أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات - مهدي النجار - السهروردي قتيل الاشراق














المزيد.....

السهروردي قتيل الاشراق


مهدي النجار

الحوار المتمدن-العدد: 2081 - 2007 / 10 / 27 - 12:11
المحور: دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات
    


"اننا متجردون من حيث لامكان"

حين استقر ذلك الشاب المهاجر من اسيا الصغرى، الذي يُدعى السهروردي (شهاب الدين يحيى بن حبش بن اميرك السهروردي 1153 – 1191 ) في ارض حلب، سرعان ما خلبت تعاليمه وارائه افئدة الناس فانتشرت بينهم انتشاراً مقلقاً لا مثيل له، تلك الاراء التي اشار اليها بروكلمان في تاريخه بانها اراء غنوصية (عرفانية) قائمة على اساس الافلاطونية الجديدة والفيثاغورية الجديدة والتي تقول بان ثمة نوراً روحياً يتخلَّل الكون كاشراق لدنيّ هو جوهر الاشياء جميعاً، وبمعنى اخر ووفق اعتقاد السهروردي: ان النور هو مبدأ الوجود الوحيد واصل كل الاشياء وان الله هو نور الانوار. وما الظلمة الا انحدار الوجود عن المبدأ- النور، وكلما انحدر هذا الوجود اتجه نحو الظلمة، لذا كان الهدف الاسمى (او القيمة العليا) للانسان هو ان يترقى صعوداً حتى يتلاشى في مصدر الانوار ويفنى، وبهذا الاتجاه افترق شيخ الاشراق(السهروردي) عن ثنائيات الفلسفات الشرقية، النور/ والظلمة، الخير/ والشر، الجنة/ والنار، العقاب/ والثواب...ورغم شخصيته القلقة المفعمة بالتوتر وعدم الاستقرار الا انه استوعب تلك الفلسفات جيداً في اطار اسلامي، استوعبها بمختلف اشكالها وتجلياتها وفي مختلف ازمنتها وبيئاتها وانه بهذا الاستيعاب وهذا الوعي افترق عنها وبنى مذهبه التصوفي الاشراقي، لذلك كما يقول حسين مروَّة: "فان الحركة الاشراقية مذ ظهرت في اطار التصوف الاسلامي وجدت في السهروردي المقتول منظماً لنظريتها المتكاملة". ورغم تفرده وخصوصيته وتجربته الروحية الذاتية

فانه ينتمي الى ذلك الاتجاه المشترك لدى الصوفية الاسلامية الذين يعتبرون الاشراق ينتج عن الفيضان الشاعري الروحي او كما يعرف ابو الوفا التفتازاني الاشراق بقوله: "حدوث الالهامات من الله للصوفي بطريقة مباشرة، وعلى باطنه او قلبه" ولم يجدوا هؤلاء القوم راحة ضمن جلودهم فهم كانوا دائماً يحلقون في سماء واسعة من الروحانية خارج الاطر التقليدية للشعائر والطقوس الدينية المعروفة، خرجوا من قبضة السائد ومن قتامة الواقع واكراهاته التي لا تطاق وارتفعوا بمجازاتهم الشاعرية واشاراتهم الرمزية وخيالاتهم الرطبة الى سماء صافية ومثالية مجنحَّة، كان السهروردي واحداً من هؤلاء القوم الفريدين، كان يفكر بصوت الحق الذي في داخله، صوت متوحد لاينخرط ببغائية الجوقة فكان لابد من كتمان السر مثلما كان على العاشقين ان يكتموا هواهم الا ان السهروردي عجز عن ذلك فوجد نفسه متجهاً الى البوح:
ابداً تحنُّ اليكم الارواح ووصالكم ريحانها والراح
وقلوب اهل ودادكم تشتاقكم والى لذيذ لقائكم ترتاح
وارحمتا للعاشقين تكلفوا ستر المحبة والهوى فضاح
بالسر ان باحوا تباح دماؤهم وكذا دماء العاشقين تباح
لقد جاهرالسهروردي وباح بالسر الصوفي، باح بقدرة الله المطلقة فكان لزاماً ان تباح دمه حسب قوانين العشق، ولكن مااهونه من عقاب عند من لا هدف له سوى التخلص من الظلمة والابحار في النور: لا تظنوني باني ميت ليس ذا الميت والله انا
انا عصفور وهذا قفصي طرت فيه فتخلى رهنا ولابد من الاشارة ان بنية المجتمع الاسلامي انذاك كانت من الهشاشة والتمزق بحيث انها لا تحتمل التنوع او الاختلاف، فكما نجحت مساعي البطانة المتملقة من الفقهاء في بغداد في استصدار حكم السلطة بقتل الحلاج (الحسين بن منصور قتل سنة 922 ) ) وحرقه وذرّ رماده في دجلة، نجحت المساعي هنا ،في حلب، في مصادرة صوت السهروردي وتصفيته جسدياً فقد وقعت جريمة القتل ولم يكن له من العمر يومذاك 38 عاماً، الاانه ترك ورائه صفاً ممتازاً من الاعمال: ( مؤنس العشاق/ هياكل النور/ البارقات الالهية/ المناجيات/ حكمة الاشراق/ اعتقاد الحكماء/ رسالة النمل وصفير سيمرغ ....) ويذكر الباحث قاسم محمد عباس في كتابه " نصوص اشراقية" بان "حلب شهدت محاكمته واعدامه حيث دعا الملك الظاهر الفقهاء الى مناظرة السهروردي فافحم الفقهاء الذين ناظروه واظهرهم في موقع لا يحسدون عليه.... وفي مناظرة اخرى علنية في مسجد حلب ساله بعضهم هل يقدر الله ان يخلق نبياً اخر بعد محمد صلى الله عليه وسلم، فاجاب السهروردي: " لا حد لقدرته" فعمدوا الى تاويل كلامه واعلنوا كفره وطالبوا باعدامه" ويختلف اغلب الباحثين في طريقة قتل السهروردي؛ فذكر بعضهم انه خُيرَّ في كيفية قتله، فاختار ان يموت جوعاً لانه كانت له عادة في الرياضة، فَمُنِع عنه الطعام حتى تُلف، ومنهم من يذهب الى انه قُتل بالسيف، واخرون انه اُحرق وبعضهم قال انه خُنق بوتر، نحن لا نعرف بالضبط كيف تمت تصفية هذا السهروردي ولكننا نتفق مع بول ايلوار حين كان يقول: " ان كل مياه البحر لا تكفي لغسل نقطة دم واحدة من كاتب يسقط قتيل افكاره" وكل ما نستطيع ان نفعله هو البحث ثم البحث عن اوصاله بين الحطام، حطام الزمن والغبار والتاريخ الرسمي المريب الذي كتبه المنتصرون واصحاب السيوف، التاريخ الموبوء بالاحقاد والاكاذيب والتزويرات.



