أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - عبد العزيز الخاطر - الوعى الحقيقى والوعى الزائف














المزيد.....


الوعى الحقيقى والوعى الزائف


عبد العزيز الخاطر

الحوار المتمدن-العدد: 2080 - 2007 / 10 / 26 - 09:13
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
    


هل تحولت علاقاتنا الى ما يشبه العلاقات بين الأشياء ؟ هل أصبح الناس يعتبرون بعضهم البعض موضعاً للتبادل ؟ بعيداً عن العلاقة الإنسانية ومركزيتها ؟ الأدبيات الماركسية أتت على ذلك وأفرزت مصطلحاً أسمته " التشيؤ " صكه المجري لوكاتش استناداً الى مصطلح ماركس " التسليع " أو توثن السلعة بمعنى تحويلها الى وثن يعُبد . هل أصبحت علاقاتنا نحن الذين لم نخرج بعد من طور المجتمع التقليدي البسيط الى ما يشبه ذلك ؟ نحن الذين لم نتعدى بعد مرحلة البداوة سواء الفعلية منها أو الفكرية . هل نحن نختار وجودنا اليوم أم يختاره الآخرون هل نحن نحدد علاقاتنا اليوم أو يحددها الآخرون نتيجة هذا " التشيؤ " ألم تتحول العلاقة الإنسانية وبورصة ارتفاعها وهبوطها وتصبح مرتبطة برقم أو رصيد في البنك إلا فيما ندر ألم يتبنى الواحد منا مواقف تملئ عليه ويقفز الى الشائع من الأقوال دون تمحيص أنه الوجود الزائف كما يراه " هايدغر " لأنه لا يحقق ذاته وأنما ينضم الى ذوات الآخرين أنه الخوف الذى يعيشه إنسان هذا العصر في ظل تحوله الى شئ والى مجرد موضعاً للتبادل في العلاقة السوقية . السؤال الآن ماذا لو نجح العلم في الاستنساخ الى أعلى درجة بحيث يصبح بالإمكان إنتاج بشر لحاجة السوق وحركته فقط وإتلاف الباقي كيف سيصبح مصيرنا نحن الأشياء .هل يحتاجنا السوق ؟ أن أول ميكانيزم دفاع كان الهروب الى المرجعيات الأولى كالقبيلة الطائفة والعشيرة ، تبدو كملاذ كذلك ولكنها سرعان ما تصطدم بطوفان السوق وآلياته وتتحول هي كذلك الى أشياء قابله للمقايضة والتبادل . لقد أمتلك السوق أدوات تدميرية كفيله بالإتيان عليها لكي لا تقف أمام عملية التبادل والأخذ والقبض أذا لم يكن عن طريق الآخر المغاير فمن داخلها ومن بين عناصرها ونرى ذلك عيان فالصراعات في معظمها طائفية قبلية عشائرية دينية وفي جلها كذلك بينية . فلا غرابة أذن أن يهرب إنسان هذا العصر الى الأجواء البعيدة سواء الأرياف لدى الغير أو الصحراء والبادية كما لدينا لقد أصبح ذلك ضرورة لا مناص منها أن ينشد إنسانيته ويريد بناء ذاته المهدورة أمام مادة تريد تحويله الى جزء لا يتجزأ منها . هناك في الصحراء الماء يخرج صافياً تكاد تشم فيه رائحة الأرض قبل أن تغزوه الكيماويات ومواد التحلية . هناك تخرج الشمس في شروقها حانية لطيفة لا تغطيها أدخنه المصانع وغبار المداخن العالية . هناك تسمع ثغاء الأغنام وخوار البقر قبل أن يصاب بالجنون وتغريد البلابل والطيور قبل أن تصل إليها أنفلونزا الطيور ، الأطفال يولدون في البادية بصراح عال طبيعي دون أنابيب أو حليب النيدو ، الليل يأتي بكل الحكايات والقصص التي تجعل منه سكناً ليكون النهار القادم كله معاشاً ملئ بالثقة والنفس وبفعل الخير . لقد كان ذلك واقعاً في عقود قليلة مضت في دولنا الخليجية بالذات ولا يحتاج المرء للخروج الى البادية وأطرافها التي تكاد اليوم أن تختفي كذلك تحت هجوم مدن الحديد والاسمنت ، في ذلك الحين كل شئ كان صافياً حتى المصطلحات كانت واضحة كانت الخيانة خيانة والرشوة رشوه ولم يتحولا بعد الى شطاره وإكرامية والكذب لم يتحول بعد الى مؤسسة حتى الهزائم لم تنسنا ولم تفقدنا الأمل لأنها لم تكن من الداخل فالداخل كان صافياً كذلك ، كان الاجتماع حول مذياع البيت لتتبع أخبار الأمة وليس لإخبار البورصة أو الربح الفردي وكان الاستماع الى ألاغان التي ترفع من الروح المعنوية ومن الذائقة السمعية في نفس الوقت حتى العاطفية منها . فإذا كان ثمة سرور فأنه للجميع وأن كان ثمة حزن وآسى فاللجميع كذلك . ماذا يمكن أن نقول لأطفال وأولاد اليوم بعد كل هذا التشظي والتلوث السمعي والبصري الذى يحط من قدر الإنسان وقيمته هل من وسيلة لحمايتهم من ذلك والهواء يتسلل من جدران المنازل وستائر غرف النوم حيث يحمل الإسفاف بجميع مواصفاته المادية والمعنوية عبر قنوات العري المادي والمعنوي كذلك ؟ هل نقول لهم أن عصرنا كان أفضل من عصرهم المعاش ؟ أليس في ذلك نرجسية . أم نقول لهم أنهم غير محظوظين و هل يملكون لذلك دفعاً . هل كان آباؤنا وأجدادنا يشفقون علينا من رؤية التلفزيون وسماع المذياع لأول مرة في أيامنا الخالية قياساً لعصرهم السابق حيث الحقيقة يمثلها وجود الإنسان فقط حيث لا تكفي صورته أو سماع صوته ؟ ولكن هل ثمة أسوأ من أن يتحول الإنسان الى شئ مجرد شئ أو موضعاً للتبادل ؟ ثمة فرق بين وجودنا الحقيقي بالأمس ووجودنا الزائف اليوم حيث مشيئة وإرادة القطيع. قد لا يستطيع الإنسان عمل الكثير أمام تصاريف الزمن ولكن له كل الحق في التحسر والألم حين يذهب ا الزمن بوجوده الحقيقي ويحوله الى شئ مجرد شئ . له الحق كذلك أن يتساءل عن سر اختفاء ذلك الوجود . . . . . يالهفاً أين غاب .



