|
تصورات حول المستقبل السياسي لفلسطينيي الداخل
عدنان بكريه
الحوار المتمدن-العدد: 2071 - 2007 / 10 / 17 - 12:20
المحور:
القضية الفلسطينية
كثرت في الفترة الأخيرة النقاشات المتعددة والمختلفة حول الوضعية السياسية للأقلية الفلسطينية في الداخل اثر التقلبات السياسية العالمية والعربية وبالتحديد بعد تدهور القطار الفلسطيني وانقطاع خيوط الأمل في إيجاد حل منصف للقضية الفلسطينية التي تخصنا نحن أيضا مثلما تخص إخواننا الفلسطينيين والعرب أينما تواجدوا واثر الاقتتال الفلسطيني الذي أوصل الشعب إلى حدود التقاطب الحاد الذي وان حاولنا مسح اثاره ، إلا انه من الصعب جدا إعادة المياه إلى مجاريها وإعادة اللحمة لأبناء الشعب الواحد ..أمام هذه المعطيات والتي أضعفت الموقف الفلسطيني وجعلت الولايات المتحدة وإسرائيل تستغل هذا الضعف لفرض حلول هشة لا تتفق مع الحد الأدنى للثوابت الفلسطينية . وهنا أنا لست بصدد مناقشة الواقع الفلسطيني بل بصدد مناقشة وضعية الأقلية الفلسطينية في الداخل والتي تتأثر بكل انهيار قد يحصل على المستويين الفلسطيني والعربي. والسؤال المطروح اليوم وفي ظل المعطيات الماثلة أمامنا وفي ظل سياسة الاضطهاد القومي والتمييز العنصري الذي يمارس ضدنا والذي لم يتغير منذ أكثر من نصف قرن بل ازدادت حدته مع مرور الزمن.. كيف بإمكاننا صياغة مستقبلنا السياسي هنا في الداخل وتحت سقف الديمقراطية الإسرائيلية المنخفض ؟؟ وهل مشاركتنا في اللعبة الانتخابية للكنيست أتت بالفائدة على جماهير شعبنا في الداخل ؟ ليس من الصعب الإجابة على هذه التساؤلات والتي تطفو على السطح بين الفينة والأخرى بعد الفشل الذر يع الذي مني به العمل البرلماني للأحزاب العربية الممثلة في الكنيست الإسرائيلي خاصة وان قدرتها بالتأثير على القرار السياسي وحتى الاجتماعي الإسرائيلي يكاد لا يذكر إن لم يكن معدوما وشعبنا هنا ليس بحاجة لدمى تتحرك على مقاعد الكنيست الإسرائيلي لا حول لها ولا قوة .. شعبنا ليس بحاجة لمخاتير جدد ! إن المشاركة في الانتخابات البرلمانية الإسرائيلية أساءت للتركيبة الحزبية والاجتماعية لفلسطينيي الداخل وأحدثت تقاطبا حادا هنا نتجة للتحزبات والتناحرات التي لم تتخذ يوما ما طابعا فكريا ، بل إن أساس هذه الانقسامات والتناحرات هي اللعبة الانتخابية والتناحر على الصوت العربي ومن سيكسبه .. لذا فان التنافس بين الأحزاب العربية والتناحر يعتمد على الشعارات أكثر مما يعتمد على البرامج والأجندة السياسية من هنا فان المشاركة في اللعبة الانتخابية أساءت لوحدة الفلسطينيين هنا وأضعفت صلابة موقفهم ! أما الأمر الهام إن مشاركتنا في انتخابات الكنيست شكل خدمة لإسرائيل وتبييضا لوجهها الديمقراطي الذي تدعيه!! نحن بيضنا الهامش الديمقراطي الضيق لإسرائيل وأعطيناها الذريعة للتبجح بأنها دولة ديموقراطية تسمح للمواطنين العرب بالمشاركة في الانتخابات وتمنحهم التمثيل ! رغم إن هذا التمثيل يبقى تمثيلا شكليا ليس له أي تأثير. إنني أتحدى أعضاء الكنيست العرب إذا ادعوا أنهم حصدوا مكسب سياسي اجتماعي واحد وهام خلال تواجدهم في البرلمان ، إذا ماذا يعني بقاؤنا ومشاركتنا في الانتخابات غير المكاسب المادية والنفعية الخاصة لعضو الكنيست من الامتيازات والحصانة البرلمانية