أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - هيثم حسين - وتنقلب الأدوارُ.. شهرزاد من رَاويةٍ إلى رِوايةٍ..














المزيد.....

وتنقلب الأدوارُ.. شهرزاد من رَاويةٍ إلى رِوايةٍ..


هيثم حسين

الحوار المتمدن-العدد: 2097 - 2007 / 11 / 12 - 09:46
المحور: الادب والفن
    


لا أتصوّر حديثاً يدور في عامودا أو عنها، إلاّ ويكون لسينماها النصيب الأكبر فيه، تذكيراً بها أو استذكاراً لها، حتّى كأنّهما قد باتا يحيلان إلى بعضهما بعضاً، عامودا والسينما، السينما وعامودا، كأنّ عامودا في جزء هامّ ورئيسٍ من تاريخها هي سينماها، أو كأنّ السينما في جزء آخر هامّ ورئيس كذلك، من ذاكرتنا، هي عامودا الكارثة والمأساة.. كأنّ السينما في بداياتها كانت تتـنبّأ بمستقبلٍ سينمائيّ تراجيديّ لعامودا، التي ترتسم لها الصورة التي يجب أن تُرى عليها.. وذلك بهمّة مَن يشحذون الهمم لإبقائها في طور التشكّل والتكوين، دون أن تتجاوز هذا الطور، لأنّ في بلوغها الرشد الخطر، حتّى لا يُقرأ سفر التكوين أو ينجَز واقعيّاً..
إن كان ماضي سينما شهرزاد العاموديّة هو حاضر وآتي المدينة المنكوبة بسينماها، بمستقبلها، ببنيها، بفقدها قوّتها اللاحقة، بذرة ديمومتها بالقوّة؛ المعرفيّة، العلميّة، التاريخيّة، الحضاريّة، التي كانت تذخر بها وتحياها، والتي بقيت طامحة لاستعادتها، والوصول إليها..
شهرزاد ههنا ليست راوية لشهريار، إنّها الرواية كلّها، من ألفها إلى يائها، أمّا الرواة فكثر، يختلفون ويتّفقون، يقتربون ويبتعدون، لكنّ الهمّ الجامع لهم جميعاً يبقى التفجّع والألم والانتكاب، لا سارد واحد هنا، فالمأساة المحلولة خلقت وخلّفت ساردين متعدّدين لرواية مأساة متعاظمة مع الزمن، يعمق أثرها بمرور الأيّام، لأنّ الذاكرة تستعصي على النسيان، ولأنّها يجب أن تحتفظ بتراث من نار لتستطيع تجنّب النار فيما يأتي من أيّام.. والزمن لا يرحم فاقدي الذاكرة أو مُفَرْمِتي الذواكر..
شهرزاد السينما، ليست راوية لشهريار المنتج والمستفيد، إنّها مأساة العاموديّين جميعاً، مأساة الإنسان الذي يودّ أن يحافظ على إنسانيّته من التميّع..
نعم إنّ شهرزاد هنا الرواية، المبتدأ والخبر، لأنّ شهريار قد تخلّى عنها عندما تركها مستباحة لمن يودّون التسلّي بها.. ليودوا بها فيما بعد.. لأنّ القادم يشي به الماضي بفعله المستمرّ، ويفضحه إذ يستحضره معرَّىً أمام شفافيّة الزمن..
شهرزاد الراوية، لم تصبر ألف ليلة وليلة كي تروي مأساتها، وتُروى مأساةً.. كي تصبّر منتظرها، لتغنّي له الحكايا، لتغنيه وتلهيه عن كلّ ما حوله، لأنّ ما حلّ كان أقوى منها.. فكانت الضحيّة؛ ضحيَّةَ ليلة خريفيّة أسقطت كلّ الأوراق عن شجر العمر، وعن عمر الأمل، لتبقي المدينة مسكونة بالألم، مُنتهَبة في العراء، على مرأى ومسمع من عُري التاريخ؛ هذا الذي بقي متستّراً على اللاعبين بالمصائر حتّى تاريخه..
شهرزاد الحكاية، لم تصبر على النار، صُيّرت وقوداً لها، اللهب الدسّاس لم يرحم أحداً، ولم يبقِ على أحد، كانت النيران أقوى من الجميع، فابتلعت المئات، وأبقت على الآلاف من بعدهم، وممّن معهم، مرتحلين معها في إفناء العمر المتبقّي، رهنه لهم، ووقفه عليهم..
لم يصح ديك الصباح مؤذناً بنهاية الليل بينما تنتهي شهرزاد من الحكاية، لأنّ لظى النيران سبقته، فكان البوم ينعب، وظلّ على حاله، بينما شهرزاد المأساة؛ عامودا الحكاية والكارثة، تستعرض ضحاياها وتبحث عن مخرج فيلم "شبح نصف الليل"، لتمحو صور الأشباح وتقطعها من شريط الفيلم، وتحاسبه على جريمته في مقتبل العمر، وبداية الليل..
حتّى أبطال الحكايات المؤسطرون ينقلبون على أنفسهم وأدوارهم وتاريخهم، عندما يتعلّق الأمر بنا، يتحوّلون إلى النقيض ممّا هو معروف عنهم.. هل نعرف السبب..؟!! هل أحدٌ يعرفه..؟!!!
مَن يعترف بخطئه أو يلوم نفسه، يأتي من بعده مَن يسحب كلامه ويعتذر عن خطأ ارتُكب، وذلك عندما اعتُرف بالخطأ، ثمّ لينسحب من الحكاية، ليترك الحكاية دون راوٍ يحبكها، يبقيها مُبلبلةً فريسة للتجاذبات، مرهونة للانقسامات، مذرورة هباءً..
إن كان من المعروف، أنّ السينما عند الآخرين هي للمتعة والفائدة، فإنّها تنقلب على دورها وتسهو عن رسالتها عندنا بفعل حاقدٍ مارقٍ مقامرٍ، لتنتج اللوعة والألم، وتشذّ عن القاعدة، ويصبح الشذوذ قاعدة ههنا، لأنّ الاستثناء يحكم قواعد لعبة اللامنطق..
لطالما يبقى المتسبّبون مجهولين..
لطالما يبقى ملفّ الجريمة مطويّاً على الفراغ وتجريم الضحايا..
لطالما تبقى الكوارث اللاحقة كلّها مقيَّدة بحبرٍ سرّيٍّ ضدّ الهلام..
إذن.. سنبقى في عامودا مهووسين، بالبحث، في محرّكات بحثٍٍ خاصّة بنا، عمّن عكّر ويعكّر صفوَ صفونا، ويسيء إلينا، لنصيح به معاً، لا منقسمين كعادتنا، لا متفرّقين كما يراد لنا، لا مُتعادين متخاونين كما يتمّ، لنصرخ ملء أفواهنا معاً: قـــــفْ.. قفْ مَن أنت..؟!
عندها فقط.. سنتابع السينما، ومهرجاناتها التي ستحتفظ بـألقها، ولن تكون "مهرجانات دمٍ" أو حرقٍ أو ألمٍ، ستكون للمتعة لا للوعة، ستحكي لنا شهرزادُ الراويةُ الحكايةَ من الصباح حتّى الصباح.. ولن تأبه لشهريار..
عندها فقط.. لن ننام على ضيمٍ.. لن تنبح القطّة، لن تموء العنزة.. سيعود كلّ شيء إلى مكانه، والأدوار إلى أصحابها، دون أن تنقلب على نفسها.. سيستطيع قائلنا أن يقول: افرح وأنت تتابع السينما.. لأنّك "مش حتقدر تغمّض عينيك"..
ــــــــــــــــــــــــ
- في ذكرى مأساة حريق سينما شهرزاد بعامودا 13-11- 1960م، التي راح ضحيّتها المئات..



