في خضم الأحداث السياسة العاصفة و التصريحات النارية لهذه الجهة أو تلك ، يجري في الدهاليز عن سابق تصميم تهميش رأي الشعب العراقي ، هذا الشعب المثخن بالجراح و سكاكين القريب و البعيد تنهش في جسده ، و المزايدات تجري على معاناته بمسوغات و مبررات نعرف سلفا دوافعها ، و في مقدمة هؤلاء بعض دول الجوار ، كأن أساليب القمع و التهميش التي جرت في عهد النظام السابق ، لا تشفي غليل هؤلاء البعض .
سربت بعض الدوائر الأمريكية ، إلى بعض الشخصيات الكوردية المتجنسة بالجنسية الأمريكية ، ضرورة قيام الكورد بتعاون اكبر مع الأمريكان ، و عدم عرقلة جهودها باستقدام قوات تركية إلى العراق ، مقابل أن يصار في المستقبل القريب ، إلى قيام كيان كوردي يضم أكراد العراق و أكراد تركيا ، وربط المنطقة الكوردية في ( ولاية الموصل ) مع تركيا على أسس اتحاد كونفدرالي ، في حين لم تسرب هذه الدوائر هذا المشروع المقترح ( أو هي في الأجندة الأمريكية للمنطقة ) ، إلى القوى السياسية الكوردية المؤثرة مباشرة ، رغم العلاقات الأمريكية – الكوردية الظاهرة للعيان ، و كذلك لم تحدد هذه الدوائر إلى تلك الجهات الكوردية التي سربت الخبر إليها ، كيفية تنفيذ مشروعها هذا .
قلت لمحدثي الذي سرب لي النبأ ، مع إيماني المطلق بحق الكورد في حق تقرير المصير ، و حقهم في إقامة كيانهم القومي ، إلا أنني أرى استحالة تنفيذ مثل هذا المخطط ، ليس عراقيا و إقليميا فقط ، بل أن هذا المخطط سوف يرفضه الأكراد قبل الآخرين ، حتى إذا فرضها الأمريكان و الأتراك بالقوة ، لأسباب عديدة منها ، إن الكورد لا يريدون جسدا بلا رأس ، و لهم دروس وعبر مع العثمانيين و الدولة التركية لاحقا ، والعلاقات التاريخية بين الكورد و العرب ، متجذرة في التاريخ المشترك ، رغم ما اعتراها من مد و جز في مراحل عديدة ، إلا أن الأكثرية الصامتة من الطرفين كانوا حريصين على عدم التفريط بهذه العلاقات ، و الخيرين منهم حاولوا و يحاولون إزالة الشوائب والعراقيل في طريق تمتينها ، استجابة إلى نبض الشارع في كلا الطرفين ، لأن العلاقات الروحية و الاجتماعية و الاقتصادية و الثقافية بين مكونات الشعب العراقي ، لا يمكن شطبها بجرة قلم ، و الأمريكان يخطئون في فهم قوتهم ، متصورين بأن الكورد تعاونوا معهم خوفا من قوتهم ، و لم يستوعبوا بأن غرض الكورد من التعاون معهم ، كان من أجل إسقاط نظام أذاقهم العلقم و السم الزعاف ، و تعاونهم كان على أساس انهم عراقيين وليسوا بنادق للإيجار ، و تعاونهم كان مثل تعاون جهات عربية و إقليمية و عراقية أخرى معهم ، لان الطاغية صدام حسين كما كتب أحد الإخوان ، كان عادلا في توزيع ظلمه على كل الطيف العراقي ، في الوقت الذي لا ننسى نحن الكورد ، بأن السياسة العنصرية و المذهبية الأحادية الجانب للكيان العراقي الحديث ، والتي جسدها الطاغية في ابشع صورها ، لم تكن إلا امتداد للسياسة المذهبية للإمبراطورية العثمانية .
