أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات - عادل الحاج عبد العزيز - في ظِل الحرب: العلاقات الاسترالية مع السودان - من غُردون إلى تفاهُمات اتفاق السلام وما بعدها















المزيد.....



في ظِل الحرب: العلاقات الاسترالية مع السودان - من غُردون إلى تفاهُمات اتفاق السلام وما بعدها


عادل الحاج عبد العزيز

الحوار المتمدن-العدد: 2066 - 2007 / 10 / 12 - 00:55
المحور: دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات
    



وينــدي ليفي**
Wendy Levy
ترجمة عادل الحاج عبد العزيز ***
تجْريـــــد
تبحثُ هذه الورقة في تاريخ ارتباطات استراليا بالشأن السوداني، على المستويين الحكومي والغير حكومي وكذلك على المستوى الاجتماعي. إذ تستهل ذلك من عام 1885، عندما تم ابتعاث الفرقة العسكرية الاسترالية لمساعدة كتشنر، وملامَستِها كذلك لذكريات الإرساليات التبشيرية الاسترالية في فترتي الخمسينيات والسبعينيات (1950-1970)، وكذلك البعثة التجارية الحكومية الاسترالية للسودان في 1975، إلى جانب المساعدات الفنية بين البلدين.
من الملاحظ أن علاقتنا قد نشأت غالباً في ظل ظروف الصراع (الحروب)، لتتضمن فيما بعد تدفق أعداد من السودانيين إلى استراليا كلاجئين.
تنظر هذه الورقة لمستقبل العلاقات الاسترالية-السودانية المتمثلة في حفظ السلام والتبادل التجاري مستقبلاً.
الفِرقة العسكرية الاسترالية
بالعودة إلى ذلك التاريخ من العام 1885، عندما كانت استراليا فقط عبارة عن مجموعة مستعمرات تسعى للفدرالية، وكان السودان خاضعاً للحكم الثنائي الأنجلو ـ مصري، في حين كانت الحكومة هناك مهددة بقوات المهدي، بينما الحاكم العام General Charles Gordon محاصراً في العاصمة الخرطوم لعدة شهور، وصلت الحملة البريطانية لنجدته متأخرة لتفشل في إنقاذه من الموت في 26 يناير عام 1885. وقد كان غردون Gordonمتميزاً في ذلك العهد الفيكتوري وأخبار موته قد تردد صداها في كافة أنحاء الإمبراطورية بفضل خطوط التلغراف الجديدة والبواخر السريعة. وقد شاركت حينها كل المستعمرات البريطانية انجلترا (الأرض الأم) بكاءها، بل وشاركتها في أن موته يجب أن يثأر له.
الاحتِشَاد على عَجل
بعد أقل من أربعة أسابيع، وفي الثالث من مارس 1885 احتشد أهل سيدني برصيفها لوداع قواتهم المكونة على عجل والمؤلفة من 700 رجل و200 فرس. هذه القوة المتطوع بها دون مقابل للبريطانيين بواسطة Welliam Dalley، رئيس وزراء نيوسوث ويلز NSW، قد كانت بالنسبة للبريطانيين، لفتةً رائعة من استراليا.
وفي تلك الأثناء، كانت جريدة The Sydney Morning Herald وكل الرأي العام، قد أجمع على مساندة ذلك التحرك. إلى جانب ذلك، فقد كان كثير من الناس تواقين لوضع أسمائهم في قوائم التجنيد، فما كان من الجيش إلا أن قام بتحويل هذا السيل من الاشخاص المتقدمين للتجنيد الى سكنات تدريبه في فكتوريا.
القصص المتعلقة برحلة هذه الفرقة إلى السودان قد تم توثيقها بشكلٍٍ جيد في مجموعة من الكتب منها مثلاً The Rehearsal الذي تم إعداده في عام 1985 بواسطة المؤرخ Ken Inglis في الذكرى المائة لتلك الحملة.
ومن الملاحظات التي توقف عندها Inglis أن تلك القوه قد تم إعدادها على عجل. ومن المفارقات التي وجدها، أن الفرقة قد كانت في عرض البحر، بينما لم يكن بوسع برلمان نيوسوث ويلزNSW)) الاجتماع إلا بعد أسبوعين لتحديد قراره بالسماح للفرقة بالمغادرة أو عدمه. وخاطب رئيس الوزراء Dalley البرلمان قائلاً "من الأفضل أن نشكر الله إننا لم نكترث بالإجراءات البرلمانية، لنترك واجبنا، ونُفوِت فرصتنا العظيمة بأن نعطى هذا المثال النبيل".
