|
تشكيليون تجمعهم الرؤيا ويقربهم اللون والشعر في غربة المكان
فاروق سلوم
الحوار المتمدن-العدد: 2077 - 2007 / 10 / 23 - 10:43
المحور:
الادب والفن
يصبح الفن منجى في الهجرات .. ويصير طريقا لأبتكار هوية المكان او تلغيزه .. أنه بيئة الحرية .. وفضاء التفاعل الحي مع ثقافات أخرى.. مثلما يؤرّخ تحدّي الفنان لأداته الفنية وتناغمه مع ذاته التي تطاول التواريخ وهي تفوق صورتها وتنتصر على كل نكوص في غربة الطرقات وغربة و المنافي ... * أسماء عربية تحمل نكهة انتمائها الى الشرق تجتمع في لحظة اللون القزحي لتفضي الى اساليب واتجاهات تشكيلية ،تبدو متقاربة في هم التغييرالثقافي الحتمي .. لكنها مختلفة في طريقة التعبير واسلوبيتها . مثلما تلتقي عند لحظة التشكيل الحي الذي يمزج كل مغايرة ليمنحها حياة ويحولها الى قدرة من الخلق عبر لغة التشكيل وحضورها اللوني وتوهجها الأسلوبي الخاص .. خمسة فنانيين من سوريا.. مهاجرين الى ارض الشمال يحملون همهم الحضاري قبل اي هم لأنهم مجبولون على فكرة اجتراح الوجود .. وعلى فطرة اعادة خلق العالم من جديد مهما بلغت خسائر الوقت .. او جدليات التشكيل وحوارات الثقافة ؛ جمعهم غاليري كاتو في استوكهولم هناك حيث اسس الفنان ابراهيم قطو – استاذ الفوتوغرافيا الدولي .. مشغله الحميم للتصوير الفني .. والفوتوغراف .. والتشكيل الباهر الذي يعبر عن تعايش حي مع كل ممكنات الغربة .. ومستحيلاتها ايضا .. ابراهيم قطو فنان يشتغل على عدّته الفنية ، معلم الفوتوغرافيا المعروف بأسهاماته العالمية الذي.. يحمل ماجستير في التصوير واسهم في الكثير من المعارض الدولية .. يحمل عدة الفوتوغرافيا والتشكيل والحوار..ويقيم جسرا من العلاقات مع الغرب هنا حيث توجه الكثيرون من اهل الشمال في بلاد السويد ، الى هذا المعرض الذي يشكل واحدا من سلسلة نشاطات فنية وثقافية لاتنقطع .. للمهتمين ولؤلئك الذين يهمهم الشرق عموما .. وكأن القاعة محطة من محطات طريق الحريرمنذ تلك القرون التي حملت كل لون وكل حضارة .. يقول الفنان ابراهيم قطو : ان القاعة منذ سنين تشكل ملاذا للعديد من الفنانين العرب والفنانين السوريين بشكل خاص .. وهي تشكل محطة لتواصل الثقافات وحوارها مع الآخر في مدينة ستوكهولم حيث احتوت القاعة العديد من النشاطات الثقافية والفنية واهمها المعارض التشكيلية والندوات .. وقد استطاع غاليري كاتو ان يوطّد العلاقة هنا مع الكثير من المثقفين السويديين ومع المهتمين بالفن التشكيلي في الوطن العربي .. مثلما كانت القاعة طريقا لتأسيس ورشة عمل تتواصل مع الفنانين عموما ومع المثقفين السويديين .. وستتوسع القاعة مستقبلا بأختيار مكان آخر اكثر اتساعا واحتمالا للتطوير وتنوع النشاطات حيث سنقيم نشاطات واماس لفنانين عرب كما سنعرض فنون التشكيل ولنحت مثلما سنقيم الأماسي الموسيقية والشعرية .. وفي طموح غاليري كاتو يتمثل اصرار الكثير من الفنانين على عرض اعمالهم واقامة جسر اللقاء في هذه المحطة التي تلمّ كل روح الشرق وفطرته .. ومحبّته