سعيد موسى
الحوار المتمدن-العدد: 2091 - 2007 / 11 / 6 - 03:44
المحور:
القضية الفلسطينية
((مابين السطور))
حتما إن دمار الاجتياح الصهيوني المرتقب لقطاع غزة, ليست أمنية لأحد, وان اعتبرها البعض أسوء الشرور,وطوق نجاة من شبح الإحباط والمجهول,والذي تسبب به انقلاب حزيران الأسود, وما رافقه من قمع ودموية واقتتال,جعلت من قطاع غزة وصلة على هامش التاريخ, ونكست رايات المجد, وحطمت بيارق الوحدة التي طالما فاخرنا بها, وطالما تفيئنا بظلال أمنها, ومازال الجرح الفلسطيني ينزف دون إغاثة جادة,ولا طبيب يسمح له بتضميد جراحه الغائرة, الاجتياح الصهيوني مهما بلغت الجراح, الاجتياح الصهيوني ليس بشرى مهما أصر غلاة التطرف على إثخان الجرح,لان قنابل النابالم العنقودية, والتي تستهدف النبض الفلسطيني, والروح الوطنية, تستهدف المقاومة التي تأبى وسط عاصفة الفتنة والدموية والجُور أن توقف عطائها, كتل اللهب السماوية والأرضية الصهيونية , لا تفرق بين رايات الخلافات, تلك طائرات الموت مجهزة بتكنولوجيا الإبادة والتطهير البشري, أرادتنا بلا إرادة, أرادتنا أحياء أموات, قالتها المجرمة رئيسة وزراء العدو البائدة ولم نعتبر,قالت((الفلسطيني الجيد, هو الفلسطيني الميت)) وآآآآه أسفاه على خُدام وصيتها الصهيونية,طائرات الموت الصماء لاتميز الألوان, فلا فرق لديها بين رايات بيضاء ولا خضراء ولا صفراء, لا فرق لديها بين رايات سوداء ولا حمراء, ولكن من يعقل؟؟
تلك أشباح الفضاء الدموية, غير مجهزة ولا مبرمجة, سوى لتمييز النجمة الزرقاء العنصرية, وذلك الجنس الهابط الذي يدعي السامية,جاهزة لابتلاع المنجل والهلال, والسيف والعاصفة وكل ماهو وطني وشعار,فعلى كل الألوان أن تذوب في الأزرق النازي القاتم, وعلى كل الشعارات أن تنحني لشعار نجمة الفاشي, وما دون ذلك مستهدف ومصيره الزوال في برمجة طائرات الموت الصماء, وقودها باطل, لغتها لهب ونار, هدفها كل الأحرار والثوار, ونحن؟ نستعرض قوانا الهمجية على بعض بعبثية وحقد واستهتار, مصيرنا واحد لدى هؤلاء الأشرار, ومنا من يهادنهم ولا يعير الطوفان القادم أي اعتبار!!!!!!!!!!!!!
منذ مايزيد على العام ووتيرة المقاومة تتصاعد, ويتم تطوير الهجوم بأسلحة صاروخية, استهدفت المغتصبات الصهيونية المحيطة بقطاع غزة, وقد أصبح خيار الاجتياح الصهيوني العسكري الشامل, أمرا لا يحتمل التأويل وان احتمل التردد والتأجيل,وذلك وفقا لدرجة استثمار منعطف الانقلاب على الشرعية, والفتنة الوطنية الدموية,وربما أصبحت كل الظروف شبه مهيأة لذلك الخيار المدمر, الذي يلوح في الأفق كنذير شؤم وخطر محدق, يتوعد الجميع دون تمييز, لقد أصبح خيار الاجتياح الأسود يلامس يوميا حدود غزة الحزينة, غزة الذبيحة, غزة بجرحها الوطني الغائر في الحسرة والألم, فاتجاه مؤشر القصف الصاروخي الفلسطيني, هو المعطى الوحيد الذي يرسم الخطوط البيانية مؤقتا صعودا وهبوطا, فالعدو مشغول حاليا باستثمار سمين لحالة الشلل والعدمية الوطنية في قطاع غزة, ويعلم أركان الدولة العبرية أن إطالة أمد التجييش والتدريب وتكديس السلاح في قطاع غزة,لن يكون مصلحة إسرائيلية على المدى الطويل, لذلك سيحاول صناع القرار لدى الكيان الإسرائيلي, استثمار ذلك المنعطف الانقلابي الدموي, وتعطل آلية السجال والمنافسة الوطنية ضد الاحتلال كتناقض رئيسي, ستحاول استثمار الوضع كحالة طارئة ربما لن تتكرر في التاريخ الفلسطيني الحاضر, لتحصيل اكبر مقدر من حصاد توجيه تلك الترسانة الدموية من الحقد والكره والتطرف والبارود,للصدور الفلسطينية وللمصير الفلسطيني, وعندما تنتهي حسابات الجدوى العسكرية والأمنية الاستثمارية, ويفتر موسم الجني والحصاد, ستكون كل أدوات الموت الصهيونية في وضع الوثوب والاستعداد للانقضاض, ومن ثم يأتي دور الجراحة العسكرية لا محالة, وأي وعود من قيادة الكيان الإسرائيلي بالحياد, وبربط الاجتياح العسكري بالتهدئة, مع وجود جيش مجهز ومدرب ومسلح ومستعد للمواجهة في غزة, هو ذر للرماد في العيون, واعتقاد عبثي بل سرابي.
