|
مش دورك يا أبو جيمي
أحمد حسنين الحسنية
الحوار المتمدن-العدد: 2086 - 2007 / 11 / 1 - 10:40
المحور:
اليسار , الديمقراطية والعلمانية في مصر والسودان
إعلان السيد الرئيس أبو جيمي عن دخول، أو بالأحرى ضرورة دخول، مصر عصر الطاقة النووية، لا يدخل ذمتي بقرش صاغ واحد، ذلك إن الدوافع المعلنة، و التي تهلل لها وسائل الإعلام الرسمية، لا يمكن أن أصدق أنها صادرة و بصدق عن سيادته. فالدافع الأول المعلن هو إكتشاف سيادته، و مع بقية الجوقة الحاكمة، أن مصر تحتاج إلى مصادر أخرى للطاقة غير التقليدية، أي غير الغاز و مشتقات النفط، و هو إن كان يعبر عن حقيقة فعلية، نظراً لفقر مصر في مصادر إنتاج البترول على وجه الخصوص، و تصدير معظم الإنتاج المصري من الغاز للأسواق الخارجية، إلا أن يأتي هذا التخوف على مستقبل مصر من شخصه، فهذا ما لا أصدقه أبداً. أين كان سيادته منذ أكثر من خمسة و عشرين عاماً، بل حتى منذ عشرة أعوام؟؟؟ ألم يعلم أن الإحتياطات المصرية من الوقود الحفري سوف تستنفذ إذا إستمرت وتيرة الإستخراج على نفس المنوال، و عدم تعويض ذلك بإكتشافات جديدة تفوق، أو على الأقل توازي، المستخرج؟؟؟ هل كان سيادته يصدق تصريحات وزير البترول السابق البنبي، الذي كان يخرج كل فترة بتصريح عن إكشاف بترولي كبير، تلك التصريحات التي لو كنا صدقناها، لظننا أن مصر تعوم على بحيرة بترولية ضخمة، تجعلنا في مصاف الجزيرة العربية و العراق، أو حتى نيجيريا أو المكسيك؟؟؟ أما الدافع الثاني من تلك التصريحات، و إن لم يعلن رسميا، و لكن تبنته وسائل الإعلام النظامية بالإشارة و التلميح، فهو الرغبة في توفير خبرات نووية مصرية، في عصر أصبحت منطقة الشرق الأوسط معبئة بالأنشطة النووية، على إختلاف الغرض من تلك الأنشطة، و الإحساس الشعبي المصري بتدهور المكانة المصرية. أيضا مثل الهدف الأول، لا يمكن الإختلاف على ذلك، فمصر، بتاريخها و إمكاناتها البشرية، و مكانتها التي يجب أن تشغلها، من الضروري أن تملك مثل تلك الخبرات، دون شرط الدخول في مجال التسليح النووي، فمن حق مصر، مثلها مثل أي دولة موقعة على المعاهدات المانعة للتسليح النووي، أن تملك المعرفة و الخبرة، مثلما لها الحق في إستخدام تلك المعرفة في توفير الطاقة بتكلفة معقولة. المشكلة هي أيضا إنه من الصعوبة بمكان تصديق أن سيادة الرئيس أبو جيمي، قد تغير فجأة و أصبح يملك هذا الشعور الوطني الجارف، و هو الذي تدهورت على يديه مكانة مصر، و سمح لدول مثل تركيا، و دولة آل سعود، في الشرق الأوسط، و نيجيريا و جنوب أفريقيا، في أفريقيا، بإقتسام النفوذ المصري؟؟؟ فالحديث هو عن رئيس شغل منصبه لأكثر من ربع قرن، و ليس لأربعة أو ثمانية أعوام، لهذا لا يمكن التعلل بأنه يصحح الأوضاع السابقة، فالأطفال الذين كانوا يوم تولى الحكم يلعبون في المدارس، أصبحوا اليوم أباء، و من كان عمره، على سبيل المثال، خمسة و عشرين عاما، أصبح اليوم فوق خمسين. ثم أليس هو من أوقف البرنامج النووي المصري، تحت ضغوط أجنبية، في بدايات عهده؟؟؟ أليس من حقنا أن نحاسبه اليوم على الخطأ الفادح الذي إرتكبه، و الذي إعترف به ضمنيا هذه الأيام، حين قرر العودة للبرنامج الذي أوقفه بتعمد منذ ربع قرن؟؟؟ لقد حكم سيادته دون أي إستراتيجية واضحة المعالم، و دون أي خطة مرسومة تحدد التفاصيل الدقيقة لتحقيق تلك الإستراتيجية. الإستراتيجية الوحيدة لسيادته كانت هي البقاء في الحكم لأطول مدة ممكنة، ثم تطورت بعد ذلك، و منذ أكثر من عقد، إلى توريث هذا الحكم، بعد الإطمئنان على بقائه فيه، مع نهب أكبر كم ممكن من ثروة هذا الشعب. كيف لي إذاً أن أصدق صدق تلك الدوافع التي حركت سيادته؟ كيف لي أن أصدق خوفه على إقتصاد مصر، و هو من دمره، و باع ما نجا من تدميره؟ كيف لي أن أصدق أنه أصبح ذلك الزعيم الذي يخاف على مكانة الوطن، و كرامة شعبه، و هو الذي مرمغ تلك الكرامة في الوحل، و لم يؤمن يوماً بأن لمصر مكانة رفيعة يجب أن تشغلها، و أن للشعب المصري، و لكل مواطن مصري، كرامة يجب أن تصان؟ ففي عهده الأغبر أصبحت كلمة مصري تعني شخص عرضة للإهانة و الإعتداء دون خوف العقاب، و أصبح التعدي على كرامتنا، كمصريين، يتم في عقر دارنا، و الأمثلة أكثر من أن تعد، و في ذاكرة كل مواطن مصري مثال. أبو جيمي يحاول اليوم - بعد أن بلغ الشعور الوطني المصري درجة من الإحباط و الغضب، على التدهور المستمر لمكانة مصر، و التعدي مستمر على كرامة المواطنين المصريين، مصحوب ذلك بتدهور فظيع في الإقتصاد المصري، يلمسه المواطن كل يوم - أن يعلب دور الزعيم الوطني الحق، الذي يخشى على مصالح وطنه، و ينظر للمستقبل فيعمل له، حتى لو كان يعتقد إنه لن يرى ثمار عمله، و لديه غيره على سمعة وطنه، و لا يقبل المساس بكرامة أبناء هذا الوطن. لقد أراد سيادته أن يلعب دوراً ليس له، و لا يناسب إمكانته و شخصيته، و لا يدعمه في ذلك تاريخ شخصي حافل بالإنجازات. إن أقصى دور يمكن أن يشغله سيادته، هو دور البصمجي، الذي يبصم على كل ما تطلب الولايات المتحدة، و آل سعود و تركيا، و أي قوة إقليمية أو عالمية. و أقصى عمل له هو الجلوس مع أعضاء أسرته لبحث ما تبقى من ثروة مصر، لبيعها، و التداول من خاصته في كيفية إبقاء رأس الشعب المصري تحت الحذاء. دور الزعامة و الوطنية ليس لك يا أبو جيمي، مثلما ليس لجيمي أيضاً.
#أحمد_حسنين_الحسنية (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
قانون الخروف الأسود، هل سيطبق على جرائم الكراهية؟؟؟
-
موافقة آل مبارك على الإجتياح التركي، قصة تكرار الخطأ
-
من سيقود القطاع المصري المسيحي في الثورة القادمة؟؟؟
-
الثورة مسألة وقت فحسب
-
سيخرج الأزهريون أيضا
-
هذا هو حزب كل مصر
-
يد بندر في موسوعة الأرقام القياسية
-
لا تسمحوا لهم بإخافتكم من الثورة
-
إدعموا الفانوس المصري الأصيل في هذه الحرب الثقافية
-
يجب رحيل الإحتلال السعودي أولاً
-
نريد مسلمين كالطيور لا السلاحف
-
تهانينا لوائل عباس و تضامنا مع إبراهيم عيسى و الدستور
-
موسم القتل بدأ، فهل أنتم منتظرين؟؟؟
-
إنها تقدير للإبداع و الشجاعة و لفت للإنتباه
-
يا سحرة السلطة، الإخوان ليسوا بتلك القوة
-
اللهم لا تميته الأن، اللهم دعنا نثأر لأنفسنا أولاً
-
نعم تصادميين، و هل كان غاندي إلا تصادمي؟
-
الكراهية في الصغر كالنقش على الحجر
-
من وراء جريدة الدستور؟؟؟
-
ثم هرع إلى بوش يستغيث به
المزيد.....
-
-ذي تلغراف-: الولايات المتحدة قد تنشر أسلحة نووية في بريطاني
...
-
-200 ألف جثة خلال 5 سنوات-.. سائق جرافة يتحدث عن دفن الجثث ب
...
-
وليد اللافي لـ RT: البرلمان الليبي انحاز للمصالح السياسية وا
...
-
ميزنتسيف: نشر -أوريشنيك- في بيلاروس كان ردا قسريا على الضغوط
...
-
خوفا من الامتحانات.. طالبة مصرية تقفز من الطابق الرابع بالمد
...
-
ألمانيا وفرنسا وبريطانيا تدعو إيران إلى -التراجع عن تصعيدها
...
-
طهران تجيب عن سؤال الـ 50 مليار دولار.. من سيدفع ديون سوريا
...
-
محكمة مصرية تؤيد سجن المعارض السياسي أحمد طنطاوي لعام وحظر ت
...
-
اشتباكات مسلحة بنابلس وإصابة فلسطيني برصاص الاحتلال قرب رام
...
-
المقابر الجماعية في سوريا.. تأكيد أميركي على ضمان المساءلة
المزيد.....
-
كراسات التحالف الشعبي الاشتراكي (11) التعليم بين مطرقة التسل
...
/ حزب التحالف الشعبي الاشتراكي
-
ثورات منسية.. الصورة الأخرى لتاريخ السودان
/ سيد صديق
-
تساؤلات حول فلسفة العلم و دوره في ثورة الوعي - السودان أنموذ
...
/ عبد الله ميرغني محمد أحمد
-
المثقف العضوي و الثورة
/ عبد الله ميرغني محمد أحمد
-
الناصرية فى الثورة المضادة
/ عادل العمري
-
العوامل المباشرة لهزيمة مصر في 1967
/ عادل العمري
-
المراكز التجارية، الثقافة الاستهلاكية وإعادة صياغة الفضاء ال
...
/ منى أباظة
-
لماذا لم تسقط بعد؟ مراجعة لدروس الثورة السودانية
/ مزن النّيل
-
عن أصول الوضع الراهن وآفاق الحراك الثوري في مصر
/ مجموعة النداء بالتغيير
-
قرار رفع أسعار الكهرباء في مصر ( 2 ) ابحث عن الديون وشروط ال
...
/ إلهامي الميرغني
المزيد.....
|