|
الإنسان يصنع تاريخه
بابلو سعيدة
الحوار المتمدن-العدد: 2096 - 2007 / 11 / 11 - 11:53
المحور:
دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات
كتل بشريّة من عرب الصحارى بواحاتها وبواديها ، وحجازها ونجدها ، ويمنها ،غادروا الجزيرة العربية ، وأسسوا مدناً جديدة في بلاد الرافدين وسورية وبلاد النيل والمغرب العربي . وحملوا معهم اللغة والمعتقد ، للفتوح الديني والدنيوي ، لكنهم لم يحملوا معهم معارف في العلوم النظرية والتطبيقية ، أوتنظيمات إدارية ، ومخططات عمرانية ، ومشاريع صناعية . بيد أنهم حملوا معهم سيوفاً خارقة تقطع الرؤوس ورماة (سهام) تخترق الأجساد . وفرساناً تسابق أحصنتهم الرياح . كما حملوا في جعبتهم ، مغنمين أساسيين : مغنم سماوي وآخر أرضي . بالمقابل ، اكتسبوا المهارات والخبرات ، وكافة المعارف من حضارات تلك الشعوب الأصلية القديمة ، من بابليين وفينيقيين ، وفرعونيين،وسومريين،ومن حضارات تلك الشعوب الوافدة إلى منطقتنا،من الشرق (الفرس) ومن الغرب(اليونان-الرمان). لكن كيف تشكّلت اللغة ؟ الكائن الانسان لم يكن يعرف في بداياته مطلقاً،اللغة،الشفاهية منها والكتابية،بل عرف الكهوف والصراع المستميت من أجل البقاء على قيد الحياة . حدث ذلك في زمن الملكية المشاعية التي عرفتها عصور ما قبل التاريخ. وإنّ العوامل التي ساعدت الكائن الإنسان على الإنتقال من المفهوم الحقوقي للملكيات المشاعية إلى المفهوم الحقوقي للملكيات الخاصة،هو أنه : - اكتشف النار. - صنع الأدوات. - عمّر البيوت. - دجّن الطيور. - بذر الحبوب.
وفي زمن الملكية الخاصّة ، أوجد الكائن الفكرة لغة التفاهم والتعارف بين الكائنات الإنسانية والتي كانت بدايتها : رسم الشيء المراد،والذي ترافق مع رموز معبّرة عن المفردة ونقيضها : ((شروق الشمس والغروب)). نهايتها : الحروف مروراً بالمقاطع . ومن المقاطع أولاً والتي تطورت إلى أحرف تشكلت الأبجديات والخطوط التاريخية . وكان إنسان الساحل السوري من الأوائل الذي أبدع أبجدية تاريخية قديمة،والتي كونت خطوطاً تاريخية متنوعة . بدايتها : خط أوغاريت – جبيل . نهايتها : الخط النبطي – العربي .
بيد أن اللغة الحيّة المتجددة لا الراكدة،تمثل متحولات وتفاعلات متبادلة التأثر والتأثير بين الكائن الإنسان والكائن الفكرة من جهة والواقع التاريخي المعاش من جهة أخرى،والتي أظهرت لنا الأبعاد التاريخية للحضارات القديمة، الإقليمية منها والدولية والتي أنشئت على مفترق الطرق التجارية ((البرية – النهرية – البحرية ))
أما بدايات الحضارات القديمة ، فقد أنتجت اليد البشرية من الوجهة التاريخية ((الأشياء الجوهرية لضرورة الحياة اليومية فقد تحرك الإنسان على البّر بمساعدة الحيوانات. وفي الماء بمساعدة المجداف والشراع ونشر الضوء بمساعدة الشموع والزيت ونسخ الكتب بيده)) بما فيها القصيدة الأولى التي كانت لغتها عذراء ، ونمذجتها بدائية ، ودلالائها جنسية – حسية ، ثم ارتقت إلى طقس ديني وبعد حلمي . ومثلت طلليتها الأولى ، بكائية على المجد الضائع ، والحبيبة الراحلة ،أما بعدها التاريخي فكان الفخر بالقبيلة .
باختصار شديد : تحولت المفردات الحسيّة إلى مفردات تعبيرية / تجريدية في المجتمع المديني ، والمدني ، المتقدم في إنتاجه . حتى لفظة الجلالة (الله) في تاريخية إنسان المنطقة جسّدها الكائن إنسان في عبادة الأصنام والكواكب والنجوم .