قال محدثي بان الأتراك لم يضربوننا الكيماوي و لا الغازات السامة ، و إن هناك عرب يدعون الأتراك للدخول إلى العراق نظرا لكرههم للكورد ، قلت له بأن الأتراك مارسوا نفس الظلم مع الكورد ، وان لم يكن ظاهرا للعيان بسبب انحياز الغرب للأتراك ، و قلت له من هم هؤلاء العرب الذين يؤيدون الأتراك ، هم ليسوا سوى نفر مغمور أو ضال أو مأجور ليس لهم وجود أو تأثير في الساحة السياسية ، أو عاطفيون جاهلون للعبة السياسية ، ألم يكن هناك عرب و مسيحيون يقاتلون النظام جنبا إلى جنب مع الكورد ، لكي لا ننظر إلى الأمور نظرة أحادية الجانب ، ألم يقتل الطاغية الشيعة والسنة والمسيحيين مثلما قتل الكورد ، و إن أتت بدرجات متفاوتة و بوسائل مختلفة ، ألم يكن تحصيل الحاصل لظلمه هو القتل للجميع .
إن السمو في التعامل شاهدته عند رجل عجوز مؤنفل ، قتل صدام جميع أفراد عائلته أثناء غيابه ، و هدم قريته و حرق بستانه و مواشيه ، عندما سألته لغرض معرفة رد فعله ، قلت له سقط صدام و قتل ولديه ، هل تريد أن تنتقم من العرب ؟ !! ، أجابني بدون أي تحفظ و ما علاقة العرب بما جرى لي ، صدام كان مجرما وكذلك ولديه و فرحت لما حصل لهم ، و إن الله يمهل و لا يهمل ، و أضاف قائلا و لكن ثق حينما عرض جثة ولديه في التلفاز ، تأثرت حينما شاهدت جثتهما ، لا حبا لهما بل من الناحية الإنسانية ، أتوجد إنسانية و خلق ارفع من هذه المشاعر ، لا يريد أن يشاهد جثث من قتلوا أهله و هدموا داره و أحرقوا أملاكه .
قال محدثي أن أحد الذين يشاطرني الفكرة الأمريكية ، و قريب جدا من القيادات الكوردية ، سرب الخبر إليهم ليعرف ردود فعلهم ، فوجد بأنهم لا يرفضون الفكرة فقط ، بل يرفضون حتى مجرد مناقشتها .
قلت أن الذي يعرف ألف باء السياسة ، كان عليه أن يعرف ، بان مثل هذه الفكرة مرفوضة من القيادات الكوردية ، لان أمريكا تريد إعادة ترتيب خريطة الشرق الأوسط ، لا حبا في سواد عيون الكورد ، بل لأجندتها الخاصة ، وان هذه الفكرة تدخل ضمن الفصل الأول ، في فكر المخططين الأمريكان للقرن الواحد و العشرين ، فالعاقل الفصيح يعرف بان أمريكا في سبيل مصالحها ، تحاول الجمع بين الذئب و الحمل في زريبة واحدة ، وهذا منطقيا غير ممكن ، وبسبب العقلية الأمريكية و نظرتها للأمور واجهتها اخفاقات كثيرة ، و على اكثر من جبهة و منها العراق .
و قلت له إن سياسة القوة و الردع بين الدول و الحكومات يمكن أن تأتي بنتائج ، مثلما كان يحصل أثناء الحرب الباردة ، لكن لا توجد أية قوة تستطيع لجم إرادة الشعوب ، و كلنا شاهدنا ما قام به نفر قليل في 11/ سبتمبر/ 2001 م في أمريكا ، رغم أدانتنا لتلك الحادثة الإجرامية ، ولكن ما قام به هؤلاء الأفراد ، لم و لن تستطيع أية دولة القيام بها .
و شرحت له بأن جهات عراقية و إقليمية و دولية دخلت إلى حلبة الصراع على ارض العراق ، كأن الهدف و الغاية لدى البعض من هؤلاء كان فقط هو سقوط النظام العراقي ، أما مستقبل الشعب العراقي و مصير وطنه لا تهمهم من قريب أو بعيد ، فكل طرف من هؤلاء دخل الحلبة بثوب معين مع شعار براق ، ومنهم من دخل العراق بتوجيه من هذه الجهة الإقليمية أو تلك ، راغبين حصول زواج قسري بين التوجهات الأمريكية ، و مصالح بعض القوى الإقليمية ، بالرغم من التطلعات العراقية ، متجاوزين التوازنات و التأرجحات المتغيرة في السياسة و في مجريات الأحداث ، متصورين الإدعاء بلعبة الديمقراطية ، و طرحهم بعض الأفكار سوف تقنع شعبنا بصحة توجهاتهم ، و كأن القوى الحية في المجتمعات العراقية ، الموجودة على الأرض لا تعرف أهدافهم و أبعادها .
