|
إستقلال الهند و القضية الفلسطينية
بطرس بيو
الحوار المتمدن-العدد: 2069 - 2007 / 10 / 15 - 11:52
المحور:
دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات
إن وعد بلفور هو من أكثر القرارات العالمية التي تتناقض مع حقوق الإنسان إذ بموجبها هجر شعب بآلألاف من موطنهم الأصلي ليعيشوا في المخيملت بحالة تعيسة في البلاد المجاورة وأسكنوا محلهم قوم قدموا من مختلف أرجاء العالم. مما لا شك فيه أن اليهود قاسوا من الإضطهاد سواء من المسيحيين أو الإسلام لقرون طويلة وجاهدوا لتأسيس وطن قومي لهم. و لكن تهجير شعب من موطنه الأصلي لإحلال شعب آخر إرضائاً لطموحاته إجراء تعسفي و لا يتطابق مع العدالة بشئ. إذا إستعرضنا تأريخ القضية الفلسطينية يتضح لنا أن الفلسطينيون و العرب بصورة عامة تصرفوا حسب ما تمليه عليهم عاطفتهم. كان من الواضح أن الدول العظمى مثل أميريكا و بريطانيا و حتى الإتحاد السوفييتي بضمنهم هيئة الأمم المتحدة مصرون على تأسيس دولة صهيونية في فلسطين رغم تنافي هذا الإجراء مع العدالة. و بما أن الدول العربية لا تمتلك القوة الكافية لمجابهة هذه الدول كان عليهم أن يتصرفوا بتعقل أكثر. فقد سنح للفلسطينيين عدة فرص لتأسيس دولتهم فرفضوها مصرين على إزالة إسرائيل من الوجود. نعم الجزء الذي كان مسموح لهم بإقامة دولتهم عليه محصور دون أي منفذ على البحر. ولكن هذا ما كان بإمكانهم الحصول عليه وكما قال الفيلسوف "ليس بألإمكان أحسن مما كان" و لكن كان وضعهم سيكون أفضل من وضعهم الحالي. إذا تعقبنا التطورات التي مرت عليها القضية الفلسطينية نجد وضع الفلسطينيين يزداد سوءاً بإظطراد مع تطور الأحداث. في عام 1923 عرض المندوب السامي البريطاني على الفلسطينين تشكيل مجلس تشريعي لهم ووكالة عربية فرفضوا بينما اليهود وافقوا على تشكيل وكالة يهودية على أن لا يشترك فيها الصهاينة مما زادت من مخاوف العرب بينما شعر اليهود بمزيد من الثقة. في تشرين الثاني (نوفمبر) من عام 1946 قررت هيئة الأمم المتحدة تقسيم فلسطين بين اليهود و العرب مما أعطى اليهود 55% من فلسطين و ال 2000 ميل مربع الباقية ضمت منها الضفة الغربية إلى شرق الأردن و غـزا إلى مصر فقوبل القرار برفض قاطع من الدول العربية. و عندما صرح بو رقيبة عـن وجوب التفاهم مع اليهود قامت الدنيا و لم تقعد و أتهم بالعمالة و الخيانة. في 15 أيار (مايس) عام 1948 تحركت جيوش مصرو شرق الأردن و سوريا و العراق وعبرت الحدود الفلسطينية و جرى القتال بين الجيوش العربية و الجيش الإسرائيلي وعلى أثرها هزمت الجيوش العربية. في حزيران (يونيو) 1967 طلب عبد الناصر من قوات الأمم المتحدة التي كانت تفصل بين مصر و إسرائيل بالإنسحاب. فإغـتـنمت إسرائيل الفرصة و بدأت بالهجوم. وقد إشتركت جيوش مصر و سورية و الأردن في هذه المعركة. فإندحرت الجيوش العربية في ستة أيام ونتج عن ذلك إستيلاء إسرائيل على كافة الأراضي الفلسطينية و مرتفعات الجولان السورية و صحراء سينا. إن عبدالناصر كما هو معلوم من خلفية عسكرية و كان من المفروض أن يدرس إمكانبات جيشه بالمقارنة مع جيش العدو قبل أن يقوم بهذه الخطوة إذ سببت هذه الحرب كارثة كبرىعلى الفلسطينيين و العرب. فبعد أن كان العرب مزمعين أن يرموا إلإسرائيليين في البحر أصبحوا الآن يطالبون بإسترجاع الأراضي المحتلة. في عام 1975 إشترك الفلسطينيون في إجتماع للدول العربية في جنيف للإتفاق حول إسترجاع الأراضي المحتلة و تشكيل دولة فلسطينية في الضفة الغربية فرفض الفلسطينيون التفاوض مع إسرائيل. و رغـم قرار هيئة الأمم المتحدة رقم 242 بإنسحاب إسرائيل من الأراضي المحتلة إسرائيل رفضت الإنصياع لهذا القرار كما رفضه المجلس الوطني الفلسطيني .
