|
المرأة بين التهميش و التفعيل
بابلو سعيدة
الحوار المتمدن-العدد: 2071 - 2007 / 10 / 17 - 12:21
المحور:
حقوق المراة ومساواتها الكاملة في كافة المجالات
الواقع العربي يمثل مجتمعاً ذكورياً /أبويا/ رعوياً . ويمتلك إرثاً تاريخياً مجحفاً بحق المرأة . وخلو مؤسسات العرش من سلطة الذكور ، أوصل عدداً من نساء الأسرة الحاكمة إلى تسلم السلطة في العصور التاريخية القديمة " بلقيس اليمنية - زنوبيا التدمرية - أروى وأسماء اليمنيتين " . كما أوصلت مخادع القصور السياسية ، بعض الحريم إلى إدارة مؤسسات العرش في العصور الوسطى " الخيزران وزبيدة العباسيتين - شجرة الدر المصرية " . وإن تسنّم المرأة للسلطة السياسية ، لم يكن احتراماً لها كامرأة فاعلة في حد ذاتها ، بل لأنها كانت امتداداً لقرابة تربطها بالســلطة الذكورية من آباء وأزواج وأبناء . وفي القصور السياسية في العصر الحديث، وصلت بعض النسوة إلى مراكز سلطوية قيادية. لأنهن كن امتداداً لسـلطة سياســــية ذكورية تجمع بينهما القرابة الدموية " أنديرا غاندي الهندية- بوناظير بوتو الباكستانية " . لقد استخدمت المرأة وســـيلة لا غاية ، للحصول على مناصب حكومية أنثوية ، توظف لصالح السلطة الذكورية . واعتبرت حكومات المدن أول شكل من أشكال التنظيم السياسي. وقبــل أن تظهـر حكومـات المــدن ، للضـوء التاريخي، كانت السلطة مؤنثة ... كانت جمهورية المرأة الأولى ، المحتكرة للسلطة ، تعدد الأزواج ، وتحميهم ، وترعاهم ، وتوزع لهم الأعمال والمهام ، وتلحق أبناءها بالأب / الزوج الذي تختاره . وتأثرت الجمهوريات التاريخية بعامّة وجمهورية أفلاطون بخاصة بمبادئ الجمهورية النسائية الأولى . وقبل 6500 سنة ، انهارت دولة النساء ، وظهرت دولة الرجال . وتكونت التابوات بظهور الملكيات ، ومن ثم ظهرت للضوء التاريخي الأدلجات الدينية لتعطي للملكية وللعائلة القداسات الحقوقية والقيمية . الذكور تزوجوا السلطة . وطلقوا الأكثرية الشعبية. ولم يكونوا يطمحون إلى تحرير العالم من العسكرة ، وأســلحتها التقليدية والنوويـة ، وأشعتها الليزرية، وعقولها الكمبيوترية الحربية ولم يعملوا على إيقاف الزحف السلبي، زحف الأغنياء نحو التخمة ، دافعين الفقراء باتجاه البطالة والفاقة . والتاريخ قديمه ووسيطه وحاضره ، يزدحم بنساء مبدعات وفاعلات في العلوم السياسية والإنسانية . ومن النســاء اللواتي تسنّمن مناصب قيادية في الثلث الأخير من القرن الفائت ، وفي ظلّ دولة الرجال ، " أنديرا غاندي الهندية - مارغريت تاتشر البريطانية- بناظير بوتو الباكستانية -جولدا ماير الاسرائيلية- بندرانايكا السيريلانكية- تومسون تشيلر التركية- سيدة فنلندية أصبحت عام 2000 رئيسة الجمهورية- كورزان اكينو- غلوريا الفيليبينية أصبحت رئيسة الجمهورية 2001 - سونيا غاندي الهندية- سيدة فرنسية انتخبت عام 1979 رئيسة البرلمان الأوروبي- سيدة فرنسية أخرى انتخبت عام 1999 رئيسة البرلمان الأوروبي- ونساء أخريات في طريقهن إلى تسلم مراكز قيادية متقدمة في القرن 21 وفي طليعتهن كونداليزا رايز وزيرة الخارجية الأميركية ، والسيدة هالونين رئيسة جمهورية فنلنده ". يعزى وصول المرأة إلى منصب رئيس دولة أو حكومة وحزب، إلى وجود اعتبارات سياسية توازنية بين كتل ذكورية ، تتنافس فيما بينها ، وصولاً إلى تسلم السلطة الحزبية والسياسية . والإناث اللواتي تسـلمن مراكـز قيـادية في النصف الثاني من القرن الفائت ، امتلكن جينات حاملة بذور عسكرة الحضارة كالذكور . وعملن على خدمة المؤسسات الذكرية لا الأنثوية . قد نجد في الجيوش الشمالية ، بعض المجندات والمتطوعات ، والقصد ليس تأنيث العسكرة ، بل ذكرنة الأنثى ، ودفعها باتجاه عسكرة الحضارة . وفي عديد من دول الجنوب ، لا يوجد فيها برلمانات ولا نائبات ، في حين تصل