أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - كمال سبتي - شيءٌ عن السّيّاب : صِلَةُ قُربى..














المزيد.....

شيءٌ عن السّيّاب : صِلَةُ قُربى..


كمال سبتي

الحوار المتمدن-العدد: 637 - 2003 / 10 / 30 - 03:04
المحور: الادب والفن
    


                         
                
كلّما فكّرتُ في الكتابة عن بدر أشعرُ بالسّعادة..
فبيني وبينه ، وهذا إدّعاءٌ ، صلةُ قُربى..
كان الناّس في مدينة النّاصريّة يسمّونني السيّابَ ، عندما كنت شابّاً يافعاً..
كنتُ أمتلك مجموعات بدر الشّعريّة منفردَةً ..
وعندما وصلتْ إحدى مكتبات المدينة نسخٌ قليلة من الأعمال الكاملة
فكرّتُ في شرائها فوراً.. لكنّ ثمنها كان باهظاً على شابٍ في مقتبل العمر يأخذُ مصروفَهُ اليوميَّ من والده..
فقرّرتُ السرقة..
كان أبي يقضي قيلولته وقتَ الظّهر نائماً بعد عودته من العمل..
دسستُ يدي في جيبِ سترتهِ أو قميصِهِ وأخذتُ مبلغاً كان كافياً لشراء الأعمال الكاملة..
واشتريتُها..
ومشيتُ بها في شارع سوق المدينة فرحاً ، فرآني الشّاعر كاظم جهاد أحملها ..
قال : كيف اشتريتُها ؟
قلت : سرقتُ أبي..
فاحتجّ عليَّ..
بعد سنواتٍ طويلة ، و في بغداد ، أخذ السّارقُ يدعو- مع آخرينَ - إلى كتابة شعريّة أخرى ، سُمّيَت : الكتابة الجديدة ، أو الحداثة الشعرية العراقيّة..
 لكنّني كنت أكتبُ كلّ عام، منذ أواخرالسبعينيّات، في ذكرى موت
 ا لسّيّاب مقالاً.. وفي الوقت نفسه أنشر كتاباتي الأخرى عن حداثتنا
العراقيّة في الشّعر..
بل انّني أكاد أكونُ أوّلَ من كتبَ عن أهميّة قصيدتِهِ الرّائعة : في اللّيل.. وأقول ،أكاد ، لأنني في ذلك الوقت : أواخر السبعينيّات لم أكن قد قرأتُ مقالاً واحداً عنها بلْ ربّما لم أقراْ إشارة واحدة..
وعدت إلى الكتابة عنها ثانيةً في عام 1981 كما أذكر.. حين تناقشنا حول ما كتبتُ ، أنا وصديقي اليوميُّ ، حسب الشّيخ جعفر ، قبل أن تفصلنا دعاوى الحداثة وأشياء أخرى ، في بار القصر الفضيّ ، في شارع أبي نؤاس في بغداد ، وكنّا نذهب إليه بعد أنْ اُغلِقَ اتّحاد الأدباء بقرار من منظّمة الجيش الشّعبيّ  في المنطقة، لضياع  رشّاشة نادل بارِ النّادي في الإتّحاد..
وحين كنتُ طالباً في كلّية الفلسفة والآداب في جامعة مدريد المستقلّة كتبتُ بحثاً عن القصيدة ذاتها ، كما قمتُ بترجمتها إلى اللّغة الإسبانيّة وأرفقتُ التّرجمة مع البحث ، وهو موجودٌ ، حسبَ ما أعلم ، في مكتبة الكلّيّة ..
لكنّني حين انتبهتُ  ، في بغداد ، إلى أنّ بعضاً من الشّعراءِ أخذَ ينحو منحىً لغويّاً لا بلْ تجريديّاً في الشّعر ، ندمَ عليه في ما بعد، وانتبهتُ إلى تأثّرِعددٍ من شبّان الجيل الّلاحقِ به ، خفتُ على إرثي الشّعريّ ..
كنتُ أجلسُ مع الشّاعرِ المتاثّرِ بالمنحى التجريديّ حزيناً فأسأله عن قراءاتهِ ، وحين لا يقول شيئاً عن بدر.. أحزن أكثر..
تذكّرتُ سرقتي لأبي واحتجاجَ كاظم جهاد.. وبكيتُ..
وكتبتُ : السّيّابُ أبي..
ودفعتُ المقالَ إلى النَّشرِ في ذكرى لموته..
لم أشرْ في المقال إلى السّرقة .. فأخلاقُ الكتابة في جريدة تملكها دولةٌ ، كما تلك الدّولة، هي غيرُها في جريدةٍ أخرى.. وقد احتجّ عليّ بعد نشرهِ عددٌ من المتأثرينَ بالمنحى التّجريديّ في الشّعر، أحدهم صرخَ: أحقّاً كمال سبتي أنتَ ؟ قلتُ نعم ، وسوف ترى في المستقبل أكثرَ من هذا..
وأخذنا ، كلّنا بعد ذلك ، نخوضُ سجالاتٍ بيننا، أوبيننا وبين آخرين،  لتوضيحِ حداثتنا الشّعريّة العراقيّة ، حتّى لاتُؤخَذُ بجريرةِ أفكارٍ لا تتبنّاها فعلاً..
وبدأنا في مقهى حسن عجمي ، نسأل القادم الشاّبّ من الكلّيّة وقتَ الظّهرِ ، ماذا قرأتَ البارحةَ ، وماذا تحملُ اليومَ من كتبٍ ، أينَ بدر؟
بلْ انّ بعضَنا سمّى السّؤالَ الأخيرَ : سؤالَ اليوم.. والشّيء نفسُه كنّا نفعلُهُ في اتّحاد الأدباءِ..
في ما بعد ، عثرتُ في شارع السّراي على ترجمةٍ قديمةٍ  لكتابٍ لأراغون عن فيكتور هوغو..
يقول أراغون فيه انّ الشّعراء السّرياليّين اجتمعوا ذات مرة في ذكرى لهوغو.. وانه هو وبريتون وزّعا قصاصاتِ ورقٍ على الحاضرينَ طالبيْن من كلّ واحدٍ منهم : اعطاءَ درجةٍ مّا لهوغو..
وكانت المفاجأة : الجميع كتبَ : درجة َ صفر..
ويقول أراغون انه هو وبريتون لم تعجبهما النّتيجة فقرّرا قراءة كلّ هوغو حتّى الصّبح ، ليعطياه في النّهاية درجة مائة..
حين قرأتُ هذا في كتاب أراغون ضحكتُ..
 الآن ، أعني قبل أن أكتبَ الكلمة الأولى من هذه الكتابة سمعتُ الأغنية الشّهيرة من التلفزيون الهولندي :
Walk in the rain.. 
فتذكّرت نفسي عندما كنتُ بين الرابعة عشرة والخامسة عشرة من عمري ، أمشي ذات مرة تحـتَ المطر في سوق مدينتي ذاهباً إلى المقهى ..فرآني بعضهم .. فاعتقدَ بأنني أحبُّ المشيَ تحت المطر ..
فسمّاني السّيّابَ ، لإعتقاده بأنّ السّيّابَ كان يُحبّ المشيَ تحتَ المطر.. بسبب شهرةِ قصيدتِهِ أُ نشودة المطر.. فاشتهرت التّسمية..
ووفاءً لما كنتُهُ وما أنا عليه الآن ، وفاءً لتلك الأيّامِ في مدينتي ، وفاءً لأبي الفعليّ سبتي وأبي الشّعريّ بدر.. أكتب هذه الكلمات..