وعلى فرض أن حركة حماس لن تستطيع بالمطلق منع إطلاق الصواريخ, فان قرار الاجتياح ماهو إلا تعليمات لبدء تنفيذ المخططات المعدة سلفا, وهنا أحاول افتراضيا , وقبل ساعات الصفر وبدأ العد التنازلي للاجتياح, أحاول تسليط الضوء على مخطط وان كان مجرد تصور يجافي الواقعية, إلا أن المتربص والمعتدي دائما يبحث بين الدهاليز العسكرية, مالا يتوقعه الخصم, ولا اعتقد أن ذلك التصور وان كان غير مطابق تماما لتفكير العدو, إلا انه لن يكون بعيدا عن المخطط الاجتياحي, إذا ما فكروا قبل وضع خططهم بتقليص الخسائر في جيشهم العدواني, وكذلك في صفوف المدنيين في ظل مواجهة طاحنة شرسة, هذا التصور يصلح أن يكون تساؤلا نظريا, بحاجة إلى إجابة عملية جدية, لقياس مدى استعدادات وجدوى المقاومة بخططها التقليدية, المرتكزة على مواجهة وحاضنة شعبية؟؟؟؟
سياق لتصور افتراض المخطط الاجتياحي
نفترض من الواقع, أن اجتياحا صهيونيا بات معلوما ويقرع كافة حدود قطاع غزة البرية والجوية, بعد أن اعتبر بقرار رسمي من ساسة الكيان الإسرائيلي, أن قطاع غزة كيانا معاديا وردة الفعل العربية والعالمية التي لاترقى إلى رفع العدوان والضيم عن قطاع غزة, وبعد أن أدانت معظم الدول العربية والإسلامية والدولية الانقلاب العسكري والسيطرة العسكرية على قطاع غزة من قبل حركة حماس, وما واكبه من انفلات دموي هستيري, وأحداث سوداء تناقلتها وسائل الإعلام المحلية والدولية بالصوت والصورة, وتم نقلها موثقة إلى دول العالم من قبل القيادة الفلسطينية, بل وحالة الغضب الصامت للمواطنين في قطاع غزة, وتحديدا جماهير فتح العريضة, ناهيكم عن التصريحات الأمريكية الرسمية الأخيرة, بان الكونجرس الأمريكي أعطى الضوء الأخضر لقيادة الكيان الإسرائيلي باجتياح قطاع غزة, وعدم احتجاج أي من الدول العربية والإسلامية والأوروبية الشرقية والغربية , إلا ماندر وبصوت لايرقى لمضمون الاحتجاج على ذلك الضوء الأخضر,, وعلم قيادة الكيان الإسرائيلي أن تلك المعطيات تعتبر غطاء شرعي عدواني شبه كامل لأي عملية اجتياح واسعة لقطاع غزة.