نسبة النساء البرلمانيات في الدول الاسكندنافيه إلى 40% وهي أعلى نسبة تصل إليها المرأة في البرلمانات العالمية . في التـاريخ القديم ، كانت سـلطة الملكـات بلقيس اليمنية ، والزباء التدمرية ، وكليوباترا المصرية ، وسميرامات العراقية، سلطة فعلية موظفة لخدمة المؤسسات الذكورية لا الأنثوية . في الأزمنة التاريخية اللاحقة ، اعتمد التأريخ العربي ، التفرقة الجنسية العنصرية . وقام بتفعيل دور الرجال ، وتهميش دور النساء . الرجال يقومون بتهميش دور النساء ، والنساء يقمن بتهميش ذواتهن ! لأن الموروث أوصى بخضوع النساء لطاعة بعولهنّ في إطار الشرع . وأن يخضع الشعب للحاكم في إطار الشرع والقانون . وتبقى الفجوة واسعة بين الأقوال والأفعال . أما في التاريخ الحديث ، وتحديداً في الثلث الأخير من القرن الفائت ، فقد وظّفت سلطة المرأة لخدمة المؤسسات الذكورية . ولا بد من شروق شمس الأنثى ، لمشاركة الرجل في صناعة القرار السياسي والاقتصادي والعسكري والنقدي والاجتماعي ، لتصبح المرأة معادلاً طبيعياً للرجل ، عندما تتربى تربيته ، وتتحمل مســؤولياتها ، وتحصل على حقوقها من خلال جديتها بمواجهة متاعب الحياة ، وتصل إلى منزلة رفيعة من الحرية والوعي في أدبيات سيمون دي بوفوار. وفي النصف الثاني من القرن الراهن ، ستؤنث السلطة في البلدان الديمقراطية كالولايات المتحدة ، وألمانيا ، وإيطاليا كما يرى فرانسيس فوكوياما . وتنهزم تدريجيــــاً النزعة العدوانية الحربية لســلطة الذكور. وتنتصر تباعاً النزعة السلمية/ الإنسانية/ الجمالية لســلطة النساء . وتوظف الصواريخ والمركبات الفضائية ، والأقمار الاصطناعية ، والثورة المعلوماتية لصالح السلم والرّفاه والحرية . ويتم تنقية الايكولوجيا من التلوث المادي والفكري والروحي . لأن واقع المرأة العام أقرب إلى الدبلوماسية من واقع الرجل . وتمتلك مرونة عاليــة المســـتوى ، في تعاملها مع النسـيج الاجتماعي ، وشفافية إنسانية/ سلمية . لأنها أم حقيقية للأبناء وللوطن وللأمة . لذا يبقى حضور المرأة الســياسي/ العسكري/ الأمني /الاقتصادي/ الثقافي ضرورة تاريخيـة ملّحة لوضع حدّ لهيمنة الذكور القائمة على عسكرة الحضارة، وتفريغ خزائن الجنوب، لتضييق دوائر الفقر والبطالة وأفعال الأمر. وتطمح دولة النســاء المفترضة ، إلى اســـتئصال بذور الشر والأشرار ، وتأنيس الدين، والشعر ، والمعلومة ، والإنسان ، ووضع حد لسلطة الاستهلاك والإعلان . كانت المرأة في النصوص ، والحكايات الشعبية، والأقوال المأثورة ، والحياة اليومية في الشرق العربي، موضوعاً للمبدعين، ومصيدة للعاشقين، ومكيدة للآخرين . ونظر الخطاب الأدبي إلى المرأة الشــرقية ، نظرة بايلوجية صرفة لا نظرة إلى امرأة تمتلك دماغاً وروحاً . ولا يحق لها أن تمارس أية دعابة أو هواية . وحجب الخطاب الأدبي ، صوت المرأة . وحجبت المتخيلة التاريخية ، وجه المرأة عن أعين البشر وآذانهم . ويبقى جسد المرأة مشكلة أساسية في حياتها اليومية . لأن الذكور صادروا حق المرأة التاريخي في تعاملها الحر والعقلاني مع جسدها وكلماتها . ولم يخــرج الخطــاب الأدبي المتبادل بين الجنســين عن كونه خطاباً غزلياً للعشـــق العذري / الصوفي . واعتبرت المواهب الفردية ، المرأة موضوعاً لها ، وملهمة لإبداعاتها . وتوجد علاقة حميمة وتفاعلية بين المرأة الجميلة الرائعة والأنوات المبدعة . (( إن ما كتبه آراغون عن عيون إلزا هو أجمل من عيون إلزا التي ستشيخ وتذبل . وما كتبه نزار قباني عن ضفائر بلقيس أجمل بالتأكيد من شعر غزير ، كان محكوماً عليه أن يبيضّ ويتساقط. وما رسمه ليوناردو دفانشي في ابتسامة واحدة للجوكانده ، أخذ قيمته ليس في ابتسامة ساذجة للموناليزا ، وإنما في قدرة ذلك الفنان المذهلة على نقل أحاسيس متناقصة ، وابتسامة