#عبد_العزيز_الخاطر (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- قانون المرورالجديد واخلاقيات المهبه
- الوعى الزائف لجيل الامس
- انسان الخليج النفطى
- الاصطفاف خلف صنمية النص
- تناقض سافر:شكل الدوله الحديث ونمط العلاقات المتخلف
- دولة الرفاه وروشتتها السحريه
- روح المجتمع خط الدفاع الاخير
- امريكا تعيد العالم الى الطور الدينى
- ازمة الطبقه الوسطى فى دول الخليج
- الحياه تبدا بعد السلطه
- أمم هاربة .الاستحقاق الحضاري….. وهروب الأمم
- الحاجه الى انسنة العلاقات
- وعى الهزيمه وهزيمة الوعى
- شاعر المليون ووهم اللغه
- قضايا المواطن عندما يعبر عنها بما يشبه النباح
- العقيده وغلبة الاجتماعى على الددينى
- بين بذور المجتمع المدنى وطوفان الدوله
- حوار المذاهب الاسلاميه من النخبويه الى التاميم
- ثنائيه الدنيا والاخره
- السلطه العربيه استعصاء تاريخى على الفهم


المزيد.....




- مجلس الوزراء السعودي يوافق على -سلم رواتب الوظائف الهندسية-. ...
- إقلاع أول رحلة من مطار دمشق الدولي بعد سقوط نظام الأسد
- صيادون أمريكيون يصطادون دبا من أعلى شجرة ليسقط على أحدهم ويق ...
- الخارجية الروسية تؤكد طرح قضية الهجوم الإرهابي على كيريلوف ف ...
- سفير تركيا في مصر يرد على مشاركة بلاده في إسقاط بشار الأسد
- ماذا نعرف عن جزيرة مايوت التي رفضت الانضمام إلى الدول العربي ...
- مجلس الأمن يطالب بعملية سياسية -جامعة- في سوريا وروسيا أول ا ...
- أصول بمليارات الدولارات .. أين اختفت أموال عائلة الأسد؟
- كيف تحافظ على صحة دماغك وتقي نفسك من الخرف؟
- الجيش الإسرائيلي: إصابة سائق حافلة إسرائيلي برصاص فلسطينيين ...


المزيد.....

- تداولية المسؤولية الأخلاقية / زهير الخويلدي
- كتاب رينيه ديكارت، خطاب حول المنهج / زهير الخويلدي
- معالجة القضايا الاجتماعية بواسطة المقاربات العلمية / زهير الخويلدي
- الثقافة تحجب المعنى أومعضلة الترجمة في البلاد العربية الإسلا ... / قاسم المحبشي
- الفلسفة القديمة وفلسفة العصور الوسطى ( الاقطاعية )والفلسفة ا ... / غازي الصوراني
- حقوق الإنسان من سقراط إلى ماركس / محمد الهلالي
- حقوق الإنسان من منظور نقدي / محمد الهلالي وخديجة رياضي
- فلسفات تسائل حياتنا / محمد الهلالي
- المُعاناة، المَعنى، العِناية/ مقالة ضد تبرير الشر / ياسين الحاج صالح
- الحلم جنين الواقع -الجزء التاسع / كريمة سلام


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - عبد العزيز الخاطر - الوعى الحقيقى والوعى الزائف