وفق هذا السياق, يبقى التفكير العملي العسكري لدى هيئة أركان دولة الاحتلال, يتركز باتجاهين: " الأول" والاهم في حسابات الربح والخسارة, أن يتم وضع اللمسات الأخيرة على خطة الاجتياح وفقا لتلك المعطيات سالفة الذكر,بان تكون احتمالات الخسارة في صفوف جيش الاحتلال في عدوانه على غزة ضئيل جدا, وضمان أن تلبي تلك الخطة الهجومية للاجتياح, مطلب الحسم والجراحة السريعة, لأنه وكما هو معروف استراتيجيا وسيكولوجيا, فان قوات الاحتلال لاتقوا على حرب استنزاف طويلة الأمد, وكذلك لاتحتمل الخسارة البشرية الكبيرة بين جنودها, وبالتالي فان قصر المدة الزمنية للجراحة العدوانية العسكرية الصهيونية,يساعد على تفادي ارتفاع صوت الاحتجاجات والضغط الدولي, الذي من شانه عرقلة سير عملية الاجتياح الشامل, وإرباك القيادة العسكرية,"الثاني" , فسيتم التركيز على تجنيب الأهالي المواطنين المدنيين العُزل, من اجل تفادي الاحتجاج لاستكمال السيطرة, وفي نفس الوقت, من اجل ضمان عزل المقاومة, كي لاتصبح الكتل البشرية سواتر تمنع تقدم زحف الاجتياح العسكري, وذلك تفاديا لارتكاب مجازر جماعية كبيرة وسط السكان المدنيين.
التصور العسكري الافتراضي
وعلى ضوء ذلك السياق المفصل, والاجتياح المتوقع, فلنا أن نتصور مخططا صهيونيا عدوانيا مفترضا, لنتصور في المقابل سلوك المقاومة في تلك المواجهة اوادوات الصمود على ضوء تحقيق تقدم بنسبة عالية على تنفيذ الخطوط العريضة للمخطط كالتالي الفرضي:
• تحييد المدنيين وعزل المقاومة
فلو تم توجيه نداءات عبر الإذاعات أو عبر البيانات العسكرية الصهيونية, والتي تلقى من طائرات الموت, للطلب من المواطنين دون تردد أو حسابات وتحت طائلة المسئولية للحفاظ على أرواحهم وأرواح أبنائهم, وفي ساعات السماح المحددة قبل انطلاق شبح العدوان,تجاوزا لحدود الحرب النفسية وبإنذارات محدودة وجدية, أن يتوجه كافة المدنيين ولساعات محدودة ويتركوا منازلهم متجهين صوب الساحل إلى شواطئ البحر, الممتد طولا من رفح جنوبا إلى بيت حانون شمالا, ومعلوم أن كل مدن ومخيمات قطاع غزة هي محاذية للساحل وشاطئ البحر, ولا يحتاج أقصى ساكن على حدودها الشرقية باتجاه الساحل الغربي أكثر من دقائق لا تتجاوز الساعة في حال النفير السلبي وفي حال اخذ الإنذار الصهيوني على محمل الجد, فيصبح حسب الخطة المفترضة في حال نجاحها النسبي ما يمكن أن يقدر ب70_80% من مجموع السكان البالغ عددهم المليون ونصف المليون نسمة, ومع اقتراب نصف المدة وتحت التفجيرات الهوائية الصوتية لطائرات الموت الصهيونية قد يتحقق الإخلاء الطوعي للمدنيين من مساكنهم إلى سواحل البحر((على غرار نهر البارد)) بعيد عن التشبيه التفصيلي, لكنه الوضع الافتراضي لمخطط جحيم الاجتياح.
وفي مثل هذا العدوان الشامل, ورغم أصوات الإدانة العلنية من قبل السلطة الشرعية في رام الله, إلا أنها ستتوجه للأهالي بالنصح حرصا على حياتهم وحياة أبنائهم أن يبتعدوا عن ميادين المواجهة وساحة العمليات, وهذا ربما يبرر من منطلق حس المسئولية لان زحف الاجتياح, لن يلتفت إلى أي نداءات لا فلسطينية ولا عربية ولا دولية.
