أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - شموس نجد - حوار رمضاني بين سلفي وعلماني














المزيد.....


حوار رمضاني بين سلفي وعلماني


شموس نجد

الحوار المتمدن-العدد: 2066 - 2007 / 10 / 12 - 11:42
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


في إحدى نهارات رمضان، وبينما كنت عاكفاً على أداء بعض الأعمال الروتينية، جاءني أحد الأصدقاء وزملاء العمل، وقد ارتسمت على محياه ابتسامة خبيثة لم أفهم مغزاها إلا فيما بعد. قال لي بعد أن ألقى ببعض الأوراق على مكتبي وبصوت لا يكاد يسمع: هل رأيت فلاناً وهو يتناول بكل وقاحة شطيرته ضارباً بعرض الحائط أننا في نهار رمضان؟
قلت: وماذا في ذلك؟... ربما كان مرخصاً له شرعاً لدواعي مرض أو ما شابه ذلك...ثم، هل تتوقع أن يجاهر أي إنسان رشيد بالأكل أو الشرب في مجتمع كمجتمعنا يتحين أي زلة ليوقع بفاعلها أشد العقاب؟
قال بكثير من التأفف: يا أخي!...لا تبدو عليه أي علامات مرض، بل أني أجزم أن صحته أحسن مني ومنك. وحتى لو كان مريضاً، فمن الأولى ألا يجاهر بالأكل أمامنا، ففي هذا استفزاز لمشاعرنا نحن الصائمين.
قلت فيما يدي تعبث "بالماوس" وعيناي ملتصقتان بشاشة "المونيتور": لا تهول الأمر! أي استفزاز يا صديقي لمشاعركم الهشة؟ ثم، لماذا لا تستفز مشاعرك عندما يتخلف هذا الرجل عن الصلاة التي هي عمود الدين والركن الأول من أركان الإسلام والمقدمة على الصوم؟ أم ترى أن صوت الجوع أقوى من أي شيء؟
لم يغالب صاحبي ضحكته وهو يقول: ما الذي يمكن لي أن أتخيل سماعه من "محامي الشيطان" سوى اجتراح الحلول والمبررات للخارجين عن الإسلام! أنت مفتي من نوع آخر...مفتي العصاة والمارقين من الإسلام
قلت: لماذا تعتبر إفطار شخص واحد تحدي صارخ لمشاعركم، فيما انتم تفرضون على غير المسلمين وبقوة القانون والدين والعرف أن يموتوا جوعاً وعطشاً حتى لا تخدش مشاعركم القابلة للكسر؟ ماذا لو كنت في بلاد أجنبية تفرض عليك الامتثال لطقوس لا تؤمن بها؟ أم ترى أنتم تحللون لأنفسكم كل شيء وتحرمون على غيركم كل شيء؟
ضرب صاحبي بيديه على المكتب، ثم نهض وقال بعد تنهيدة طويلة: لا فائدة من الكلام مع أمثالك فقد نسيت أني أتحدث إلى متطرف من نوع آخر. قالها بشيء من التودد والرفق، فنحن كلانا نلتقي عند أمور الدنيا ونفترق عند أمور الدين.
رفض صديقي قيام المسلم أو غير المسلم بالأكل أو الشرب نهار رمضان يشف عن خصلتين رديئتين تطبع – وللأسف – سلوك وفكر كل مسلم: أولهما تجاهل حقوق الغير، وثانيهما انتفاء البعد الروحاني في عباداته الدينية.
عملياً، لا يقيم المسلم، المنتفخ بنرجسيته الدينية والمنتشي بحظوته الإلهية، وزناً لحقوق الغير وحرياتهم. لقد أعزهم الله بالإسلام، وجعل فيهم خير الأديان وأعظمها، وجعل منهم خاتم النبيين والمرسلين، وأذل الكفار بكفرهم، وأخزاهم بصنعهم. في بلاد الإسلام، يدوس المسلم بقدمه على حريات الآخر متذرعاً بخصوصية المكان ومشاعر الأكثرية. يصادرون المسيح وبوذا وبراهما حتى لا " ينجسوا" البقاع المقدسة وتنكسر مشاعر الأكثرية "المرهفة". أما في بلاد الغرب، فيمتطي المسلم صهوة حقوق الإنسان ويتملق علمانية المجتمعات ليمارس طقوسه الدينية بلا خوف ولا وجل. يلعن المسلم ازدواجية معايير السياسة الأمريكية ونفاق المنظمات الدولية، ولا يعي هذا المسكين أنه من يمارس الازدواجية بكل امتياز وفي كل مسارات حياته اليومية.
انظر كيف كاد المسلمون أن يشعلوا في كل الدنيا حرائق لا تنطفئ بعدما عبث كاريكاتير في جريدة محدودة الانتشار وفي بلاد نائية بذات النبي محمد المطهرة. ملئوا الأرض صراخاً ولعناً وعويلاً. طالبوا الدنماركيين بتقبيل أيديهم وأرجلهم حتى يتوبوا عليهم ويصفحوا عن جريمتهم الكبرى. لا أظنهم غضبوا حقاً من رسم كاريكاتيري، بل وجدوا فيه ضالتهم المفقودة للتعبير عن ما تكنه صدورهم ن كره للغرب الكافر، ودليلاً ناصعاً على كراهية وحقد وتآمر الغرب على الإسلام وأهله. هل سمع أحدكم بصوت مبحوح ومرتعش يتساءل بخوف وحيرة: من هم الأحق بالاعتذار: نحن أم هم؟ ألسنا نحن من نستمطر لعنات السماء عليهم منذ بواكير الإسلام الأولى؟ ألسنا نحن من نحقرهم ونستهزئ بهم ونصفهم بالقردة والخنازير والحمير؟ هكذا هو حال "ابن الإله المدلل" يريد أن يملك كل شيء، وأن يسير على أجساد البقية، والويل كل الويل لم صرخ من الألم وقال: آه.

