|
الوضع في العراق بين سندان ايران ومطرقة امريكا !!
عبدالله صالح
(Abdullah Salih)
الحوار المتمدن-العدد: 2067 - 2007 / 10 / 13 - 12:08
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
احدى النتائج المباشرة للاحتلال الامريكي للعراق هو التدخل المباشر وغير المباشر للجمهورية الاسلامية الايرانية في العراق وذلك عن طريق الاحزاب والجماعات الاسلامية والقومية وميليشياتها ، فالعراق ومنذ الاحتلال اصبح تحت سيطرة ونفوذ هذه القوى الظلامية . ما تسمى بالحكومة العراقية ليست سوى سلطة ميليشيات الاحزاب المشاركة في الحكم ، حكومة ضاق بها الذرع فتجمعت والتم شملها في بضع كيلومترات مربعة من بغداد تسمى بالمنطقة الخضراء . اجواء الاحتلال هذه وفرت مناخا لتقسيم مناطق النفوذ بين هذه الميليشات، فالحزبيين القوميين الكرديين في كردستان بمليشياتهما وبرلمانهما وحكومتهما سيطرا على هذا الجزء من العراق وتقاسما فيه السلطة و الثروات ومناطق النفوذ . الميليشيات الاخرى في وسط العراق كالقاعدة والمنظمات القومية المختبئة تحت عباءة ما يسمى بـ " الاسلام السني " اصبحوا هم المتنفذين في هذا الجزء من العراق في غياب شبه تام لما يسمى بالحكومة العراقية ، وقد انظم الى هذه الجماعات المسلحة مؤخرا ما يسمى بصحوة العشائر. الجنوب العراقي تتحكم فيه ميليشيا " جيش المهدي " الموالية قلبا وقالبا لايران حيث اصبحت هذه الميليشيا الحاكم الفعلي والمسيطر على معظم هذه المنطقة ، تحبس وتقتل وتغتال وتسرق وتهجر دون اي رادع ، وقد امتد نفوذها الى بغداد من خلال بعض الاحياء الشعبية كمدينة الثورة والشعلة على سبيل المثال ، أما الميليشيات الاخرى في الجنوب فهي قوات بدر التابعة هي الاخرى لايران، هاتان القوتان اتفقتا مؤخرا على انهاء الخلاف بينهما فيما يخص تقاسم السلطة والنفوذ في الجنوب ، اضف الى كل ذلك القوات المسلحة العراقية المتشكلة في ضل الاحتلال والتي هي ليست سوى جزء حيوي من هذه الميليشيات وهي تمثل احزابها قبل ان تمثل سلطة الدولة . اما اوضاع المرأة فحدث ولا حرج ، ففي الجنوب الميليشيات تفرض وبقوة السلاح قوانين الشريعة الاسلامية بحذافيرها مما ضيق الخناق على اوضاع المرأة بدءً من الحرية الشخصية ومرورا بمنع مزاولة العمل وانتهاءً بالاغتيال والقتل ، كذلك في بغداد ومناطق الوسط حيث الميليشيات السنية ، اما في دوائر الدولة فالكثير من الوزراء يفرضون ارتداء الحجاب على الموظفات بقرارات شخصية ، وفي كردستان فجرائم القتل على الشرف لا زالت تمارس بقوة وامام مرأى ومسمع الحزبين الحاكمين . سياسيا الوضع ليس باحسن حال فالبرلمان الذي من المفروض ان يمثل سلطة الشعب ، لا يمثل سوى سلطة الاحزاب المساهمة فيه ، فقراراته تهيء وتطبخ مسبقا في مكاتب هذه الاحزاب لتعرض من خلال مسرحية تدعى التصويت وهكذا دواليك ، برلمان لا يوصت لقرار منافي لسياسة الاحزاب المتحكمة فيه . اما السلطة التنفيذية بدءً من مجلس الرئاسة وانتهاءً باصغر حقيبة ادارية لا يمثلون سوى سلطة وسياسة احزابهم وهم وزراء احزابهم وليسوا وزراء الحكومة . الفساد الاداري المستشري في هذه المؤسسة جعل من العراق في صدر قائمة الدول الناهبة لقوت وثروات شعوبها والمتهمة بالاختلاس للمال العام ، فالارقام تتحدث عن سرقة ما يقارب 18 مليار دولار منذ الاحتلال . أما الفقر والبطالة والمرض وانعدام الخدمات الاساسية ، الترحيل والتهجير وانعدام الامن فهي من السمات الاساسية للمجتمع في العراق. هذا الوضع المأساوي الذي يزداد سوء يوما بعد يوم يضاف اليه الصراع الدائر بين امريكا وايران في ساحة اسمها العراق ، كلا هذين الطرفين جربا حظوظهما بحذف احدهما للآخر ولم يتمكنا ، فكلاهما موجودان ، امريكا متواجدة عسكريا وبقوة ، ايران متواجدة سياسيا وبقوة وعسكريا من خلال المليشيات التابعة لها ، وحتى من خلال دعمها لعناصر القاعدة . الملف النووي الايراني وتصريحات احمدي نجاد النارية ضد امريكا واسرائيل ساهما في اشتعال الاوضاع بين هذين القوتين اكثر فاكثر ، فايران تستغل فشل امريكا في العراق وافغانستان لتزيد من ضغوطها على الطرف الآخر مدركة بان الفرصة مواتية الآن وعليها