#مهدي_النجار (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- سيبويه رائحة التفاح
- صالح بن عبد القدوس
- بَشَّارُ بن بُردٍ قتيل الهوى قتيل التمرد
- التوحيدي فيلسوف الادباء
- ملاحظات حول بسط التجربة النبوية/اطروحة المفكر الايراني عبد ا ...
- سلطة الله وسلطة البشر
- اهل الكهف والصحوة الاسلامية
- التدين العقلاني
- لماذايندرج الشباب في تيارات العنف
- الزمان العجائبي في سرديات الطبري
- المشروطية والمستبدة
- الفعل الحضاري
- محنة العقل:العفيف الاخضر نموذجا
- محنة العقل :العفيف الاخضر نموذجا
- تصحيح التصورات حول المراة
- الانهيار الحزين
- الورقة الرابعة:المثقف الاشكالي بين نارين
- الورقة الثالثة/اسرار الكتب المسروقة
- الورقة الثانية:مدارات العتمة
- اوراق مستحيلة في زمن الخراب


المزيد.....




- الجمهوريون يحذرون.. جلسات استماع مات غيتز قد تكون أسوأ من -ج ...
- روسيا تطلق أول صاروخ باليستي عابر للقارات على أوكرانيا منذ ب ...
- للمرة السابعة في عام.. ثوران بركان في شبه جزيرة ريكيانيس بآي ...
- ميقاتي: مصرّون رغم الظروف على إحياء ذكرى الاستقلال
- الدفاع الروسية تعلن القضاء على 150 عسكريا أوكرانيا في كورسك ...
- السيسي يوجه رسالة من مقر القيادة الاستراتجية للجيش
- موسكو تعلن انتهاء موسم الملاحة النهرية لهذا العام
- هنغاريا تنشر نظام دفاع جوي على الحدود مع أوكرانيا بعد قرار ب ...
- سوريا .. علماء الآثار يكتشفون أقدم أبجدية في مقبرة قديمة (صو ...
- إسرائيل.. إصدار لائحة اتهام ضد المتحدث باسم مكتب نتنياهو بتس ...


المزيد.....

- الانسان في فجر الحضارة / مالك ابوعليا
- مسألة أصل ثقافات العصر الحجري في شمال القسم الأوروبي من الات ... / مالك ابوعليا
- مسرح الطفل وفنتازيا التكوين المعرفي بين الخيال الاسترجاعي وا ... / أبو الحسن سلام
- تاريخ البشرية القديم / مالك ابوعليا
- تراث بحزاني النسخة الاخيرة / ممتاز حسين خلو
- فى الأسطورة العرقية اليهودية / سعيد العليمى
- غورباتشوف والانهيار السوفيتي / دلير زنكنة
- الكيمياء الصوفيّة وصناعة الدُّعاة / نايف سلوم
- الشعر البدوي في مصر قراءة تأويلية / زينب محمد عبد الرحيم
- عبد الله العروي.. المفكر العربي المعاصر / أحمد رباص


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات - مهدي النجار - السهروردي قتيل الاشراق