سعيد موسى
الحوار المتمدن-العدد: 2080 - 2007 / 10 / 26 - 05:22
المحور:
القضية الفلسطينية
((مابين السطور))
لعله سؤال لم يخطر على بال الكثيرون,بسبب تركيز الضوء على نتائج الحدث الانقلابي الغير متوقع بهذا الشكل والحجم,وبقي الضوء بفعل فاعل مسلط على أسباب ومعطيات ليست بالأسباب ولا المعطيات الحقيقية والمنطقية, والتي تفرز مثل هذه النتيجة الدامية, وإذا كان هناك في الخفاء مخططات وترتيبات مسبقة لما حدث ولا اشك في ذلك, خاصة إذا ما وقف لاعبون كبار وبعلم أهل الدار لما سيحدث وحدث, فإننا نسلط غير الضوء التقليدي أشعة تحليلية تحت الحمراء, لقراءة بعض الدلالات الغير ظاهرة , والتي أدت وبسهولة وسرعة قياسية إلى انقلاب على الشرعية, دون أي مقاومة بمستوى الحدث وكان هناك من شل اذرع المقاومة بفعل عصى موسى,رغم أن الإعداد لذلك الانقلاب كان معلوما ومرصودا,معلوماتيا وعملياتيا, من خلال عمليات دموية دارت في الميدان على مرآي ومسمع جميع المستويات, تلك العمليات الدامية من طرف واحد دون حراك الطرف الآخر بمستوى الحدث,علما انه يملك كل الإمكانيات للمواجهة, أو على الأقل شل تفاقم الهجوم, فانتقلت الأحداث من العمليات الجزئية إلى العمليات الشاملة, وصناع القرار لايحركون ساكنا, مما يدفعنا وبعد تحديث البيانات وسقوط بعض التصريحات,إلى إعادة صياغة القراءة لذلك اللغز من جديد.
وربما طرح السؤال, لماذا حدث الانقلاب في غزة ولم يحدث في الضفة الغربية, لم يأتي من فراغ, بل لكل سؤال سبب موضوعي, ولماذا يثار السؤال بعد فوات الأوان, أو بعد حدوث المأساة الانقلابية؟
والحقيقة أنني ومن خلال تناولي لأحداث الانقلاب العسكري,وفي العديد من المقالات كنت أشير باستمرار بطريقة الإيماءات المبهمة, إلى وجود حلقات مفقودة وان لاشيء يولد من عدم أو في فراغ,بل أبقينا الملف مفتوحا تحت المراقبة لحين امتلاك إحدى الحلقات المفقودة, والتي من شانها فك طلاسم المعلوم الذي يقف خلفه مجهول والدليل إثارة استهجان الجميع,ونفترض أن خلف مسرح الانقلاب مُخرجا لكل السيناريوهات, وان هناك أيدي عابثة خارجية وداخلية, وحلقات وصل بين الداخل والخارج, كلها التقت عند أهمية حدوث الانقلاب ورسم المشهد كما يبدو لنا اليوم وما خفي أعظم,وعليه تأخذ أطراف الصراع السلطوي الأمور على علاتها السطحية بغباء الجاهل وخبث العارف,فيغتر فريق بنصره الموهوم الذي جلب عليه العار ودمر رصيده الوطني,ويحبط فريق بهزيمته المفزعة, متسائلا لماذا حدث هذا؟ كيف حدث هذا؟ فأصبح بمثابة الضحية التي يزيد رصيدها من التعاطف الشعبي والعربي والعالمي, ولكن أين الحقيقة من هذا الإخراج المحبوك بأيدي ماهرة ومحترفة؟ الحقيقة انه لم ينتصر فريق ولم يهزم آخر,بل الفريقين هزما, وانتصر مخرج السيناريو القابع خلف الكواليس, فالمسرحية كان لها وقع الجلاد والضحية, كان لها وقع الوحشية بحق الإنسانية مما وضعها في صدارة الأحداث العالمية لينتج عنها عنوان الهمجية الفلسطينية في غزة التي كانت بالأمس محط الأنظار في انتصار المقاومة وازدياد فعاليتها, كل هذه الفوضى التي أجريت على اللوحة الوطنية الفلسطينية, لن تتأتى إلا بتخطيط من الكبار, ولابد من وجود دولة عظمى وأدوات محلية وعربية لكي يتم إعداد المسرح مسبقا في قطاع غزة,وتطعيمه بمشاهد دموية صاخبة ليتم تبرير التجاوز والعزل المؤقت وإشغالها بمصابها الذي نال بفعل رديفي الغباء والذكاء من صمودها, وإحالتها من خندق مقاومة, إلى سوق مساومة,والشق الآخر للمسرح في الضفة الغربية, يتم فيه صياغة المعادلة السياسية, كي يتم تذليل العقبات أمام انطلاقة سياسية جديدة, يستثنى منها خندق المشاكسة والمناكفة والانفلات الغزي مؤقتا منعا للتشويش على رومانسية الإخراج المستقبلي حسب المخطط العربي والأجنبي.