تحت قيادة البريطانيين
وبحلول 29 مارس 1885، رَستْ تلك القوات على الشواطئ السودانية في ميناء سواكن على البحر الأحمر، منذ تلك اللحظة أضحى هؤلاء الرجال تحت أمرة القيادة البريطانية. وما أن وصلوا هناك، قاموا بتبديل بزاتهم الحمراء ليرتدوا الكاكي استعداداً للقيام بمهامهم المتعددة الجديدة. عبرت تلك القوات الصحراء في شكل مربع عسكري فارغ في منتصفه متناوشاً أحياناً مع بعض القبائل العربية، وذلك بسبب مشاركة الفرقة في أعمال التنظيف للأرض، المتعلقة بإنشاء خط سكة حديد في تلك المنطقة. إذ كان عليهم تحمل عناء الحمى والدوسنتاريا وضربات الشمس، فيما كان التلغراف، والبواخر السريعة، ينقل أخبار بطولاتهم إلى وطنهم. فقد كانت تلك الرسائل تكتب بواسطة صحفيين استراليين أو بواسطة الجنود أنفسهم.
إذاً، كانت لتلك الاستجابة الفورية لذلك الصراع، صداها لاحقاً في نفوس أهل ذلك الزمان من الاستراليين، وذلك بعد سنوات، عندما انعكس شعاع الحرب الفيتنامية داخل ردهاتنا هنا. فكانت الحملة الوطنية لجمع الأموال لأسر الجنود. فأُلَّف الموسيقيون الألحان والأغاني الحماسية، والمقطوعات الموسيقية من أجل The Sudan March and Welcome Home March بالإضافة لمجموعة من المقطوعات يمكن الحصول عليها من المكتبة الوطنية National Library.
لقد مات اثنين من تلك القوة، احدهما بسبب الدسنتاريا، وكان بذلك يعد أول جندي استرالي يتعرض للموت وهويخدم القوات الاستراليا فيما وراء البحار.
وكان البريطاني غلادستون Gladstone قد حذر من أن السودانيين يقاتلون ببسالة من اجل استقلالهم!، إلا أننا لم نسمع كثيراً عن الرأي الاسترالي حول ذلك. فالمسألة كلها كانت متعلقة بمسألة الإمبراطورية وتنافس الجنود الاستراليين ونظرائهم البريطانيين ففي الختام لم يجد الاستراليين أنفسهم في المستوى المطلوب.
ففي مايو، استعدوا للإبحار عائدين مجدداً. وبحلول يونيو، عاد إلى سيدني أولئك الرجال مرتدين الكاكي، وقد كان ذلك اليوم يوماً غزير المطر تم فيه الترحيب بالأبطال العائدين.
يقول بروقدن Brogden "إن رجال فرقة السودان قد كانوا أول Diggers (جنود استراليين) يذهبون إلى ما وراء البحار ليعلنوا الحقيقة التي مفادها أن استراليا قد أصبحت أمة (Nation)".
التواصل الأََوّل سُرعانَ ما تم نسيانهُ
لقد كان ذلك أول تواصل لاستراليا، بوصفها أمة، مع السودان، ولجيل آبائي وللذين هم في العقد الثامن من العمر إخبار تلك الفرقة (للسودان) معروفة بقدر كبير. خُلدت ذكراها بإطلاق بعض الأسماء على الشوارع على امتداد هذا الوطن (استراليا). فهناك، على سبيل المثال، شارع الخرطوم، وهو ليس ببعيد من هذه الجامعةMacquarie University ، ولكن مع مرور الوقت، وُضعت قصة غردون Gordon والسودان وكذلك الفرقة الاسترالية إلى السودان جانباً، لتحل مكانها القصص المتعلقة ب Gallipoli.
ولجيلي من طلاب المدارس الثانوية في ولاية نيوسوث ويلزNSW كان الاحتمال الأرجح لسماعنا عن السودان هو من خلال مدارس الأحد Sunday Schools ومن خلال قصص الإرساليات التي كانت تعمل في جنوب السودان وفي وسط جبال النوبة.
المَُبشِرة ماريال بِِكوارث
في الخمسينيات من القرن المنصرم، كان هناك فتاه صغيرة من فكتوريا ناسكة تدعى ماريال بِكوارث Mariel Pickworth قد كانت مفتونة بسماع قصص المبشرين، وفيما بعد قامت هي بالانضمام لمجموعة مساعدات تسمى أصدقاء السودان Sudan Friends. ثم انضمت للكلية الإنجيلية لتدرس التمريض وقد كانت حينها في الخامسة والثلاثين. بعد ذلك، تم قبولها بواسطةSudan United Mission لترتحل أثرها إلى السودان.
