|
تخلف الأحزاب عن طبيعة الصراع الوطني يفاقم العنصرية والإستعمار
المنصور جعفر
(Al-mansour Jaafar)
الحوار المتمدن-العدد: 2084 - 2007 / 10 / 30 - 10:33
المحور:
اليسار , الديمقراطية والعلمانية في مصر والسودان
في ما شمل بعض المغالطات والأخطاء التاريخية والسياسية أصدر العدد الغالب من أحزاب السودان (الخرطوم) بياناً سمي حول "أزمة الوطن" وإحتفى عنوان البيان بثلاثة لاءات قاطعة وردت فيه ضد الحرب، وضد التمزق، وضد الوصاية الأجنبية. ودعى البيان إلى حل شامل للأزمة الوطنية وتحقيق ذلك الحل بمؤتمر جامع شامل وإنتخابات عامة تحف بهما جملة من الإجراءات الديمقراطية لم يحدد أسبقية أي منها أو كيفية تحقيقها. وجوه الخطأ: أوضح هذه المغالطات والأخطاء التاريخية والسياسية القاتلة في هذا الوقت العصيب في السودان والعالم ماثلة في التصور الذي أظهره البيان بأن الأزمات الوطنية هي مسألة خلافية أو (مشكلة) تحل بإجراء إتفاقات سياسية وإئتمارات وتشكيل حكومة إنتقال شاملة تنفذ بدقة الإتفاقات -التي تصاغ بصورة عامة- حيث تمهد هذه الحكومة الإنتقالية بإجراءها الإنتخابات لتحولات أكثر تقدماً: وهذا ما لم يحصل في تاريخ السودان أو في تاريخ أي دولة في العالم: فالأزمات الوطنية بجذورها الطبقية وأشكالها المختلفة في التاريخ كان ولم يزل حسمها يتم نضالاً وحرباً لمصلحة هذا الطرف أو ذاك ثم بعد ذلك يأتي دور السياسة الحزبية لإجراء الأمور جهة هذه المصلحة الطبقية أو تلك بما يتناسب غالباً مع الطبيعة الطبقية-الثقافية للقوى المنتصرة في الحرب أو المسيطرة على الحكم من بعدها. فلا توجد أزمة وطنية في التاريخ حلت بمصالحة وتفاهم فردي بين بعض القادة السياسيين دون نضال أو حرب.
ووجه الغلط السياسي في هذه الدعوى وبيانها هو تقدير إن الأزمة الوطنية هي نتيجة إنفرادات سياسية ليبرالية أو بيروقراطية في تاريخ الحكم في السودان علمانياً كان أو إسلامياً وتخيل إن (حلها) كان نتيجة إتفاق وتصالح عام مع الذات ومع الهموم الشعبية مع إن كل التحولات البارزة في تاريخ السودان كانت نتيجة نضالات(متشعبة) نقابية وعسكرية وحزبية. لم يتحقق فيها إجماع واحد، ليس فقط لطبيعة العملية السياسية وإدارتها للمصالح بل للطبيعة الطبقية والعنصرية للأزمة الوطنية، التي شكلت هذه الإنفرادات وجعلت الأحلاف السياسية مرهونة بالمصالح الطبقية والعنصرية لزعاماتها وسيطرة دوائرها الحاكمة المحلية والدولية
الوجه الأنجع لحل الأزمة الوطنية: التسليم بأن أزمة الوطن ترتبط بإنفراد طبقي- عنصري بأمور الحكم والثروة، وإن حلها يتصل بنضال شامل متعدد الوجوه ومتنوع في المجالات الثقافية والنقابية والعسكرية والجماهيرية والحزبية، ضد هذا الإنفراد الطبقي- العنصري، وإن حركة هذا النضال لاتكمن في قرار حزبي فوقي بإعتماد شكل واحد للنضال دون الأشكال الأخرى وهو الشكل الحزبي البرلماني والتثبت به خاصةً بعدما تأكد تلكوء كل الأحزاب الحاكمة في تنفيذ كل الإتفاقات والمواثيق الممهورة في تاريخ السودان وتنصلها المريع من وعودها وعهودها السياسية بالجُملة وبالقطعة.