استغلال تلك الفرصة . الملف العراقي في مجلس النواب الامريكي اصبح ورقة ضغط بيد الدمقراطيين على الجمهوريين وفرصة لاسقاط الجمهوريين في الانتخابات الرئاسية القادمة . ان فشل امريكا في العراق والذي بات في حكم الواقع سوف لا يقتصر على العراق وحده وانما يتعداه اقليميا وعالميا ، حيث رقباء امريكا كالصين وروسيا ينتظرون هذه الفرصة ليجنوا ثمارنتائجها ، ولكن النتائج المباشرة لفشل كهذا سوف تنعكس على الوضع في العراق قبل غيره ، حيث ستفسح المجال لايران كي تتحكم بالوضع العراقي اكثر فاكثر ومن ثم تصبح القوة الاقليمية الاقوى في منطقة الخليج بالذات ، وستكون عاملا مهما لدعم التيارات الاسلامية الموالية لها في المنطقة كحزب الله في لبنان، وباختصار فان فشل امريكا في العراق سيقلب موازين القوى لصالح ايران والاسلام السياسي. هذه اللوحة المأساوية لمعناة الجماهير في العراق تفرض على مجمل القوى اليسارية والتقدمية الداعية لجلاء الاحتلال والاتيان بحكومة علمانية غير قومية ، تفرض عليهم رص الصفوف والوقوف بوجه هذا السيناريو الاسود الواجب التصدي له وانقاذ العراق من محنته المفروضة عليه من قبل قوات الاحتلال وايران وكذلك الدول الاقليمية الاخرى واعادة الوجه الانساني والمتمدن الى المجتمع في العراق .
#عبدالله_صالح (هاشتاغ)
Abdullah_Salih#
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
مؤتمر بوش ومحاولة الهروب الى الامام !!
-
الدمقراطية والوجه الحقيقي لحماس !!
-
تجربة حزب العدالة والتنمية في تركيا ، بين الاعتدال والتطرف !
...
-
حسن نصرالله وتهديداته الاخيرة لاسرائيل !؟
-
كلام لا بد ان يقال،!على ضوء المشاكل الاخيرة داخل اتحاد المجا
...
-
التهديدات الامريكية لايران ، الاسباب والنتائج
-
تشكيل الحكومة العراقية، ازمة امريكا أم ازمة الجعفري
-
العرب قي قممهم
-
العراق والقفز نحو المجهول !!
-
مصادر الارهاب تبحث عن سبل مكافحة الارهاب !!
-
الشيوعية العمالية في معترك النضال من اجل الاستحواذ بالسلطة أ
...
-
قيمة الانسان بين الحياة والمصالح
-
في ذكرى رفاقنا الذين ضحوا بحياتهم من أجل الاشتراكية
-
رياح الرفض والاصرار على التغيير قادمة من كردستان
-
فدرالية البرزاني والطالباني في مهب الريح ؟!
-
القوى الرجعية، أداة امريكا في العراق !
-
الفضائيات العربية وأزمة المصداقية !
-
شبح الارهاب
-
لا للأسلام السياسي ، لا لأمريكا
-
المزاج العام في العراق ليس اسلامياً
المزيد.....
-
هذا الهيكل الروبوتي يساعد السياح الصينيين على تسلق أصعب جبل
...
-
في أمريكا.. قصة رومانسية تجمع بين بلدتين تحملان اسم -روميو-
...
-
الكويت.. وزارة الداخلية تعلن ضبط مواطن ومصريين وصيني وتكشف م
...
-
البطريرك الراعي: لبنان مجتمع قبل أن يكون دولة
-
الدفاع الروسية: قواتنا تواصل تقدمها على جميع المحاور
-
السيسي والأمير الحسين يؤكدان أهمية الإسراع في إعادة إعمار غز
...
-
دراسة تكشف عن فائدة غير متوقعة للقيلولة
-
ترامب يحرر شحنة ضخمة من القنابل الثقيلة لإسرائيل عطّلها بايد
...
-
تسجيل هزة أرضية بقوة 5.9 درجة قبالة الكوريل الروسية
-
مقتل ثلاثة من أفراد الشرطة الفلسطينية بقصف إسرائيلي لرفح
المزيد.....
-
الخروج للنهار (كتاب الموتى)
/ شريف الصيفي
-
قراءة في الحال والأداء الوطني خلال العدوان الإسرائيلي وحرب ا
...
/ صلاح محمد عبد العاطي
-
لبنان: أزمة غذاء في ظل الحرب والاستغلال الرأسمالي
/ غسان مكارم
-
إرادة الشعوب ستسقط مشروع الشرق الأوسط الجديد الصهيو- أمريكي-
...
/ محمد حسن خليل
-
المجلد العشرون - دراسات ومقالات- منشورة بين عامي 2023 و 2024
/ غازي الصوراني
-
المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021
/ غازي الصوراني
-
المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020
/ غازي الصوراني
-
المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و
...
/ غازي الصوراني
-
دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد
...
/ غازي الصوراني
-
تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ
/ غنية ولهي- - - سمية حملاوي
المزيد.....
|