أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - إيمان أحمد ونوس - لنُصغِ لآرائهم














المزيد.....


لنُصغِ لآرائهم


إيمان أحمد ونوس

الحوار المتمدن-العدد: 2072 - 2007 / 10 / 18 - 12:51
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
    


آثرت أن أقول لنصغ لآرائهم، بدل لنستمع لآرائهم، لأن في الإصغاء حالة من التوحد والانسجام والاهتمام الحقيقي لا يمتلكها المستمع.. ومن لا يتمتع بالإصغاء الرائع لا يمكن له أن يستمع جيداً...
يقول مكارينكو: " إن الحب الوالدي, هو ذلك الشعور العظيم الذي يصنع المعجزات, ويصنع الأفراد الجدد, ويخلق قيماً إنسانية رائعة."
من هنا وحيث يوجد أقصى قدر من الحرية والحب, يحصل المرء على أقصى قدر من التربية الجيدة والإيجابية. وطالما اخترنا أن نكون آباءً, فلنحمل بجدارة راية تلك الرسالة والسمة, ألا وهي الأبناء.
فعلينا أن نتمتع بقدر وافر وكبير من الحب والعطاء لمن وهبناهم الحياة, وهم بدورهم وهبونا أمومتنا, ولنتمتع بقسط كبير من الصبر والتأني والأثرة في التعامل معهم, وجعلهم يحسون بإنسانيتهم وفاعليتهم منذ نعومة أظفارهم. لأن الذي لا يمتلك هذا الإحساس منذ الصغر, لا يمكنه أن يكون فاعلاً ومتوازناً في الكبر. ولنتذكر دوماً كم عانينا كأبناء كلٌ منَا في طفولته من تجاهل الأهل له ولآرائه, ولشخصيته في معظم الأحيان. ولنتصرف مع أبناءنا على هذا الأساس, بحيث نجنبهم تلك المعاناة والغصَات التي تؤرقنا إلى اليوم.
أيضاً لنضع أنفسنا مكانهم في علاقتنا بالكبار, فنجد كم هو مؤذٍ لنا تجاهل الآخر لآرائنا ومقترحاتنا, وكم يشعرنا ذلك بالإحباط والقهر. فكما نحن نمتلك تلك المشاعر, أيضاً أبناؤنا يمتلكونها ويحسون بها, بفارق أنهم وبحكم التربية يكبحونها, لتتحول فيما بعد لمشاعر عدائية ورفضية لكل ما يُطلب منهم, أو لتتحول لخوف خالٍ من الاحترام وبحضور الأهل فقط.
ولكي نتجنب ونتجاوز كل مخاوفنا في التربية والتعامل مع أبناءنا, علينا أن نكون كما المحامي الصبور والمتأني في سماع الأمور الصغيرة قبل الكبيرة في مشكلة وهموم موكله, كي يستطيع حَلَ قضيته وإيصاله للحق المنشود. وكما الطبيب الذي يتسع صدره وروحه وعقله لشكوى وآلام مريضه, ليُلِمَ بكافة جوانب حالته, كي يشخص الألم ويعطيه العلاج الشافي.
وعلينا كأمهات أن نأخذ دورنا الفعال في التربية والأمومة بكل صبر وحب, وهدوء أعصاب, لنصل إلى غايتنا المنشودة في أبنائنا, ونجعلهم أناساً متميزين فاعلين.
من هنا علينا أن نصغي ونستمع لهم في كل ما يقولونه ويطرحونه من آراء ومشكلات حول جميع الأمور العامة منها والخاصة , فنحن بذلك وإضافة لديموقراطيتنا في التربية, نكتشف مدى ذكاء وميول أولادنا, ونتعامل معهم على أساس هذا الاكتشاف, فنهذب ما هو غير مرغوب, ونعزز ما هو إيجابي ومفيد لشخصياتهم. ونحاول مشاركتهم في بعض القضايا التي تخص الأسرة, ونستطلع ونستمع لآرائهم ووجهات نظرهم, ولا نمنع عنهم هذا الحق إن هم طلبوه, حتى وإن لم نكن مقتنعين بآرائهم, أو عندما لا تكون إيجابية, بحيث نجعلهم يكتشفون بأنفسهم عدم صوابية ما طرحوه, فهذا ينمي لديهم القدرة على طرح الرأي وبجرأة من جهة, وعلى المحاكمة العقلية أثناء إعطاء الرأي والمقترح في مرات قادمة من جهة ثانية. كما يمنحهم مبدأ احترام الرأي الآخر ومناقشته بجرأة ..
ولتحاول الأم أن تخصص وقتاً للحديث مع الأبناء في إطار جلسات ودية, للاستماع إلى همومهم ومشاكلهم ومناقشتهم بها, وأيضاً لمشاركتهم ببعض القضايا التي تخص الأسرة , ومحاولة أخذ رأيهم بها.
كما عليها أن .تخصص جلسات ثنائية مع كل واحد منهم بمفرده, والإصغاء إليه فيما يود طرحه بعيداً عن أخوته, ومناقشته, مع إضاءة بعض الجوانب الغائبة عن تفكيره. فهذا يعزز الثقة المتبادلة بينها وبين ابنها, ويجعل العلاقة بينهما علاقة صداقة لأنها أشعرته بكيانه وخصوصيته, وبالتالي فاعليته في الحياة وفي محيط الأسرة . فتلك الجلسات الجماعية والثنائية مع الأبناء تفوق بأهميتها جلسة الأم لساعات في المطبخ لإعداد الوجبات والأصناف الشهية, لأن تلك الجلسات تنمي الحس الروحي والوجداني والإنساني عند الابن , وهذا ما هو بحاجة إليه أكثر من الحس الذوقي لصنوف الأطعمة.
ولنعلم أن الطفل الذي يُرفض رأيه يصبح- إن لم يكن منطوياً على ذاته- منافقاً مجاملاً, وغير قادر على مواجهة الآخرين, وقد يكون ضعيف الفاعلية في المدرسة, فلا يتجرأ على الطلب من المدرس أن يشرح ما لم يفهمه من الدرس. ومن هنا علينا أن لا نفرح بطفل مطيع طاعة عمياء ودون نقاش, لأنه يكون ابناً غير سوي, ولا يثير فينا الفخر والاعتزاز, بصفته كائناً مهملاً لا قيمة له. فنحن عندما نعطي الطفل مساحة من الحرية في طرح آرائه, ونصغي له في كل ما يقوله, نستطيع التعرف على وعيه وذكائه ودوافعه, ونعزز عنده الاعتداد بنفسه, كما الاعتماد عليها.
هنا, أنا لا أدعو إلى وقاحة الأبناء, كما يتبدى للبعض, ولكنني أدعو لخلق عقل نقدي مشارك وفعَال لدى أبناءنا. لأننا إن استطعنا أن نخلق هكذا جيل, نتمكن من تحرير المجتمع من ثباته وتخلفه, وبقائه خارج حدود التطور والرقي.
ولا يبلغ مجتمعنا تطوره وتقدمه ما لم نمتلك جيلاً واعياً وحراً, واثقاً بذاته وبإمكاناته العقلية, وذلك من خلال تربيتنا الحرة والصادقة لأبنائنا.
وهنا تقع على عاتق المنظمات الشعبية والمؤسسات التربوية والتعليمية عبء مماثل لما تحمله الأسرة في التربية, لأنه عندما تمتلك تلك الهيئات هذه الممارسات التربوية لأفرادها, فإنها تساهم في تطور المجتمع ودفعه للأمام من خلال أبنائه الذين يتحملون كامل مسؤولياتهم بجرأة وجدية, وذلك عندما يُمنحون حق إبداء الرأي والمناقشة للنهوض بتنمية ورقي المجتمع بكافة الاتجاهات.
وأخيراً على الأم أن تكون في تربيتها وأمومتها مدرسة حقيقية من أجل خلق جيل يحمل من العزة والثقة بالذات والحياة ما يجعله إنساناً فعَالاً منتجاً لكل أنواع الإبداع . فهي بذلك تكون مدرسة أقوى من كل المدارس التي تعلم باقي العلوم والآداب.