• حرب نفسية لضرب وحدة جبهة المقاومة
وزياد في التصور الافتراضي,وليس بالضرورة أن يكون مطابقا للواقع,إلا أننا نضطر أحيانا لان نفكر بعقلية الخصم المعتدي, حتى نتلمس طرق الخلاص, وأفضل وأنجع السبل للمواجهة بحال اختلال موازين القوة العسكرية,وربما لايكون التصور عمليا قابل للتطبيق بسهولة القول والتحذير, إلا أننا وفق هذا التصور الافتراضي ضع مايمكن أن يتخيله عقل محل المجازفة والمغامرة لقادة الكيان الإسرائيلي,ففي حال النجاح النسبي لتحييد المواطنين وإبعادهم عن مسرح العمليات, فيتبع أو يضمن النداء والتحذير لتعلوا وتيرة الحرب النفسية, المرافقة لها بعض فعاليات الإرهاب قبل بدء الاجتياح,وذلك للنيل من استعداد قوات المقاومة للمواجهة, كأن يوجه للمقاومة نداء مرفق أو منفرد, لفصائل المقاومة كي ينجوا بأنفسهم, بان يلقوا بأسلحتهم ويندمجوا مع الحشود الساحلية كمنطقة شريطية آمنة تحت سيطرة وكثافة الزوارق الحربية العدوانية على امتداد شاطئ البحر جنوبا وشمالا, أو حتى تخصيص وتحديد بعض المراكز والمؤسسات كالملاعب الرياضية المراقبة جوا من طائرات العدو كي تلجأ إليها المقاومة التي قد لاتختار المواجهة فرضا.
• تحييد سلاح المتفجرات الأرضية كأهم أسلحة الردع لدى المقاومة
وضمن هذا التصور الافتراضي, فيما لو حدثت هرولة جماعية مدنية إلى شاطئ البحر, قبل أن تثبت لهم قوات العدوان مصداقية التهديد العدائي, بضرب إحدى المدن أو المخيمات التي لم تلبي النداء التحذيري, وتعج بمئات أو آلاف فرسان المقاومة, فيسري الخبر المرعب كالهشيم لباقي المدن والمخيمات في الساعات الأولى للعدوان, ويتحقق الإخلاء, في مثل هذه الحالة تنكشف قوة المقاومة المتمترسة في الأزقة وسواتر البنايات والخنادق الداخلية, استعدادا للمواجهة الحية مع المشاة من جنود العدو.
وحسب التصور المفترض, وقبل تحرك سلاح الدروع الصهيوني الدموي, يفترض أن يكون المخطط قد حدد خطوط عبور تلك الآليات المدرعة, والتي ستكون في طليعة المشاة كدرع واقي في المواجهة البرية الميدانية, فيفترض أن تكون جميع الطرق المؤدية إلى مراكز المدن والمخيمات, مزروعة بأكبر قدر من الألغام والمتفجرات الأرضية, والتي من شانها تدمير اكبر قدر من الآليات المهاجمة, مما يكشف فلول المشاة ويجعلهم تحت مرمى نيران المقاومة بكل سواترها, لتنزل بهم خسائر فادحة في الأرواح, من شانها خلق إرباك لخطط التقدم فيضطرون للتقهقر, وسط جحيم الانفجاريات الأرضية الضخمة,,فيكون التصور الافتراضي لحسابات العدو لمثل تلك الشراك والكمائن,وبعد تنفيذ الخطوة الأولى وخلو المباني المحاذية للطرقات الملغمة من المدنيين السكان, فيستبق سلاح الجو الصهيوني في أشرس هجمة تطهير أرضية تسبق تحرك سلاح الدروع,ليستبق الاجتياح البري, من الشرق إلى الغرب, وبطرق متعرجة والتفافية, تعلم المقاومة أن العدو الذي احتل غزة عشرات السنين خبير بها, مع العلم أن أطول مسافة على خطوط العرض شرقا وغربا , تتراوح مابين 8_ 12 كلم عرضا على امتداد طولي لقطاع غزة يبلغ 42 كم طولا, ويتم اختيار اقصر الطرق الالتفافية للاجتياح والسيطرة, فتكون مهمة سلاح جو العدو الاستباقية, تدمير تلك الطرق وكل