أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العولمة وتطورات العالم المعاصر - عصام عبدالله - الدولة القمعية















المزيد.....

الدولة القمعية


عصام عبدالله

الحوار المتمدن-العدد: 2080 - 2007 / 10 / 26 - 09:26
المحور: العولمة وتطورات العالم المعاصر
    


أدخلت تطورات العولمة العالم في تفاعلات ومواجهات لم يعرفها من قبل بسبب إسقاطها المستمر لحدود الزمان والمكان. ومع تنامي العولمة بدأت الدولة القومية ترخي قبضتها شيئًا فشيئًا على الاقتصاد والمجتمع، إلى الحد الذي بات يطلق عليها اسم «الدولة الرخوة».
إن تأثير العولمة على سيادة الدولة يتمثل في أن قدرات الدول تتناقص تدريجيًا بدرجات متفاوتة فيما يتعلق بممارسة سيادتها في ضبط عمليات تدفق الأفكار والمعلومات والسلع والأموال والبشر عبر حدودها.
فقد اندفع العديد من المؤسسات متعدية القومية والحدود إلى الساحة الدولية في عقد التسعينيات، والتي لعبت دورًا متزايدًا في الحياة الاقتصادية والسياسية والثقافية، وتمتعت بصلاحيات وقدرة أكبر على التأثير.
ولم يكن نفوذ هذه المؤسسات يتمدد في فراغ، وإنما على حساب «سيادة» الدولة الوطنية والقومية، وعلى حساب الهوية الثقافية والحضارية، وهو ما أوقع اضطرابًا في مجموع وظائف «الدولة»، ومن ثم في مشروعيتها نفسها.
فقد أدت العولمة إلى «مسامية الحدود» مع تضاعف التدفقات من ناحية، وسحب حق استخدام القوة من الدولة وإسناده إلى منظمات دولية، كالأمم المتحدة، ومجلس الأمن من ناحية أخرى.
كما أن تضاعف المعادلات وتنامي الاتفاقيات الدولية (كالجات)، أدى إلى تعديل التشريعات الوطنية، وإعادة تشكيلها في كل ما له تأثير على التبادل، فما يحدد التشريع الآن هو حتمية التكيف مع المنافسة الدولية أكثر منه «إرادة الشعب» في الدول الديمقراطية.
و«إذا كانت الدولة في شكلها الحديث قد ازدهرت في صورة الدولة الحامية، وفرضت نفسها بوصفها إطارًا للتضامن المؤسسي بين: الأغنياء والفقراء، الأصحاء والمرضى، الفاعلين وغير الفاعلين … إلخ، وبذا حلت محل أنواع التضامن التقليدي «كالأسرة»، فإن التدويل واندفاعاته الأساسية بفعل العولمة، وضع الدولة أمام معضلة شديدة التعقيد، إذ تطلبت حتمية المنافسة التحلل من أعباء هذا التضامن ومحاباة بعض الفئات والمناطق المحظوظة من البلاد التي تتوافق مع آليات المنافسة - هكذا أثرت «العولمة» على مشروعية الدولة من أعلى ومن أسفل، فماذا يعني الاقتراع الشعبي (الانتخاب) اليوم، بعد أن سقطت الدولة في حمم القيود والقواعد الدولية» على أن ظهور وانتشار الشركات المتعدية القوميات - Transnational corporation كان له شأو خاص بالنسبة لمفهوم الدولة القومية، وهذه الشركات تختلف في آلياتها وتوجهاتها وأهدافها عن الشركات المتعددة الجنسيات أو القوميات - Multinational corporation، التي تقوم بعمليات إنتاجية كاملة في بلدان غير بلدانها، التي تنطلق من قاعدة قومية محددة، أمريكية أو أوربية أو يابانية، لتمارس نشاطها الإنتاجي والتسويقي على مستوى دولي.
فالشركات المتعدية للقوميات هي أفضل من يعبر عن العولمة اقتصاديًا، إذ أنها لا ترتبط بالبلد الأم أو المنشأ، بل نراها تنقل مقرها الأساسي ببساطة للخارج، حيث الضرائب أقل والخدمات أفضل، ومن ثم فهي شركات ذات طبيعة طفيلية بالنسبة للدولة القومية، ولا تنتمي الواحدة منهما إلى الأخرى أيديولوجيا».