لقد اثر حفيظتي السياسية التصريح الغاضب والمنفلت والمفاجئ لوزيرة الخارجية الأمريكية((كونداليزا رايس)) وهي لا تنطق عن الهوى, إن هو إلا شيطان يحرك أفكارها, وكل ماتنطق به نأخذه على محمل الجد الخبيث, فللمرة الأولى وربما عن غير قصد تلعب وزيرة الخارجية الأمريكية على المكشوف, ويسقط ربما سهوا من جعبتها إحدى مفاتيح شيفرة المسرحية الانقلابية, فأثناء مناكفتها السياسية وانتهاج لغة التهديد والإيماءات الخطيرة مع الرئيس- أبو مازن والذي أصر وبعناد على أن تشمل الوثيقة المشتركة المقدمة لمؤتمر الخريف, قضايا الوضع النهائي وقد لوح الرئيس كذلك بإمكانية عدم حضور المؤتمر دون ذلك, أو ربما لوح باستقالته إن لم تستجيب الولايات المتحدة للضغط على قيادة الكيان الإسرائيلي, للموافقة على تضمين قضايا الوضع النهائي للوثيقة المشتركة.
وربما فقدت (الكوندا..) اتزانها حين قالت للرئيس- عباس ((لولانا لكانت حماس هي من يجلس في المقاطعة؟؟؟؟!!!!!!!!!!)) فكان الرد بالند وبالمثل طالما أصبح اللعب على المكشوف بعيدا عن الأبواب المغلقة وتجاوز الدهاليز والكواليس, مصرحا بما يثير الإعجاب ويستحق رفع القبعات قائلا(( ولولانا لكانت إيران والقاعدة هنا كذلك ؟؟؟؟!!!!!!!!!!!!!!))
والحقيقة كلما حاولت تجاوز ذلك التصريح والتصريح المضاد, والذي مر لدى بعض المراقبين والمحللين مرور الكرام, أجد نفسي أعود لقراءة مابين سطور تلك المواجهة السياسية العابرة, بل تجدني تمسمرت متأملا, لاستنفر واستدعي كل خلايا خبرتي المتواضعة في احتراف قراءة ما بين سطور الصمت فما بالك بسطور الإعلان الصارخ, والتي في اعتقادي تلك المناظرة الخطابية وطرح البضائع على المكشوف, بأنها تحمل بين ثنايا تلك المناظرة العابرة الكثير,واجد فيها مدخلا منطقيا لترجمة المقدمات والتفاصيل والنتائج, فلا ادري إن كان ماشدني لان أتشبث بطرفي التصريحين لهثا خلف ضالة الحقيقة, هل هي الحاسة السادسة اليقينية, أم هي شطحات فضول وحاسة صفرية؟؟!!
