أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عدنان الظاهر - قصص ألمانية سوريالية (5)















المزيد.....

قصص ألمانية سوريالية (5)


عدنان الظاهر

الحوار المتمدن-العدد: 2094 - 2007 / 11 / 9 - 09:57
المحور: الادب والفن
    



السيد [ الهر ] روزنباخ 5

وجد هذا السيد ، وقد غدا وحيداً مطلقاً للمرة الثالثة ، وجد في شقيقته وفي إبنته التي خرجت من صلبه ... وجد فيهما السلوى ووسائل تنسيه ما هو فيه . كبرت الإبنة وتدرجت في دراستها حتى دخلت كلية الطب . ما أسعد الوالد وما أكبر حظه في الحياة . أرادت الإستقلال عن والدتها لتنصرف إلى دراستها الصعبة . إبتاع الوالد لها شقة واسعة وترك لها حرية أن تختار ما تشاء من أثاث . أرادت المزيد من الحرية الشخصية وحرية وسرعة الحركة فإبتاع لها سيارة جديدة ماركة ( أوبل ) حسب قرارها وذوقها . ستغدو طبيبة يفخر بها أبوها وعمتها وقد تفتخر بها والدتها !!
عادت الحياة لتنتكس فجأة ً وتنكفئ في وجه السيد روزنباخ . فشلت إبنته في دراسة الطب البشري فإنتقلت إلى دراسة الطب البيطري . حتى هنا ، أخذت أمورها النفسية والدراسية تتعقد يوماً بعد يوم . قررت ترك الطب ودراسة القانون . تركت الجامعة والدراسة وأخبرت أباها أنها عاجزة عن مواصلة الدراسة . طيب ، وماذا ستعملين إذاً ؟ قالت إنها ستسعى لإيجاد عمل مناسب . وجدت عملاً مناسباً لكنها سرعان ما تركته لأسباب لم يجدها أبوها مقنعة . ماذا عن الأم ؟ لم تكترث ولم تتدخل ولم تهتم بما كان يجري لإبنتها . أصبحت عاطلة عن العمل فإلتقفتها عصابات السوء من زملاء سابقين وبعض أولاد الشوارع . باعت شقتها ثم باعت سيارتها ثم أدمنت تعاطي المخدرات . الآن جاء دور الأب : ما زال قانوناً مسؤولاً عن إبنته العاطلة عن العمل ما دام مقتدراً ولديه راتب تقاعدي عالٍ . هل هذا زواج ؟ وهل هذه هي نتائج الزواج الثالث ؟ أخفاق في إخفاق وفشل يجر إلى فشل فتباً لهذه الحياة . أوشك الأب على الإنهيار تحت قساوة هذه المتغيرات . خسر أغلب ما يملك في ثلاث صفقات زواج فاشلة . طيب ، عليه الآن أن يواجه خسارة إبنته . شابة جميلة طويلة القامة لكنها عاطلة عن العمل مدمنة على المخدرات تتنقل من شقة إلى شقة لتقضي لياليها مع شبان مثلها عاطلين عن العمل مدمنين على المخدرات . مخدرات ... فجور ... فضائح ... تشرد ... إعتقالات لهذا السبب أو ذاك . ساءت صحة الفتاة كثيراً فأوشكت أن تفقد عقلها . أودعت في قسم خاص من أحد المستشفيات لتكون تحت رقابة الشرطة وأطباء الأعصاب وعلم النفس . الأم لا تتدخل والأب يحترق ويدفع . أكثرَ من زياراته لشقيقته الوحيدة هرباً من مشاكل إبنته وما تسبب له من فضائح مخزية . وما عسى هذه الشقيقة أن تفعل لمساعدة أخيها ؟ لا شئ !! ما أن حسب الأطباء المختصون أن مريضتهم قد تماثلت للشفاء حتى سمحوا لها بمغادرة المستشفى مع الكثير من الحبوب وأمر بمراجعتهم مرة واحدةً في اليوم على أقل تقدير . أين تولي وقد باعت شقتها وسيارتها ودار والدتها مغلقة في وجهها ؟ كما هو متوقع، أقامت مع أحد أصدقائها من أصحاب السوء. واصل الوالد دفع النقود لها بسخاء عسى أن تنفرج أزماتها النفسية والعصبية ولكن هيهات . ثم جاءت الضربة شبه القاضية فوق يافوخ السيد روزنباخ : محاولة إنتحار !! ألقت بنفسها عارية ً ليلاً من الطابق الرابع حيث تقيم مع أحد زملائها الحشاشين فتحطمت ساقاها وذراعاها وسقطت في الشارع فاقدة الوعي . أخبرت الشرطة أباها فزارها فوراً في مستشفاها يستطلع الخبر وما حقيقة ما جرى لها . وجدها تحت المخدر بين أيدي أطباء كسور العظام يحاولون بأشعة أكس تحديد أماكن الكسور ومقدار الأضرار. لم يستطع الحديث معها . زارها في اليوم التالي مستوضحاً منها عما جرى لها وهل حاول أحد ٌ قتلها ؟ أجابت أباها ببلاهة وإستغراب وصلف : عم َّ تتكلم ؟ أية محاولة قتل ؟ هل ترى فيَّ شيئاً يثير إستغرابك أو فضولك ؟ كاد الرجل أن يُجن . قال لها ألا ترين نفسك وما فيك ؟ إستنكرت سؤاله بحدة ثم قالت ؟ وماذا ترى أنت في َّ ؟ أنا بخير معافاة . قال لها أفادت الشرطة أنك حاولت الإنتحار فألقيت ِ بنفسك من شقة صديقك عارية في منتصف الليل . طلبت من أبيها أن يغادر المستشفى . قالت له لا أطيق سخافاتك وإتهاماتك .
من يصدق هذا الكلام ؟ هذه هي حقيقة ما جرى لهذه الفتاة . كسور في كل مكان من جسمها ... يزورها أبوها في المستشفى وتنفي أنها سقطت أو ألقت بنفسها من علو شاهق . تتهم أباها بأنه يلفق التهم السخيفة ضدها . ماذا يفعل الآباء في مثل هذه الحالات ؟ غادرت المستشفى بعد عدة شهور وقد تماثلت كسورها للشفاء من محاولة الإنتحار فعرض الوالد عليها أن تقيم معه في شقته فوافقت على الفور . لا مكان لها في هذه الدنيا . ضاقت بها الدنيا في معية والدها وتحت رقابته فتركت شقته لتلتحق ببعض أصدقاء السوء . وجدت عملاً يناسب أوضاعها لكنها لم تتحمله طويلاً . لا تستطيع أن تعمل . واصل الوالد ضخ النقود بسخاء حتى أصبح رصيد مدخراته في البنك صفراً . لا من مدخرات في حسابه وقد بلغ الثانية والسبعين من العمر ... أرذل العمر . بدأت صحته تسوء جسداً ونفساً فجنح إلى عالم الخرافات . أخذ يراجع قارئات الحظ والمشعوذات وعيادات الطب النفسي طالباً المشورة والعلاج وكيف ينقذ نفسه مما هو فيه من ورطات سببتها إبنته له . فقد الكثير من توازنه الروحي والعقلي . إختلطت عليه أموره ففقد السيطرة على نفسه . تظاهر ذات يوم للسيدة التي كانت تعالجه ، وهي سيدة متزوجة ، بأنه وقع في غرامها . جاملته وعاملته كمريض يستحق كل عناية وصبر . قبلت دعوته لتناول طعام العشاء في أحد المطاعم . شرع بزيارة شقتها ـ العيادة حاملاً أكاليل الورد وبعض الحلوى . توهم ذات يوم أنها هي الآخرى وقعت في حبه وإنها تبادله غراماً بغرام . أخذ يُلح في تقديم عروض دعوات العشاء لها لكنها أدركت أن الأمر قد خرج عن طوره ولا بد َّ من وضع حد لكل هذه الهلوسات . كان يدري إنها إمرأة متزوجة ، رغم ذلك عرض عليها الزواج !! بلغ السيلُ الزبى !! ضحكت منه بسخرية ثم قالت له : إنما أسعى للزواج بمن هم أفضل منك !! صدمة ، صدمة قاسية أخرى للرجل المأزوم الغارق في المشاكل المستعصية حتى أعالي أُذنيه . ترك مسكنها فإتصل بشقيقته على الفور . قص عليها حكايته مع هذه الدجالة المشعوذة التي تمارس أعمال الغجريات من قارئات الحظوظ والأكف . قالت له شقيقته ما معناه : تستأهل أكثر . لم تحترم نفسك . طالما حذرتك منها وما أكثر ما طلبت منك أن تكف عن مراجعتها فما هي إلا دجالة كذابة تبتز وتستغل المرضى والموسوسين من أمثالك . لم يحتمل الإهانة والتقريع فأقفل التلفون وقاطع شقيقته ردحاً من الزمن .
إلتقينا في مناسبة بلوغه عامه الثاني والسبعين وقدمتُ له هدايا بسيطة فأخذ يقص عليَّ ما مرَّ في حياته من مشاكل ومصائب . ظل يتكلم بدون توقف مثل ماكنة حصاد . عزا في نهاية الحديث كل ما واجهه في حياته من كوارث إلى قساوة أبيه في معاملته لأبنائه . أبوه المسؤول عن فشله في زواجه ثلاث مرات . وأبوه مسؤول عن جنون إبنته التي حاولت الإنتحار بعد أن فشلت في دراستها الجامعية وإنحرفت فأدمنت تعاطي المخدرات وتشردت حتى أن َّ الشرطة هددتها وأبلغت أباها أنهم سيسجلونها في قوائم المومسات . كارثة . كارثة حقيقية تهز الجبال .



