سُلاف رشيد
الحوار المتمدن-العدد: 2065 - 2007 / 10 / 11 - 11:17
المحور:
حقوق المراة ومساواتها الكاملة في كافة المجالات
(الى روح الراحلة نزيهة الدليمي)
كلما حاولت الغربة أن تنوء بأوزارها على ذاكرتي، أستنجد بأريج الصبا، كي استعيذ عن مخلفات مرارتها فأهرب إلى تلك الأيام ، يوم كان العراق عراقاً، حيث تنام العصافير بأعشاشها مطمئنة بانتظار صباح جديد. أستنجد بأريج الصبا كي أتوازن في لجة بحر الغربة، وأنأى بنفسي عن الغرق. فطعم أريج الصبا لا زال يمنحني دفء تلك الأيام. حيث كان أبي يغذي شجرة حياتي، بكلماته عن كل ما هو جميل في بلادي، ويبني خلايا الحب في روحي، خلية إثر خلية، لأتحصّن عن كل معانِ الكره والسوء. استنجد بطعم أريج الصبا، حيث كان أبي يملا روحي بأحاديثه عن رموز الحب المتأصلة في ذاكرة نخيل بلادي وأنهارها، فتينع أزهار الفرح بألوانها أمام عيني ، أتأملها زهرة زهرة، واحلق مع ألوانها بعيدا حيث نجوم بلادي، نجمة نجمة، فتكبر في روحي همسات المودة، لتصبح أغان لتلك النجوم، أرى عيني أبي تبتسمان حين أتملى نجمة من هذه النجوم التي حدثني عنها. كنت ارغب أن أضمها بين كفّي، أو أضعها وردة على ياقة ملابسي المدرسية، وأمني نفسي أكون شبيهة بها. قال أبي هذه النجمة امرأة ، رسمت أفق الحب على خارطة الوطن ، وتحدت كل صنوف القهر، هتفت ضد كل ما هو قبيح، وتقدمت صفوف نساء بلادي من اجل أن يصل صوتهن إلى كل زوايا الكون، فكانت هي حقا تلك المرأة – النجمة.
قال أبي هذه أول امرأة يستوزرها الحكام رغماً عنهم، لأنها تنزهت عن كل ما يسيء إلى الإنسان . اليوم صباحاً استحضرت كل أحاديث أبي عن تلك المرأة - النجمة ، حين قرأت نبا رحيلها بعيدا عن تلك الأرض التي روتها بمعان روحها الجميلة، رحلت نزيهة الدليمي في زمن تمطر فيه سماء العراق دماً وجوعاً.
رحلت تلك المرأة – النجمة وهي تمني نفسها أن تملا عينيها بنظرة لنخيل العراق وأنهاره.
رحلت تلك المرأة – النجمة والأمل يملاها بغسل كل الأدران عن وجه العراق.
رحلت تلك المرأة – النجمة وهي على ثقة من أن الغد سيكون هو الأجمل ما دامت أزهار الحب يانعة تمنح أريجها لكل صبايا الوطن.
#سُلاف_رشيد (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