وطالما أن التصريحات تصدر عن شخصيات تمثل مفاتيح الصراع, وما يصدر عن تلك الشخصيات ليس جزافا أو اعتباطا, بل لكل كلمة معنى ومدلول, فالتصريح وسط العاصفة ليس مجاملة ولا مودة سياسية, بل مصارحة وهجوم وهجوم مضاد, وان مر عند البعض مرور الكرام, تجدني مازلت متوقفا متأملا مشدودا لذلك المشهد الحيوي الجاد, لذلك أتناول هنا خلاصة القول وخلاصة الرد وما لهما من مرجعيات ودلالات.
بداية حركة حماس لم يكن عدائها مع أجهزة غزة الأمنية دون أجهزة الضفة الغربية الأمنية, بل ربما أحيانا كانت الهجمة البيانية على أجهزة الضفة تعلو وتيرتها عن بيانية مهاجمة الأجهزة بغزة,كذلك قوة حماس جماهيريا قبل الانكشاف والانقلاب, وعلى مستوى التسلح كذلك لاتقل كثيرا عن قوتها في قطاع غزة, وكوادر الحركة وقياداتها وذراعها الحركي والعسكري موجود في الضفة الغربية كما هو موجود في قطاع غزة,ولو خططت حركة حماس إلى استهداف قادة السلطة وفي مقدمتهم الرئيس - أبو مازن, فان الاستهداف يمكن أن يكون في الضفة الغربية كما في قطاع غزة,فلماذا هيئت الظروف للانقلاب في غزة ولم تهيئ نفس الظروف للانقلاب في الضفة الغربية, ومن في حقيقة الأمر وقف خلف تلك التهيئة؟؟ ومن الذي اختار الشق الغزي من المسرح لبدء المسرحية؟؟؟ ومن الذي شجع حماس على بدء مشاهد العمليات الجزئية بتصفية بعض القيادات الأمنية والتنظيمية؟؟؟ ومن الذي جعل ردة الفعل عدمية على تلك الأحداث الدموية؟؟؟من الذي أعطى الإشارة لحركة حماس لبدء الانقلاب الشامل؟؟؟ وما أدراه بعدم حدوث مجابهة شاملة شرسة لقمع الانقلاب بالمقابل؟؟؟فهل فعلا أصيبت حركة حماس بالذهول لسقوط القلاع الهشة دون رادع شرس؟؟ وهل توقعت حماس مقاومة شرسة وبقيادة مشتركة من الأجهزة الأمنية؟؟؟واضح حينذاك إن الثقة التي تتحدث بها حماس وتتقدم بناء عليها بأنها ستسيطر على الوضع بأقصى سرعة, لم تأتي من فراغ!! بل لكل ثقة تفاصيل وأسباب, فما هي تلك التفاصيل والأسباب؟؟؟وعلى اعتبار أن البيانات التي أعطيت لحماس, ولم يخفيها قادتها, أن السلطة التي تترأسها, ستتعرض لانقلاب على الشرعية من تيار محدد تم تضخيم استعداداته وتصويره في وضع الوثوب والانقضاض, فإذا ما تبين لاحقا عدم وجود استعداد وعدم وجود مخطط للانقلاب, بدليل الزحف السريع دون مقاومة شرسة مقابلة صوب الكمين, فما هو الكمين إذن؟؟ ومن الذي أعطى وغذى حماس بتلك المعلومات الميدانية المغلوطة, والتي تبين زيفها؟؟؟ أين استعداد ذلك التيار الذي أوحى لحماس بأنه في وضع اللمسات الأخيرة للانقضاض , وانه إذا ما تغذت به حماس فسوف يتعشى بها!!! وإذ بالادعاء والمعلومات وهمية, فقد كانت الطريق أمام الانقلاب ممهدة كما لو كانوا في نزهة استجمامية!!! وذهل الجمهور وقاعدة الأجهزة الأمنية لسرعة وسهولة سقوط قلاعهم, وقد تبخرت العمليات المشتركة, وفقدت التعليمات الجادة الصارمة لعناصر الأمن, بل تم تسريحهم جميعا, باستثناء بعض الصدامات الارتجالية الجزئية الهامشية, مما عرضهم للتفرد ولمشهد المجزرة, فلم ترقى تلك الصدامات كخروج على نص المسرحية إلى أدنى مظاهر الجدية بالنسبة للقيادة الأمنية؟؟ فأين الخلل؟؟ ومن يقف خلف مصادرة تعليمات المواجهة؟؟ لابد لوجود أسرار خلف الجمود والتصنم, لكن السؤال يبقى: عند أي مستوى تقف المسئولية؟؟؟ حتى مايسمى بقوة النخبة التنفيذية التي ذاع صيتها, وتم فرز آلاف من عناصر النخبة من الأجهزة الأمنية لأي مواجهة, فبقدرة قادر, وبفعل فاعل, كانت كأنها لم تكن, فماذا يعني ذلك؟؟؟
البعض يقول الخيانة ويريح رأسه؟؟ فمن الذي أعطى تعليمات بجدية المواجهة التي لم تحدث؟ ومن الذي رفض الامتثال للتعليمات التي لم تحدث؟؟ من الخائن وفي أي المراتب القيادية؟؟ فإنني أصبحت على قناعة أن كل من تعرضوا للجان التحقيق والعقاب, ليسوا سوى ضحايا لمخطط اكبر, وليسوا هم سبب السقوط بمفردهم, بل هناك حلقة مفقودة أقوى من إغلاق الملف, ضد معلوم يتم تسميتهم بالمتخاذلين أو الجبناء, حق يراد به باطل, بل هناك ملف مجهول به رقيقات شرائح التغذية والبرمجة, والتفكير به خطر يتلف خلايا العقل, أو ربما هو اكبر من مقدور العقلية التحليلية على تشخيصه بوضوح, وسط ضبابية البدايات والتفاصيل, والاكتفاء بتسليط الضوء وتوجيه بوصلة العقول تحديدا لمشهد النتائج فقط, وما دون ذلك التوضيح من المحرمات!!!
والحقيقة التي لن تكون إلا عذرا أقبح من ذنب, أن طرفا أو أطرافا خارجية, أو دولا كبرى ومنتدبين صغار, دفعوا بحركة حماس إلى ذلك الشرك الانقلابي, مع وجود استعداد لديهم لتصفية الحسابات من جهة, ولمحاولة الاستجابة لدعوى أن تيارا انقلابيا هو الذي يعطل الامتثال لشرعية حكومتهم, إنها مسالة ومشهد معقد, ويحتاج إلى اعتصار أعلى درجات التركيز للامساك بطرف الخيط, فلابد أن وراء ذلك التعقيد المفتعل لاعبين دوليين محترفين, في صناعة وتسهيل الانقلابات الإقليمية والعالمية, وفي صناعة المشهد المأساوي الفلسطيني,وقفوا خلف صياغة المشهد, وتابعوا وراقبوا بواسطة الوكلاء العرب تنفيذ أحداث المشهد الدموي, مع ضبابية تشوب الموقف الداخلي, وكل ذلك لأهداف لا اعتقد أنها تتجاوز إغراق غزة في مستنقع المهاترات, والصدامات الدموية بعيدا عن المشهد السياسي, وفي نفس الوقت يبقى المشهد السوداوي في غزة يخضع للضغط والحصار والابتزاز المشترك, ولفترة زمنية معلومة ومحدود سقفها ضمن عملية احتواء مستقبلية, ويُجرم استخدام أدوات غير المقرر لها.