الخاصة التي يحظى بها . من هنا وبناءا على ما ذكرت وعلى ضوء التجربة المريرة التي عايشناها أكثر من نصف قرن فأنني أرى بضرورة التفكير الجدي بترك هذه المهزلة المسماة (انتخابات كنيست) ومقاطعتها والاهتمام بصياغة أجندة وطنية وهيكلة الأقلية الفلسطينية هنا وفق ثوابت تخدم المواطنين وتخدم قضية شعبنا لان الضرر الذي لحق بالبنية السياسية لفلسطينيي الداخل شوه تركيبتهم السياسية والاجتماعية وخدم حكومات إسرائيل التي اتبعت وما زالت تتبع سياسة فرق تسد .. فهي معنية بتعميق الشرخ القائم بين الأطياف السياسية والاجتماعية ومعنية أيضا بالهاء الجماهير بقضايا جانبيه ومحورتها في صراعات هامشيه داخليه . إن الهيكلة السياسية والتنظيمية يجب أن تبدأ من أعلى الهرم القيادي من (لجنة المتابعة العليا) والتي للأسف الشديد أصبحت شبه مشلولة وعاجزة عن القيام بمهامها الوطنية والاجتماعية في ظل التناحرات القائمة بين مركبات هذه اللجنة ومحاولة بعض الاطر احتكارها وتسخيرها لخدمة غاياتها الذاتية واللجنة بحاجة إلى دخول غرفة الإنعاش المكثف وحتى لو دخلتها فلن تخرج معافاة لأنها وخلال السنوات القليلة السابقة لم تضطلع بدورها ولم تتفاعل بالشكل المطلوب مع القضايا الراهنة التي تواجه شعبنا .. حتى تحولت إلى عبء على الأقلية الفلسطينية وهنا لا أريد أن افصل زوايا العجز التي تقوقعت بها هذه اللجنة.. وحتى أنها ابتعدت عن هموم المواطن وفصلت نفسها عن قضايا شعبنا الوطنية محولة نفسها إلى حلبة صراع وتناحر فئوي وبناءا عليه فان الأغلبية الساحقة من أبناء شعبنا في الداخل تطالب وبحق بضرورة إيجاد إطار وهيكل تنظيمي وطني يمتلك ثوابت ومزايا تمثل رؤية الأقلية الفلسطينية هنا ويمتلك أجندة وطنية فاعلة ويضمن تمثيل كافة القوى الوطنية لفلسطينيي الداخل . ماهو المطلوب ؟
إن التصور الذي سأطرحه هنا اعتبره تصورا منطقيا للخروج من حالة الضياع ووضع حد لحالة التشرذم القائمة وهذا التصور لم انسجه من خيالي ولم اعتمد المهاترات ، بل إن نبض الشارع هو الذي يحدد التصور والرؤية المنطقية هي التي تحدده والإرادة الصلبة هي التي تجسده . في البداية بودي أن انوه إلى أن لجنة المتابعة بتمثيلها الكمي والنوعي لا تمثل نصف المجتمع العربي هنا وذالك لان مركباتها قائمة على المحاصصة الحزبية وهناك شرائح واسعة لا تنتمي لأي حزب كان .. هناك أيضا طاقات وقدرات علمية وإبداعية وأكاديمية هائلة لم تأخذ موقعها وحتى لم تسعى اللجنة إلى استثمارها في خدمة قضايانا الوطنية والاجتماعية، من هنا فأنني أدعو إلى ضرورة إقامة برلمان لفلسطينيي الداخل يتم انتخابه بشكل ديمقراطي ويحق لأي كان أن يرشح نفسه لعضوية هذا البرلمان أو الهيئة ( يتم تسميتها بالاتفاق ) عندها سنتحول فعلا إلى مجتمع ديمقراطي يعرف كيف ينتخب قياداته الوطنية المبدعة ويعرف كيف يصون أجندته الوطنية بعيدا عن التشنجات الحزبية والفئوية ويأخذ كل ذي حق حقه .. وقبلها علينا ترك مهزلة الكنيست وانتخاباتها والتي أضرت ضررا بالغا بالبنية الوطنية لفلسطينيي الخط الأخضر وشرذمت الصف الوطني إلى فئات تسعى وراء مصالحها الشخصية من خلال تواجدها في الكنيست ! إنني على يقين من انه لو تم تجسيد هذه الفكرة فلن ترى عضو كنيست في هذه الهيئة الجديدة لأنهم سينصرفون