#عدنان_الظاهر (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- ورابعهم المتنبي (1)
- قصص ألمانية سوريالية (4)
- قصص ألمانية سوريالية (3)
- قصص ألمانية سوريالية / (2)
- قصص ألمانية سوريالية (1)
- المتنبي والأرمن / شكر للسيدة سهيلة بورزق
- من تأريخ الحلة النقابي والسياسي / الجزء الثاني
- من تأريخ الحلة النقابي والسياسي / الجزء الأول
- المتنبي وفاتحة والطبيبة أسماء
- رسايل تلفونية بين المتنبي وحنان عمّان
- المتنبي يزور الخيمة سراً
- المتنبي والمتصوف هرون بن عبد العزيز الأوراجي
- المتنبي وحنان
- المتنبي وإبن بطوطة ( مداخلة إشتراكية رمزية ) / إلى مليكة الح ...
- المتنبي والصورة / إلى حنان في عمّان
- المتنبي يروي قصة لجوئه
- المتنبي متوعك الصحة
- في ضيافة المتنبي
- المتنبي وفوزي كريم
- مع المتنبي في مقهى


المزيد.....




- -روائع الأوركسترا السعودية- تشدو بألحانها في قلب لندن
- التمثيل السياسي للشباب في كردستان.. طموح يصطدم بعقبات مختلفة ...
- رشاد أبو شاور.. رحيل رائد بارز في سرديات الالتزام وأدب المقا ...
- فيلم -وحشتيني-.. سيرة ذاتية تحمل بصمة يوسف شاهين
- قهوة مجانية على رصيف الحمراء.. لبنانيون نازحون يجتمعون في بي ...
- يشبهونني -بويل سميث-.. ما حقيقة دخول نجم الزمالك المصري عالم ...
- المسألة الشرقية والغارة على العالم الإسلامي
- التبرع بالأعضاء ثقافة توثق العطاء في لفتة إنسانية
- التبرع بالأعضاء ثقافة توثق العطاء في لفتة انسانية
- دار الكتب والوثائق تستذكر المُلهمة (سماء الأمير) في معرضٍ لل ...


المزيد.....

- مختارات أنخيل غونزاليس مونييز الشعرية / أكد الجبوري
- هندسة الشخصيات في رواية "وهمت به" للسيد حافظ / آيةسلي - نُسيبة بربيش لجنة المناقشة
- توظيف التراث في مسرحيات السيد حافظ / وحيدة بلقفصي - إيمان عبد لاوي
- مذكرات السيد حافظ الجزء الرابع بين عبقرية الإبداع وتهمي ... / د. ياسر جابر الجمال
- الحبكة الفنية و الدرامية في المسرحية العربية " الخادمة وال ... / إيـــمـــان جــبــــــارى
- ظروف استثنائية / عبد الباقي يوسف
- تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ / غنية ولهي- - - سمية حملاوي
- سيمياء بناء الشخصية في رواية ليالي دبي "شاي بالياسمين" لل ... / رانيا سحنون - بسمة زريق
- البنية الدراميــة في مســرح الطفل مسرحية الأميرة حب الرمان ... / زوليخة بساعد - هاجر عبدي
- التحليل السردي في رواية " شط الإسكندرية يا شط الهوى / نسرين بوشناقة - آمنة خناش


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عدنان الظاهر - قصص ألمانية سوريالية (5)