فمن جهة يتم إقناع حركة حماس بواسطة طرف معين بضرورة وأهمية الانقلاب على ذلك التيار, كما صرح بعض قادة حماس, وفي مقدمتهم د. محمود الزهار الذي استهجن ردة فعل الرئيس أبو مازن وقيادات مركزية بفتح, معتقدا وليس من فراغ, بأنه خلصهم من خصومهم الأقوياء مؤسساتيا وتنظيميا وشعبيا, وتوقع منهم الرضا والثناء, ولا ادري من الذي مدهم بهذا التصور؟؟ , وقد سقطت تلك الحسابات بعد الهجمة التي تعرضت لها حركة حماس من الجميع وفي خندق واحد, وتجريم انقلابها العسكري الدموي, وفي نفس الوقت علم حماس المسبق وهذا واضح من سلوك الحركة وذراعها القسامي التنظيمي والمليشيا الخاصة, بانتهاج القوة كوسيلة وحيدة للتعامل مع باقي الأحزاب والتنظيمات, من ملاحقة واعتقال وتعذيب وتصفيات, بأنه لايوجد أي سيناريو لا محلي ولا إقليمي ولا دولي على المدى القريب لإنهاء الانقلاب, فاكتمل الشرك وتمادت حركة حماس في انتهاج مزيدا من القوة كلغة وحيدة لما أسمته فرض النظام والقانون, ولجم أي صوت يتحدى سلطة وقانون الانقلاب.
وربما قرأت منذ اللحظات الأولى للانقلاب, خاصة وان المعطيات أجدها مصنعة وتشير بشكل واضح أن جهة فاعلة ومؤثرة (ما) تحرك البعض وتُسكن البعض الآخر, فإنني وفي ردي على بعض الأصدقاء الذين اعتقدوا عاطفيا أن عمر الانقلاب لن يدوم أكثر من أيام أو أسابيع, متوقعين ردة فعل من قوة (ما) أو جهة (ما) تتضرر مصالحها ويتهدد أمنها فتعيد السيطرة على الوضع, فقلت لهم منذ الساعات الأولى أن مدة الانقلاب مفتوحة, وستتجاوز العام, لان الأمر اكبر من مسالة صراع تيارات صغيرة, بل هناك أهداف كبيرة , لذلك أراد اللاعبون الكبار لغزة أن تكون هكذا, فمنهم من رمقني بنظرة تعجب وحتى استهزاء وربما شفقة على جهلي في النظر للأشياء, ولا لوم على من يفكر بعاطفة دون تجرد, حتى يستطيع تلمس خيوط المؤامرة وسط الضباب, والتي تستهدف غزة بكاملها, بجميع أطيافها السياسية وألوانها الحزبية, لكن كان لابد من أدوات لها من الدافع ما يساعد على استخدامها بغباء واندفاع.
المهم لو افترضنا أن عناصر القوة, ونفس المعطيات, واقصد الحلقة المفقودة, هيئت الظروف لذلك الانقلاب في الضفة الغربية وهذه فرضية غير منطقية!!, فطالما أن دعم الانقلاب وتوجيهه ليس هدفا بحد ذاته, بل وسيلة تستغل نصف المسرح السياسي, فلا يجوز أن تكون الضفة الغربية هي مسرح الانقلاب, ليس خشية على قرب ذلك النصف من خشبة المسرح من عمق الكيان الإسرائيلي, لأنه سيتم معه فيما لو تقرر بذلك حسب خطورته, بل لان قطاع غزة لايصلح كمسرح سياسي دولي لأي مشاريع سياسية, في ظل بؤرة الفوضى والثورة المكتظة والانقسامات, فلا اعتقد انه سيكون مناسبا لزيارات قيادات دول عظمى, وورشة عمل لانطلاق العملية السياسية, علما إن معظم عمليات قوات الاحتلال تدور في الضفة الغربية, من اجتياحات واغتيالات كما في قطاع غزة.
