أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - زياد جيوسي - صباحكم أجمل رام الله دعيني أحبك أكثر















المزيد.....

صباحكم أجمل رام الله دعيني أحبك أكثر


زياد جيوسي
كاتب واعلامي


الحوار المتمدن-العدد: 2083 - 2007 / 10 / 29 - 11:06
المحور: الادب والفن
    



رام الله.. دعيني أحبك أكثر، في الخامسة صباحاً وما أن أطللت من نافذتي إلا وصدمت عيناي بمرور مجموعة من دوريات الاحتلال، فتعوذت بالله من رؤيتهم وهم يدنسون المدينة في هذا الصباح المبكر، ومع هذا لم تتمكن دورياتهم من منع هديل الحمائم وزقزقة العصافير مع أولى تباشير الفجر، ولم تمنع الندى من أن يحط على نافذتي وشوارع المدينة ليطهرها من دنسهم، وفي السادسة صباحاً خرجت من صومعتي لأجول في طرقات رام الله ودروبها، فمنذ مساء السبت الماضي وبعد عودتي من اجتماع دعت إليه بلدية رام الله مساءً، في لقاء أطلق عليه عنوان "عصف ذهني"، وأنا لم أخرج للشارع في الصباح المبكر، فلم التقي الياسمين ولم أحتضن الشمس في شروقها، فقد انتابني عارض مزعج من الأنفلونزا المتعبة، فبقيت طريح الفراش يشدني الشوق لشوارع مدينتي، لياسمينها وصنوبرها وطيب هوائها، وها أنا أتجاوز الألم وأخرج في الصباح المبكر أمارس عشقي الذي لا يفارقني تجاه هذه المدينة الجميلة، التي تلهب خيالي وتثيره بصور من العشق والجمال، ولم يتوقف أصدقائي عن تقديم الوصفات المختلفة لمقاومة الأنفلونزا، ولعل أطرف وصفة هي ما أرسلها صديقي الشاب الشاعر أسعد المصري فأرسل يقول لي: "زياد.. عليكَ يا صديقي بالهيام، ارتشف طيفك مع كلمات الغرام، قبل و بعد الطعام، نصف دقيقة وربما أقل لتصبح على أحسن ما يرام، هي وصفة مجربة الله وكيلك ليس أي كلام ولك مني أطيب الأماني والسلام.."، فأبتسم وأقول له: وأين مني طيفي وبيني وبينه الحدود وحراب الجند والأسلاك الشائكة يا صديقي..
في الاجتماع الذي دعت إليه البلدية كان هناك نوع من ممارسة العشق لرام الله، فالبلدية ستحتفل في العام القادم بذكرى مرور مائة عام على تأسيسها، ودعت عدد يناهز الخمسين شخصاً للحوار والمناقشة في مقترحات البلدية المقدمة كاقتراحات لبرامج الاحتفال الذي سيكون احتفالاً بالمدينة نفسها، والمؤسف أن عدد الحضور كان بما فيهم ستة أو سبعة من أعضاء البلدية والعاملين فيها، لم يتجاوز العشرين شخصاً، في غياب شبه كامل لكثير من الشخصيات التي تتغنى برام الله في المقابلات المتلفزة، وللمراكز الثقافية باستثناء مركز للفن ونادٍ رياضي واجتماعي، ومن ضمن المدعوين كان هناك ستة اعتذروا عن الحضور لسبب أو آخر، ومن يسجل اعتذراً وكأنه حضر، مقارنة بمن لم يعتذروا ولم يحضروا، فأين رام الله التي تتغنون بها أيها السادة حين تناديكم؟
في جلسة "العصف الذهني" التي دعت إليها البلدية، قدمت البلدية تصورات عن كم من الأهداف والمشاريع، ولعل أهمها مركز وطني للمعارض ومتحف للعلوم، حدائق عامة ومكتبة جديدة وإعادة تأهيل المسرح البلدي، ومتحف للتراث وترميم المواقع الأثرية وإحياء البلدة القديمة، إضافة لعدد كبير من مشاريع البنية التحتية والتطويرية والتي إذا أنجزت خلال السنوات القادمة، فهذا يعني أننا سنحظى برام الله أجمل وأرقى تجعلنا نحبها أكثر.
