سعد هجرس
الحوار المتمدن-العدد: 2089 - 2007 / 11 / 4 - 11:33
المحور:
الادارة و الاقتصاد
قرار المهندس رشيد محمد رشيد وزير التجارة والصناعة بإحالة جميع شركات الأسمنت إلى النائب العام .. قرار خطير جداً وبالغ الأهمية. ولا أبالغ إذا قلت أنه أخطر قرار تم اتخاذه فى ظل حكومة الدكتور أحمد نظيف.
وخطورة القرار أنه أول إجراء حكومى يستند إلى الفقرتين "أ" و "د" من المادة السادسة من قانون حماية المنافسة ومنع الممارسات الاحتكارية، وهو القانون الذى تعثر صدوره سنوات طويلة، ثم تشكك الكثيرون بعد صدوره فى جدواه لأن الناس لم ترى له أثراً فى المشهد الاقتصادى الحافل بظواهر تنتمى إلى اللامعقول.
ثم إن أول احتكام لقانون حماية المنافسة ومنع الممارسات الاحتكارية جاء – على غير العادة – ضد "حيتان" كبيرة كان الكثيرون يعتقدون أنها محصنة ضد المساءلة، وأنها فوق القانون.
وبطبيعة الحال فإن إحالة "جميع" شركات الأسمنت إلى النيابة لا يعنى أن إدانتها أصبحت مسألة تحصيل حاصل. فالقاعدة القانونية التى تنطبق على الأفراد، كما تنطبق على الشركات، هى أن "المتهم برئ حتى تثبت إدانته". وحكم الإدانة ليس بيد أحد سوى القضاء.
وبالتالى لا نستطيع أن نتسرع بإدانة أحد، فضلاً عن أن الصحافة ليست منصة لاصدار الأحكام أصلاً.
وفى انتظار ما ستسفر عنه التحقيقات فى بلاغ وزير التجارة والصناعة، فإنه يحق لنا الاشادة بقرار رشيد محمد رشيد. فهذا قرار سياسى مهم لا يجرؤ على اتخاذه سوى وزير شجاع، خاصة وأن معظم شركات قطاع الأسمنت مملوكة لأجانب، وهناك "فلاسفة" "مصريون" لا يتوقفون عن الافتاء بأن أى إجراء – مثل هذا الإجراء الذى اتخذه وزير التجارة والصناعة – من شأنه "تطفيش" المستثمرين الأجانب، كما أنه يمثل تدخلا فى "الشئون الداخلية لسياسة السوق الحرة واقتصاد السوق".
وهذا كلام فارغ لا علاقة له حتى بأدبيات الاقتصاد الحر. وأى طالب مبتدئ للاقتصاد السياسى يعلم أن الفكر الاقتصادى "الليبرالى" قام بتطوير مفاهيم وآليات حماية المنافسة ومحاربة الممارسات الاحتكارية الضارة منذ القرن التاسع عشر. وأن الاقتصاد الحر لا يعنى ترك السوق ليكون "سداح مداح" وفوضى لا يحكمها سوى قانون الغاب.
ورغم الاعجاب بقرار رشيد محمد رشيد تظل هناك غصة فى الحلق، عندما نتذكر أن كثيرين من الكتاب والصحفيين والاقتصاديين والخبراء فى هذا البلد حذروا مراراً وتكراراً ن تسرع الحكومة فى خصخصة قطاع استراتيجى مهم مثل الأسمنت وتركه تحت هيمنة الأجانب.. وكانت هذه هى النتيجة.
البكاء على اللبن المسكوب لا يفيد .. لكن هل نستفيد من تجاربنا خاصة وأن شبح الاحتكار لا يحلق فقط فى سماء الأسمنت وإنما أيضاً فى سماوات وصناعات من الوزن الثقيل.
#سعد_هجرس (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