«إن العولمة تتطلب من المشروعات أن تتلون كالحرباء - أن تكون أمريكية في الولايات المتحدة ويابانية في اليابان وفرنسية في فرنسا. فشركة ماكدونالد، وهي شركة مطاعم أنشئت في الولايات المتحدة في أبريل 1955، واحدة من المشروعات العالمية النادرة التي تقدم في كل مطاعمها نفس الأطعمة الخاصة بها مع عمليات تكييف تناسب الأذواق المحلية. ويمكن تقديم ماكدونالد باعتبارها اتحادًا فيدراليًا كل مؤسسة فيه مستقلة ولكنها تبرم مع الشركة الأم عقدًا يتضمن التزامات إجبارية للغاية» .
يقول مؤلفا كتاب «فخ العولمة» - بيتر مارتن وشومان - في هذا الصدد عن طفيلية الشركات المتعدية للقوميات: «أن بضائعها تنقل عبر الطرق وسكك الحديد المحمولة من قبل الحكومة؛ والعاملين لديها يرسلون أبناءهم إلى المدارس العمومية وقادتها الإداريون يمتعون أنفسهم بما تقدمه المسارح ودور الأوبرا الحكومية (في الغرب) من عروض.
إلا أنها، مع هذا، لا تشارك في تمويل هذه أو تلك من المرافق العامة، إلا من خلال الضرائب المفروضة على دخول ما لديها من عمال ومستخدمين، ومن خلال الضرائب المفروضة على ما يستهلكه هؤلاء العمال والمستخدمين من بضائع.
ولما كانت دخول العمال المأجورين أيضًا تميل إلى الانخفاض بفعل المنافسة، وبما أن الدولة قد حملت أصلاً هؤلاء العاملين أعباء مالية تفوق طاقتهم على التحمل، صارت الدولة أيضًا ترزح تحت أعباء أزمات مالية هيكيلية متتالية.
إن الموازنات الحكومية باتت تخضع للتيار نفسه، الجارف نحو الأسفل، الذي تخضع له دخول السكان أيضًا. ويحدث هذا كله في وقت يطالب فيه السكان حكوماتهم في المجتمعات الصناعية المتقدمة بالنهوض بأعباء متزايدة. فالطرق التكنولوجية جعلت صيانة البنية التحتية متزايدة الكلفة باستمرار.
من ناحية أخرى، يحتم تلوث البيئة عمليات إصلاح واسعة جدًا. وبما أن السكان أصبحوا يعمرون مدة أطول، تزايد الإنفاق على المرافق الطبية وعلى الرواتب التقاعدية.
وبناءً على ذلك كله، ليس بوسع المسؤولين السياسيين، في الكثير من الحالات، سوى الحد من الإنفاق الحكومي على كل تلك المجالات والمرافق التي ليس ثمة لوبي يدافع عنها، أعني الحد من الإنفاق الحكومي على نظام الرعاية الاجتماعية والمرافق الثقافية والخدمات العامة - ابتداء من أحواض السباحة وانتهاء بالمدارس والجامعات.
على هذا النحو تتحول الدول إلى مؤسسات تنفذ إعادة توزيع الثروة والدخل القوميين من الفئات الموجودة في أدنى السلم الاجتماعي إلى الفئات الموجودة في قمته».
فقد أدي التحول الحاصل في بنية الاقتصاد العالمي إلى تحول جوهري في دور «الدولة» ومن ثم مفهومها التقليدي، إذ أن انفلات رأس المال ماديًا وأيديولوجيًا من قاعدته القومية، يفرز مؤسسات اقتصادية وحقوقية ما فوق قومية تخدم مصالح رأس المال (المالي) الدولي المنفلت من عقاله. وبدلاً من أن يؤدي ذلك إلى انحلال أو اضمحلال «الدولة»، وإن كانت تعيش حالة عامة من التراجع والانحسار، تبرز الدولة وأهميتها من جديد، باعتبارها ضرورة للطبقات المسيطرة (لقمع) أولئك الذين يسوء وضعهم فيتمردون على النظام الدولي الجديد في الداخل أو الخارج.
وقد كان تزايد أهمية الدور القمعي الداخلي والخارجي للدولة الرأسمالية واضحًا في ضرب الاحتجاجات المناهضة للعولمة في واشنطن وسياتل وغيرها.
«فإذا لم يعد بالإمكان، سياسيًا، وضع حد للضغط الفوضوي الناجم عن الأسواق المتكاملة، فإنه لابد من مكافحة النتائج بأساليب قمعية، الأمر الذي يعني أن الدولة المتسلطة ستغدو الرد المناسب على عجز «السيادة» عن التحكم في الاقتصاد».
من هنا فإن الدولة ستنفي صفتها «القومية»، لتؤكد صفتها «السلطوية» كدولة، من خلال ممارسة دورها الجديد. مما يعني أن الدولة القومية في ظل «العولمة» لن تنحل أو تضمحل، ولكنها سوف تكف عن أن تكون دولة قومية أو وطنية.



