أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - فاضل فضة - لفضاء صفر














المزيد.....

لفضاء صفر


فاضل فضة

الحوار المتمدن-العدد: 2093 - 2007 / 11 / 8 - 07:57
المحور: الادب والفن
    



أغربي يانفس على شاطئ هادئ، في افق قرمزي، تعبت الشمس به من واجبها اليومي في لقاء اهل الأرض في بعض مناطقها القاحلة في فكرها الباحث عن ضباب دائم. إنه انحطاط مكثف لم يتعب خلال مئات السنوات، حيث مازال يزئر جوعاً، باحثاً عن فرائس لا تعرف كيف تنام بهدوء كل ليلة.
لإن الحياة سفر، ولإن السفر طريقة السنوات المتلاحقة. فإنه لا بد من التوقف مرات في محطات نتأمل بها الفضاء الذي يحيطنا. وقد يستمر بعضهم في سفره بدون حتى التفكير في اسس ومبادئ ماتعلمه وما ينفذه من صدام يومي بسيط او معمق مع محيطه.
لأ ادري ان كان يوجد مااسميه فضاء للحياة بدون أية جاذبية، بدون اي تفاعل مع مفردات العيش البسيط او المعقد. وكأن اللحظة، الغير مقيدة بزمن معين، بعيداً عن البعد التقليدي لها المقدّر بالثواني او الدقائق، قد تكون دهراً او تجربة اخرى يعيد بها المسافر تجميع بعض من الأوراق فيما تبقى من حالة اكبر من توقف مقصود، كون التأمل في لحظة اللاجاذبية، في اكثر الأوقات يتم بغير قصد دائماً.
دعاني إلى هذا ذلك العنوان الكبير الفضاء صفر، لمهرجان العالم العربي الذي يقام سنوياً في مونتريال بدون حتى ان اقترب منه ومن محاولاته الدائمة، إضفاء نوعاً من الحوار بين الثقافة العربية والغربية في مدينة تعج بالمهاجرين العرب وغيرهم من كافة اصقاع الأرض.
اين نحن من فضاء الحرية الذاتية التي تسمح لنا بخيال بدون حدود او قيود او سياج، روحي كان اونفسي أوقيمي. أين نحن الإنسان التجربة الغريبة التي تعج بالتناقضات في واقع ليس لنا، نصرُّ به على زعامتنا للمعرفة بمعايير لا علاقة لها بتلك المعرفة او الغيبيات القاسية، ليس إلا!، فاالحياة لن تكون إلا خلية نحل من التفكير بقيم يتعلمها الإنسان، يتجاوزها بسلوكه، الذي اصبح مدرسة غريبة في معايير الصفاء الذي كان حالات خاصة في زمن خاص جدّاً من تاريخ هذه الثقافة الملقبة عربية اليوم، بينما في الحقيقة هي ثقافة ايديولوجية تحمل بين غلافها عقيدة مرتبطة بوثاق شديد في نمط حياة ذاك الإنسان المعذب الذي لم يتحرر من قيوده ماضياً وحاضراً في لحظات الهرب الكبير على شواطئ عوالم اخرى او كواكب غير ارضية، حيث تنعدم بها جاذبية الوجود والقيم والإيديولوجيات وتجربة التاريخ وكل مايحلو للإنسان ان يطلقه به على عنانه.
لتخلو الأرض من قيم الغريزة البدائية، وتنظر العين إلى مساحات جمالية تعانق بها الألوان القرمزية الخافية لكل الفضاءات الشبحية في الوانها السوداء. وكأن الهرب في نقطة الفضاء الصفري، تلاشي الذات في جمالية للخيال الإنساني المرتجي في معايير اكبر من اي قيم واسمى من اي حروف يكتبها هذا الكائن الأرضي الذي سطر تاريخاً من القتل والحروب والدماء، بدون شبع من نهم قد يكون لا معنى له بالأصل.
هل نهرب من حياتنا ام من وقعنا ام من ثقافتنا؟ هل نهرب من ظل الإنسان المؤبد في عيش يجبرنا على التقوقع في ذات تشبعت بماضيها وغير قادرة على تجاوزه، خوفاً او قلقاً او تجنباً لإحداث قطيعة غير مقبولة في النسق العام لعموميات قاهرة. أم ان تجاوز الزمن وتوقف القطار في محطة ما، هو إعادة لروح مزورعة في كيانها البيولوجي تبحث بخوف وقشعريرة عن اشياء لم تلاقيها في حياتها الأرضية، بعيداً عن اية مكونات تاريخية اوثقافية معينة.
لا يهم فالمحطة، ليست إلا لحظة تأمل، تحلم بجمال جزر نائية بعيداً عن كل تشويه للحياة والطبيعة في صورها الهادئة او الصاخبة أو الوحشية في تفاعلها مع الزمن المحيط لكل ابعادها الأرضية. نعم قد تكون المحطة هرب الإنسان من ظله ومن حياته ومن تجربته، بحثاً عن ثقافة لا وجود لها إلى في طوباوية السابقين، النادرين في عصور لا تعرف من البساطة إلا رغبة في التعقيد.
عندما يصمت الصوت والفعل في هدوء كبير، فإنه قد يعبر عن سكون مقدس بعد العاصفة، او سكون الغروب في عناق مقشعر، أو خيوط ضوء الشمس الذهبية على مشارف صباح قادم في عيون المتلقين لها بخشوع وسعادة.
وعندما تصمت الكلمات الكبيرة بحثاً عن اشياء اصغر، فإن الروح تسافر بهدوء وحنين إنساني إلى قضاياً حياتية بسيطة الجوهر،مارستها البشرية منذ ولادتها وإلى يومنا هذا.
إنه الخريف الذي يذكر بالتعري المسموح بها في كلمات الكتاب والشعراء واصحاب الخيال في فضاءات الصفر الذين لم يعد لهم صوت في ضجيج التكاثر اللغوي الهرج بحكايات الصراع الغريزي لمقولات البشرية الصماء.
قد تحتاج شعوب الأرض إلى هدوء نفسي اكبر مما هو متاح، لكي تقبر الحروب في العقول الباحثة عن اوهام سيغمرها التراب يوماً. وقد يحتاج مفكري السلام إلى فضاءات صفرية بدون قيود مناطقية فلسفية أو جغرافية عقائد لكي يخرج الإنسان من عبائته البيولوجية المدعمة بتراكم اكبر من قدرته على الإنسلاخ عنها.
قد يحتاج الإنسان إلى عودة إلى مدرسة لم تولد، وكتب لم تكتب، إلى روحه التي تناغيه في صقيع اللحظات الصعبة في مواجهات التساؤل الذاتي عن المعنى الأكبر لوجوده، وإيمانه، واهدافه، وحقه في صفاء ممنوع إلا في هروبه في لحظات التوقف النادر في محطات قد تكون ضبابية للكثير.



