أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - أحمد الخميسي - من أطلق لرصاص على هند علام .. لكي أشكره ؟














المزيد.....

من أطلق لرصاص على هند علام .. لكي أشكره ؟


أحمد الخميسي

الحوار المتمدن-العدد: 2081 - 2007 / 10 / 27 - 03:15
المحور: الادب والفن
    



السمة العامة للمسلسلات التلفزيونية المصرية في هذا العام هي انفصالها شكلا وموضوعا عن أية هموم حقيقية للناس . وحتى حين يحاول بعض كتابنا الجادين مثل يسري الجندي غزو التلفزيون بنص جيد مثل " من أطلق الرصاص على هند علام ؟ " فإن عقلية السوق ، والحدود المتدنية لثقافة الممثل ، وهيمنة " النجم " وسطوته ، كل ذلك يفسد النص من حيث لا يتوقع المؤلف ويحوله إلي شيء آخر تماما غير وعكس ما أراده الكاتب. ووفقا لحديث يسري الجندي للصحف فإن الفكرة الرئيسية من المسلسل هي – أو كانت - طرح قضية البحث العلمي والجهود التي تبذل للحيلولة بيننا وبين استخدام الطاقة النووية والانتفاع بها. هذا الموضوع الجميل والهام يتحول على يدي نادية الجندي إلي شيء آخر تماما، إذ تصبح نجوميتها ، وملابسها ، وعطورها ، هي الموضوع الأول والأخير الذي يكرس له العمل. ومع أن مصر وصحافتها لم تعرف منذ ربع القرن تحقيقات صحفية " هزت مصر " حسب التعبير الوارد في المسلسل، إلا أن نادية الجندي الصحفية المرموقة في العمل أجرت تلك التحقيقات ! وهي ليست فقط صحفية لامعة، فهي لعلمك أم مثالية أيضا ، وعاشقة للوطن، ومشبعة بالقيم والمبادئ، وكذلك هي الزوجة المخلصة تبحث عن السر وراء مقتل أو اغتيال زوجها عالم الذرة المصري الدكتور عز ! أضف إلي ما سبق قلبها الحنون ودموعها ودلالها ثم صياحها الذي يفاجئ المتفرجين ويزلزل قلوبهم! وخلال بحث نادية عن سر مصرع زوجها يقوم المسلسل برش التوابل السياسية المألوفة فوق الوجبة التلفزيونية كالحديث عن فساد بعض أعضاء مجلس الشعب وعن رجال الأعمال الذين يجهضون أحلام الشباب بسطوتهم، والجهات الأجنبية التي تعرقل بحث هند علام عن الحقيقة. وفي المحصلة النهائية يقدم لنا المسلسل – ليس فكرة الكاتب التي حدثنا عنها – ولكن شخصية امرأة خارقة تواجه وحدها بعون الله الوضع المحلي والعالمي ! وكان من الممكن للمتفرج المسكين أن يبتلع هذه الشخصية السوبر، لأن المكتوب في التلفزيون لازم تشوفه العين ! أقول كان من الممكن حتى لهذه الشخصية أن تمر بقدر بسيط من تعاون المتفرج وتساهله ، لولا أن تركيز المسلسل لم يكن حتى على الشخصية الخارقة ، بل على ملابسها التي تتبدل كل لقطة ، وعلى طريقة سيرها ، ونظراتها ، وكميات الأطعمة الخيالية من حيث الكم والنوع والملقاة في كل ركن ، والموائد الفاخرة ، والسيارات العظيمة ، وحمامات السباحة ، والشواطئ ، والفيلات ، بحيث نأى كل ذلك بشخصية هند علام عن أن تكون قريبة من حياة الناس ولو شكلا ، ولم يعد السؤال لدي المتفرج هو : من الذي يغتال علماء الذرة المصريين ؟ بل أصبح السؤال: أيعقل أن تعيش زوجة عالم حياة مرفهة كتلك ؟ وهل هناك في مصر من يحيا بهذا البذخ وسط الظروف المادية القاسية التي تعاني منها غالبية الناس ؟ وأية حقيقة يمكن للسيدة هند علام أن تبحث عنها ؟ وأي فساد تحاول تعريته وحياتها كلها قطعة من الفساد ؟
في روايته الشهيرة " الأمير الصغير " يقول الكاتب الفرنسي العظيم أنطوان دو سانت إكزيبوري : " لا تزهو على الناس الفقراء بثروتك ، ولا بعلمك على البسطاء " . وللأسف فقد تحول المسلسل المذكور من عرض قضية عامة إلي تباهي مستمر بالملابس والطعام والسيارات والفيلات والمطاعم الفاخرة بحيث لا يبقى للمتفرج سوى الشعور العميق بأن هوة شاسعة تفصله بحياته الصعبة عن تلك الصفوة التي لا تكتفي بترف ولهو حياتها الخالية من هم البحث عن الخبز، بل وتدعي علاوة على ذلك أنها المدافعة عن طموح المجتمع إلي التقدم ! وتظل شخصية هند علام كما قدمها المسلسل غريبة تماما عن حياة وواقع الناس وظروفهم الاجتماعية. ومهما تناثرت من هند علام كلمات عن البحث العلمي، فإن المتفرج يرى أن الهم الأول لتلك المرأة – ليس القضايا العلمية – بل تبديل الملابس والصحو من النوم كل مرة بكامل زينتها ! ولهذا فإنه حين يطلق البعض الرصاص على شخصية النجمة المدللة، فإن المتفرج لا يشعر بأدنى تعاطف معها بل ويسأل نفسه : ترى من أطلق الرصاص على هند علام لكي أشكره ؟ .
***