كان محدثي يلمح إلى سايكس بيكو جديد ، وقراءة أمريكية جديدة للمعاهدات السابقة ، نتيجة عوامل عديدة منها أمريكية و منها دولية ، و في معرض حديثه أشار بان المشكلة الكوردية كانت موجودة قبل قيام هذه الكيانات في الشرق الأوسط ، و أشار إلى المادة (62) من معاهدة سيفر الموقعة في آب 1920 ، و التي تطالب بتشكيل لجنة ثلاثية لوضع مشروع لحكم محلي للمناطق التي تسكنها أغلبية كوردية ، الواقعة شرق نهر الفرات و جنوب حدود تركيا مع سوريا و ما بين النهرين ، و ذكر بان المعاهدة أشارت أيضا بان الحلفاء لا يعارضون ، الاتحاد الطوعي بين الدولة التركية المرتقبة وبين مناطق الأغلبية الكوردية من ولاية الموصل ، وأشار إلى المادة ( 16) من الانتداب البريطاني للعراق نيسان 1920 ، لا يمانع الانتداب من تأسيس حكومة مستقلة إداريا في المقاطعات الكوردية ، و ذكر أيضا من أن المادة ( 64 ) من معاهدة سيفر يبقي على الاتحاد الطوعي لسكان ولاية الموصل مع ولايتي بغداد و البصرة .
قلت لمحدثي وهو أكاديمي في إحدى الجامعات الأمريكية ، وكان في طريقه إلى الشرق الأوسط ، إذا كان الاختيار طوعيا ، لماذا لا تصبح الآية بالعكس ؟ قال كيف تنقلب الآية ؟ قلت له بدلا من أن تلحق ( ولاية الموصل ) بالمناطق الكوردية في تركيا تحت العلم التركي باسم الكونفدرالية ، ليصار إلى إلحاق المناطق الكوردية التركية ( بولاية الموصل ) تحت العلم العراقي ، قال محدثي قبل أن يختتم كلامه ، الأمريكان هم الذين يخططون ولسنا نحن ، قلت له مع أهمية أمريكا إلا أن الشعوب هي التي تقرر في النهاية . ....
إن العبء التركي على أمريكا يجري حثيثا لتحويلها إلى ورقة سياسية ، لكي يصار إلى ترتيبات لصالح الدولة الطورانية ، و لم تكن الترتيبات الأمنية إلا تمهيدا لذلك ، و موضوع الكونفدرالية الكوردية – التركية ليست بنت يومها ، حيث ترجع الفكرة إلى سنة 1965 م ، حينما عرضت أمريكا الفكرة على الأتراك ، في حينها اعترض على الفكرة قادة الجيش التركي ، خوفا من عدم تمكنهم السيطرة على كماشة كوردية كبيرة ، و لا سيما أن لكورد العراق تجارب عديدة في المقاومة ، وان ظروف الحرب الباردة كانت في صالح الأتراك برفض الفكرة .
في الوقت الذي يرفرف العلم الإسرائيلي في أنقرة ، و تغلغل الدولة العبرية في مفاصل الدولة التركية و مجتمعاتها منذ تشكيلها سنة 1948 م ، حيث كانت تركيا أول دولة مسلمة وثالث دولة في العالم بعد روسيا و أمريكا تعترف بإسرائيل ، مع كل ذلك تفاقمت الكتابات و بتحريض من الميت التركي بالهجوم الشرس على ما هو كل كوردي ، بتضخيم الخطر الكوردي بطريقة مدروسة ، بالإدعاء إلى تغلغل يهودي مزعوم في شمال العراق ، كأن اليهود لم يدخلوا في عواصمهم وبيوتهم أو لم يتغلغلوا في ثيابهم و أفكارهم و عقولهم ، و كان في مقدمة هؤلاء بعض ضعاف النفوس من المأجورين العرب العنصريين ، الذين لا وزن لهم و لا لون ، من الذين تفوح منهم رائحة جادة التقسيم في استنبول ، و اصطف إلى جانبهم بعض الذين يعيشون في الخيال ، من التيارية و الآثوريين ناكري الجميل الذين طردوا من تركيا في العقود القريبة ، وبالطبع استجاب لهم بعض التركمان من الطورانيين أحفاد جحا و هولاكو و أيتام الجندرمة العثمانية الذين بقوا في العراق ، و بعد أن علم القادة الكورد بما يجري من مخططات ، بادروا إلى وضع الدول العربية و الإسلامية أمام الواقع .