هنا في بلاد الثلج والحوار الدافيء .. * خمسة فنانين تشكيليين بينهم اكثر من شاعر لوني متبصر باللغة وفنونها ، حين تضيق فسحة التشكيل مع كل فضاءات اللون وحريته ، اذ يصير الشعر لغة الروح التي تختصر كل هم الكتلة اللونية الهاربة من اصابع الفنان لتصير قصيدة في الرمز او العبارة .. او تتحول الى نص دلالي في رموزه واشاراته .. حيث يمتلك الفنان اكثر من اداة للقول والتعبير الكتوم في لوحة التشكيل الفني المعبر .. حنا الحايك .. الكسندر حداد.. جبرائيل كارات .. صبري يوسف .. و غبرييل سارا .. في غاليري كاتو تجمعهم مفردة تشكيلية واحدة متشظية في كيانات شتى تحمل كل خواص الذات وتفرداتها ، وكل جنوح حي لأقامة بنية اللوحة وهي تشكل عالما من الكشوفات .. في عالم يغيم لفرط حساسته وعزلته .. وأسئلته الغامضة . اشتغل الفنان حنا الحايك ( 1941 ) وهو فنان متنوع ( غرافيك رسم تصوير ) اشتغل على لوحته التشكيلية منذ السبعينات ليمنحها طاقة التعبير عبر تكوينات حداثية هي نموذج لفرادة رسّام تشكيلي مشرقي يجهد ان يؤسس حداثته خارج تقاليد و اصول التصوير الواقعي .. وفنون التزويق ورسوم الحيوان والطبيعة ، ليخرج بعمله من وسط كل ذلك الأرث المنوع الخرافي الغزير ..الى افق مختلف في التنوير والرؤيا ، وهو في مشاركاته العديدة في المعارض التشكيلية المشتركة او معارضه المفردة ( السويد / عديد من المدن و فرنسا هولندا بلجيكا الدنمارك بولونيا المانيا ومشاركات مختلفة ) انما يؤكد طاقة الفنان على الحضور في مشروعه الفردي القائم على سردية اسلوبيّة خاصة عبر غواية اللون وشبحية الكتلة .. وحنا حايك فنان الدقة والأصرار على اجتراح خواصه التي تمثل مشروعه الفني الحداثوي الدؤوب . اما الفنان الكسندر حداد - ولد ودرس في حلب ..فهو نحات انتقائي في ادواته الفنية ( خشب بلاستك ومواد مختلفة ) ليمثل جيل مابعد حداثوي في تكريس خصوصيته الذاتية .. في استعمال مواده المتنوعة ، لتنفيذ منحوتاته . وهو يرى انه كفنان يشتغل خارج حدود الحداثة ليكون مشروعه الشخصي مشروعا غلوباليا مفتوحا على فردية المشروع من ناحية فلسفته ورؤياة .. وكونيا مفتوحا على ثقافات اخرى .,. من تشيلي الى مكسيكو الى حضارة بلاد الشام .. وارض الرافدين مازجا كل تلك الخواص ليشتغل موضوعه الخاص ، في منحوتاته ، وهو فنان مكثر النتاج متنوع المداخل والمضامين ، في اعماله الفنية ، وهو نحات على مواد مختلف مستلهم لكل جذور الحضارات التي تشكل ذات الفنان بوتقة تفاعلاتها .. ومدلولاتها .. وهو في مساهمته في معرض جماعي للفنانين السوريين في غاليري كاتو يؤشر ذلك التنوع .. ويرسم فوارق بينة لتنوع رؤية الأجيال الفنيّة في ذات الوقت... لكنه في الشعر يجد الكسندر حداد بيئة مختلفة لأقامة كتلة اللغة حيث تتحدى كتلة النحت وتغايرها في ذات الوقت . وبين كل هؤلاء الفنانين .. يأتي الشاعر صبري يوسف في تحولاته اللونية ( من القصيدة الى اللوحة ) عكس مايفعله الكسندر حداد .. حيث ضاقت العبارة – واتسعت الرؤيا كما الحلاّج - عند صبري الشاعر وناشر الكتب ( اصدر اكثر من اربع مجموعات شعرية وقصصية ) لتجترح ريشته معجزة اللوحة .. بعد عسر اللغة عن احتمال الرمز والأشارة وهو في تحولاته لم يخطيء الأسلوب كما لم يغاير ذاته المتنوعة اذ اقترب من المنمنم .. في الحرفة ..