#عصام_عبدالله (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- شعار التنوير
- الأسس الفلسفية لليبرالية
- مسائل تخص العقل والإيمان
- أليست فكرة جديرة بالتمثل ؟
- ماذا بقي من الدولة ؟
- آخر .. ما بعد الحداثة
- دين حقوق الإنسان
- العنف والحق الطبيعي (3)
- العنف والحق الطبيعي (2)
- العنف والحق الطبيعي (1)
- مشروعية العنف
- محور مفاهيم الحداثة
- دوامة العنف الكوني
- دين الفلاسفة
- هوبز المفتري عليه
- اللا مفكر فيه .. عربيا
- نقد التسامح الخالص
- قاضي العالم الأعلي
- أزمة الحداثة
- الأخلاق والدين


المزيد.....




- كيف يرى الأميركيون ترشيحات ترامب للمناصب الحكومية؟
- -نيويورك تايمز-: المهاجرون في الولايات المتحدة يستعدون للترح ...
- الإمارات تعتقل ثلاثة أشخاص بشبهة مقتل حاخام إسرائيلي في ظروف ...
- حزب الله يمطر إسرائيل بالصواريخ والضاحية الجنوبية تتعرض لقصف ...
- محادثات -نووية- جديدة.. إيران تسابق الزمن بتكتيك -خطير-
- لماذا كثفت إسرائيل وحزب الله الهجمات المتبادلة؟
- خبراء عسكريون يدرسون حطام صاروخ -أوريشنيك- في أوكرانيا
- النيجر تطالب الاتحاد الأوروبي بسحب سفيره الحالي وتغييره في أ ...
- أكبر عدد في يوم واحد.. -حزب الله- ينشر -الحصاد اليومي- لعملي ...
- -هروب مستوطنين وآثار دمار واندلاع حرائق-.. -حزب الله- يعرض م ...


المزيد.....

- النتائج الايتيقية والجمالية لما بعد الحداثة أو نزيف الخطاب ف ... / زهير الخويلدي
- قضايا جيوستراتيجية / مرزوق الحلالي
- ثلاثة صيغ للنظرية الجديدة ( مخطوطات ) ....تنتظر دار النشر ال ... / حسين عجيب
- الكتاب السادس _ المخطوط الكامل ( جاهز للنشر ) / حسين عجيب
- التآكل الخفي لهيمنة الدولار: عوامل التنويع النشطة وصعود احتي ... / محمود الصباغ
- هل الانسان الحالي ذكي أم غبي ؟ _ النص الكامل / حسين عجيب
- الهجرة والثقافة والهوية: حالة مصر / أيمن زهري
- المثقف السياسي بين تصفية السلطة و حاجة الواقع / عادل عبدالله
- الخطوط العريضة لعلم المستقبل للبشرية / زهير الخويلدي
- ما المقصود بفلسفة الذهن؟ / زهير الخويلدي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العولمة وتطورات العالم المعاصر - عصام عبدالله - الدولة القمعية