|
من سيقود القطاع المصري المسيحي في الثورة القادمة؟؟؟
أحمد حسنين الحسنية
الحوار المتمدن-العدد: 2073 - 2007 / 10 / 19 - 09:58
المحور:
اليسار , الديمقراطية والعلمانية في مصر والسودان
التغيير قادم لا محالة، بوادره قد ظهرت للعيان منذ مدة، و كل يوم تزداد وضوحاً، و لكن ما ينتظر اللحظة الحاسمة التي يتقوض فيها بناء الفساد، هو ظهور تلك القيادة الجماعية التي تستطيع أن تجمع الأشتات، و تنظم الصفوف، في كتلة واحدة متراصة تكون قادرة على أن تتصادم مع قوى الإستبداد، و أن تزيحها عن مكانها. و لكي يكون الصف كاملاً، و تلك الكتلة قوية، فإنها يجب أن تشتمل على كافة مكونات المجتمع المصري، بكافة طبقاته، و أديانه و معتقداته و مذاهبه، و بكافة تنواعته الثقافية و العرقية. الشعب المصري اليوم يحتاج قيادة جماعية، فالوعي الحالي لا يسمح بوجود قيادة واحدة وحيدة، كاريزمية، تأخذ بيدها وحدها أزمة الأمور، و هذا عرض صحي، لأنه دليل نضوج. إذا فمن هو الذي سيمثل القطاع - و لا أحب أن أٌقول الأقلية - المصري المسيحي؟؟؟ لكي نجيب على هذا التساؤل فإننا يجب أن نعرف أولا مطالب و طبيعة القطاع المسيحي المصري. القطاع المسيحي المصري، لا يختلف عن القطاع المصري المسلم، سوى في مسمى المعتقد و ما يشتمل عليه من عقائد، أما سوى ذلك فلا إختلاف، فالقطاع المصري المسيحي لا يرغب إلا في أن يمارس حقه في الوجود، و بحرية و أمان، ثم بعد ذلك لا يريد إلا ما يريد بقية المصريين من حرية و عدالة و رفاهية، هذا عن المطالب، أما عن طبيعته، فإنه قطاع متمسك بدينه، مثلما يتمسك المصريين المسلمين بدينهم، و يمارس ذلك في إعتدال، و يبغض النقاشات اللاهوتية، و يكره الجدل العقيم، و ينبذ العنف، و لا يقبل على النظريات السياسية، تماما كما هو في القطاع المصري المسلم، إنها الطبيعة المصرية التقليدية العملية. إذاً خير من يمثل ذلك القطاع، هو من يكون نابع من ذلك القطاع. إذاً لا مكان في القيادة لأولئك المسيحيين المتطرفين في علمانيتهم، و الذين يهاجمون الكنيسة المصرية في أسسها و ثوابتها، و كأنهم يرغبون في أن يحيلونها إلى كنيسة بروتستانتية متأمركة. و لا مكان أيضاً في القيادة لأولئك المسيحيين المصريين الذين يعتنقون نظريات سياسية، و ينتمون إلى تيارات سياسية بأكثر مما ينتمون للتيار المسيحي التقليدي. كذلك لن يجلس على مقعد القيادة مسيحيين متطرفين إنعزاليين، لا هم لهم سوى بث الخوف من الأخر. التاريخ يعطينا درس مجاني، ففي بدايات القرن العشرين ظهر على الساحة تيار مسيحي إنعزالي، يلعب على وتر الكراهية و الخوف، و الإحتماء بالأجنبي، و تمثل ذلك في تجمع أطلق عليه الحزب القبطي، و لكن هل نجح في أن يفعل أي شيء على الساحة المصرية؟؟ النتيجة معروفة، فمن المعروف أن من نجح في إحداث تغيرات إيجابية، هم المنتمين للتيار المعتدل، من الجانبين، المسلم و المسيحي، و المتمثل في القيادة الجماعية التي قادت ثورة 1919. من سيقود القطاع المصري المسيحي، هم أولئك المتمسكين بمسيحيتهم، المعتدلين في طبيعتهم، الذين يحترمون كنيستهم و ثوابتها، و الذين يتفهمون أن أغلبية المصريين معتدلين، و إن بالإمكان التعايش في ود و سلام، و أن التطرف الأهوج لا يعبر عنه إلا قلة، مهما علا صوتها. إنهم سيكونون على شاكلة مكرم عبيد، السكرتير العام السابق لحزب الوفد الأصلي و الحقيقي، ثم مؤسس حزب الكتلة الوفدية، و الذي عاد للمعتقد القبطي الأرثوذكسي، مذهب جده لوالده، بعد أن تحول والده إلى البروتستانتية، و كان يستشهد بالقرآن الكريم في مرافعاته كمحام، و في عمله السياسي، دون أن يخرج من دينه، إنه القبطي المعتدل، الذي يعرف أن التعايش الودي ممكن. الساحة المصرية المسيحية اليوم تمتلىء بأولئك العلمانيين المتطرفين، و أولئك من معتنقي النظريات السياسية المختلفة، و لكن كلهم لا مكان لهم في مقعد القيادة و سوف يظلوا على الهامش. إن أفضل من يمكنه أن يتولى زمام القيادة هم أشخاص على شاكلة المعتدل الأستاذ كميل حليم، شرط ألا ينزلق لأي تراهات متطرفة، مع مزج بين مطالب القطاع المسيحي المصري، بمطالب الشعب المصري ككل. أما مجموعة سويسرا، فإنها تحمل العديد من المواصفات المطلوبة للقيادة، فهي متدينة، و هي لا ترتبط بنظريات سياسية يسارية أو يمينية، و لكن يعيبها عيب خطير، يجعلها بمعزل عن الأغلبية، إن تلافته دانت لها القيادة في القطاع القبطي، و هو هجومها المستمر على ثوابت الإسلام، و عدم تفريقها بين المسلمين، و ضعهم كلهم في سلة التطرف و التقية، فعندهم إما أن تكون علماني متطرف أو ملحد، و إلا فأنت متطرف، و ما إعتدالك إلا تقية، حتى إنني أظن إن لو سعد زغلول حي اليوم، و دعاهم للثورة على الفساد و الإستبداد الحاليين، لأُتهم بالتقية. إنني أتمنى أن يقوموا بإستطلاع للرأي، بعيد عن المندسين من الأجهزة الأمنية، من مباحث أمن الأسرة، و شرطة الإنترنت، لبيان هل حقاً قراء موقعهم، الأقباط متحدون، يرغبون في التشرنق، أم لا؟ هل الأقباط في مصر، بصفة عامة و بحق، يريدون أن يعيشوا في خوف و إنعزال عن إخوانهم، أو على الأقل جيرانهم في الوطن، من المسلمين؟ إنني متأكد، إن مجموعة سويسرا لو تلافت هذا العيب الخطير، و إبتعدت عن نهج الحزب القبطي، و سارت على نهج أباء ثورة 1919، و ما تلاها، فإنهم سينالون مكانهم الصحيح، و هو قيادة القطاع القبطي في مسيرة التغيير التي بدأت بوادرها تلوح، و سوف يوجهون لطمة قوية، للأجهزة الأمنية التي إستراحت و نامت على وسادة إنهم، أي مجموعة سويسرا، ليسوا إلا أقلية هامشية منعزلة متطرفة، يسهل التلويح بها في الفتن، أو في إشعال الأحقاد. الشعب المصري بدأ في الغليان، و لكن يحتاج قيادة صلبة جريئة جماعية، تمثل كافة تياراته، لا تقبل بالحلول الوسط، و القطاع المسيحي، لا يوجد فيه اليوم من يستطيع أن يمثله في تلك القيادة بحق، و يسهُل على المسلمين المعتدلين أن يتعاونوا معها دون حرج. إن المؤتمر الحالي مناسب لمراجعة النفس، و فرصة لعودة الإبن الضال. أحمد محمد عبد المنعم إبراهيم حسنين الحسنية بوخارست – رومانيا
