مؤيد عبد الستار
الحوار المتمدن-العدد: 2084 - 2007 / 10 / 30 - 10:24
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
افتعل الجيش التركي ازمة حول حزب العمال الكردستاني واستثمر احداثا بسيطة ليلقي بثقله في معركة كبيرة ضد مجموعات من الحزب تتخذ من اعالي الجبال الحدودية ملاذا لها ، وكان بامكان الحكومة التركية التوصل الى حلول عملية من خلال التفاوض وتطويق الاحداث التي حصلت بوساطة حكام الولايات في ديار بكر وهكارى والسلطات المحلية ، لكن الجيش التركي استغل الاحداث ونقل حالة التوتر من داخل تركيا الى تهديد للعراق والتلويح بدخول قواته الى داخل الاراضي العراقية ، كي يحصل على مبرر في تحويل قضية محلية الى قضية دولية ، ويحصل على تفويض من البرلمان للمشاركة بفرقه العسكرية الجرارة ، بدلا من ترك الامر للحكومة المدنية لمعالجة الامر بجهود وزارة الداخلية والدبلوماسية لوزارة الخارجية .
ان الجيش التركي يحاول بتدخله في السياسة عرقلة التطور الديمقراطي الذي بدأ ينمو في تركيا بمساهمة من الاحزاب السياسية والمؤسسات المدنية ، وبضغوط من دول المجموعة الاوربية التي فرضت مجموعة من القوانين على تركيا كي تتأهل لعضوية الوحدة الاوربية ، ولما كان رجب طيب اردوغان الذي فاز في الانتخابات الاخيرة يحاول الحصول على حقه في السلطة السياسية واخضاع الجيش للمؤسسات المدنية ، فان قادة الجيش والعسكريتاريا التركية التي ادمنت الاساليب البالية في التعامل مع المدنيين والقوى السياسية والاحزاب الوطنية والمواطنين من الشعوب الاخرى ، والتي عرفت بالاستعلاء والغطرسة الفارغة والبزات العسكرية المرصعة بالنياشين اللماعة ، باتت تخشى من تطور القوى السياسية والشعوب التركية ، ودخول ممثلي الشعوب الى البرلمان وارتفاع الاصوات الليبرالية في المطالبة بالمزيد من الحريات والحقوق المدنية والسياسية . كل تلك التطورات دعت الجيش التركي الى اقتناص فرصة الاخطاء التي ارتكبها حزب العمال الكردستاني والقفز على خشبة المسرح بكل ثقله ، والا هل يتطلب الامر هذه القوات التي تربو على مائة الف عسكري ومشاركة الطيران والمدفعية ، في التعامل مع احداث بسيطة قد تحدث على حدود أية دولة من دول العالم الثالث ؟
ان مصير الجيش التركي لن يكون افضل من جيوش العالم الثالث التي سبقته الى الزوال ، فالعولمة والنظام العالمي الجديد ، وحاجة تركيا الى دخول مجموعة الوحدة الاوربية ، وتداخل الاقتصاد التركي مع الاقتصاد الاوربي لن يسمح باعالة الاف الرتب العسكرية الطفيلية التي لا تقوم باي شيء سوى اثارة الازمات والقلاقل والحروب والمعارك الخاسرة هنا وهناك .
ومثلما تعرض اليوم قضية ابادة الارمن على المؤتمرات الدولية ، سياتي اليوم الذي يحاكم فيه هؤلاء الجنرالات الحمقى على ما اقترفوه بحق شعوبهم والشعوب الاخرى من مآسي وتنكيل وابادة .
#مؤيد_عبد_الستار (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