في عام 1976 بدأ أنور السادات حرباً مباغـتة ضد إسرائيل و عبرت الجيوش المصرية قناة السويس و فوجئ الجيش الإسرائيلي بهذا لهجوم و اسرعت الولايات المتحدة بتزويد إسرائيل بالأسلحة جوا.ثم قام شلرون بعبور القناة في الديفرسوار و حوصر الجيش الثالث المصري. و توصل الطرفان إلى هدنة بقرار من هيئة الأمم المتحدة. في تشرين الثاني (نوفمبر) 1977 ذهب السادات إلى إسرائيل و وقع إتفاقاً مع الإسرائيليين بتأسيس دولة فلسطينية في الضفة الغربية. لكن الفلسطينيون رفضوا هذا الإتفاق. و الآن دعوني أسرد لكم كيف حصلت الهند على إستقلالها. كان غاندي ضد السيطرة البريطانية على الهند. إلا أنه عندما بدأت الحرب العالمية الثانية تعاون مع البريطانيين في تزويد البريطانيين بالأفراد لجيشهم. و لكنه بعد إنتهاء الحرب بدأ بالمقاومة السلمية المعروفة. فقاطع المصنوعات والمؤسسات البريطانية و قام بمظاهرات سلمية مع أتباعه. فقابل الجيش البريطاني هذه المظاهرات بالعنف حتى أن أحد الضباط الإنكليز قال إن تصرف هؤلاء تحطم أعصابنا ليتهم يجابهوننا بالعنف. و في إحدى المرات ذهب غاندي مع أتباعه لإستخراج الملح من البحر و كان ذلك مخالفاً للقانون. فألقي القبض عليه و سيق إلى المحكمة. فعندما دخل غاندي قاعة المحكمة وقف الحاكم الإنكليزي إحتراماً و إجلالاً له ثم عبر عن أسفه قائلاً أنه مضطر لتطبيق القانون رغم أن ذلك يخالف رغـبته. و عندما ذهب غاندي إلى إنكلترة إستقبله الشعب البريطاني كبطل. و كان أحد المبشرين البروتستان يحاول جهده لإقناع غاندي بإعتناق المسيحية و فشل. و ذكر في كتابه ان من جملة الأمثولات في العهد الجديد أن صاحب مزرعة دعى إبنه الكبير و طلب منه أن يحرث الأرض فاجاب بالقبول و لكنه لم يقم بهذا العمل فدعى إبنه الأصغر فرفض أن يقوم بالعمل و لكنه ذهب و حرث الأرض. و يضيف هذا المبشر أن غاندي هو كالولد الصغير و المسيحيين في أنحاء العالم هم كالولد الكبير. فرغم أنه رفض أن يتنصر إلا أنه إتبع تعاليم المسيح. إن سمعة غاندي إنتشرت في جميع أنحاء المعـمورة و هو يذكر بإحترام و تبجيل و ذكراه ستبقى نوراً للناس من جميع الأجناس. هناك فارق كبير بين مقاومة غـاندي لسيطرة الأجنبي و بين مقاومة الفلسطينيين و العرب. تقوم بعض تشكيلات الفلسطينيين بأعمال إرهابية. هل سألوا أنفسهم ماذا سبحصلون عليه كنتيجة لهذه الأعمال؟. ذات مرة سألت أحد الإسرائيليين في إجتماع في أوربا، هل تؤثر عليكم الأعمال التفجيرية التي يقوم بها الفلسطينيون فقال إنها كوخزات ابرة. نعم هذه الأعمال تنغـص عيشة اليهود و لكنها سوف لا تؤدي إلى أن يحملوا عفشهم و يغادروا إسرائيل. إذا كانت الجيوش لأريع دول عربية لم تستطع إنجاز شيئاً فهل يسنطيعون هؤلاء بإمكانياتهم المحدودة تحرير فلسطين؟ كلما يحصلون عليه هو طمس سمعة العرب و المسلمين في الوحل لدى الدول الغربية و تقتيل و تهجير الفلسطينيين أنفسهم و تنغيص عيشتهم ويجعلون الغرب يعطف على اليهود و ينحاز إلى جانبهم. لو فرضنا أن الفلسطينيون إتبعوا أسلوب غاندي في المقاومة و يتصرف الإسرائيليون كما تصرف البريطانيون في الهند ماذا ستكون النتيجة؟ مما لا شك فيه أنهم كانوا سيجلبون عطف العالم و سوف لا يكون بمقدورالإدارة ألأميريكية تحت ضغط شعبهم و العالم أجمع إلا أن تنحاز إلى العرب و تحاول بكل طاقتها مساعدتهم. إني أحلم أن يظهر رجل بين الفلسطينيين مثل غاندي.
#بطرس_بيو (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
الحلم الذي حلم به مارك توين
-
علم التنجيم قديماً و حديثاً
-
العقل عند المتدينين
-
هيروشيما
-
ألأنبياء الحقيقيين
-
النقل و الإقتباس في الموسيقى و الأدب
-
النقل و الإقتباس في الأدب و الموسيفى
المزيد.....
-
ماذا قالت أمريكا عن مقتل الجنرال الروسي المسؤول عن-الحماية ا
...
-
أول رد فعل لوزارة الدفاع الروسية على مقتل قائد قوات الحماية
...
-
مصدران يكشفان لـCNN عن زيارة لمدير CIA إلى قطر بشأن المفاوضا
...
-
مباشر: مجلس الأمن يدعو إلى عملية سياسية شاملة في سوريا بعد ف
...
-
الإدارة الأمريكية توضح جهودها لـ-تهدئة التوترات- بين تركيا و
...
-
عائلات فلسطينية ترفع دعوى على الخارجية الأمريكية بسبب دعمها
...
-
نهاية أسطورة الاستبداد في المنطقة
-
-ذي تلغراف-: الولايات المتحدة قد تنشر أسلحة نووية في بريطاني
...
-
-200 ألف جثة خلال 5 سنوات-.. سائق جرافة يتحدث عن دفن الجثث ب
...
-
وليد اللافي لـ RT: البرلمان الليبي انحاز للمصالح السياسية وا
...
المزيد.....
-
الانسان في فجر الحضارة
/ مالك ابوعليا
-
مسألة أصل ثقافات العصر الحجري في شمال القسم الأوروبي من الات
...
/ مالك ابوعليا
-
مسرح الطفل وفنتازيا التكوين المعرفي بين الخيال الاسترجاعي وا
...
/ أبو الحسن سلام
-
تاريخ البشرية القديم
/ مالك ابوعليا
-
تراث بحزاني النسخة الاخيرة
/ ممتاز حسين خلو
-
فى الأسطورة العرقية اليهودية
/ سعيد العليمى
-
غورباتشوف والانهيار السوفيتي
/ دلير زنكنة
-
الكيمياء الصوفيّة وصناعة الدُّعاة
/ نايف سلوم
-
الشعر البدوي في مصر قراءة تأويلية
/ زينب محمد عبد الرحيم
-
عبد الله العروي.. المفكر العربي المعاصر
/ أحمد رباص
المزيد.....
|