#هيثم_حسين (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- القبرُ المتفجّرُ نبعاً في سوريا.. بدعةٌ للإلهاء..
- الروائيّ الكرديّ محمّد أوزون.. يموت ثانية..؟!!
- معاً نحو تكاملٍ ثقافيّ
- العيدُ.. هل يبهت بريقُه..؟
- عصر الضياع
- تشويه صورة الكرديّ سينمائيّاً عبر الفلمِ التركيّ المؤامرةِ: ...
- فَضْحُ الخطايا التاريخيّة المُرتكَبة بحقّ الكُرد..
- التنوير كرديّاً
- ملف/الجغرافيّة المطعونة تاريخيّاً
- الجغرافيّة المطعونة تاريخيّاً
- التحدّي المُقْلِق..-دُوار الحرّيّة- ل -مالك داغستاني-
- خرق المحظورات.. سمر يزبك في روايتها -طفلة السماء-
- ثقافةُ الريحِ.. أرشيفُ الأسى*
- لا مساوَمة على الحرق، لا مساواة في الحرق
- تهشيم الحرّيّات
- النخبويّة التلفزيونيّة
- آراء.. وآرام
- مات الوطن.. عاش الوطن..
- لبنان واأسفي عليك.. وواأسفي علينا
- المنبرُ الإعلاميّ .. موقعُه وموقفُه


المزيد.....




- -ثقوب-.. الفكرة وحدها لا تكفي لصنع فيلم سينمائي
- -قصتنا من دون تشفير-.. رحلة رونالدو في فيلم وثائقي
- مصر.. وفاة الفنان عادل الفار والكشف عن لحظات حياته الأخيرة
- فيلم -سلمى- يوجه تحية للراحل عبداللطيف عبدالحميد من القاهرة ...
- جيل -زد- والأدب.. كاتب مغربي يتحدث عن تجربته في تيك توك وفيس ...
- أدبه ما زال حاضرا.. 51 عاما على رحيل تيسير السبول
- طالبان تحظر هذه الأعمال الأدبية..وتلاحق صور الكائنات الحية
- ظاهرة الدروس الخصوصية.. ترسيخ للفوارق الاجتماعية والثقافية ف ...
- 24ساعه افلام.. تردد روتانا سينما الجديد 2024 على النايل سات ...
- معجب يفاجئ نجما مصريا بطلب غريب في الشارع (فيديو)


المزيد.....

- مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة / د. أمل درويش
- التلاحم الدلالي والبلاغي في معلقة امريء القيس والأرض اليباب ... / حسين علوان حسين
- التجريب في الرواية والمسرح عند السيد حافظ في عيون كتاب ونقا ... / نواف يونس وآخرون
- دلالة المفارقات الموضوعاتية في أعمال السيد حافظ الروائية - و ... / نادية سعدوني
- المرأة بين التسلط والقهر في مسرح الطفل للسيد حافظ وآخرين / د. راندا حلمى السعيد
- سراب مختلف ألوانه / خالد علي سليفاني
- جماليات الكتابة المسرحية الموجهة للطفل في مسرحية سندس للسيد ... / أمال قندوز - فاطنة بوكركب
- السيد حافظ أيقونة دراما الطفل / د. أحمد محمود أحمد سعيد
- اللغة الشعرية فى مسرح الطفل عند السيد حافظ / صبرينة نصري نجود نصري
- ببليوغرافيا الكاتب السيد الحافظ وأهم أعماله في المسرح والرو ... / السيد حافظ


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - هيثم حسين - وتنقلب الأدوارُ.. شهرزاد من رَاويةٍ إلى رِوايةٍ..