كانت ماريال عادةً ما تضع في ُصَرتِها مفارش من القماش الدمشقي وست قطع من المناديل التي تستخدم لتغطية الطاولات التي يقدم عليها الشاي مطرزة إياها بالأزهار البرية الاسترالية، وكانت دائماً ما تُسأل لجلبها عندما يكون أحد المسؤولين قادماًُ لتناول الشاي. عاشت ماريال في جبال النوبة ولاحقاً في الجنوب، ثم درست اللغة العربية واللغات المحلية الاخرى. دائماً في ترحالها تفضل المشي أو ركوب الدراجة الهوائية، بالرغم من أن كثير من الإرساليات عادة ما كانت تمتلك وسائل للنقل كالسيارات وفي بعض الأحيان طائرات. كانت ماريال تدير مستوصفاً وتقوم بتعليم القرويين ولكن بشكل أساسي هي هناك لتنشر تعاليم المسيح.
عندما عادت ماريال إلى استراليا وقد كانت في الستينيات من عمرها أطلقت على دارها اسم اتفضلوا Itfaddalu والتي تعني بالعربية أهلاً وسهلاُ. الأشخاص الذين يتعاطفون معها هنا في استراليا كانوا يواصلون صلواتهم لها فصنعت لها صور محاطة بأجزاء من الإنجيل، إلا أن أحداً منهم لم يقابل أي شخص من السودان مطلقاً.
إن انطباعنا عن السودان في ذلك الوقت كان يتشكل من خلال أشخاص على شاكلة ماريال من الاستراليين الذين عشقوا ذلك الوطن وأهله. ولكن ذلك الجيل كانت علاقته بالسودان معتمدة على فكرة نشر التنوير عوضاً عن فكرة التبادل المتكافئ للمعرفة.
الاٍستقلال يُغيّر العِلاقات
فيما الإرساليات كانت توفر شكل واحد من أشكال التواصل، فعلى المستوى الحكومي أن البلدان عندما تحقق استقلالها فان شكل العلاقات هو الآخر يتغير . فقد أنجز السودان استقلاله في العام 1956 ولكنه سرعان ما تورط في أول حرب أهلية استمرت حتى اتفاق أديس أبابا في عام 1972. علاقة استراليا بالسودان تأسست آنذاك والى وقتنا الحاضر عن طريق سفارتنا في القاهرة ومع بعض الزيارات للخرطوم من قبل بعض المسؤولين إلا أنه نادراً ما تكون من قبل السفير.
البعثة التجارية
تقارير تبادلنا التجاري مع السودان مليئة بالسوداوية والشؤم (Gloom& Doom) لذلك من الخير وطلباً لما هو مشرق أن نمضي إلى تقاريرنا التجارية المزدهرة الخاصة بافريقية في عام 1975 وقد تحقق ذلك بفضل مجلس تنمية التجارة ((Trade Development Council في ذلك الوقت.
تلك البعثة التجارية قد زارت كل من تنزانيا وزامبيا وكينيا والسودان في الفترة ما بين مايو إلى يونيو من العام 1975 وقد أنهت البعثة تقريرها في أغسطس من نفس العام.
قاد هذه المجموعة جون ديبنهام John Debenham، والتي كانت تضم أيضاً كل من المدير الإقليمي لما يعرف في ذلك الوقت بإدارة التجارة لما وراء البحار Department of Overseas Trade، ورئيس جمعية منتجي الحبوب بكويزلاند ََQueensland Grain association، والمدير العام ل Waldorf Appliances.
وهذه المجموعة قد أشارت إلى أهمية السودان من الناحية التنموية في ذلك الوقت، كما أشارت لمقدراته لتحقيق ذلك. وقد لاحظت اللجنة تواضع المعرفة بنا (أستراليا) في السودان وعلى الأقل بنا كمصدر رئيسي للآليات والمعدات، إلى جانب ما نتميز به من تشابه في الطقس، واشتراكنا الحاجة لإيجاد حلول لجفاف التربة واستزراع الأراضي.
إن فريق ديبنهام Debenham لم ينظر لإمكانية تطوير السوق السوداني لاستقبال منتجاتنا، فقد كانوا يشعرون بان أستراليا لديها الكثير لتقدمه من الناحية الزاعية وفي قطاع المعدات الزراعية.
