أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - نايف أبو عيشه - مكافأة عيد العمال !















المزيد.....

مكافأة عيد العمال !


نايف أبو عيشه

الحوار المتمدن-العدد: 2066 - 2007 / 10 / 12 - 11:47
المحور: الادب والفن
    


توجه مع زملائه العمال لمكتب ادارة الشركة ليقبض راتبه الشهري , وفي قرارة نفسه كان ينوقع مكافأة بمناسبة عيد العمال وعلى الجهد المميز والتفاني في العمل وحضوره المبكر قبل العمال يوميا وتاخره عنهم وحرصه على ممتلكات الشركة كانها ملكا شخصيا له, خاصة بعد ان منحته ادارتها شهادة تقدير لجهوده . وقف بالطابور الممتد امامه وسرح بفكره بعيدا " بكره عيد العمال .الاولاد بدهم يروحوا رحلة وانا بروح ع المدينة بشتري اغراض الدار , ام حمدي بدها فستان جديد والبنت المريضة بدها دواء , وبدنا ندفع ميه وكهربا وبدنا شوال طحين ورز ولحمة وخضرة , وفي قسط للللغسالة والتلفزيون . والله ما كان له لزوم التلفزيون , ما طول عمرنا عايشيين بدونه . لكن معليش يا ابو حمدي زمانك غير . جيل اليوم بدهم تلفزيون واتاري وكومبيوتر ورحلات والعاب عمرنا ما شفناها . مش لو اجلنا التلفزيون او الغسالة كان احسن ؟ لكن الغسالة ضرورية كثير لان ام حمدي مسكينة ما عادت تقدر تغسل على ايدها . يلا ليش الحكي عاد يا ابو حمدي انت بتتعب عشان مين؟ مش عشان الاولاد وامهم . يلا خليهم ينبسطوا ولا تزعل ولا على بالك .والعيال بتيجي رزقتهم معهم . لكن المعاش ما بكفي الضروريات بعد غلاء الاسعار ونزول العملة , وما بعطونا زيادة الا بطلوع الروح , ويا ليتها محرزة . شوية قروش قال فيها كتاب رسمي , والله بيضحكوا علينا عينك عينك ., لكن يا عمي وين بده يروح الواحد ؟ ينزل ع اسرائيل والا يهاجر من البلاد ؟ والله الواحد ما هو عارف كيف يسوي بهالحياة " افاق من افكاره على صوت المحاسب يرحب به ويناوله الاوراق النقدية ويطلب منه التوقيع على سجل خاص بالرواتب , دسها في جيبه وغادر المكان وشعور بالارتياح والغبطة تملا نفسه فظل ممسكا بها في جيبه ليتاكد انها لن تهرب او تضيع وعندما ابتعد بضعة امتار خارج مبنى الادارة اخرج النقود من جيبه وبدا يعدها بتان وشعور بالغبطة يملأ نفسه الا انه فوجيء بعد عد النقود اكثر من مرة انها اقل من الشهر الماضي بخمس ليرات . تعجب في نفسه وظن ان المحاسب اخطا معه بالحساب اذ كان يتوقع زيادة الراتب بمناسبة عيد العمال اولا ومكافأة له على اجتهاده واخلاصه المتميز في العمل بعد ان منحوه شهادة التقدير منذ ايام وتفاخر بها امام الجميع .رجع على الفور لمكتب المحاسب وعيناه تاكلان الطريق بنظرات متفحصة باحثا عن الورقة النقدية , وعندما لم يجد شيئا في طريقه , سال المحاسب بعد لحظات من التردد عن المبلغ الذي اعطاه اياه , وحين اخبره وهو يقلب بطاقة العمل الخاصة به , ساله الرجل عن سبب الخصم , فرد عليه : " انت تاخرت ساعة ونص من اسبوعين يا ابو حمدي " . ساله الرجل باستغراب " الله اكبر ساعة ونص تخصموا عليهم خمس ليرات ؟" رد المحاسب " هيك قانون الشركة يا ابو حمدي, لان الساعة ونص يلحقها خصم غلاء المعيشة وصندوق التوفير والاتعاب . على كل حال اذا عندك مشكلة راجع المدير العام هو صاحب القرار" توجه للطابق الثاني حيث مكتب المدير العام وهو يردد بنبرة غاضبة " الله اكبر عليهم . اول مرة من خمسة عشر سنة اتاخرساعة ونص يخصموا خمس ليرات ؟ ما عندهم ذمة ولا ضمير ؟". بعد ان شرح للمدير موضوع الخصم من راتبه بسبب تاخره لانه اخذ ابنته يومها للطبيب , وان التاخيرحدث للمرة الاولى منذ خمسة عشر سنة ظل خلالها مواظبا على الحضور للعمل قبل العمال وخروجه من الشركة بعدهم .عندما سكت رد عليه المدير: " اسمع يا ابو حمدي .القانون قانون والحق حق . انت وغيرك اللي يتاخر نخصم عليه ". قال الرجل بنبرة مقهورة: " ولو يا سعادة المدير , انا جاي عندك عشان تحل لي المشكلة والا تقول لي هيك ؟ وبعدين انا صار لي خمسة عشر سنة بالشركة و ..." قاطعه المدير وهو يضع النظارة الطبية على عينيه " لكن اول مرة اشوفك بالشركة " قال الرجل بانفعال " ولو يا سيدي انا ابو حمدي كل المسئولين والمراقبين والعمال في الشركة ..." قاطعه ثانية " طيب ايش بتريد سيد ابو حمدي ؟"