أما الخصلة الأخرى، فهي خواء العبادات الدينية من بعدها الروحاني. إن الصوم الذي يتأذى ويئن لرؤية شربة ماء أو قهوة ساخنة أو شطيرة لحم يشي بأن الصوم لم يحلق بعد فوق حاجة الجسد، تماماً كما تخور دفاعات المؤمن أمام صورة فاتنة عارية. الصائم الذي يجبر غيره على احترام مشاعره لم يتخلص بعد من صراعاته المادية مع الجسد ليدلف من بوابة الروح في صعوده مدارج السماء. كـأني بهذا الصائم – الذي يقال أنه يصوم ليخبر طعم الجوع المر مع الفقير المحتاج – يعاقب غيره من غير المسلمين بالحرمان من الأكل والشرب حتى يشاركونه هو بالذات لدغات الجوع.
لكي تتأكد أن الصوم لدى المسلم هو جسد قبل أن يكون روح، فعليك أن تستمع وتقرأ وتشاهد برامج الإفتاء طيلة شهر رمضان. لا تبرح الأسئلة عاماً بعد عام الجماع والاستمناء والدورة الدموية والغرغرة وبلع الريق، وكلها من وإلى الجسد. ولو لم يكن الصوم عذاب مادي للمسلم لما أصدر قبيل رمضان خطابات التحذير والتهديد لغير المسلمين. الأكل والشراب هما من يستفزان إيمان المسلم أما ترك الصلاة فلا تستفزه بشيء لإنها شيء معنوي، لا تمس حاجاته المادية.




#شموس_نجد (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- حتى لا يسقط السقف على رؤوسنا
- لماذا؟
- أسلمة اللغة....هذيان أصولي آخر
- ابن سبأ مازال حياً يرزق
- الشيوخ أعلم .... يا جهلة !
- هل أتاك حديث البطاطا التي أسلمت؟
- هل عرفنا الله بالعقل؟
- حتى الاقتصاد اختطفوه
- عندما -طاش- المعتدلون
- ثقافة العرب الشفهية: الوهم...السحر...والجهل
- وهابيات يومية
- لماذا فشلنا في كأس العالم؟
- الرأس إلى الأسفل والقدمان إلى الأعلى
- إيمان لا يبصر لكنه يقطع
- دور السياسي والديني في تخلف الثقافة العربية
- نعم...مازال الإنسان في مرحلة التعددية الإلهية
- تعالوا نشتم أمريكا
- حمائم غاندي ومانديلا أم صقور بن لادن والزرقاوي؟
- القانون في مواجهة المقدس والعرف.
- الثوابت في خطر


المزيد.....




- وزيرة داخلية ألمانيا: منفذ هجوم ماغديبورغ له مواقف معادية لل ...
- استبعاد الدوافع الإسلامية للسعودي مرتكب عملية الدهس في ألمان ...
- حماس والجهاد الاسلامي تشيدان بالقصف الصاروخي اليمني ضد كيان ...
- المرجعية الدينية العليا تقوم بمساعدة النازحين السوريين
- حرس الثورة الاسلامية يفكك خلية تكفيرية بمحافظة كرمانشاه غرب ...
- ماما جابت بيبي ياولاد تردد قناة طيور الجنة الجديد على القمر ...
- ماما جابت بيبي..سلي أطفالك استقبل تردد قناة طيور الجنة بيبي ...
- سلطات غواتيمالا تقتحم مجمع طائفة يهودية متطرفة وتحرر محتجزين ...
- قد تعيد كتابة التاريخ المسيحي بأوروبا.. اكتشاف تميمة فضية وم ...
- مصر.. مفتي الجمهورية يحذر من أزمة أخلاقية عميقة بسبب اختلاط ...


المزيد.....

- شهداء الحرف والكلمة في الإسلام / المستنير الحازمي
- مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي / حميد زناز
- العنف والحرية في الإسلام / محمد الهلالي وحنان قصبي
- هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا / محمد حسين يونس
- المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر ... / سامي الذيب
- مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع ... / فارس إيغو
- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - شموس نجد - حوار رمضاني بين سلفي وعلماني