لذلك كان معظم التركيز ينحصر في عرض المعدات الزراعية الاسترالية ولأدوات حفر الأرض وخاصة التي تستخدم لاستخراج المياه الارتوازية وطرق الري، وهي من الأسباب التي جعلت من منتجاتنا الاسترالية الزراعية تعد واحدة من أحسن المنتجات في العالم.
كان التدريب من الناحية الأخرى واحد من تلك المجالات فقد كانوا يشعرون أن هناك مجالاً واسعاً للتعاون بين البلدين في تلك المجالات.
فقد وجد التقرير أن هناك حاجة ملحة لدعم خطط الحكومة السودانية في ذلك الوقت المتعلقة بتنمية موارد البلاد (السودان)، وقت أوصت أنه يجب أن يكون من أهدافنا المساهمة في تطوير تلك المجالات التي بمقدورنا دعمها.
الحَاجَة لوكلاء محليّين
وقد أوصى ذلك التقرير بتأسيس وكلاء تجاريين محليين للتجارة الاسترالية في الخرطوم بهدف تنمية العلاقات التجارية. إلا أن السودان دائماً ما كان تواق إلى أوربا والولايات المتحدة والصين واليابان وبشكلٍ ملاحظ لبعض الدول العربية، هذا ما جاء في التقرير.
فهناك مشكلات تتعلق بالاتصال Communication Problems من الممكن حلها إذا ما كان بالإمكان إيجاد وكلاء محليين لتجارتنا لما وراء البحار يتواجدون في الخرطوم.
المُعَلمون والطُلاّب
بنهاية السبعينيات وبدايات الثمانينيات كان هناك عدد من الطلاب السودانيين معظمهم من طلاب الدراسات العليا ويستفيدون من المنحة الدراسية المقدمة من AusAID.
وكنوع من أنواع الحديث الغير موثوق يمكن القول: انه وخلال سنوات الثمانينيات كان هناك عدد من الأساتذة الاستراليين يعملون في المدارس الثانوية بالأرياف السودانية كجزء من برنامج للحكومة السودانية لتدريس اللغة الانجليزية.
عموماُ المواطنين الاستراليين والمواطنين السودانيين العاديين كانوا دائماً في حالة تواصل مؤسس على التكافؤ والصداقة المتبادلة والرغبة المتبادلة في التعرف على تاريخ كل منهما وثقافته.
الحرب تجلب عُمال الإغاثة (الإنسانية)
على أي حال، ذلك التقرير التجاري كان ينذر بان المشهد السياسي السوداني سريع الحراك، فعندما اندلعت الحرب الأهلية الثانية في السودان، إذ بفكرة التبادل التجاري تم الاستعاضة عنها بفكرة المساعدات الطارئة.
فقمنا بإرسال عمال الإغاثة وكذلك الدعم الطارئ للسودان، بدلاً من الآليات الزراعية والخبراء في مجال صناعة السكر.
من الصعب الجزم بعدد الاستراليين الذين يعملون في السودان مع المنظمات العاملة في عمليات الإغاثة في أي وقت من الأوقات. لأنه في الغالب أن معظم تلك المنظمات تعمل تحت مظلة دولية أو هي منظمات تابعة لبلدان أخرى، فعلى سبيل المثال الصليب الأحمر والمنظمات المتعددة الكثيرة التابعة للأمم المتحدة.
Community Aid Abroad والتي أصبحتOxfam Australia كان لها مكاتب تديرها منذ فترة في السودان منذ سنوات المجاعة في الثمانينيات، وهنا تقودني الذكريات لذلك الوقت وعادةً ما كان في فترات ما بعد الظهر وقد كانت السيارات البيضاء Landcrusiers تصطف خارج النادي البريطاني والاستراليين الذين يعملون لصالح CAA يغدون ويروحون مستخدمين التاكسي الصفراء، وذلك بسبب محدودية التمويل وغالباً ما تكون سياراتهم قد أُخِذت لمكان ما من مواقع العمل هو أحوج لتواجدها به.
وصول السودانيِّين إلى استراليا
الوضع السياسي في السودان جعل العودة للوطن لعدد من الطلاب السودانيين هنا أكثر صعوبةً بل وخطورةً، لذلك السبب ولأسباب أخرى، بعض الطلاب فضلوا البقاء هنا ليساهموا من خلال مجالات تخصصهم هنا في استراليا، فعدد منهم الآن في مواقع متقدمة في الخدمة المدنية الاسترالية.