وفي المقابل جرى حوار على مدى ساعتين بين مجلس البلدية والحضور حول التصورات والاقتراحات، وكانت مبادرة جميلة من مجلس البلدية برئاسة الأخت جانيت الدعوة للحوار مع المواطن والاستماع منه، وقد سجلت تحفظي على مشروع لمبنى متعدد الطبقات ليكون موقفاً للسيارات في مركز المدينة، فما زلت أرى أن هذه المواقف يجب أن تبتعد عن مركز المدينة وأن يحال المركز إلى مناطق للمشاة فقط، ووجود مثل هذا المبنى سيعيق فكرة إغلاق وسط المدينة، ويدفع المواطن للتحرك للمركز بسيارته مما يساهم بزيادة الضغط وأزمة السير بدلاً من حلها، وأيضاً طالبت بما طالبت به سابقاً من حيث ضرورة الاهتمام بالملامح الجمالية للمدينة، فهناك ضرورة لإزالة الخازوق المعدني الذي يلتف حول دوار المنارة، وضرورة لإعادة الساعة لدوار الساعة، وزرع الأشجار ذات الأحجام المقزمة في وسط المدينة وشوارعها التي اجتاح العمران أشجارها، وضرورة اللقاء من خلال المحافظ مع الفصائل السياسية التي ما فتأت صبيتها تعمل على تشويه جدران المدينة وشوارعها بالملصقات والتخطيط بالدهان، بحيث تحولت جدران المدينة والمحلات والبنايات السكنية والتجارية، إلى لوحات مشوهة بلا معنى ولا جمال.
رام الله.. ما أجملك في هذا الصباح الندي الجميل، كم أشتاق إليك وأشعر بالأيام التي مرت وكأنها سنوات، فهذا دأب العشاق إن ابتعدوا عن محبوباتهم، وأنت يا رام الله أجمل الحبيبات وأكثر المعشوقات جمالاً وعذوبة، أخرج بعد احتساء فنجان قهوة, أقف في الشارع أملئ صدري بالهواء المنعش البكر، أهمس صباح الخير يا حبيبتي..صباح الخير يا رام الله..صباح الخير يا وطن.. أسير في الدروب فتهب علي روائح الياسمين المنوع الذي تشتهر به مدينتي, أتأمل العشرات من الزنابق بألوانها المنوعة تملأ الحدائق والممرات, رائحة النعناع تنعش الصدر, أجلس على حافة قصيرة فيفيض الجمال بعينيّ, أتأمل الحورية الباسقة قرب متنـزه رام الله باسماًً: رام الله..لن تجرؤ يدي على نقش اسمك على الحور العتيق, لن أجرح هذه الشجرة التي عرفتها طفلاً وعدت إليها رجلاً في خريف العمر, سأكتفي بنقش اسمكِ في جنبات النفس وآهات الروح.. آه يا رام الله.. إني أراك في خيالي وأحلامي الحبلى بك.. التقيك كموال شجي، وشجن دمعة تمازجت بفرح الرؤى، ورغم هذا افتقدك إلى حد الجنون، فاكتبي إلي بلغتي لنتمازج بحروف اللغة كقطرتي ندى، على ورقة ورد جوري في صباح ندي مبكر، دعينا نلتقي بأشواق مطلقة تنزعنا ولو للحظات، من عالم الوحدة الموحش البارد الذي يلف كلينا.
في الأمس فقط تمكنت من التحامل على نفسي وسرت قليلاً في شوارع المدينة، كانت هناك مسيرة تضامنية مع الأسرى في سجون الاحتلال، وشعرت من واجبي أن أشارك ولو بوقفة قصيرة مع أهالي وعائلات الأسرى، فمن ذاق مرارة السجون يدرك ما معنى التضامن مع الأسرى وعائلاتهم، وفي دوار المنارة وكالعادة في مناسبات رام الله كان التجمع الذي تلته مسيرة قصيرة، وكالعادة أيضاً جاءت تلك الثلة القليلة التي تمتهن الظهور في المسيرات والتجمعات بغض النظر عن أهدافها، فالتقطوا الصور وظهروا في الواجهة أمام الصحافة والإعلام، والقوا بكلماتهم وشعاراتهم، ولم يكلفوا أنفسهم السير في المسيرة حتى لا تتعب أقدامهم المتعبة كأرواحهم أصلاً، ثم غادروا خلسة بعد انفضاض الإعلام، وبقيت عائلات الأسرى وحيدة تحمل صور أسراها، لا يقف معهم إلا المواطنين الذين ينتمون للوطن، وليس لتلك اليافطات التي مل منها الشعب وكفر بها.
صباحك أجمل يا رام الله، صباحك أجمل يا وطن، أعود لصومعتي وطيفي لم يفارق تجوالي، أشرب الشاي بالمريمية الجبلية، أستمع وخيال طيفي لشدو فيروز:
"لا تسألوني ما اسمه حبيبي، أخشى عليكم ضوعة الطيوب، والله لو بحت بأي حرف تكدس الليلك في الدروب، ترونه في ضحكة السواقي، في رفة الفراشة اللعوب، في البحر في تنفس المراعي، وفي غناء كل عندليب، في أدمع الشتاء حين يبكي وفي عطاء الديمة السكوب، محاسن ما ضمها كتاب، ولا ادعتها ريشة الأديب"..
صباحكم أجمل.
زياد جيوسي
رام الله المحتلة 24-10-2007
http://ziadjayyosi1955.maktoobblog.com



