وديع العبيدي
الحوار المتمدن-العدد: 2096 - 2007 / 11 / 11 - 09:23
المحور:
الادب والفن
قصص من النمسا .. ترجمة: وديع العبيدي
في قاع النهر، تلاقت فردتا حذاءين، كل فردة من حذاء. كان أحدهما قديماً نوعاً ما، حذاء عمل ممزق ذا رباط، طبعاً لم يكن الرباط معه. في مقدمته ثقب، ويكاد نعله ينفصل عنه. بقع صبغة بيضاء تعتلي وجهه. الحذاء الآخر كان نظيفاً بلا رباط، يبدو كأن الزمن لم يترك عليه أثراً ما!
- يا للالهة.. ما تزال تبدو بوضع حسن!
قال الحذاء القديم ذو الرباط دهشاً، بعد أن دفعه التيار قرب حذاء أملس.
- عندما يحطّ أحد ما الى هذا القاع أخيراً، فلا بد أن يكون قد مرّ بتجربة ما.
أنظر إليّ، أنا لم أستطع ذلك بدون التعرض الى أضرار.
رمق الحذاء المصبوغ الحذاء ذا الرباط بنظرة متعالية مؤثرة. أنه فعلاً لا يبدو في وضع حسن؛ كل يفعل طبعاً، ما يستطيعه. قال الحذاء المصبوغ مع نفسه.
- انك فعلاً لمحسود!
تمتم الحذاء ذو الرباط متعجباً لهذا الجلد الأملس غير المعيب لزميله العجيب.
- عندما تركني لابسي الأول كنت ما أزال أبدو بشكل جيد. لقد كنت هدية عيد الميلاد، ضيّقاً بعض الشيء. لذلك تُركت للمناسبات الخاصة، الحفلات العائلية وما شابه. أنت تفهمني ولا شك!
- هم...
أجاب الحذاء الأملس بدون أن يفهم شيئاً. أكمل الحذاء ذو الرباط..
- أخيراً تم بيعي في أحد الأسواق الشعبية للمواد المستعملة. لابسي الثاني كان صباغاً وكان يستخدمني طيلة عام كامل أثناء العمل.
- ها.. من هنا جاءت بقع الصبغ البيضاء.
قرر الحذاء الأملس.
- بالضبط!
- وهذا الثقب القبيح في المقدمة !.
- بعدما لم يستطع الدهان الاستفادة مني أكثر لانخلاع النعل، تحولت لخدمة كلبه لسنوات كأداة لعب.
بالكاد استطاع الحذاء الأملس تصديق زميله: هذا فظيع حقا!..
- أوه.. لقد كان ممتعاً..
ردّ الحذاء ذو الرباط..
- سنوات الاثارة كانت هذه.. من بين كل الذين استعملوني أحبني الكلب جداً، لقد كان لي مكاني الخاص في سلته، ولم يسمح لأحد بالاقتراب مني..!
- ولماذا أنت الآن هنا في قاع النهر..
سأله الحذاء الأملس الذي كان يزداد دهشة في كل مرة.. بيد أنه قلما يستشعر المرء شيئاً من كبريائه الأولى كالسابق..
- هل سئم الكلب منك؟
- كلا.. ليس كذلك..
أجاب الحذاء ذو الرباط..
- ماذا إذن؟
- هرم الكلب.. وذات يوم مات!
- يا لك من مسكين!!
أجابه الحذاء الأملس.
#وديع_العبيدي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