وقد كان أكثر السودانيين سبقاً للوصول إلى استراليا بشكل خاص السودانيين الأقباط ، فالجالية القبطية أخذت في الازدياد وذلك بازدياد معاناتهم من التمييز وعدم تمكنهم من مزاولة نشاطهم التجاري داخل الخرطوم.
فمثلاُ في ادلايد Adelaide تم افتتاح مطعم يسمى الراكوبة Rakouba والتي تعني في اللهجة السودانية "تعريشة" يستظل تحتها!!
فيما بعد أصبح ماريانوناقور Marianno Ngor ممثلاً للحركة الشعبية هنا في استراليا وهذه المجموعة تم الاعتراف بها رسميا في عام 2000 من قبل Uniting Church of Australia إلا أنها لم تنجز ما أنجزته هنا في استراليا على سبيل الذكر الجبهة الشعبية لتحرير اريتريا The Eritrean People Liberation بقيادة Fessahie Ibrahim. أو ما حققته حركة استقلال تيمور Timor Independence Movement بواسطة ـJose Ramos Horta كمتحدث رسمي.
في تلك الأثناء كان هناك مطعم سوداني آخر يتم فتحه في سدني في شارع أكسفورد ستريت Oxford St. يسمى Taste of the Nile (مذاق النيل)!
مزيد منْ المُساعدة
في مارس من عام 1993 John Kerin جون كارِن وزير التجارة والتنمية لما وراء البحار Trade and overseas Development قد قال وقتها " أن السودان يمكن أن يمثل نموذجاً لدراسة كيف أن بلداً واعداً يتحول لخراب في ظروف الحرب"
استراليا كانت قد وفرت الدعم المالي لبرنامج شريان الحياة ولبرنامج الغذاء العالمي، اليونسيف UNICEF والمنظمات الغير حكومية بقدر ما تتطلبه ظروف الحرب. كما ان السفارة الاسترالية في القاهرة استمرت في إرسال موظفيها لمراقبة الأوضاع هناك وبشكل خاص برامج المساعدات المنطلقة من شمال السودان وكذلك ممارسة الاعتراضات الدبلوماسية حول التقارير المتعلقة بوضعية حقوق الإنسان هناك. أما في نيروبي حيث يوجد موظفي مفوضيتنا العليا التي تضم موظفي AusAID ، إلى أن تم سحب هذه الوظائف المتعلقة بمراقبة برامج المساعدات في مناطق الحرب بالجنوب.
ففي أكتوبر من عام 2001 المجلس الاسترالي لتنمية الدولية The Australian Council for International Development قد رسم سياساته المتعلقة بالسودان في خمس نقاط يمكن تلخيصها في: الدعوة لوقف إطلاق النار في كل من جنوب السودان وجبال النوبة، ووقف التنقيب عن النفط في تلك المناطق، كما يدعو لمزيد من المساعدات من خلال AusAID.
نادراُ ما تكون هناك تظاهرات احتجاج خارج البرلمان في كامبيرا لكنها أحياناً تكون لبعض السودانيين من جنوب السودان يدعون للسلام مدعومين بشكل كبير من الخُضْر The Australian Green إلى جانب جماعات أخرى.
اٍلكْسنْدر داونرْ ودارفور (وزير الخارجية الاسترالي)
في يونيو من عام 2004 أعرب وزيرا خارجية كل من استراليا ونيوزلاندا وبشكل مقتضب، عن اهتمامهما بالأوضاع الإنسانية في السودان، إذ قالا بأنهما قد أفزعهما ما يجري من أحداث في دارفور وينظرانِ بحنق لذلك.
وقد كان الكسندر داونر قد أعرب عن بالغ اهتمامه لوزير الخارجية السوداني إذ دعا الحكومة السودانية للوفاء بالتزاماتها وإظهار رغبتها في توفير الأمن لمواطنيها.
في مقال محرر على صفحات جريدة The Age بتاريخ 2004/7/28 يتساءل كاتبه عن إمكانية إرسال قوات تدخل دولية إلى السودان وهل الحكومة الاسترالية برئاسة جون هاورد مستعدة للمساهمة بجنودها هناك؟، مع العلم أنها ما تزال تحتفظ ببعض القوات في العراق. إلا انه يبدو أنها تملك رغبة متواضعة للقيام بذلك وبشكل أكثر تواضعاً في إقليم دارفور.