وعندما ارتقى الكائن الإنسان ، إلى الكائن الفكرة ، تحولت الدلالات المجسدة إلى دلالات مجرّدة .
تبعاً لذلك أصبحت لفظة الجلالة (الله) تحمل في جوهرها أفكاراَ آبدة وصفات خالدة . لأن الملكيّّة الخاصة في جميع مراحل التاريخ بدأت تحدد مفهومية مصطلح المفردة وبعدها الدلالي المادي والفكري والقيمي ، حيث قامت نخب المجتمعات (الرعوية ـ التجارية ـالصناعيّة ـالمعلوماتية )بتأصيل المصطلحات ( المفردات )الخاصّة بهاوالتي افرزتها تعددية البيئات الجغرافيّة والانتاجات التاريخية . وتحمّلت النخب المسؤولية الكاملة في تشكيل الكلمة (وضع النقاط والحركات على حروفها) مع بداية النصف الثاني من العقد الرابع الهجري , وبخاصة بعد أ ن امتدت الموجة العربية الاسلامية الى المشرق العربي ومغربه هدفت النخب من وضع النقاط والحروف على المصطلح خدمة البنى الفوقية اولا , والبنى التحتية ثانيا لكافة الاقوام والاجناس , اكانوا من العرب ام من الموالاة , ومن ثمّ التمييز بين مفردة وأخرىيتشابهان في الحروف , ويختلفان في الدلالة باختلاف الحركات . أما الجملة البلاغية في لغات العالم قاطبة فترتكز على الذات المبدعة المرتبطة بموضوعيّة النص و البعد الدلالي للمفردة , الحسيّة منها و التجريدية .
#بابلو_سعيدة (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
ليلى العثمان - مأساة الواقع والحلم
-
سيمون دي بوفوار صوت الحرية
-
بثينة شعبان التي ولّفت بين الأدب والسياسة
-
سعاد الصباح / تباشير المطر
-
/نوال السعداوي /صوت الإحتجاج
-
المرأة بين التهميش و التفعيل
-
الحرب و السلم
-
الجذر اللغوي والقصيدة الأولى
المزيد.....
-
دراما رمضان.. دانييلا رحمة مشتتة بين عابد فهد ومعتصم النهار
...
-
يتطرق لسقوط حكم بشار الأسد.. الإعلان الترويجي للمسلسل السوري
...
-
ما مدى واقعية خطة ترامب لسيطرة أمريكا على غزة؟
-
سوريا.. الأمن يُعلن خطف اثنين من عناصره في اشتباكات مع -مطلو
...
-
بريطانيا تعلن عن مساعدات جديدة لكييف
-
الجزائر تبحث قانون تجريم الاستعمار
-
بونتلاند والريفييرا مناطق تدور في فلك جغرافيا ترامب حول مخطط
...
-
بعد 20 عاماً من التوقف..إسرائيل تُعلن إنشاء مستوطنة جديدة بي
...
-
الرئيس الإيراني: طهران لا تسعى للحصول على سلاح نووي و-يمكن ا
...
-
الرئيس الكولومبي: الكوكايين ليس أسوأ من الويسكي
المزيد.....
-
الانسان في فجر الحضارة
/ مالك ابوعليا
-
مسألة أصل ثقافات العصر الحجري في شمال القسم الأوروبي من الات
...
/ مالك ابوعليا
-
مسرح الطفل وفنتازيا التكوين المعرفي بين الخيال الاسترجاعي وا
...
/ أبو الحسن سلام
-
تاريخ البشرية القديم
/ مالك ابوعليا
-
تراث بحزاني النسخة الاخيرة
/ ممتاز حسين خلو
-
فى الأسطورة العرقية اليهودية
/ سعيد العليمى
-
غورباتشوف والانهيار السوفيتي
/ دلير زنكنة
-
الكيمياء الصوفيّة وصناعة الدُّعاة
/ نايف سلوم
-
الشعر البدوي في مصر قراءة تأويلية
/ زينب محمد عبد الرحيم
-
عبد الله العروي.. المفكر العربي المعاصر
/ أحمد رباص
المزيد.....
|