ثم اشتغل على توزيع مساحة اللون في تشكيلة الرموز التي ماتزال تحمل روح اللغة .. حيث يكون الشاعر ابن الكلام ، فيما يكون الفنان التشكيلي ابن الصمت العميق الذاهب الى اركيولوجيا الأعماق ليجيء بجوهر المعنى الكتوم في اللوحة وفي رموزها .. وقد تجاوز صبري يوسف حنكة الشاعر الى .. تقنية النتشكلي في اعماله التي علقها هنا ، الساعة ن على حيطان غاليري كاتو .. تاركا روح الشاعر تمضي لتصافحنا هذه المرة بأدوات التشكيلي الصبور .. الصامت .. كان غابرييل سارا ( 1957 ) في اسهامه في المعرض الجماعي للفنانين السوريين متواصلا مع مشروعه لتشكيلي الذي اشتغل عليه منذ الثمانيات حيث عرف عبر اسهاماته مع العديد من المجموعات الفنية في المعارض التشكيلية .. فضلا عن دابه لتأسيس اسلوبيته ورؤاه .. مانحا روح الشرق طاقة تعبيرية في تنوع الأسلوب .. وأمتداد الرؤية .. لتعبر عن طاقة التعايش وهوية عصره .. وهو في اعماله الفنية يعود الى ارض طفولته مرة .. او يبتكر سماءا للمدن التي احبها ( ضوء في سماء معلولة ) مرّة أخرى .. مثلما يعانق ثلج الشمال ( نور فوق الثلوج ) واعمال اخرى تمنح الشاهد لحظة التشكيل هذه .. فسحة التنوع في عمق خاص .. وتقنية ذاتية معبرة عن خيار ورؤيا يتشكلان في صورة التشكيلي .. ومع تـنوع الأعمال المعروضة يكون جبرائيل كارات ، اكثر الفنانيين اقترابا من حرفته ،ممثلا لذاته وانتمائها الى جيل اكثر صبرا وحنوا على موضوعه في بساطة التناول .. وخيارات المادة الفنية حيث تشكل مساهمته تنويعا على وتر الفن اعربي .. والعمق الشامي الذي يحمل بريق الشرق .. وفجر المعرفة .. وحنو العبارة .. ان معرض الفنانين السوريين في غاليري كاتو في ستوكهولم .. تنوير مشرقي .. واصرار على الحضور في عالم من المعرفة الجديدة حيث يجترح الفنان حضوره بصعوبة بالغة وسط جدل الحضارات .. وصراعاتها اليوم .. واذ يشكل هذا المعرض انعطافة في تجارب الفنانيين الخمسة الاّ انه حضور مشرقي باذخ .. لروح الفن الخلاّق .. حيث تنفتخ آفاق المشاريع الفنية .. لهذه القاعة الفنية التي تشكل جزيرة وسط محيط متلاطم حيث يعدنا الفنان ابراهيم قطو .. الى اكثر من نشاط ابرزها تكريم الشاعر الأب يوسف سعيد وذلك بغية لم شمل المشرق الجميل في اماسي من الشعر والموسيقى .. والتشكيل .. في مواسم الحضور .. ومواسم القزح المأمول وسط ثلوج الشمال الأسكندنافي .. الأبيض . ----------------------------------------------------------------
#فاروق_سلوم (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
فساد الأخوة
-
سلمان شكر نخلة النغم العراقي التي لاتتكرر (*)
-
بغداد .. خرابست
-
الراحل لارس فورسيل عضو الأكاديمية السويدية : الكتابة معنى وا
...