الإنشاءات المحاذية لها, بصواريخ تطال عمق الأرض بما فيها من أرصفة, فتفجر مآتم زراعته من عبوات وسط الطريق وعلى قارعتها, فتصبح الأرض وعرة, لا تصلح إلا لسير آليات عملاقة وجنود تدربوا وسط الجبال والأماكن الوعرة, كل هذه الخطوات حسب المخطط والتصور الافتراضي, قبل انطلاق القوات الأرضية المحمية بسقف محموم من طائرات الاباتشي والطائرات الحربية, التي ستستهدف أي أهداف متحركة للمقاومة التي ستواجه دروع المشاة من آليات مشاة, وحاملات جند, يتم مواجهتها بمضادات الهاون وقذائف أل R.B.J , وبالتالي يكون السباق المحموم مع الزمن, وسط قصف جوي من طائرات العدو, وارضي من فوهات مدفعية الآليات المتقدمة بشكل مكثف, قد يطال عشرات التجمعات العمرانية وسط المخيم والمدينة, للرد بقوة على مصادر النيران ومحاولة إخمادها, والتحرك المحموم الذي قد يحدده العدو المغتر بقوته كما جاء سابقا على لسان أعلى سلم لقيادة هيئة أركان العدو, بان العملية لن تستغرق أكثر من ساعة للوصول إلى مراكز السيطرة في المدن والمخيمات, فإذا ما نجحت قوات الاجتياح العدواني على تحييد المدنيين وتجريد المقاومة من سلاح الألغام والعبوات الناسفة الأرضية, وتحجيم قدرة المقاومة على التحرك بين شوارع المدن والمخيمات, فان ذلك مؤكد سيحد من هامش المناورة للمقاومة الفلسطينية بعد تجريدها من العمق البشري والرادع الأرضي الحاسم والذي ربما يتم رصده بواسطة التكنولوجيا الجوية المتطورة, أثناء الزراعة الأرضية, فيكون لديهم مسبقا خارطة بالألغام الأرضية التي يسهل التعامل معها, كل هذا يجعل من موقع وموقف المقاومة شبه متأزما, ويعزز مقدرة العدو على إحكام السيطرة الميدانية الداخلية.
كل هذا التصور الافتراضي حسب عقلية العدو وفلسفة الاغترار بالقوة, سيكون أهم المحددات له والذي يؤثر على عوامل الربح والخسارة, والحسم, وزمن السيطرة, وإمكانيات التراجع, سيكون العامل الجماهيري هو الفيصل في تحديد معالم المخطط الافتراضي, ففي حال عدم الامتثال للتحذيرات البيانية الصهيونية في أول خطوات الحرب النفسية, وعدم تغير الموقف الشعبي, فيما لو وصل لمسامع أهالي المدن والمخيمات أو شاهدوا بعض الجرائم والمجازر وسط المدن والمخيمات, لإجبارهم على تنفيذ المخطط, ففي حال الصمود وامتصاص الهجمة النفسية والإجرامية الأولى, تتغير كل الحسابات, ولا نقول بان العدو قد يتراجع عن قرار اجتياحه العدواني, إنما هو بحاجة إلى قرارات عليا وميدانية, لمواجهة حسابات مخالفة لحساباته, قد تتطلب وحشية ودموية ليست بجديدة على تاريخ المجازر الصهيونية.
• المواجهة الميدانية وحرب الشوارع
وعلى فرض تم تحقيق تقدم سريع وسارت الأمور كما خطط لها, فستبدأ بعد ذلك المواجهة الميدانية وحرب الشوارع الشرسة, بين المقاومة التي ستعتبر بعد ذلك الجحيم من الضربات الأولى, ووصول عشرات الآيات وآلاف الجنود إلى مراكز المدن والمخيمات, فتبدأ معركة من بيت إلى بيت, تستخدم فيها كل الأسلحة الخفيفة مع مواقع دفاعية للمقاومة أو حراك سريع هجومي, لان أي أسلحة ثقيلة يمكن رصدها من الغطاء الجوي الصهيوني سيتم قصفها, وأي مصادر نيران من إحدى التجمعات العمرانية سيتم تدميرها.