#زياد_جيوسي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- صباحكم أجمل ليالٍ وذكريات
- صباحكم أجمل / مركب الريح
- صباحكم أجمل ذهب أيلول والذكريات
- صباحكم أجمل استعادة الروح
- السينما الفلسطينية.. صراع ضد الأمواج
- صباحكم أجمل رمضان ووحدة وذكرى عمّانية
- صباحكم أجمل شمس الأطفال والسينما
- صباحكم أجمل ندى رام الله والأمسيات
- صباحكم أجمل أم -الشرايط-


المزيد.....




- الكوفية: حكاية قماش نسجت الهوية الفلسطينية منذ الثورة الكبرى ...
- رحيل الكوميدي المصري عادل الفار بعد صراع مع المرض
- -ثقوب-.. الفكرة وحدها لا تكفي لصنع فيلم سينمائي
- -قصتنا من دون تشفير-.. رحلة رونالدو في فيلم وثائقي
- مصر.. وفاة الفنان عادل الفار والكشف عن لحظات حياته الأخيرة
- فيلم -سلمى- يوجه تحية للراحل عبداللطيف عبدالحميد من القاهرة ...
- جيل -زد- والأدب.. كاتب مغربي يتحدث عن تجربته في تيك توك وفيس ...
- أدبه ما زال حاضرا.. 51 عاما على رحيل تيسير السبول
- طالبان تحظر هذه الأعمال الأدبية..وتلاحق صور الكائنات الحية
- ظاهرة الدروس الخصوصية.. ترسيخ للفوارق الاجتماعية والثقافية ف ...


المزيد.....

- مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة / د. أمل درويش
- التلاحم الدلالي والبلاغي في معلقة امريء القيس والأرض اليباب ... / حسين علوان حسين
- التجريب في الرواية والمسرح عند السيد حافظ في عيون كتاب ونقا ... / نواف يونس وآخرون
- دلالة المفارقات الموضوعاتية في أعمال السيد حافظ الروائية - و ... / نادية سعدوني
- المرأة بين التسلط والقهر في مسرح الطفل للسيد حافظ وآخرين / د. راندا حلمى السعيد
- سراب مختلف ألوانه / خالد علي سليفاني
- جماليات الكتابة المسرحية الموجهة للطفل في مسرحية سندس للسيد ... / أمال قندوز - فاطنة بوكركب
- السيد حافظ أيقونة دراما الطفل / د. أحمد محمود أحمد سعيد
- اللغة الشعرية فى مسرح الطفل عند السيد حافظ / صبرينة نصري نجود نصري
- ببليوغرافيا الكاتب السيد الحافظ وأهم أعماله في المسرح والرو ... / السيد حافظ


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - زياد جيوسي - صباحكم أجمل رام الله دعيني أحبك أكثر