"لا" واحدة تكفي: لاءات الخرطوم الثلاث رغم موسيقاها العاطفية السياسية تناقض نفسها حد النشاذ: فكيف ترفض الأحزاب الموقعة على البيان حرب المقاومة الآن وهي بفضلها وفضل العنف السياسي لهذه المقاومة تتمتع هذه الأحزاب بثمرات مختلفة في السلطات الثلاثة للدولة؟ وكيف ترفض (العودة) إلي الحرب وأغلبها لم يمارسها إلا بصورة رمزيةً ؟ وكيف تتخيل الأحزاب نهاية العنف خيالاً وهو لم يزل حياً جارياً في أنحاء السودان يدفع به بعض أهلهم عنف وظلم بعضهم الآخر؟ فإن كان قلق الأحزاب من التشرزم المحيق بحركات المقاومة فهو مما يحتاج إلى نضم وإلى تنظيم وتنسيق قد تنجح فيه كوادر الأحزاب المنصرفة عنه مع توجه الجنوب إلى الإستقلال إلى مناشدة وإستسماح حكومة الإنقلاب العسكري بفتح مجرى أو عقد ندوة أوإصدار صحيفة أو إجراء إنتخابات.
عشم الأحزاب في الوحدة والإستقلالية الشعبية والوطنية لا يتحقق بقرارات من الدولة أو بقرارات من الأحزاب بالتوالي مع الشكل البرلماني للرأسمالية ضداً لمصالح كل المضرورين من دولتها التي إمتدت لمآئة سنة ونيف في السودان، كما لا يتحقق جبر الأمور بقرارات دولية مع أو ضد أو بقرارات مضادة لها من الأحزاب التي كثيراً ما ناشدت المجتمع الدولي التدخل. فما يكرس السلام العادل ويحفظ الوحدة والإستقلالية الشعبية والوطنية هو حل الأزمة الرئيسة الطبقية-العنصرية مما لا ينجز بقرارات تصدرها الأحزاب في الخرطوم بل تقررها فعلاً حالة الشعب في كل إقليم حسب معاناته وقواه ومصالحه وقدراته أما إجراء الإنتخابات في ظل عدم التوازن القائم طبقيةً وعنصريةً فلن يؤدي إلا إلى تكرار الأشكال الليبرالية للميز الطبقي والعنصري بما يفتح الطريق لا للميز بخيرات النفط والذهب واليورانيوم ووظائفهم بل يقود إلى جهنم الصراعات جزئية والثنائية المنحدرة من أصلها الطبقي الإقتصادي الإجتماعي الثقافي إلى الأشكال العنصرية سواء كان ذلك تحت الإدارة المحلية للإستعمار الحديث أو تحت الإدارة الأجنبية المباشرة لما سماه البيان "المصلحة الوطنية العليا"
الأنجع من لاءآت الخرطوم: الأنجع من لاءات الخرطوم هو ضفر النضال الإقليمي والنقابي وحركات نضال كادحي الريف وحركات نضال كادحي المدن ونضمهما بصورة حزبية وسياسية مناسبة لتنوع وتنسيق أشكال النضال في "لا" نظرية وعملية كبرى لإسقاط السلطة الحاضرة وإقامة نظام لإشتراك الناس في السلطة والثروة إشتراكية فعالة متقدمة، فبدون هذه الإشتراكية في السلطة والثروة يزيد التركز والتهميش وتزيد معه العنصرية والقابلية للإستعمار الخارجي المباشر بعد عهود طويلة مريرة من حكم الإستعمار الحديث وتوكيلاته المحلية الليبرالية والبيروقراطية العلمانية والإسلامية والبين بين.