-
ايكو: لاشيء صغير ..لاشيء كبير كل شيء مشوش ومرتبك.. و بوش مثل
...
-
ثرثرة المعنى .. ثرثرة طوال الوقت
-
تقرير حالة الشعر : عشرون شاعرا تاريخيا وعشرة شعراء معاصرون ف
...
-
سعدي يوسف ..عندما يصير الشاعر كونيا - كتاب جديد بالأنكليزية
-
فؤاد التكرلي : الأفندي الأنيق ابن المحلّة البغدادية في الثما
...
-
العربي الجيد ..هو العربي الميت
-
تارا مكّلفي .. تواجه الأسئلة عن كتابها( وحشية ).. الأكثر انت
...
-
بأنتظار صحوة النخب .. ومحنة خدر العوام !!
-
الخبير الدولي .. الفنزويلي فرناندو باييز : رأيت بعيني وسجلت
...
-
رؤية معمارية للفضاءات السبع لجسر الصرافية !!
-
الفيلاّ الخضراء :استعادات في مخبأ غريتا غاربو السري !!
-
جارلس سيميك .. جائزة الأكاديمية الأمريكية للشعر
-
عمارة الكلام ..وعمارة المكان ..بين شارع الأميرات ..وشارع جبر
...
-
كانت الذات الأنسانية ميالة الى الجريمة دائما !
-
مهرّب الخيول النرويجي بير باتيرسون ينال جائزة أمباك للرواية
-
خالد السلطاني :معرفة العمارة وتأويلها
المزيد.....
-
وفاة الأديب الجنوب أفريقي بريتنباخ المناهض لنظام الفصل العنص
...
-
شاهد إضاءة شجرة عيد الميلاد العملاقة في لشبونة ومليونا مصباح
...
-
فيينا تضيف معرض مشترك للفنانين سعدون والعزاوي
-
قدّم -دقوا على الخشب- وعمل مع سيد مكاوي.. رحيل الفنان السوري
...
-
افتُتح بـ-شظية-.. ليبيا تنظم أول دورة لمهرجان الفيلم الأوروب
...
-
تونس.. التراث العثماني تاريخ مشترك في المغرب العربي
-
حبس المخرج عمر زهران احتياطيا بتهمة سرقة مجوهرات زوجة خالد ي
...
-
تيك توك تعقد ورشة عمل في العراق لتعزيز الوعي الرقمي والثقافة
...
-
تونس: أيام قرطاج المسرحية تفتتح دورتها الـ25 تحت شعار -المسر
...
-
سوريا.. رحيل المطرب عصمت رشيد عن عمر ناهز 76 عاما
المزيد.....
-
التجريب والتأسيس في مسرح السيد حافظ
/ عبد الكريم برشيد
-
مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة
/ د. أمل درويش
-
التلاحم الدلالي والبلاغي في معلقة امريء القيس والأرض اليباب
...
/ حسين علوان حسين
-
التجريب في الرواية والمسرح عند السيد حافظ في عيون كتاب ونقا
...
/ نواف يونس وآخرون
-
دلالة المفارقات الموضوعاتية في أعمال السيد حافظ الروائية - و
...
/ نادية سعدوني
-
المرأة بين التسلط والقهر في مسرح الطفل للسيد حافظ وآخرين
/ د. راندا حلمى السعيد
-
سراب مختلف ألوانه
/ خالد علي سليفاني
-
جماليات الكتابة المسرحية الموجهة للطفل في مسرحية سندس للسيد
...
/ أمال قندوز - فاطنة بوكركب
-
السيد حافظ أيقونة دراما الطفل
/ د. أحمد محمود أحمد سعيد
-
اللغة الشعرية فى مسرح الطفل عند السيد حافظ
/ صبرينة نصري نجود نصري
المزيد.....
|