وبهذا التصور يمكن استباق التفكير والتخطيط الذي من الممكن أن تتناوله العقول العسكرية الصهيونية, أو ما شابه هذا التصور الافتراضي, كي تضع المقاومة خططها في أصعب الأحوال وأحلك الظروف, بناء على مثل هذه المعطيات الافتراضية, والتصور الافتراضي, والمخطط الافتراضي المحتمل, لتشكل مشهدا افتراضيا يمكن تخيله مسبقا تفاديا لعامل المفاجئة وسط المعركة لغير صالح المقاومة وصمودها:
والسؤال الذي يطرح نفسه هنا, هل تستطيع فصائل المقاومة وفي ظل الأوضاع الوطنية المشحونة في غزة, أن تملك اللغة الحاسمة والفاعلة لإقناع الجماهير الفلسطينية, فيما لو طلب منها التوجه إلى شاطئ البحر؟ أن تصمد وتبقى درعا واقيا يحتضن المقاومة؟؟؟؟
وهل تحسب المقاومة حساب لمثل ذلك مخطط إجرامي؟؟ وتستبق المخطط والتصور الافتراضي الذي يمكن أن يكون واقعا, أو ما شابه ذلك, وتخلق قاعدة متينة للتواصل واستعادة ثقة الجماهير المحبطة المهانة, كي تلتف خلف مقاومتها في نفس الخندق؟؟؟؟
أم ستستبعد المقاومة مثل هذا التصور الخيالي, وتفيق على حالة الانكشاف فيما لو تم التفكير بمثل هذا المخطط؟؟؟؟
هل وصل كادر المقاومة العسكري, بعيدا عن تجهيزات التسلح, وصولا إلى سلاح العقول العسكرية, إلى التفكير بمستوى, يتجاوز تقليدية المواجهة؟ وعنترية الشعار الملتهب؟ كي يفكروا مليا بكيفية إدارة القوة المتاحة, في ظل عدم التوازن, ومحاولة إعداد الميدان بالمخططات والخطط البديلة, وخطط الاستدراج, متجاوزين شعار حرق الأرض وجعلها مقبرة للغزاة؟؟؟
هل يرقى تفكير ومخطط العمليات إلى تجهيز خطط إستراتيجية, وسط الميدان المكشوف للعدو, بحيث يكون الإعدادات المكشوفة ماهي إلا طعم وشراك, ومن ثم استخدام خارطة مفاجئات قد تُذهل العدو, الذي لم يتحسب إلا لمواجهة تقليدية؟؟؟
الاتجاه المعاكس وقارب النجاة بالحوار قبل الدمار
فيما لو افترضنا جدلا بإمكانية حدوث مثل هذا المخطط الصهيوني الإجرامي, أو ماشابه ذلك, وإذا ما اتخذ قرار رسمي بالاجتياح؟ أليس حري بنا أن نبحث عن طوق نجاة وطني بعيدا عن التشدد بوهم استمرار الانقلاب والفصل بين أوصال الوطن, وبعيدا عن وهم إمكانية بقاء الوضع على ماهو عليه, وإمكانية موافقة دولة الكيان على جعل غزة برميل بارود سينفجر يوما طال الزمن أم قصر في وجهها, على أن يستمر على حال معادلته التالية خاصة فيما لو حدث تطور على مسار الوضع السياسي, أليس حري بنا أن نستبق ذلك الاجتياح المدمر, بفتح أبواب الحوار بعيدا عن واقعية التفاوض تحت أمر الانقلاب الواقع, فشروط الرئيس أبو مازن ليس تعجيزية, بل مطية آمنة وبنية صافية, فكل يوم نعرف هذا الرجل بأنه على قدر عالي من الحس بالمسئولية الوطنية, وما عهدناه إلا داعية وحدة ووئام, لا فرقة وتطرف وخصام, فليست شروطه إلا حصن أمان للبدء بحوار وطني جاد قبل الطوفان, وبذلك نستبق بوابات الجحيم والدمار, أو على الأقل استباق التفرد الصهيوني لاستثمار استمرار حالة الحصار والانقسام, والمراهنة على إمكانية الحياد الطوعي للجماهير, وبعض قوى المقاومة الساكنة, بان نستبق أي تصور افتراضي لمخطط اجتياحي بات يزحف نحو دائرة الضوء الفعلي, جبهة داخلية موحدة ليست أمرا مستحيلا رغم مانجم عن ذلك الانقلاب العبثي ألعدمي من مآسي, كي يصبح المخطط العدواني الاستثماري مستحيلا؟؟؟؟؟!!!