#فاضل_فضة (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- العالم العربي، ازمات مستعصية
- الهروب إلى الرسم والألوان
- انحسار الوطن في الذاكرة
- ثقافة التخلف
- السياسة وأولياء الأمر
- واقع غريب
- الحرية كلمة...غالية الثمن
- الاستقرار السياسي ومسألة الاختلاف.. سوريا مثالاً
- طقوس الإنحطاط
- إنه الوطن لا تعبثوا به مجدداً
- ايران والحاجة إلى التكنولوجيا النووية
- تراكمات
- في العالم العربي فقط
- من اجل حفنة من الدولارات
- زمن البؤس
- إنهم يحرثون العقول
- في هذا الشرق الراكد
- في زمن التحولات والركود الأصعب
- موقف الإغتراب السوري سياسياً
- من اجل بناء وطن سوري للجميع


المزيد.....




- -هواة الطوابع- الروسي يعرض في مهرجان القاهرة السينمائي
- عن فلسفة النبوغ الشعري وأسباب التردي.. كيف نعرف أصناف الشعرا ...
- -أجواء كانت مشحونة بالحيوية-.. صعود وهبوط السينما في المغرب ...
- الكوفية: حكاية قماش نسجت الهوية الفلسطينية منذ الثورة الكبرى ...
- رحيل الكوميدي المصري عادل الفار بعد صراع مع المرض
- -ثقوب-.. الفكرة وحدها لا تكفي لصنع فيلم سينمائي
- -قصتنا من دون تشفير-.. رحلة رونالدو في فيلم وثائقي
- مصر.. وفاة الفنان عادل الفار والكشف عن لحظات حياته الأخيرة
- فيلم -سلمى- يوجه تحية للراحل عبداللطيف عبدالحميد من القاهرة ...
- جيل -زد- والأدب.. كاتب مغربي يتحدث عن تجربته في تيك توك وفيس ...


المزيد.....

- مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة / د. أمل درويش
- التلاحم الدلالي والبلاغي في معلقة امريء القيس والأرض اليباب ... / حسين علوان حسين
- التجريب في الرواية والمسرح عند السيد حافظ في عيون كتاب ونقا ... / نواف يونس وآخرون
- دلالة المفارقات الموضوعاتية في أعمال السيد حافظ الروائية - و ... / نادية سعدوني
- المرأة بين التسلط والقهر في مسرح الطفل للسيد حافظ وآخرين / د. راندا حلمى السعيد
- سراب مختلف ألوانه / خالد علي سليفاني
- جماليات الكتابة المسرحية الموجهة للطفل في مسرحية سندس للسيد ... / أمال قندوز - فاطنة بوكركب
- السيد حافظ أيقونة دراما الطفل / د. أحمد محمود أحمد سعيد
- اللغة الشعرية فى مسرح الطفل عند السيد حافظ / صبرينة نصري نجود نصري
- ببليوغرافيا الكاتب السيد الحافظ وأهم أعماله في المسرح والرو ... / السيد حافظ


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - فاضل فضة - لفضاء صفر