في السادس من ابريل 2005 السيد داونر يتحدث مرة أخرى بهذا الخصوص وهذه المرة داعماً لقرار مجلس الأمن بإحالة ملف الأوضاع في دارفور إلى المحكمة الجنائية الدولية.
كل من فِرقَتيّ ADF & AFP
بعد أسبوعين من ذلك، وفي استجابة لطلب من الأمم المتحدة السيد داونر ووزير الدفاع روبارت هِل Robert Hill قد أعلنا أن هناك 15 فرداً تابعين لفرقة ADF (قوة الدفاع الاسترالية) سيقومون بمهمة في السودان تشتمل على تحركات جوية ودعم لوجيستي وأعمال مراقبة عسكرية.
إذاً، بعد 120 سنة، تتوجه القوات الاسترالية ثانيةً إلى السودان، في مارس 2006 انضمت لهم مجموعة مؤلفة من عشرة جنود تابعيين للبوليس الفدرالي الاسترالي والذين كانوا قد تلقوا دروس في اللغة العربية ودروس توعية ثقافية قدمت لهم على يد مدربين استراليين من أصل سوداني بمعهد كامبيرا للتكنولوجيا Canberra institute of Technology.
يبدوان التواصل الاسترالي السودان دائماً ما تكتمل دوائره في ظل الحرب، كما أن الحرب دائماً ما تقود الاستراليين والسودانيين لبعضهم البعض، لياخذ سيل المعرفة والتنوير هذه المرة وجهةً مغايرة.
السودان يعد واحد من أهم خمس بلدان تزود استراليا بالمهاجرين
ففي السنوات الأخيرة عدد السودانيين في استراليا قد ارتفع بشكل كبير فهناك الآن جاليات سودانية في كل الولايات الاسترالية وفي كل مقاطعة منها بل في بعض المقاطعات النائية كذلك.
ما بين عامي 05-2004 قد مُنحت 12،000تاشيرة للأغراض الإنسانية ذهب منها للسودان5،000 . كما أن السودان يعد من أعلى خمس بلدان من حيث النسبة تعد مصدراً للمهاجرين لاستراليا ووفقاً لإحصائيات عام 2004-2005 كانت النسب كالآتي: المملكة المتحدة (بريطانيا) نيوزيلندا والصين والهند فالسودان.
والسودانيين قد شكلوا ثالث أعلى نسبة للمجموعات المعاد توطينها في جنوب استراليا وثانيها في شمال استراليا ومن اكبر المجموعات في تسمانيا.
ولمن يريد صورة أوضح يمكن الحصول على الأرقام الخاصة بالسودانيين هنا من البيانات الإحصائية لأخر تعداد سكاني (في أغسطس من هذا العام2006).
التكوينات الاجتماعية
عدد كبير من القادمين حديثاً إلى استراليا قد تم جلبهم من معسكرات اللاجئين في كينيا، وخصوصاً كاكوما Kakuma والبعض الآخر قد جاءوا عن طريق القاهرة.
وهم في الغالب من الجنوب ولكن ليس دائماً. فهم يتحدثون العربية والانجليزية وعدد من اللهجات واللغات السودانية، وبشكل خاص لغتيّ الدينكا والنوير.
عدد السودانيين قد ازداد بشكل ملحوظ فكان لابد أن يكون لهم جمعياتهم الاجتماعية وجمعيات تعمل على تقديم العون والمساعدات. وقد لاحظتُ أنها تتلقى الدعم والتأييد من الأحزاب السياسية هنا.
ومن الجدير بالملاحظة أيضاً ذلك العمل الرائع المقدم من مركز تعليم المهاجرThe Migrant education Services في كل أنحاء استراليا وكذلك المجموعة المبدعة SAIL Sudanese Australian Integrated Learning وكذلك Sudanese Online Research Association
وبالمناسبة في هذا العام وللمرة الأولى في استراليا قامت دائرة الإحصاءات الاسترالية The Australian Bureau of statistics قد قامت بإجراء دراسة إحصائية عن اللغات السودانية. ومن الجدير بالذكر هنا أن اللغات السودانية في المهاجر (دايسبورا) يتم التحادث بها أحياناً عبر الانترنيت والغرف الالكترونية (Chatting).
وفد جنوب السودان
نادراً جداً ما تزورنا وفود رسمية سودانية، وفي الحقيقة أول زيارة جاءت من موفد لحكومة جنوب السودان حديثة التكوين. ففي أغسطس حضر اللواء أول جيمس واني ايقا James Wani Igga رئيس المجلس التشريعي لجنوب السودان جاء وناشد الحكومة استرالية بضرورة رفع مستوى مساعداتها واستثماراتها في السودان.