لمعرفة أسباب تراجع الأتراك و قبول فكرة الكونفدرالية بعد أن رفضوها سابقا ،هناك أسباب عديدة و مستجدات و تطورات اضطرتهم إلى قبول الفكرة منها ، يعلم الكثيرون من أن الأتراك باقتصادهم المتهالك لا يخفون مطامعهم في ( ولاية ) الموصل الغنية بالنفط ، بعد شعورهم صعوبة الدخول في النادي الأوربي ، و انهم عن طريق الكونفدرالية الصورية سوف يستطيعون لجم طموحات الكورد ، و من ثم يسهل تدخلهم في مستقبل العراق بإبعاد الشيعة عن أية ترتيبات للتحكم في مستقبل العراق ، و النقطة الأخطر في مثل هذا السيناريو هي رغبتهم و مطامعهم للتحكم في مياه الزابين و روافدها في كوردستان العراق ، بعد أن سيطروا على منابع دجلة و الفرات ، بذلك سيتحكمون في مياه منطقة الشرق الأوسط ، و يتصرفون وفق مشيئتهم ، و خاصة بعد أن تتفاقم مشكلة المياه في المدى المنظور ، و لا ننسى الطموحات الطورانية باسترجاع أمجاد الدولة العثمانية ، و لا ننسى خريطة الطورانيين الأخيرة التي تريد قضم أراضي العراق و أذر يبجان أولا ، و التي يشار إليها بالخط الأحمر، و من ثم يشار إلى العالم العربي و الإسلامي بالخط الرمادي .
الغاية عندهم تبرر الوسيلة ، و المراقب المحايد يتذكر المعاهدات الأمنية و العسكرية بين تركيا و النظام العراقي الساقط ، و مشاركة الميت التركي بتسميم اللاجئين الكورد العراقيين ، و تسليم الدولة التركية للمعارضين العراقيين بالعشرات إلى النظام السابق و الذين جرى إعدامهم ، و عدم شجبهم لممارسات النظام العراقي السابق ضد التركمان ، و عدم تقديمهم تسهيلات إلى أمريكا أبان حملتها لإسقاط النظام صدام حسين الديكتاتوري ، و فجأة تتذكر التركمان و تطالب الدفاع عن حقوقهم ، و من ثم توافق بإرسال الجيش التركي إلى العراق .
أما بالنسبة لأمريكا فلها أيضا أجندتها الخاصة ، و لها أسبابها العديدة لمجاملة تركيا في مساعيها منها ، أوربا مهمة جدا في نظر السياسة الأمريكية ، و بعد قيام بعض الدول الأوربية التغريد خارج سربها ، بذلك تضغط عن طريق الدولة التركية على الحلف الأطلسي ، و كما رأينا قام الأتراك بالموافقة على إرسال جيشهم إلى العراق ، رغم تحفظات الحلف الأطلسي ، و عن طريق الأتراك سوف ترسخ أمريكا أقدامها في أواسط آسيا و تطوق روسيا الاتحادية ، وتتخلص أيضا من العبء الاقتصاد التركي بعد أن يصار نفط الشمال العراقي للدولة الطورانية ، و تتخلص من المشكلة الكوردية المزمنة في المنطقة بكيان شبه هش ، و سوف تتدخل عن طريق الضغط التركي لتطويق إيران و سوريا ، بما يخدم سياستها الجديدة في الشرق الأوسط لصالح الدولة العبرية ، مما يسهل توطين اللاجئين الفلسطينيين في هذه الدولة أو تلك ، وكذلك تقوم بتسويق النظام التركي العلماني الذي يتحكم فيه العسكر، و التي هي بواجهة إسلامية نموذجا للمنطقة ، و الأخطر هو جعل إسرائيل تتحكم في اقتصاد الشرق الأوسط ، عن طريق شركات التركية التي تتحكم فيها إسرائيل ، عن طريق اليهود الدونما الذين يسيرون اقتصاد تركيا ، و كلنا نتذكر تعيين