا هذا .. وفي القرية التي كانت مدار القص ايضا !
( يتبع )
#بولس_ادم (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