أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - كتابات ساخرة - توفيق العيسى - باب الحارة نساء ساذجات ومجتمع مرعوب














المزيد.....

باب الحارة نساء ساذجات ومجتمع مرعوب


توفيق العيسى

الحوار المتمدن-العدد: 2073 - 2007 / 10 / 19 - 11:06
المحور: كتابات ساخرة
    



منذ انتصاف شهر رمضان، باتت قضية طلاق سعاد خانم زوجة الحكيم أبو عصام تشغل الشارع وأصبحت مثارا للجدل والتحليل، وما استعجال الكثير من الصائمين لأذان المغرب إلا لمتابعة مجريات القضية وتطورها على صعيد حارة الضبع كافة.
أما عن سبب المتابعة لهذا المسلسل على مدى سنتين بجزئيه الأول والثاني فتعود إلى المستوى الفني المميز الذي قدم به العمل وأبطاله المميزين والذي كان عامل جذب للمشاهد، حتى أصبح باب الحارة وعلى مدى سنتين المسلسل الأكثر متابعة وتفوقا.
وبغض النظر عن مقدمة هذا المقال إلا أننا نرى بعض الأمور الواجب الحديث عنها وعدم إغلاق باب حارتنا عليها، ففتح باب الحارة على مصراعيه لا يعني القبول بكل ما وراء الباب من تقاليد وعادات وأفكار ولكن لمراجعة هذه العادات ونقدها وعدم الوقوف عندها كمسلمات لا يجب الخوض فيها بحجة أنها تراث وتاريخ وصبغة قومية ودينية أو خصوصية وطنية.
فتعالوا نفتح هذا الباب (العثماني) على مصراعيه، ونتجول في أزقة الحارة، سنلاحظ أو سنسمع كلمات محددة ومكررة تفوح من داخل بيوت الحارة يصاحبها روائح المطبخ الشامي، أما هذه الكلمات والتي تكررت على امتداد جزئي المسلسل فهي ( يامو دلال اعملي قهوة) هذا صوت (ست الحارة) سعاد خانم( يامو لطفية اجلي الجليات) هل عرفتم صوت من هذا ؟؟ فريال خانم ( اسكبي الأكل، حضري الفطور، اشطفي البيت، اغسلي الغسيلات، يو يبعتلك حمى وداء النئرزان يا حق)- طبعا الحمى والنئرزان أمراض وليست أكلات شامية...-
وبهذا يكون المخرج بسام الملا قد اختزل دور المرأة في الطبخ والنفخ والخلف والعلف، فهل يعقل أن المرأة في هذه الحارة لم يشغلها أي هم أو أية قضية؟ وهل يعقل أيضا أنها وحتى لو لم تكن تملك من أمرها شيئا ألم تفكر للحظة بعبثية الحياة التي تحياها؟ ألم تفكر بالتغيير ولو قليلا؟ وإذا كانت المرأة العربية تقولبت في هذا الدور لفترات طويلة وما زال البعض حتى يومنا هذا ينظر و يجتهد ويفكر في إعادتها لهذا الدور مجددا، إلا أن باب الحارة لم يقل الحقيقة كاملة.
فأحداث المسلسل مبنية على فترة زمنية ممتدة من العشرينيات وحتى أواسط الأربعينيات وهي فترة الاحتلال الفرنسي حيث استقلت سوريا في العام 1946، وهي ذات الفترة التي بدأت المرأة السورية في بلورة شخصيتها النضالية والاجتماعية وقد لا أبالغ إن كانت حجتي بعض روايات حنا مينا، التي لعبت فيها المرأة دورا رئيسا في مقاومة الاحتلال الفرنسي، وهنا تتناقض رواية بسام الملا مع رواية حنا مينا حول المرأة السورية وأدوارها، فبسام الملا يعرض لنا شخصيات نسائية لا هم لها سوى الطبخ والنميمة والأحقاد، وحنا مينا يعرض شخصيات أخرى مثل (غنوش الزرقا) بطلة رواية حارة الشحادين التي كانت إحدى قيادات المقاومة والتي كان الثوار والمتمردون يأخذون برأيها ، وشخصية الأم في رواية بقايا صور، المتحدية بفطرتها وغريزتها الظلم الاجتماعي وإهمال الزوج الماجن تعس الحظ للحفاظ على أسرتها، ناهيك عن أعمال درامية سورية تحدثت عن ذات الفترة الزمنية وكان للمرأة دورا غير الذي رسمه بسام الملا، مثل حمام القيشاني، ومسلسل أبو كامل للفنان أسعد فضة، ومنها ما يعرض حاليا كمسلسل حسيبة للفنانة أمل عرفة.
ويمضي بنا المسلسل إلى ما هو اخطر من ذلك، فليست الأعمال المنزلية ذات أهمية مقابل الصراع النسائي المحتدم بين نساء الحارة والذي يتجلى في معظمه على المفاخرة بالنظافة وحسن استقبال الضيوف، وكلما احتدم هذا الصراع نأى الرجال بأنفسهم عنه باعتباره شيئا تافها لا قيمة له و(حكي نسوان) (بسم البدن) وهذا ترسيخ لموروث شعبي يقضي ب(بقلة عقل المرأة) ولو سلمنا لرواية المخرج بأن هذا هو صراع المرأة وهذه هي عقليتها لكان الوصف المناسب هو ( قلة العقل) فعلا، فقد استخدم التسلسل الدرامي لخدمة هذه الفكرة من خلال عرض مشاكل سطحية وتافهة دون غيرها للوصول إلى هذه القناعة، وموروث أخر تم ترسيخه أيضا، وهو أن المرأة مصدر الإزعاج والمشاكل والشر، فلولا فريال وفوزية ما تطلقت سعاد وما انفضح أبو عصام ( المعتر) ، فسلطة الرجل على المرأة هي التي تحد من هذه المشاكل، وهنا قدم لنا العمل ثلاث شخصيات نسائية لعبن دورا هاما في تأجيج الخلافات ونقلها إلى الحارة كافة، فريال وفوزية والداية، فريال أرملة لا زوج لها وفوزية زوجة أبو بدر المهزوز والجبان الذي لا يجرؤ على مخالفة زوجته، والداية التي لا نعرف إن كانت مطلقة أو أرملة أو غير متزوجة أصلا، بالمحصلة الثلاث نساء لا رجل يحكمهن لذلك كنا الأقدر على إشاعة الفتن والضغينة.
وتعتبر المرأة في فكر هذه الحارة مصدرا للقلق والرعب، فالرجل غير قادر على التعامل مع المرأة بوصفها عورة، لا يجرؤ على محادثتها ولا النظر إليها حتى من باب المعاملة الإنسانية، وإذا حدث وكان التعامل فهو بكثير من التأفف والتململ، فعصبية الرجل (الحر) و(الزكرت) لا تطيق هذا التعامل.
فالخوف المبرر بالدين والعادات أنتج مجتمعا مرعوبا وهشا، يسقط أمام أول محنة، فلا عجب إذن أن رجال ونساء الحارة لم يتحدثوا ولو سرا فيما بينهم عن الاحتلال الفرنسي وعن مقاومته وكأن الاحتلال في نيكاراغوا، فمسألة الاحتلال ومقاومته كانت نخبوية مقتصرة على أبو شهاب وأبو عصام الثريين فقط، ولا علاقة للآخرين بها، أما شكل المقاومة التي يطرحها العمل فهي بمثابة ( فزعة عرب) لا تستند على التخطيط ولا إلى التنظيم وهذا يتناقض مع تاريخ المقاومة السورية وتاريخ أحزابها.