كمال درويش ( من يهود الدونما ) و استدعائه من البنك الدولي بحجة إنقاذ الاقتصاد التركي ، و دوره في إسقاط حكومة أجاويد العنصرية ، و عدم ممانعة جنرالات الجيش التركي بوصول حكومة إسلامية إلى الحكم ، بالعكس من موقفهم من حكومة أربكان السابقة ذات التوجه الإسلامي ، و كان الغرض من الأكاذيب التي روجتها الاستخبارات التركية ، بشراء اليهود الأراضي في كوردستان العراق هو لجس النبض و معرفة ردود الفعل ، و قطع الطريق عن التوجه الكوردي نحو العرب ، حتى وان افترضنا دخول اليهود إلى العراق أو شماله هل دخلوها عن طريق سوريا أم إيران أو السعودية أم الكويت ، حيث لا يمكنهم الدخول من هذه المنافذ إلا عن طريق الخابور ، و هنا نقول لماذا لم تمنعهم تركيا من الدخول إن كانت صادقة ؟ !!! 0
التصريحات الوقحة السابقة لأركان النظام الطوراني ضد العهد الجديد في العراق ، مصورين إرادة العراقيين في التغيير ، مجرد تخيلات لا وجود لها على ارض الواقع ، في حين راهنت القوى الوطنية العراقية المخلصة ، بان هذه الإرادة موجودة على ارض الواقع ، و خرجت إلى السطح و بقوة ، حينما رفضت الإرادة العراقية أية تدخلات إقليمية و منها التواجد التركي في العراق ، لذا نقول لتركيا و من تكون ورائها ، بأنها مهما حاولت من عمليات الضغط و الابتزاز ، لا تستطيع فرض أجندتها على العراقيين ، و تحت أية يافطة أتت ، لأن تحت الرماد كميات هائلة من التراكمات المأسوية ، التي مارسوها مع شعوب المنطقة ، من عهد إمبراطوريتهم المقبورة مرورا إلى عهد كيانهم الطوراني ، و لا يمكنهم لجم المارد العراقي حتى وان دعمت أمريكا مطامعهم أو قسم منها ، لأن الكعكة العراقية ليست سهلة الهضم ، و لدينا حساباتنا منذ أن وضعوا ( ولاية الموصل ) في ميزانيتهم السنوية الخاوية .
إن الشمال العراقي زاهي بأهله و معزز بعراقيته ، وليس هو شمال قبرص يستوجب الوصاية عليهم ، من قبل أحفاد هولاكو و جنكيزخان ليحكموه على طريقة قرقوش ، و الشيء الذي نعرفه بان بطش الدولة الطورانية ، هي نتيجة لبطشها السياسي و لعقليتها العنصرية ، لذا نحن لا نحتاج إلى جمال سفاح آخر ، والى بكر صوباشي مدير شرطة بغداد على عهد المغول ، الذي كان يتفنن في القتل ، الذي احرق منافسه محمد قنبر و أولاده ، في نهر دجلة عن طريق زورق مملوء بالكبريت ، و لا نحتاج إلى ساحة (أودت قابي ) ووضع الناس فيها على حقول الخوازيق و الأنصال ، و لا نريد مثل متحف ( طوب قابي ) لغرض عرض الرؤوس المقطوعة للمعارضين للطورانية ، و لا رغبة لنا لحمامات الغلمان و الجواري ، أو جامخانات شارع التقسيم في استنبول .
على أمريكا إسقاط موضوع خلط الأوراق في معادلاتها ، لان العنف يولد العنف ، و القوة مهما كانت لا تصنع السلام ، وإذا أرادت الاستقرار للعراق عليها تهيئة الظروف الذاتية و الموضوعية ، لقيام العراقيين بحكم أنفسهم في أجواء الحريات و الديمقراطية ، بذلك سوف تقلب الطاولة على كل الإرهابيين إن أرادت القضاء على الإرهاب في منطقتنا الإقليمية .