#أحمد_حسنين_الحسنية (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
الثورة مسألة وقت فحسب
-
سيخرج الأزهريون أيضا
-
هذا هو حزب كل مصر
-
يد بندر في موسوعة الأرقام القياسية
-
لا تسمحوا لهم بإخافتكم من الثورة
-
إدعموا الفانوس المصري الأصيل في هذه الحرب الثقافية
-
يجب رحيل الإحتلال السعودي أولاً
-
نريد مسلمين كالطيور لا السلاحف
-
تهانينا لوائل عباس و تضامنا مع إبراهيم عيسى و الدستور
-
موسم القتل بدأ، فهل أنتم منتظرين؟؟؟
-
إنها تقدير للإبداع و الشجاعة و لفت للإنتباه
-
يا سحرة السلطة، الإخوان ليسوا بتلك القوة
-
اللهم لا تميته الأن، اللهم دعنا نثأر لأنفسنا أولاً
-
نعم تصادميين، و هل كان غاندي إلا تصادمي؟
-
الكراهية في الصغر كالنقش على الحجر
-
من وراء جريدة الدستور؟؟؟
-
ثم هرع إلى بوش يستغيث به
-
إلا اليونسكو
-
الإصلاح يحتاج يد صارمة و تفويض شعبي
-
الدولة الفاطمية، هذه هي الحقيقة
المزيد.....
-
رجل وزوجته يهاجمان شرطية داخل مدرسة ويطرحانها أرضًا أمام ابن
...
-
وزير الخارجية المصري يؤكد لنظيره الإيراني أهمية دعم اللبناني
...
-
الكويت.. سحب الجنسية من أكثر من 1600 شخص
-
وزير خارجية هنغاريا: راضون عن إمدادات الطاقة الروسية ولن نتخ
...
-
-بينها قاعدة تبعد 150 كلم وتستهدف للمرة الأولى-..-حزب الله-
...
-
كتاب طبول الحرب: -المغرب جار مزعج والجزائر تهدد إسبانيا والغ
...
-
فيروز: -جارة القمر- تحتفل بذكرى ميلادها التسعين
-
نظرة خلف الجدران ـ أدوات منزلية لا يتخلى عنها الألمان
-
طائرة مساعدات روسية رابعة إلى بيروت
-
أطفال غزة.. موت وتشرد وحرمان من الحقوق
المزيد.....
-
كراسات التحالف الشعبي الاشتراكي (11) التعليم بين مطرقة التسل
...
/ حزب التحالف الشعبي الاشتراكي
-
ثورات منسية.. الصورة الأخرى لتاريخ السودان
/ سيد صديق
-
تساؤلات حول فلسفة العلم و دوره في ثورة الوعي - السودان أنموذ
...
/ عبد الله ميرغني محمد أحمد
-
المثقف العضوي و الثورة
/ عبد الله ميرغني محمد أحمد
-
الناصرية فى الثورة المضادة
/ عادل العمري
-
العوامل المباشرة لهزيمة مصر في 1967
/ عادل العمري
-
المراكز التجارية، الثقافة الاستهلاكية وإعادة صياغة الفضاء ال
...
/ منى أباظة
-
لماذا لم تسقط بعد؟ مراجعة لدروس الثورة السودانية
/ مزن النّيل
-
عن أصول الوضع الراهن وآفاق الحراك الثوري في مصر
/ مجموعة النداء بالتغيير
-
قرار رفع أسعار الكهرباء في مصر ( 2 ) ابحث عن الديون وشروط ال
...
/ إلهامي الميرغني
المزيد.....
|