#توفيق_العيسى (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- مملكة الوهم
- الفكر الديني بين القيادة والقاعدة أخذتم غنائم- التحرير- فمتى ...
- عبثية الموت وهندسة المأساة قراءة في مسرحية حفار القبور للمخر ...
- فرقة المسرح الشعبي في مسرحية حفار القبور
- لقاء مع المخرج الفلسطيني فتحي عبدالرحمن
- ميركل جاءتنا معقدة جدا جدا جدا
- السعودية نهاية المشروع التحرري
- أنا ديمقراطي إذن أنا مقهور فؤاد السنيورة نظام عربي قديم
- شعار مرفوض الرئيس محمود عباس وشعارات الحركة
- فدوا* نص مهدى الى روح الشهيدة أطوار بهجت
- الظل انتصار للفراغ قراءة في مسرحية المخرج الفلسطيني يعقوب اس ...
- الظل انتصار للفراغ قراءة في مسرحية الظل للمخرج الفلسطيني يعق ...
- لقاء مع الفنان الفلسطيني رأفت لافي
- هي محاولة
- حوار مع الروائي الفلسطيني أحمد رفيق عوض
- أسرار العشق
- أن تكون فلسطينيا
- ثورة الجياع أم سقوط الثورة؟!
- محمد البكري شخصية استشراقية
- حوار مع المخرج الفلسطيني يحيى بركات


المزيد.....




- -ثقوب-.. الفكرة وحدها لا تكفي لصنع فيلم سينمائي
- -قصتنا من دون تشفير-.. رحلة رونالدو في فيلم وثائقي
- مصر.. وفاة الفنان عادل الفار والكشف عن لحظات حياته الأخيرة
- فيلم -سلمى- يوجه تحية للراحل عبداللطيف عبدالحميد من القاهرة ...
- جيل -زد- والأدب.. كاتب مغربي يتحدث عن تجربته في تيك توك وفيس ...
- أدبه ما زال حاضرا.. 51 عاما على رحيل تيسير السبول
- طالبان تحظر هذه الأعمال الأدبية..وتلاحق صور الكائنات الحية
- ظاهرة الدروس الخصوصية.. ترسيخ للفوارق الاجتماعية والثقافية ف ...
- 24ساعه افلام.. تردد روتانا سينما الجديد 2024 على النايل سات ...
- معجب يفاجئ نجما مصريا بطلب غريب في الشارع (فيديو)


المزيد.....

- فوقوا بقى .. الخرافات بالهبل والعبيط / سامى لبيب
- وَيُسَمُّوْنَهَا «كورُونا»، وَيُسَمُّوْنَهُ «كورُونا» (3-4) ... / غياث المرزوق
- التقنية والحداثة من منظور مدرسة فرانكفو رت / محمد فشفاشي
- سَلَامُ ليَـــــالِيك / مزوار محمد سعيد
- سور الأزبكية : مقامة أدبية / ماجد هاشم كيلاني
- مقامات الكيلاني / ماجد هاشم كيلاني
- االمجد للأرانب : إشارات الإغراء بالثقافة العربية والإرهاب / سامي عبدالعال
- تخاريف / أيمن زهري
- البنطلون لأ / خالد ابوعليو
- مشاركة المرأة العراقية في سوق العمل / نبيل جعفر عبد الرضا و مروة عبد الرحيم


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - كتابات ساخرة - توفيق العيسى - باب الحارة نساء ساذجات ومجتمع مرعوب