فكان لابد من إشغال نصف المسرح المكتظ بأكبر كثافة سكانية في العالم, والمكتظ بكل ألوان الفلتان, والمكتظ يشتى أنواع المقاومة الشرسة للكيان الإسرائيلي, فلا بد من خلق واقع ووقائع لصراع داخلي فيه ليصبح نصفا لاشرعيا, وتنقل الشرعية والهدوء والقرار لنصف المسرح الآخر, فتختلف الاهتمامات والهموم مما سيكون له من التداعيات الايجابية من وجهة نظر المخطط والمُسير للتفاصيل على المشروع السياسي القادم بعنف إلى المنطقة, فتم إغراق غزة عن طريق وسطاء الدعم والرشوة المادية والسياسية, مع ضمان عدم التعرض من قبل الكيان الصهيوني لذلك الانقلاب, كي يتم ابتزاز الجميع, ذلك الجميع الظالم والمظلوم, القاتل والمقتول هم ضحية لظالم اشد خطرا, وفي المحصلة سينال من الأقوى تحت مبرر خطر التطرف الإسلامي, وانتهاك حقوق الإنسان, والمجازر ليتحقق له غطاء دولي ومحلي كبير لإنهاء المسرحية كما بدءها عن طريق وسطاء عرب وخليجيون.
وهنا أعود لكلمات((الكوندا..)) الخطيرة, حيث تقول ((لولانا لكانت حماس هي من يجلس في المقاطعة؟؟!!)) فهل يعني ذلك أن حماس حسب الاستخبارات المركزية الأمريكية, قد خططت وأتمت تجهيزاتها للوصول إلى المقاطعة؟؟ وكيف إذا ما عنت وزيرة الخارجية الأمريكية, ماهي الخطوات والإجراءات التي قامت بها أمريكيا لإجهاض مخطط حماس؟؟!!!!!!!!!!!! أم أن المخطط أمريكي, ولم يقرر إلا في غزة؟؟؟!!!!!
وفي نفس السياق, هل كان جلوس حماس في منتدى غزة برضا أمريكي؟؟؟ أم أن الانقلاب كان مفاجئة وصفعة لأمريكا؟؟؟!!! وطالما منعت أمريكا الانقلاب في الضفة؟؟؟ هل كانت قادرة على منعه في غزة ولم تفعل؟؟؟!!!
فكلمة لولانا كان الانقلاب حدث في رام الله, يعني بالمقابل لولانا ماحدث الانقلاب في غزة؟؟!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!
وإذا حمل التصريح معنى التهديد, فهل تعني رايس بالمقارنة بين شقي خشبة المسرح(الانقلابي_ السياسي) ( الشرعي_ اللاشرعي) في الضفة وغزة, إنها أي الولايات المتحدة سمحت بالانقلاب في غزة؟؟ أم أرادت إيصال رسالة للعارف أو الجاهل بالقول أن ماحدث في غزة ليس مفاجئا لنا, أو ربما قصدت(الكوندا..) أن انقلاب غزة كان بعلمهم ورغبتهم ودعمهم؟؟؟ ولم تريده في الضفة الغربية؟؟؟!!!
فلو افترضنا جدلا جدية وصحة تصريح (كونداليزا رايس) وسلمنا به, فلا يمكن التسليم بان تدخلا أمريكيا أو صهيونيتا بشكل مباشر قد حدث ليدعم ذلك الانقلاب؟؟!! بل ربما نتعاطى مع جدية التصريح ليكون احد مفاتيح شيفرة أسرار الانقلاب السهل السريع, والثقة بعدم استعداد الصهاينة للتدخل, فيكون ذلك بواسطة وسيط وربما كل المؤشرات أفادت وتفيد أن دولة خليجية ذات أهداف مشوهة ومشبوهة في منطقة الشرق الأوسط عامة وفي منطقتنا العربية خاصة, وفي ميداننا الفلسطيني تحديدا هي من وقفت خلف إيصال الضوء الأخضر وتضمينها بالتطمينات, أن أحدا لن يعترض السيطرة العسكرية على غزة, وان أحدا لن ينتزع السلطة بقوة عسكرية مماثلة, بل بوسائط وحوارات سياسية, عندما ينتهي الانقلاب من تحقيق أهداف تلك الجهات.