رد الرجل على الفور " يا سيدي من يوم اشتغلت بالشركة وانا مواظب على الشغل , ثمان ساعات ما بتنفس فيهن ولا بتريح الا وقت الاكل والصلاة , واجي قبل الوقت واروح بعد العمال كلهم , من اسبوعين مرضت البنت واختها على الدكتور وتاخرت عن الشغل ساعة ونص . اليوم اجيت اقبض لقيتهم خاصمين علي خمس ليرات " قال المدير وهو يشعل سيجاره بقداحة ذهبية: " اسمع ابو حمدي . هاي شركة كبيرة فيها عمال وموظفين كثار , عشان هيك في قوانين واضحة لضبط الجميع والتزامهم بالوقت والعمل والانتاج , خذ حقك واعطيها حقها لا تظلم تنظلم , ما حدا يطلب منك تيجي ابكر من العمال ولا تتاخر عنهم " تساءل الرجل بنبرة مقهورة :" يعني هاي بدل المكافأة في يوم العمال وبدل شهادة التقدير اللي اعطيتوني اياها قبل كم يوم ؟" رد المدير بنبرة حادة: " قلت لك هذا قانون يطبق على الجميع واللي بتاخر نخصم عليه والا بتصير الامور سايبه , والمال السايب يعلم الناس السرقة " تساءل الرجل: " ولو تخصموا خمس ليرات ,في هالغلا .." سال المدير بدهشة : "خصم خمس ليرات مشكلة كبيرة ؟" .هتف الرجل بانفعال: " معلوم يا سيدي عند اللي مثلنا خصم ليرة مشكلة كبيرة مش خمس ليرات لانها بتقدم وبتاخر معه . مش زيكم الله منعم ومتفضل , ومعاشه اكثر من معاش عشرين عامل " علق المدير وهو يخرج النقود من جيبه: " اذا جاي تبكي على خمس ليرات . انا بعطيك اياهم مني. استدار ابو حمدي ليخرج وهو يرد بنبرة غاضبة :" اسمع تقول لك, انا مش جاي عشان تعطيني صدقة منك . انا جاي اطالب بحقي لا اكثر ولا اقل . والله يرضى عليك خلي مصاريك بجيبتك" قال المدير بعصبية وهو يفتش بين الاوراق المرتبة امامه :" اظن هيك خلصت المقابلة وتفضل ع شغلك من غير مطرود ". ساله الرجل وهويقف عند الباب " هاي هدية عيد العمال والا مكافأة شهادة التقدير اللي اعطيتوني اياها من كم يوم ؟"رد المدير دون ان يلتفت نحوه " اسمع ابو حمدي قانون الشركة واضح , اذا مش عاجبك , قدم استقالة والله معك " .خرج الرجل غاضبا مقهورا لا يكاد يرى الطريق امامه وهو يشعر بالندم الشديد على السنوات التي افناها من عمره في خدمة الشركة , ويفكر بما يمكن تاجيله من التزامات الشهر القادم , وعندما وصل للقسم الذي يعمل به ساله احد زملائه العمال عن سبب زعله وغضبه لهذا الحد وهو الانسان البسيط المرح والهاديء الطبع ,حيث لا تفارقه الابتسامة طيلة الوقت , وينشر روح الدعابة خلال حديثه مع الجميع , فاخبره بما جرى , رد زميله معاتبا " طول عمرنا يا ابو حمدي بنقول لك اصحاب العمل هيك , اذا الك حق عنده يطلع روحك قبل توخذه واذا كان له حق عندك يحارفك على الملين ويظل فوق راسك اشتغل هيك واعمل هيك وما يخليك تلقط نفسك ". ساله ابو حمدي " بكرة النقابة بتكون فاتحة " رد زميله وهو يخمن ما وراء سؤاله :" طبعا عشان احتفال عيد العمال . ليش ناوي تروح ع الاحتفال؟"هز ابو حمدي راسه وقال وهو ينفخ من الغيظ " بكرة بدي اجيب صورتين وانتسب للنقابة بالمرة " , هتف زميله بنبرة مرحة: " رسوم الاشتراك على حسابي يا ابو حمدي " .تمتم بنبرة خافتة " الله يخليك , ما بدي اثقل عليك " رد زميله باصرار " ولو يا ابو حمدي صار لنا سنين ننتظر هاللحظة . انت جيب الصور وما عليك بالباقي " . مشى تجاه الماكنة الضخمة التي يشتغل عليها منذ سنوات طويلة ويعرفها جيدا ويتقن صيانتها ,وانتزع شهادة التقدير التي كان يعلقها على الحائط وراءه , وما ان سمع المراقب يناديه من بعيد حتى مشى بخطوات ثابته بين الماكنات التي تصدر ضجيجا عاليا وعشرات العمال ينتقلون بينها بسرعة وكل منهم منهمك في تنفيذ الجزء الخاص به من العمل , وعندما طلب منه تشغيل ماكينته والرجوع لعمله ولا يضيع الوقت بالحكي مع زملائه , رمقه بنظرة غاضبة ولم يابه به , وبدا ينادي العمال كي يلفت انتباههم وسرعان ما مزق شهادة التقدير امامهم ورماها على الارض عندم اقدام المراقب , فتعالت صيحات العمال الفرحة وتساؤلاتهم عن سبب تمزيق ابو حمدي شهادة التقدير التي تفاخر بها امامهم منذ ايام . واصل عمله ببطء شديد وهو ساهم يفكر بالسنوات التي افناها من عمره في الشركة وكان نتيجتها لا حمدا ولا شكورا , وعندما انطلق رنين الجرس معلنا انتهاء يوم العمل , وقف المسئول عند باب الغرفة المخصصة لطباعة بطاقات العمال ليوزع عليهم عينة الانتاج "هدية عيد العمال" , وما ان ناولها لابي حمدي حتى طوح بها الاخير بكل قوته لتطير بالهواء وترتطم بالجدار القريب متتناثرة على الارض . ذهل العمال من سلوك زميلهم الذي لم يعهدوا منه الا الهدوء والسكينة , وتبادلوا نظرات الاستغراب والتساؤل وهم يرونه اول الخارجين من بوابة الشركة !
بقلم : نايف أبو عيشه
9/10/2007