للأعمال المربحة ماديا ، خاصة وان هذه الهيئة الفلسطينية الداخلية لن تمنح أية امتيازات لأعضائها المنتخبين فالنضال الوطني لا يساوي كل أموال الدنيا .. النضال الوطني يحتاج إلى قليل من التضحية لأجل الشعب والوطن وحتى أن الناخب لن يمنح ثقته لأعضاء الكنيست فيما لو تحققت الفكرة وتم اختيار القيادة بشكل ديمقراطي.. ففلسطينيي الداخل لديهم الوعي الكافي ليفرقوا بين القمح والزوان بعد التجربة المريرة مع أعضاء الكنيست العرب ولجنة المتابعة العليا الذين لم يعودوا يلبوا متطلبات المرحلة بمعطياتها السياسية والاجتماعية . والأمر الهام والذي لا يقل أهمية عن الهيكلة التنظيمية وهو تحديد موقفنا من موضوع الهوية والصراع الفلسطيني الإسرائيلي بشكل واضح في إطار المجاز في القانون الإسرائيلي وهامشه الضيق ومحاولة التوفيق بين الارتباط المدني بالدولة والانتماء الوطني للشعب الفلسطيني وللأمة العربية وعدم اللجوء إلى نهج التأتأة والغموض في هذا الموضوع المصيري والهام ..ليس مطلوب منا فك ارتباطنا المدني بالدولة ، لكن ما هو مطلوب محاولة إيجاد صيغة تتناسب وتتلاءم مع واقعنا وازدواجيته .. واقعنا الخاص والحساس جدا وهو أننا نحمل المواطنة الإسرائيلية وفي نفس الوقت ننتمي للشعب الفلسطيني.. نحن جزء من الجرح الفلسطيني شاء من شاء وأبى من أبى ! وعلى هذا الأساس يجب أن نكون رؤية ناضجة لمستقبلنا السياسي ودورنا هنا في الداخل ودون ذالك سنبقى مهمشين إلى الأبد !
الدكتور عدنان بكريه – كاتب فلسطيني من إل 48
#عدنان_بكريه (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
مصر: الدولار يسجل أعلى مستوى أمام الجنيه منذ التعويم.. ومصرف
...
-
مدينة أمريكية تستقبل 2025 بنسف فندق.. ما علاقة صدام حسين وإي
...
-
الطيران الروسي يشن غارة قوية على تجمع للقوات الأوكرانية في ز
...
-
استراتيجية جديدة لتكوين عادات جيدة والتخلص من السيئة
-
كتائب القسام تعلن عن إيقاع جنود إسرائيليين بين قتيل وجريح به
...
-
الجيشان المصري والسعودي يختتمان تدريبات -السهم الثاقب- برماي
...
-
-التلغراف-: طلب لزيلينسكي يثير غضب البريطانيين وسخريتهم
-
أنور قرقاش: ستبقى الإمارات دار الأمان وواحة الاستقرار
-
سابقة تاريخية.. الشيوخ المصري يرفع الحصانة عن رئيس رابطة الأ
...
-
منذ الصباح.. -حزب الله- يشن هجمات صاروخية متواصلة وغير مسبوق
...
المزيد.....
-
الحوار الوطني الفلسطيني 2020-2024
/ فهد سليمانفهد سليمان
-
تلخيص مكثف لمخطط -“إسرائيل” في عام 2020-
/ غازي الصوراني
-
(إعادة) تسمية المشهد المكاني: تشكيل الخارطة العبرية لإسرائيل
...
/ محمود الصباغ
-
عن الحرب في الشرق الأوسط
/ الحزب الشيوعي اليوناني
-
حول استراتيجية وتكتيكات النضال التحريري الفلسطيني
/ أحزاب اليسار و الشيوعية في اوروبا
-
الشرق الأوسط الإسرائيلي: وجهة نظر صهيونية
/ محمود الصباغ
-
إستراتيجيات التحرير: جدالاتٌ قديمة وحديثة في اليسار الفلسطين
...
/ رمسيس كيلاني
-
اعمار قطاع غزة خطة وطنية وليست شرعنة للاحتلال
/ غازي الصوراني
-
القضية الفلسطينية بين المسألة اليهودية والحركة الصهيونية ال
...
/ موقع 30 عشت
-
معركة الذاكرة الفلسطينية: تحولات المكان وتأصيل الهويات بمحو
...
/ محمود الصباغ
المزيد.....
|