غامضة تجمع بين الحزن والفرح في آن واحد)) (1) . التي يخجل القمر منها عندما يشع النور من عينيها، والأرض تهتز طرباً عندما تسمع أغانيها، والبحر - JOULYANA وما كتبه بابلو نثرا لا شعرا عن يشعر بالدفء عندما يلامس خلاياها، والثلج بشـعر بالغيرة عندما يرى وجهها-هو تعبير رمزي/ إيحائي عن تلازم وتلاحم أبديين بين الإنسان والطبيعة، وحب جارف بين قوتين لكائنين عاشقين إلى آخر لحظة من تاريخهما . ويوجد في عالمنا العربي ، امرأة كاملة وفق القانون العام ، وامرأة منكسرة وفق قانون الأحوال الشخصية ، وامرأة مختفية وفق الأعراف والتقاليد . (( يوجد في عالمنا العربي ، في وقت واحد، امرأة كاملة وأخرى منكسرة وثالثة مختفية )) (2) في مجتمع تسود غالبيته الأمية التعليمية والثقافية والكمبيوترية . ووجــدت فيه خـلال الأزمنة التاريخية بعض المنتديات الفكرية ، ومن أهمها منتدى سكينة بنت الحسين في المدينة المنورة . ومنتدى ماريانا في مدينة حلب السورية في القرن 19 . ومنتدى مي زيادة في القاهرة، القرن العشرين . ومنتدى كوليت خوري في دمشق ، في القرن الراهن . واستطاع الأدباء والمفكرون أن يذكروا المنتديات السمرية / الأدبية . وقد ذكّروا المؤنث والتاريخ والجغرافية . (( وهنا تنتهي المرأة فريسة للرجل الذي عاقبها أقسى عقاب ، لأنها تسللت إلى مملكته ، وتحرشت بسلطانة )) (3) . وكانت مي زيادة أول ضحية مبدعة من ضحايا التاريخ الأدبي ، في حين كان خطـاب غادة الســمان ، وســعاد الصباح وكوليت خوري ، ونوال السعداوي ، وأحلام مستغانمي، وفاطمة المرنيسي خطاباً اقتحامياً لذكورية اللغة والتاريخ والذاكرة والذكر والجغرافية . الإناث قوى منتجة ، والفاعلات منهن يمتلكن أجسادهن وكلماتهن . ويساهمن مع الجنس الآخر في تحمّل مسؤولياتهن التاريخية . لذا لا بد للنسـاء الفاعلات من مشاركة الرجال في الشؤون السياسية والاقتصادية ، ومؤسسات المجتمع المدني ، والمنظمات غير الحكومية، والمؤسسات الدستورية .
#بابلو_سعيدة (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
الحرب و السلم
-
الجذر اللغوي والقصيدة الأولى
المزيد.....
-
الحياة الواقعية تحت وطأة الصراعات.. المرأة اليمنية في أدب وج
...
-
سن التقاعد للنساء في الجزائر 2024 الجريدة الرسمية بعد أخر ال
...
-
المجلس الوطني يدين جرائم الاحتلال ضد المرأة الفلسطينية ويطال
...
-
وزارة المالية : تعديل سن التقاعد للنساء في الجزائر 2024.. تع
...
-
المرأة السعودية في سوق العمل.. تطور كبير ولكن
-
#لا_عذر: كيف يبدو وضع المرأة العربية في اليوم العالمي للقضاء
...
-
المؤتمر الختامي لمكاتب مساندة المرأة الجديدة “فرص وتحديات تف
...
-
جز رؤوس واغتصاب وتعذيب.. خبير أممي يتهم سلطات ميانمار باقترا
...
-
في ظل حادثة مروعة.. مئات الجمعيات بفرنسا تدعو للتظاهر ضد تعن
...
-
الوكالة الوطنية بالجزائر توضح شروط منحة المرأة الماكثة في ال
...
المزيد.....
-
الحركة النسوية الإسلامية: المناهج والتحديات
/ ريتا فرج
-
واقع المرأة في إفريقيا جنوب الصحراء
/ ابراهيم محمد جبريل
-
الساحرات، القابلات والممرضات: تاريخ المعالِجات
/ بربارة أيرينريش
-
المرأة الإفريقية والآسيوية وتحديات العصر الرقمي
/ ابراهيم محمد جبريل
-
بعد عقدين من التغيير.. المرأة أسيرة السلطة ألذكورية
/ حنان سالم
-
قرنٌ على ميلاد النسوية في العراق: وكأننا في أول الطريق
/ بلسم مصطفى
-
مشاركة النساء والفتيات في الشأن العام دراسة إستطلاعية
/ رابطة المرأة العراقية
-
اضطهاد النساء مقاربة نقدية
/ رضا الظاهر
-
تأثير جائحة كورونا في الواقع الاقتصادي والاجتماعي والنفسي لل
...
/ رابطة المرأة العراقية
-
وضع النساء في منطقتنا وآفاق التحرر، المنظور الماركسي ضد المن
...
/ أنس رحيمي
المزيد.....
|