من المقرر أن يزور الزعيمين الكورديين أنقرة ليعرض الأتراك عليهما فكرتهم و مخططهم ، عليهما و كما هو عهدنا بهما بان يتكلما بصوت عالي ، و رفض أية فكرة أو مشروع أو اقتراح لا يصب في مصلحة العراق و شعوبه المتآخية ، و لا سيما تلك المخططات التي تسئ إلى وحدة العراق أرضا و شعبا ، بعد أن تراجعت أمريكا جزئيا عن استقدام القوات التركية ، و لا سيما انهما محصنين بموقف مجلس الحكم الانتقالي الرافض للتواجد التركي في العراق ، و محصنين أيضا بنفسهم العراقي و نسيمه العليل ، و ما يزيد من ثقتنا من حصانتهما ، ما يعرفون تاريخيا من الجرائم التي حصلت للعراقيين بصورة عامة ، و للكورد بصورة خاصة من على يد الأتراك ، و انهم حتما يتذكرون أيضا الأعمال الإرهابية التي جرت في الآونة الأخيرة في كركوك و أطرافها ، و التي كانت للميت التركي اليد الطولي فيها ، حسب اعترافات الإرهابيين الذين تم القبض عليهم ، و منهم رئيس تلك العصابة المدعو محمد علي ، و هنا نكشف عن سر سكت عليه المجلس الانتقالي وكذلك الحكم المدني الأمريكي السفير بول بليمر ، وهو بأن ممثلي التركمان قبل تشكيل المجلس الانتقالي ، ابدوا معارضتهم الشديدة أن يكون في المجلس أي عضو يمثل القوميين العرب أو من يكون ذو ميول ناصرية في المجلس ، و اجتمعوا عدة مرات مع الحاكم المدني و هددوا بعدم الاشتراك في المجلس في حالة عدم تنفيذ مطلبهم ، في الوقت الذي كانت تركيا تستقطب أصحاب هذه الاتجاهات في أنقرة !!! ، و نحن نصر على معلوماتنا و نطالب المجلس والحاكم المدني بالكشف عن هذه الملابسات و التناقضات 0
على مجلس الحكم العراقي الانتقالي ، محاسبة عضوة المجلس ممثلة التركمان ، القريبة من الجبهة التركمانية بسبب تصريحاتها إلى تلفزيونTRT-int التركي قبل أسبوع ، و التي تصب في خانة مصلحة تدخل الأتراك في العراق و مستقبله ، و استبدالها بعضو من التركمان الشيعة الذين يرفضون التواجد الإقليمي في العراق ، و على المجلس إلغاء المعاهدات الأمنية و العسكرية التي أبرمها النظام الساقط مع النظام الطوراني ، و المطالبة بانسحاب جيشها المتواجد على ارض العراق و المتمركزة في شماله ، أما في حالة عدم استجابة الأتراك إلى توزيع عادل للمياه مع الدول المتشاطئة معها العراق و سوريا ، على المجلس غلق أنبوب نفط كركوك – جيهان بصورة نهائية ، و بخصوص الشركات التركية العاملة في العراق يجب إعادة النظر في تواجدها ، لأن هذه الشركات أكثرها برأسمال إسرائيلي و يديرها اليهود الدونما الأتراك ، و ذلك استنادا للمقاطعة العربية لإسرائيل .
على النخبة المثقفة العراقية و الواعية العمل على ترسيخ الوحدة الوطنية ، و العمل باتجاه تفعيل حقوق جميع العراقيين المذهبية و الدينية و القومية ، حيث ليس من المعقول أن يمثل هذا الكم الهائل من المسيحيين ممثل آشوري و تعدادهم لا يتجاوز بضعة آلاف في العراق ، في حين القومية الكلدانية تعتبر ثالث قومية في العراق ، و يحرمون من التمثيل في المجلس الانتقالي ، و كذلك من الإجحاف أن لا يمثل الكورد الشيعة الفيلية و الصابئة أحفاد سومر وأكد وكذلك الكورد اليزيديين في المجلس ، في حين تتربع ممثلة عن التركمان في المجلس وتعدادهم يكاد أن يكون بحدود 1 % من نفوس العراق .
على النخبة الواعية من الكورد و الشيعة تحويل التفاهمات بينهما إلى تحالف استراتيجي ، لإجهاض المخططات التركية ، ومنها تدخلاتها للتأثير في رسم مستقبل العراق ، و محاولاتها لإرجاع صيغة الحكم المذهبي الأحادي إلى العراق الجديد ، النخبة العراقية بالوعي بهذه التفاهمات و بهذه الرؤية ، سوف يجعلون من وطننا العراق بلدا ديمقراطيا تعدديا برلمانيا فدراليا ، عندئذ نكون قد رسخنا و حدتنا الوطنية على أسس سليمة ، حينئذ نستطيع أن نقف بوجه الرياح العاتية من أية جهة أتت 0