#المنصور_جعفر (هاشتاغ)
Al-mansour_Jaafar#
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
حُمرة أنغام الخريف
-
نقاط في تاريخ الماسونية... من السودان وإليه
-
عن أزمة النظام الرأسمالي ودولته السودانية في الجنوب
-
التأميم والمصادرة ضرورة للوحدة والتنمية ومكافحة العنصرية
-
الكلمات المتقاطعة والطرق الفرعية
-
شذرات
-
أطلقوا سراح البلد
-
نقاط من تاريخ الثقافة الرأسمالية في بريطانيا، بعض تفاعلات ال
...
-
دراسة لأحد ملخصات المناقشة العامة
-
الأزمة العالمية و الأزمة السودانية في دارفور
-
أهمية العملية الثورية في تكريب القيادة وأهمية القيادة في تكر
...
-
مشارق الأنوار... نقاط عن الحركة الإسماعيلية وجماعات إخوان ال
...
-
ثلاثة أسئلة
-
الماركسية الجديدة وصناعة تجميد الإشتراكية في القالب الفطير ل
...
-
مشروع دراسة: -نقاط في تاريخ أمريكا الجنوبية وبعض المعالم الس
...
-
بعد إعدام صدام، أهناك سبيل لقيام جبهة وطنية بين أحزاب الكورد
...
-
الحزب الشيوعي العراقي والنضال المسلح ضد الإحتلال الأمريكي ال
...
-
الحوار المسلح
-
نقد عقلية -جرِب حظك- في تقويم وجود الحزب وافكاره
-
في رحاب الأنفال الصليبية .....له الجلال ... قائدنا القتيل مي
...
المزيد.....
-
الأنشطة الموازية للخطة التعليمية.. أي مهارات يكتسبها التلامي
...
-
-من سيناديني ماما الآن؟-.. أم فلسطينية تودّع أطفالها الثلاثة
...
-
اختبار سمع عن بُعد للمقيمين في الأراضي الفلسطينية
-
تجدد الغارات على الضاحية الجنوبية لبيروت، ومقتل إسرائيلي بعد
...
-
صواريخ بعيدة المدى.. تصعيد جديد في الحرب الروسية الأوكرانية
...
-
الدفاع المدني بغزة: 412 من عناصرنا بين قتيل ومصاب ومعتقل وتد
...
-
هجوم إسرائيلي على مصر بسبب الحوثيين
-
الدفاع الصينية: على واشنطن الإسراع في تصحيح أخطائها
-
إدارة بايدن -تشطب- ديونا مستحقة على كييف.. وترسل لها ألغاما
...
-
كيف تعرف ما إذا كنت مراقبًا من خلال كاميرا هاتفك؟
المزيد.....
-
كراسات التحالف الشعبي الاشتراكي (11) التعليم بين مطرقة التسل
...
/ حزب التحالف الشعبي الاشتراكي
-
ثورات منسية.. الصورة الأخرى لتاريخ السودان
/ سيد صديق
-
تساؤلات حول فلسفة العلم و دوره في ثورة الوعي - السودان أنموذ
...
/ عبد الله ميرغني محمد أحمد
-
المثقف العضوي و الثورة
/ عبد الله ميرغني محمد أحمد
-
الناصرية فى الثورة المضادة
/ عادل العمري
-
العوامل المباشرة لهزيمة مصر في 1967
/ عادل العمري
-
المراكز التجارية، الثقافة الاستهلاكية وإعادة صياغة الفضاء ال
...
/ منى أباظة
-
لماذا لم تسقط بعد؟ مراجعة لدروس الثورة السودانية
/ مزن النّيل
-
عن أصول الوضع الراهن وآفاق الحراك الثوري في مصر
/ مجموعة النداء بالتغيير
-
قرار رفع أسعار الكهرباء في مصر ( 2 ) ابحث عن الديون وشروط ال
...
/ إلهامي الميرغني
المزيد.....
|