|
أزمنةٌ للعبور .. وأمكنةٌ للتراجع
باسم الهيجاوي
الحوار المتمدن-العدد: 2080 - 2007 / 10 / 26 - 05:27
المحور:
الادب والفن
كفراشة جاءت تمرُّ ، تفتِّشُ اللغةَ الجديدةَ عن زمانٍ ممكنٍ ، أو أغنياتٍ ممكنة فيها تُسرّج للحنين دماً أضاعتها الحكايا ، جاء ينـزفُ بيننا ويصد باب الريح لا .. لا تغلقي بابي عليك .. أنا الحكاية ، والرماة تراكضوا نحو الغنائمِ ، والسلاطين الكبار تراجعوا عن كل ركنٍ ممكنٍ أو كل أرض ممكنةْ وبقيت وحدي .. أسرج اللغة القتيلة لاقتراب القصفِ ، أو لغة التراجع كي أمرَّ ، عنابري ملآ بزيت الروح ، لكنَّ الوطنْ حمل الخطايا من جراحي ، حين جاء بلا وطنْ يدنو ، يفتشني ، يفلُّ حقائبي ، يلدُ المعابرَ في الجهاتِ ، تناسَلي أفقاً لأغرس جثتي فيما تبقى من هناكَ ومن هنا
وأنا أنا ، يا أنتِ ، أغرتنا الشواطئ بالصدفْ تلقي عباءتها عليَّ ، تطلُّ من بين الثقوب ، تشاهد الحزن المعتَّق ، لا تخفْ نزل الرماة على الجبال ، فلا تخفْ سقط القناع عن الوجوه المستعارة ، لا تخفْ ضجَّت منابرنا بمسخٍ ، يقرأ التنـزيل فينا ، لا تخفْ وملاعب الورد الجميلة داسها النسيان ، شيطان القطيعة مدَّ جسراً بيننا لا تبحثي سراً هنا عن عاشقين تناسلا ، لا تغلقي بابي عليك ، إذا انفجرت ، وكنت محتقناً وكان دمي يصفّد كان يسرقني طويلاً في الغيابِ ، أزجُّ معتقلاً تناسل في الجهاتِ ، أزجُّ أغنيتي الصغيرة ، أطلقُ الوعد المشجر كي أمرَّ من المواجعِ ، كي أراني عاشقاً أو ناثراً أو شاعراً لا فرق بي وسيان ، أشعل آخر الصور الجميلة قبل أغنيتين أشعلتا دمي فوق الدفاتر قبل موعدها ، بلا وعد تجيء ، توقفتْ ومضت تفتشني وتبحث في الحقائب عن ملامح وجهها ، عني ، رأيتُ دمي تناسل ، قطعة الحلوى ، وأسئلة تلملمني وتحملني إليَّ ، هناك ، أسرق خلسة بعض ابتسامتها وأغرق في الحديث عن السلام العائليّ ، كأنها مرت هنا من قبل ، والأرواح تألف بعضها بعضاً ، وكنتُ أنا ، وكانتني الفراشة ، دون نافذة أطل على شوارعها ، وأحلم دون ليل بين كفيها ، أراها ، أستبيح العذر ، أسأل : كم تبقى للنهوض عن المقاعد ، والخريف يضاجع الأشجار ، تضحكُ ، ـ لم يزل في الوقت متسعٌ لتنهضَ ، ـ كيف حال السوسنة ؟ ـ تشتاقها ؟ أم تلك أسئلة الغريب عن الغريبة في الظلال ؟ . ـ لا تحرقي لغتي إليك ، ـ أظل كهفكَ ، ـ أنتِ ، تستلين موتي من خطايَ ، وترقبين نزيف أوردتي ، تغذيك النوارس ، مولع بصفاء صوتك ، أشتهي تلك الصغيرة أن تمرَّ على الجفافِ ، لتوقظ الأزهار مثلك ، فاحملي لغتي إليها كي تمر إلى فضاء الأمكنةْ
هل كنتِ أنتِ ؟ وهل أنا أنكرتُ في عتم المرايا أجمل امرأةٍ هنا ؟ أم رفُّ طيرٍ حط أجنحة السلام ، ولم يُودعْ بي أغانيه القديمة حين أطلقتُ الرصاص على دمي ؟ . وأنا أخربشُ أغنيات الريح وهي تصدني هل كنتِني ؟ وأنا وأنتِ فراشتانِ لشرنقةْ وطيور روحك حين رفَّت ، هبَّ قلبي وارتجفْ في أول النفق الطويلِ ، وعندما وقَفَت وقفْ يستلُّه الموتُ المعلّق في حبال المشنقةْ كان الكلام رذاذ زنبقةٍ يفرُّ من الشفاهِ ، يزجُّ أفراح القبائلِ ، كان وجه حبيبتي قمراً ، رأيتُ عنادلي فرَّت إلى كل الجهاتِ ، رأيتُ عينيْ قاتلي بين المرايا ، في الخصوبة والجفاف ، تلم أنفاس الغيومِ ، تشرّد اللغة الحبيسة في خوابيها ، وتركض باتجاه المستحيل ، رأيتُ أسراب الحمامِ تقيمُ عرساً بيننا وأنا " أخربشُ " أغنيات الريح ، وجه حبيبتي قمرٌ ، تجرَّد للضياع فلم يعد لي موطنا واجترَّ إخوته الكرام صدى الغياب ، وأمموا نهج الوشايةِ ، هل يشي الشعراء ، لا ، ذاك المعفّر بالنعاس ، استوقفوه على الحواجز ، فتَّشوهُ ، ولم تكن في إصبعيه إشارة النصر ، اعذريني ، كنتُ أحمل كسرة الخبز ، انتظرتكِ ، فتَّشوني ، لم يكن بي غير وجهكِ ، وانتظرتكِ ، قلت لي : سنبلّها بالماءِ ، نصبرُ ، وانتظرتُ الماء ، لكن المطرْ سُرِقَت خطاهُ على الحواجزِ ، حين جاء على سفرْ كي لا تموت السلطنةْ ونموتُ نحنُ ، فليس يُعقلُ أن يموتَ الطيبون ، وأن يطيبَ الميتونَ ، وأن يقوم الجائعونَ بلا حقائبَ تحفظ اللغة البديلة للوشايةِ ، تحفظ التأويل والتعليل والتحليل والتعديل والتمويل والتحويل والتجهيل والتضليل والتمثيل والتقبيل والتنكيل والتقتيل والْ ولكل شيء معتقلْ فتحته نرجسةُ الرخام على رخامٍ لم يزلْ باسم السلام العالميِّ يخط خارطة الطريقِ ، ولم يزلْ باسم الشعوبِ المستباحة حين تنهضُ ، لم يزلْ باسم النوارس في البحارِ ، وباسم تنحية الدمارِ ، وباسم تأميم الحقول ، وباسم تتويج العقول ، على لقاءٍ محتملْ واستُشهدَ الوقتُ المشجّر في الشوارعِ ، صار وجه حبيبتي قمراً مشاعاً للظلال وللقتال وللزوال وللتراشق بالسؤال وللدخول وللخروج من الخلاص إلى الرصاصِ إلى انكسار الأمكنةْ في كل أغنية تجيء بلا مواعيدَ ، انكسرتُ ، فهل أنا أم كنتِ أنتِ ، ولم تكوني يا أنا ؟ أيلول 2007
#باسم_الهيجاوي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
كيف يصيبني تلفُ ؟
-
بانت سعاد
-
صوت الشعر
-
جمعية الكمنجاتي الموسيقية تحيي عيد الموسيقى في مدن فلسطينية
-
الشاعر الذي رحل دون أن يقول وداعا
-
حديث المسافات 8
-
حكومة مؤجلة
-
كاتي
-
حديث المسافات 7
-
حديث المسافات 6
-
حديث المسافات 5
-
حديث المسافات 4
-
حديث المسافات 3
-
حديث المسافات 2
-
حديث المسافات 1
-
مدمن مخدرات
-
بلون الغربة
-
نص الرؤى والمغادرة
-
هيت لك
-
نصوص ملونة بلون الفجيعة
المزيد.....
-
-ثقوب-.. الفكرة وحدها لا تكفي لصنع فيلم سينمائي
-
-قصتنا من دون تشفير-.. رحلة رونالدو في فيلم وثائقي
-
مصر.. وفاة الفنان عادل الفار والكشف عن لحظات حياته الأخيرة
-
فيلم -سلمى- يوجه تحية للراحل عبداللطيف عبدالحميد من القاهرة
...
-
جيل -زد- والأدب.. كاتب مغربي يتحدث عن تجربته في تيك توك وفيس
...
-
أدبه ما زال حاضرا.. 51 عاما على رحيل تيسير السبول
-
طالبان تحظر هذه الأعمال الأدبية..وتلاحق صور الكائنات الحية
-
ظاهرة الدروس الخصوصية.. ترسيخ للفوارق الاجتماعية والثقافية ف
...
-
24ساعه افلام.. تردد روتانا سينما الجديد 2024 على النايل سات
...
-
معجب يفاجئ نجما مصريا بطلب غريب في الشارع (فيديو)
المزيد.....
-
مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة
/ د. أمل درويش
-
التلاحم الدلالي والبلاغي في معلقة امريء القيس والأرض اليباب
...
/ حسين علوان حسين
-
التجريب في الرواية والمسرح عند السيد حافظ في عيون كتاب ونقا
...
/ نواف يونس وآخرون
-
دلالة المفارقات الموضوعاتية في أعمال السيد حافظ الروائية - و
...
/ نادية سعدوني
-
المرأة بين التسلط والقهر في مسرح الطفل للسيد حافظ وآخرين
/ د. راندا حلمى السعيد
-
سراب مختلف ألوانه
/ خالد علي سليفاني
-
جماليات الكتابة المسرحية الموجهة للطفل في مسرحية سندس للسيد
...
/ أمال قندوز - فاطنة بوكركب
-
السيد حافظ أيقونة دراما الطفل
/ د. أحمد محمود أحمد سعيد
-
اللغة الشعرية فى مسرح الطفل عند السيد حافظ
/ صبرينة نصري نجود نصري
-
ببليوغرافيا الكاتب السيد الحافظ وأهم أعماله في المسرح والرو
...
/ السيد حافظ
المزيد.....
|