#إيمان_أحمد_ونوس (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الأخوة... بين الحب والشجار
- الأبناء... ما بعد الطلاق *
- تميز المرأة... نعمة .. أم نقمة..؟؟؟!!!
- ورشات ومؤتمرات لا متناهية..لطفولة بائسة ومهمشة.
- الالتزام والنقد و... الآخر
- أخلاقيات الفرد هي الأصل
- الشباب ومعضلة السكن
- المعوَق ... والمجتمع
- عندما يكون الخوف نعشاً للحرية.
- شرف المرأة بين سندان القانون.. ومطرقة المجتمع
- الاستلاب... آفة تغتال الوعي والإدراك
- حوار الأديان الثلاث بدمشق
- نحن والسلطة.... والآخر
- ما يكمن وراء ظاهرة الطلاق المبكر..؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟
- هل يعودون للوراء.. أم نحن نتقدم للأمام في عقوق القيم الاجتما ...
- سيكولوجية المرأة العاملة
- دوافع واهية ... وراء الزواج الثاني..!!؟؟؟
- مفهوم الزواج... بين العرفي والاغتصاب
- عام آخر... والعراق مازال يتوسد الموت.. ويلتحف الدجى- ملف الع ...
- إشكاليات الزواج العصري


المزيد.....




- جدّة إيطالية تكشف سرّ تحضير أفضل -باستا بوتانيسكا-
- أحلام تبارك لقطر باليوم الوطني وتهنئ أولادها بهذه المناسبة
- الكرملين يعلق على اغتيال الجنرال كيريلوف رئيس الحماية البيول ...
- مصر.. تسجيلات صوتية تكشف جريمة مروعة
- علييف يضع شرطين لأرمينيا لتوقيع اتفاقية السلام بين البلدين
- حالات مرضية غامضة أثناء عرض في دار أوبرا بألمانيا
- خاص RT: اجتماع بين ضباط الأمن العام اللبناني المسؤولين عن ال ...
- منظمات بيئية تدق ناقوس الخطر وتحذر من مخاطر الفيضانات في بري ...
- اكتشاف نجم -مصاب بالفواق- قد يساعد في فك رموز تطور الكون
- 3 فناجين من القهوة قد تحمي من داء السكري والجلطة الدماغية


المزيد.....

- تداولية المسؤولية الأخلاقية / زهير الخويلدي
- كتاب رينيه ديكارت، خطاب حول المنهج / زهير الخويلدي
- معالجة القضايا الاجتماعية بواسطة المقاربات العلمية / زهير الخويلدي
- الثقافة تحجب المعنى أومعضلة الترجمة في البلاد العربية الإسلا ... / قاسم المحبشي
- الفلسفة القديمة وفلسفة العصور الوسطى ( الاقطاعية )والفلسفة ا ... / غازي الصوراني
- حقوق الإنسان من سقراط إلى ماركس / محمد الهلالي
- حقوق الإنسان من منظور نقدي / محمد الهلالي وخديجة رياضي
- فلسفات تسائل حياتنا / محمد الهلالي
- المُعاناة، المَعنى، العِناية/ مقالة ضد تبرير الشر / ياسين الحاج صالح
- الحلم جنين الواقع -الجزء التاسع / كريمة سلام


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - إيمان أحمد ونوس - لنُصغِ لآرائهم