#نايف_أبو_عيشه (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- ضبع النقارة !
- الاسطبل والباشا !
- - حكاية شعبية- الراعي والقطروز !
- عند حاجز الارتباط !
- عند الحاجز !
- وانهزم ابو النبوت !
- الحق على الحمار !
- من طين بلادك ...!
- العدس ولحم الفقراء !
- زوجة الاستاذ !
- الاختيار !
- - خربطيطة مروكية-!
- تحليق في سماء الحرية !
- صبرا وشاتيلا,جرح نازف !
- لماذا تاخر هنية في دعوته !
- السيارة والسياسة وما بينهما !
- تهنئة للتفوق ، واخرى للطموح !!


المزيد.....




- عن فلسفة النبوغ الشعري وأسباب التردي.. كيف نعرف أصناف الشعرا ...
- -أجواء كانت مشحونة بالحيوية-.. صعود وهبوط السينما في المغرب ...
- الكوفية: حكاية قماش نسجت الهوية الفلسطينية منذ الثورة الكبرى ...
- رحيل الكوميدي المصري عادل الفار بعد صراع مع المرض
- -ثقوب-.. الفكرة وحدها لا تكفي لصنع فيلم سينمائي
- -قصتنا من دون تشفير-.. رحلة رونالدو في فيلم وثائقي
- مصر.. وفاة الفنان عادل الفار والكشف عن لحظات حياته الأخيرة
- فيلم -سلمى- يوجه تحية للراحل عبداللطيف عبدالحميد من القاهرة ...
- جيل -زد- والأدب.. كاتب مغربي يتحدث عن تجربته في تيك توك وفيس ...
- أدبه ما زال حاضرا.. 51 عاما على رحيل تيسير السبول


المزيد.....

- مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة / د. أمل درويش
- التلاحم الدلالي والبلاغي في معلقة امريء القيس والأرض اليباب ... / حسين علوان حسين
- التجريب في الرواية والمسرح عند السيد حافظ في عيون كتاب ونقا ... / نواف يونس وآخرون
- دلالة المفارقات الموضوعاتية في أعمال السيد حافظ الروائية - و ... / نادية سعدوني
- المرأة بين التسلط والقهر في مسرح الطفل للسيد حافظ وآخرين / د. راندا حلمى السعيد
- سراب مختلف ألوانه / خالد علي سليفاني
- جماليات الكتابة المسرحية الموجهة للطفل في مسرحية سندس للسيد ... / أمال قندوز - فاطنة بوكركب
- السيد حافظ أيقونة دراما الطفل / د. أحمد محمود أحمد سعيد
- اللغة الشعرية فى مسرح الطفل عند السيد حافظ / صبرينة نصري نجود نصري
- ببليوغرافيا الكاتب السيد الحافظ وأهم أعماله في المسرح والرو ... / السيد حافظ


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - نايف أبو عيشه - مكافأة عيد العمال !