ولو سلمنا جدلا بذلك, فتبقى هناك حلقة مفقودة بالمقابل, فلو تم الحصول على ضمانات مشجعة, ورسالة ذات ضوء اخضر أمريكي وصهيوني غير مباشرة, فمن إذن يقف خلف تعجيز أو ضمانة الوضع الداخلي بعدم اعتراض زحف حركة حماس وعدم إعاقة زحفها للسيطرة على كامل قطاع غزة, وان تلك الأجهزة الأمنية والعسكرية المتراكمة المدججة بالرجال والعتاد لن تعترض بشكل جاد على سيطرتها وزحفها وهذا ماحدث, فما زالت آخر حلقة محلية هي المفقودة لاكتشاف طلاسم ذلك الإعجاز الانقلابي.
وبقياس الفرضيات نستدل على جدية تصريح كونداليزا رايس, بأنه ثبت بالدليل العملي, وأثناء ما أسميته في العديد من مقالاتي بالشرك السياسي الأول لحماس, بان المخابرات المركزية الأمريكية والصهيونية , وبالتقارير الموثقة لاحقا, كانت على علم مسبق بفوز الحركة في الانتخابات التشريعية؟؟ فهل كان في ذلك المشهد السياسي رضا أمريكي صهيوني مسبق؟ إن قلنا نعم, سنقول لماذا؟ فيقال لإسقاط الثوابت الأيدلوجية؟ فهل حدث؟ لا, فماذا كانت ردة الفعل؟ حصار وتخطيط لشرك آخر, فهل حدث ؟ نعم , ماهو؟ هو دعم التفكير بالانقلاب وإخراجه لحيز الوجود, لماذا؟ لنيل من المقاومة, فهل حدث؟ نسبيا نعم, للنيل من الثوابت وإعادة الكَرَةِ, فهل حدث؟ نسبيا نعم لقد تغيرت اللهجات وتغير الخطاب السياسي وتغيرت العروض وتغيرت خارطة المقاومة على الأرض.
فطالما كان الانقلاب السياسي التشريعي الأول شركا ولم يحقق أهدافه, فقد تم اعتماد نفس النظرية الهادفة ولكن بأدوات أخرى, هذه المرة انقلاب عسكري غير شرعي, وبنفس المعطيات مع اختلاف التفاصيل والهدف في كلا الشركين واحد, انتزاع الاعتراف من الجميع المنهك بالصراعات الداخلية,وارتقاء الكيان الصهيوني لدرجة الاستثناء الغير رئيسي على مستوى الساحة الفلسطينية, بعد أن تم شطبه كتناقض رئيسي للصراع على الساحات القومية العربية, ومن ثم التعاطي مع المعادلة الصراعية بلغة برجماتية سياسية, وفق موازين القوى والمتغيرات السياسية والعسكرية.
وكان في رد الرئيس الفلسطيني - أبو مازن, اكتمالا لحلقة المعلوم والمجهول, وبلهجة ندية غاضبة قائلا بما معناه, انتم سمحتم هناك في غزة بوجود إيران والقاعدة فتحملوا النتائج, ونحن هنا في الضفة منعنا ونعلم أنكم لاترغبون بالمجازفة بوجود غيرنا هنا في المقاطعة؟؟!!!
ويبقى السؤال بحاجة إلى مزيدا من الإجابات الوافية,حسب تصريح وزيرة الخارجية الأمريكية, انه كان بإمكان دولتها تسهيل حدوث الانقلاب في الضفة, لأنها لم تمنع مخطط لحماس للانقلاب في الضفة, بل منعت مخططا أمريكيا صهيونيا, كي لا يتجاوز الانقلاب غزة, أي أن حدود مخططاتهم لم تشمل الضفة, ويبقى السؤال الخطير ,لماذا إذن الانقلاب في غزة وليس الضفة يا كوندا.. ؟؟؟؟؟؟
ويبقى السؤال بحاجة إلى إجابة بحجم تصريح وزارة خارجية الدولة العظمى والمهيمنة على العالم, الدولة البوليسية والاستخبارية الدولية, كطليعة للانحطاط العالمي.
والله من وراء القصد
#سعيد_موسى (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