#أحمد_الخميسي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- من أطلق الرصاص على هند علام ..لكي أشكره ؟
- من الأردن إلي شيكاغو
- سلاطين المماليك وخيال الظل
- روايات الكاتبة الروسية ناتاليا فيكو
- الدولة والإخوان في مصر
- احتباس حراري واجتماعي
- النقد والمجتمع
- ماتروشكا للاستبداد
- أحمد عبد المعطي حجازي وقضية الحرية
- فن الكذب
- التعذيب للجميع .. مشروع قومي
- معبر إلي وطن
- الباب المغلق
- معارك نقدية
- غسان كنفاني .. زهور في حدائق جرداء
- الطريق الشاق نحو الكتابة
- جون شتاينبك ومنطق بيلون
- تحرير متبادل بين حماس وفتح
- تعذيب العقل
- أين أنت أيها التنوير ؟


المزيد.....




- جيل -زد- والأدب.. كاتب مغربي يتحدث عن تجربته في تيك توك وفيس ...
- أدبه ما زال حاضرا.. 51 عاما على رحيل تيسير السبول
- طالبان تحظر هذه الأعمال الأدبية..وتلاحق صور الكائنات الحية
- ظاهرة الدروس الخصوصية.. ترسيخ للفوارق الاجتماعية والثقافية ف ...
- 24ساعه افلام.. تردد روتانا سينما الجديد 2024 على النايل سات ...
- معجب يفاجئ نجما مصريا بطلب غريب في الشارع (فيديو)
- بيع لوحة -إمبراطورية الضوء- السريالية بمبلغ قياسي!
- بشعار -العالم في كتاب-.. انطلاق معرض الكويت الدولي للكتاب في ...
- -الشتاء الأبدي- الروسي يعرض في القاهرة (فيديو)
- حفل إطلاق كتاب -رَحِم العالم.. أمومة عابرة للحدود- للناقدة ش ...


المزيد.....

- مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة / د. أمل درويش
- التلاحم الدلالي والبلاغي في معلقة امريء القيس والأرض اليباب ... / حسين علوان حسين
- التجريب في الرواية والمسرح عند السيد حافظ في عيون كتاب ونقا ... / نواف يونس وآخرون
- دلالة المفارقات الموضوعاتية في أعمال السيد حافظ الروائية - و ... / نادية سعدوني
- المرأة بين التسلط والقهر في مسرح الطفل للسيد حافظ وآخرين / د. راندا حلمى السعيد
- سراب مختلف ألوانه / خالد علي سليفاني
- جماليات الكتابة المسرحية الموجهة للطفل في مسرحية سندس للسيد ... / أمال قندوز - فاطنة بوكركب
- السيد حافظ أيقونة دراما الطفل / د. أحمد محمود أحمد سعيد
- اللغة الشعرية فى مسرح الطفل عند السيد حافظ / صبرينة نصري نجود نصري
- ببليوغرافيا الكاتب السيد الحافظ وأهم أعماله في المسرح والرو ... / السيد حافظ


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - أحمد الخميسي - من أطلق لرصاص على هند علام .. لكي أشكره ؟