لقد حذرنا سابقا منذ إرهاصات الفتنة الأولى, وقبل تدمير قواعد الثقة, ودك قلاع الوحدة الوطنية, حذرنا من ساعة الصفر قبل الانفجار, وكان ذلك بلقاء مطول لقراءة تطور الأوضاع في صحيفة(إيلاف) وكتبنا العديد من المقالات مهللين ومكبرين ومتضرعين إلى الله أن يقينا شر الفتنة والانفجار,لكنه العناد والتطرف والحسابات الخاطئة, وذهبت تحذيراتنا وصراخنا الوطني أدراج الرياح, كمن يصرخ في صحراء العدم, ووسط معشر الصم جراء رفض الآخر واللهث خلف كرسي يسقط جبال الأرصدة الوطنية, ويستبدلها بعفن عنوانه, (لو دامت لغيركم ما وصلت إليكم), وناديت إذ أسمعت حيا ولا حياة لم ن تنادي, واستعنا على الشقاء بالله,الجميع ركب رأسه , ورأسه وألف سيف ليطيح بخصومه السياسيين, وكانت مطية الفئوية البغيضة وقانون التطرف الحزبي الادغالي, مدعاة للوقوع في المحظور, ومدعاة لتوقع الكارثة الدموية الوطنية التي وقعت وحدثت الطامة الوطنية الكبرى كما قرانا معطياتها وليتنا أصبنا بالغباء في تلك القراءة وحدث عكس ذلك المتوقع.
فهل تُسمع نداءاتنا من جديد , قبل انفلات لجام طوفان الإجرام الصهيوني القادم إلى غزة لا محالة, وفي ظل أوضاع من التفسخ والحقد والكره الوطني, الذي من شانه جعل مخططات الاجتياح يسيرة رغم الشعارات الهادرة التي تطال أعنان السماء, بان غزة ستحرق الغزاة وتكون مقابرهم, بان غزة ستلتهب من شمالها لجنوبها, بان الإقدام على تفكير باجتياح غزة سيكون له تداعيات , لن تقف عند حدود غزة, ونكتشف بعد فوات الأوان إن أي شعار يتجاوز النسيج الوطني الشامل, واللحمة الوطنية انطلاقا من قاعدة عودة الاستثناء للعدو الرئيسي الصهيوني, وليس الإخوة الأعداء, ونكتشف دون جدوى إن القوة الضخمة التي نمتلكها دون خندق مقاومة واحد بحاضنة جماهيرية صلبة, هو شعارات استهلاكية تتناقض مع الواقع المعاش,لان الافتقار إلى جبهة موحدة متحابة متآلفة تتجاوز المأساة, جبهة غير نازفة جراء السيطرة القهرية والقمع الداخلي,, وما دون ذلك فهو العدم الوطني, وفيه معطيات انهيار تلك المواجهات.
لذلك فان الدين النصيحة, وان كان تصوري الافتراضي سيعتقد البعض انه خرافة وبعيد عن الواقع, في حين إن عدونا قد كان له تجربة مسبقة ولو جزئية للمثل تلك خطوات منذ عدوان حزيران 67 وقد شاهدت صورة مشابهة وأنا طفل بالكاد يتدحرج لهثا خلف الفارين من هول الحرب المستعرة, وتجميع الرجال في المراكز, وعندما اشتد عودي وقبل رحلة النضال العسكري والاعتقال, كنت يوما بين من سيقوا بالمئات والآلاف إلى سواحل البحر تحت سطوة القوة الصهيونية, وشاهدت بأم عيني في مخيم الشاطئ كيف هي المواجهة في الشوارع, واشتباكات الفدائيين مع قطعان قوات الاجتياح والاحتلال الصهيوني, فلا استبعد أي تصور افتراضي, وشرحي المتواضع هنا من واقع تجربتي العسكرية وطموحاتي الوطنية, التي ديست كما ديست نضالات ودماء الشهداء بقسوة غلاة الفتنة الدموية الوطنية, ومن منطلق وطني متجرد غير متحزب ورغم الآلام التي تعصف بكياناتنا, ادعوا إلى تدارك الخطر, وان تنفض حركة حماس يدها من غزة, وتستنكف عن الانقلاب, وتستجيب لدعوة الرجل الصادق الوطني- الرئيس أبو مازن, ولعل حماس لامست صدقه وعدم تطرفه الحزبي أكثر من الجميع, ليبدأ حوار جاد فبديل الحوار دمار, والفتنة والسيطرة واستمرار الإصرار على الانقلاب, معركة الجميع فيها خاسر, والرابح الوحيد هو العدو والاحتلال المتربص.
اللهم إني بلغت,, اللهم فاشهد,, اللهم إني بلغت,,اللهم فاشهد,,اللهم إني بلغت,, اللهم فاشهد,,,,,,,,,,,,, والله من وراء القصد.
#سعيد_موسى (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