 



#كمال_سبتي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- حكاية في الحانة
- الشاعر شهيدا ..
- مكيدةُ المصائر
- آخرونَ قبلَ هذا الوَ قت
- حكاية في الحانة
- مكيدةُ المصائر
- القصيدة ملجئي الوحيد للثأر
- البلاد
- الحرب والشعر
- اِبْنُ رُشْد ..
- آخِرُالمُدُنِ المُقَدَّسَة
- جراح الضحايا
- أُدباءُ الحَفيز!
- جلسةٌ قبل الحرب
- فــي الأصــلِ الشـّـعـريّ


المزيد.....




- صحفي إيرلندي: الصواريخ تحدثت بالفعل ولكن باللغة الروسية
- إرجاء محاكمة ترامب في تهم صمت الممثلة الإباحية إلى أجل غير م ...
- مصر.. حبس فنانة سابقة شهرين وتغريمها ألف جنيه
- خريطة التمثيل السياسي تترقب نتائج التعداد السكاني.. هل ترتفع ...
- كيف ثارت مصر على الإستعمار في فيلم وائل شوقي؟
- Rotana cinema بجودة عالية وبدون تشويش نزل الآن التحديث الأخي ...
- واتساب تضيف ميزة تحويل الصوت إلى نص واللغة العربية مدعومة با ...
- “بجودة hd” استقبل حالا تردد قناة ميكي كيدز الجديد 2024 على ا ...
- المعايدات تنهال على -جارة القمر- في عيدها الـ90
- رشيد مشهراوي: السينما وطن لا يستطيع أحد احتلاله بالنسبة للفل ...


المزيد.....

- مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة / د. أمل درويش
- التلاحم الدلالي والبلاغي في معلقة امريء القيس والأرض اليباب ... / حسين علوان حسين
- التجريب في الرواية والمسرح عند السيد حافظ في عيون كتاب ونقا ... / نواف يونس وآخرون
- دلالة المفارقات الموضوعاتية في أعمال السيد حافظ الروائية - و ... / نادية سعدوني
- المرأة بين التسلط والقهر في مسرح الطفل للسيد حافظ وآخرين / د. راندا حلمى السعيد
- سراب مختلف ألوانه / خالد علي سليفاني
- جماليات الكتابة المسرحية الموجهة للطفل في مسرحية سندس للسيد ... / أمال قندوز - فاطنة بوكركب
- السيد حافظ أيقونة دراما الطفل / د. أحمد محمود أحمد سعيد
- اللغة الشعرية فى مسرح الطفل عند السيد حافظ / صبرينة نصري نجود نصري
- ببليوغرافيا الكاتب السيد الحافظ وأهم أعماله في المسرح والرو ... / السيد حافظ


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - كمال سبتي - شيءٌ عن السّيّاب : صِلَةُ قُربى..