وقد أوضح اللواء واني الفرص المتاحة للشركات الاسترالية في السودان في مجال التعدين من يورانيوم وماس وذهب. ومجاليّ النفط والزراعة.
وقد قال إن السودان في حاجة إلى المساعدة لإعادة البناء وإقامة البنى التحتية، وإعادة ملايين من اللاجئين الذين شردتهم الحرب الأهلية التي استمرت أكثر من عشريين عام.
تقرير معهد السياسة الإستراتيجية الاسترالية ASPI
قد تم نقاش بعض الخيارات المطروحة لمستقبل المساعدات الاسترالية للسودان في تقرير معهد السياسة الإستراتيجية الاسترالية The Australian Strategic Policy Institute ، قد لاحظ التقرير ان اغلب مشاركاتنا كانت من خلال بعثة الأمم المتحدة في السودان وقد أوضح التقرير ذلك فقال" اننا كغيرنا من الدول الغربية نساهم في الحرب على الإرهاب، وأن استراليا لديها مصلحة ثابتة في ألا تشاهد دول تتساقط في إقليم هو أصلاً غير مستقر، ولذلك فمن مصلحتنا أن نساعد بأي طريقة ممكنة في إعادة إعمار ذلك البلد إن كان في دارفور أو في الجنوب".
وقد وقف ASPI أيضا على حجم إسهامنا في المساعدات حتى هذه اللحظة وقد اقترح على الحكومة الاسترالية مضاعفة دعمها ومساعداتها الطارئة، وبشكل اخص في هذه الفترة الحرجة التي تعد مرحلة تحول لأعمال الأمم المتحدة هناك.
كما أوصى تقرير ASPI انه من اجل مساعدات طويلة الأمد Long Term Assistance يجب على كامبيرا أن تقوم بتمويل التعليم والزراعة المطرية وبناء الطرق وهذه المشاريع الثلاثة مطلوبة بشكل خاص في منطقة دارفور وكذلك في الجنوب حيث أن مسيرة الإعمار هناك أصلاً قد ابتدأت وساهمنا فيها ببعض الخبرات.
التواصل السوداني الاسترالي يجلب فرصاً جديدة
إذا أردنا أن نتحدث أكثر يمكن أن نتحدث مثلاً عن شخص من كامبيرا اسمه عابدون اقــاوAbdon Agau سوداني استرالي عاد لجوبا ليقود الخدمة المدنية الجديدة في جنوب السودان. إن عابدون واحد من مجموعة من السودانيين الاستراليين هنا في استراليا وهناك في السودان حريصين على منح خبراتهم من اجل بناء وطن جديد ينعم بالعدالة.
برنامج الأمم المتحدة TOKEN يسعى لتوظيف السودانيين أو مزدوجي الجنسية والذين يعيشون في الخارج لمساعدتها في انجاز مهماتها في السودان.
في رأيي انه من الضروري للحكومة الاسترالية أن تدفع بهذه الفكرة إلى الإمام أكثر بإنشاء مشروع خلاق يقوم بدعم المتخصصين من الاستراليين ذوي الأصل السوداني للعمل لفترات في السودان. وممن الممكن ببساطة توفير التمويل لهذا الغرض، إذ يمكن جعله كجزء من الوظائف التي يقدمها جهاز خدمتنا المدنية العامل مع المنظمات الدولية أو المنظمات الغير حكومية في السودان.
ومن الممكن أن تكون كجزء من التسهيلات القنصلية المقدمة للسودانيين هنا بدلاً من الاعتماد على إرسالها للخرطوم أو جاكارتا.
الخاتمة
ما زالت دارفور إلى الآن تغلي وما زال الرئيس السوداني عمر البشير يتدارس خيارات حكومته، إن ما يناقش هنا حقاً في استراليا هو إذا ما كنا سنرسل قوات حفظ سلام للسودان أم لا، وان كان كذلك كم هو عددها؟
انه جدلٌٌ غير مجدي، ولكنه من المناسب الآن اخذ هذه الخطوة إلى الأمام وننظر بعمق لقصص هؤلاء السودانيين الاستراليين، إن علاقتنا مع السودان قد ولدت في زمن الاستعمار والحرب والتمييز العرقي. جرت كلها خلال قرن أو يزيد، فنجاحات الحكومات الاسترالية في دعم السودان ليصبح قارة ما تزال بعيدة لأسباب عديدة، إنها تُركتها للإرساليات وللأساتذة المتطوعين وعُمال الإغاثة وفي بعض المناسبات للبعثات التجارية المتحمسة ليترك لها وصل تلك الصلات.
إن التمييز العرقي والتجاهل قد أشعل سنوات من الحرب الأهلية في السودان، وها هي الحرب مرة أخرى تجمع استراليا والسودان معاً ،ففي هذه المرة من خلال برنامجنا للهجرة. إن الجالية السودانية في استراليا بكل أشكالها مميزة وتحظى بالتقدير في المجتمع الاسترالي.
إن عدد الاستراليين من أصل سوداني في ازدياد مطرد، في هذا الزخم يجب ان نتطلع للجانب الايجابي الذي يجعل من الممكن تفعيل علاقاتنا على المستوى الاجتماعي وعلى مستوى سياساتنا الوطنية.
فلنتضامن من اجل أن نصنع مستقبلنا المشترك. إنه قَدرَُنا أن تكون علاقتَنا علاقة أسرة واحدة .
* ورقة قدمت للمُؤتمر السنوي لجمعية الدراسات الأفريقية والاستراليوآسيوية والباسفيك الذي انعقد في الفترة من 21 إلى 23 سبتمبر 2006 بجامعة ماكواري الاسترالية، بسيدني.
** ويندي ليفي Wendy Levy، باحثة تقوم بالتحضير لنيل درجة الدكتوراه من جامعة استراليان ناشونال، مركز الدراسات العربية والاسلامية ـ كانبيرا.
*** عادل الحاج عبد العزيز، باحث وطالب دراسات عليا في العلاقات الدولية بجامعة ماكواري ـ سيدني.



#عادل_الحاج_عبد_العزيز (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- التلفيقيون الجدد - سؤال الأخلاق والسياسة في السودان
- النًخبة وادمان الحفر
- التُرابي يَضع المرايا أمام الجميع[1]
- التُرابي يَضع المرايا أمام الجميع[2]
- التُرابي يَضع المرايا أمام الجميع[3]
- محاولة لفضّ الإشتباك
- ) قراءة من سيرة رجل1
- قراءة من سيرة رجل يهجو اهله ( 2 )
- مُقرَنْ العَنِتْ .. مُلتقى النظاميّن الأميركي و السوداني


المزيد.....




- صدق أو لا تصدق.. العثور على زعيم -كارتيل- مكسيكي وكيف يعيش ب ...
- لفهم خطورة الأمر.. إليكم عدد الرؤوس النووية الروسية الممكن ح ...
- الشرطة تنفذ تفجيراً متحكما به خارج السفارة الأمريكية في لندن ...
- المليارديريان إيلون ماسك وجيف بيزوس يتنازعان علنًا بشأن ترام ...
- كرملين روستوف.. تحفة معمارية روسية من قصص الخيال! (صور)
- إيران تنوي تشغيل أجهزة طرد مركزي جديدة رداً على انتقادات لوك ...
- العراق.. توجيه عاجل بإخلاء بناية حكومية في البصرة بعد العثور ...
- الجيش الإسرائيلي يصدر تحذيرا استعدادا لضرب منطقة جديدة في ضا ...
- -أحسن رد من بوتين على تعنّت الغرب-.. صدى صاروخ -أوريشنيك- يص ...
- درونات -تشيرنيكا-2- الروسية تثبت جدارتها في المعارك


المزيد.....

- الانسان في فجر الحضارة / مالك ابوعليا
- مسألة أصل ثقافات العصر الحجري في شمال القسم الأوروبي من الات ... / مالك ابوعليا
- مسرح الطفل وفنتازيا التكوين المعرفي بين الخيال الاسترجاعي وا ... / أبو الحسن سلام
- تاريخ البشرية القديم / مالك ابوعليا
- تراث بحزاني النسخة الاخيرة / ممتاز حسين خلو
- فى الأسطورة العرقية اليهودية / سعيد العليمى
- غورباتشوف والانهيار السوفيتي / دلير زنكنة
- الكيمياء الصوفيّة وصناعة الدُّعاة / نايف سلوم
- الشعر البدوي في مصر قراءة تأويلية / زينب محمد عبد الرحيم
- عبد الله العروي.. المفكر العربي المعاصر / أحمد رباص


المزيد.....


الصفحة الرئيسية - دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات - عادل الحاج عبد العزيز - في ظِل الحرب: العلاقات الاسترالية مع السودان - من غُردون إلى تفاهُمات اتفاق السلام وما بعدها