|
تَيْم حسن يعيد الحياة إلى الملك فاروق !
علاء الزيدي
الحوار المتمدن-العدد: 2063 - 2007 / 10 / 9 - 09:47
المحور:
الادب والفن
بدا الممثل السوري الشاب تـَيْم حسن بارعا ً إلى أبعد حد ٍّ ، في تجسيده شخصية الملك فاروق ، في المسلسل الذي يعرض الآن ، تحت الإسم نفسه ، على شاشة قناة أم بي سي ، رغم عدم شهرة هذا الممثل الموهوب ، وعدم لعبه دور البطولة في أي عمل فني سابق ، على حدّ علمي . ومما مهـّد طريق النجاح أمام تيم حسن ، بالإضافة إلى موهبته التي اكتسحت أي ّ مرشح مصري من أمامه ، بما نعرفه عن الممثلين المصريين من تفاخر و خيلاء ، ذلك النص والسيناريو المتميزان ، اللذان بذلت الكاتبة الدكتورة لميس جابر ( زوجة الممثل يحيى الفخراني ) جهدا ً مضنيا ً في إعدادهما ، على مدى عشر سنوات من التنقيب والبحث والدراسة والمطالعة لعشرات الكتب والنصوص والوثائق ، وتلك اللمسات الإخراجية المستندة إلى خبرة ثرّة ، التي إمتاز بها المخرج السوري المتميز حاتم علي . هذا فضلا ً بطبيعة الحال ، عن الميزانية الضخمة التي رصدها المنتج السعودي للمسلسل ( قيل أنها بلغت مليوني دولار ) . لقد استطاع المسلسل ، وتيم حسن بالذات ، إعادة الحياة إلى سيرة وحكاية الملك فاروق التي غطاها ركام التشويه الثورجي . فظهر لنا الملك المصري الراحل على حقيقته ؛ إنسانا ً يخطىء ويصيب ، يحب ويكره ، يخاف ويقتحم ، يتصرف بحكمة أو بتهور ، يدعو بخشوع أو يعربد ، شأنه في ذلك شأن أي إنسان و أي ملك . هذا مع الأخذ في نظر الإعتبار أن الحلقات التي شاهدناها حتى الآن ، تتعلق بما يمكن تسميتها بمرحلة النقاء النسبي التي عاشها فاروق ، وهي مرحلة الشباب المبكر ، التي تختلف بالطبع ، عن مرحلة استشراء الفساد في المملكة المصرية قبيل ثورة 23 يوليو ( تموز ) عام 1952 . وفضلا ً عن شخصية الملك فاروق ، فقد كانت الشخصيات الأخرى ، مثل شخصية أحمد باشا حسنين رئيس الديوان الملكي وزوج الملكة نازلي ( والدة فاروق ) العرفي ، التي لعب دورها الممثل الناجح عزت أبو عوف ، وشخصية الملك فؤاد التي أدى دورها وأضفى عليها طابعا ً خفيفا ً ومسلـّيا ً الممثل حسن كامي ، وشخصية زعيم الوفد مصطفى النحاس باشا ، التي جسـّدها الممثل الطيب صلاح عبد الله ، كانت هذه الشخصيات تصويرا ً دقيقا ً ، وبدون رتوش ، للطبيعة الإنسانية ، في كل زمان ومكان . ولعل ّ الوحيد ، من بين الممثلين الكبار الذي لم يكن مقنعا ً في أدائه ، هو الممثل المعروف عبد الرحمن أبو زهرة ، الذي عجز تماما ً عن إقناع المشاهد بأنه يرى الزعيم الوطني سعد زغلول بشحمه ولحمه ، كما أقنعنا – مثلا ً – تـَيْم حسن ، الشاب ، وذو التجربة القصيرة ! تجربة مسلسل الملك فاروق ، وغيرها من التجارب الفنية التي يدخل فيها الجهد الفني السوري الميدان المصري بجدارة واندفاع ( كما نشهد الآن أيضا ً في مسلسل أولاد الليل الظبياني ، بطولة جمال سليمان ، وإخراج رشا شربتجي والإثنان سوريان طبعا ً ) إضافة إلى النجاح منقطع النظير ، الذي يحققه للسنة الثانية على التوالي المسلسل السوري الاجتماعي الكبير " باب الحارة " تكفي لأن تكون نواقيس خطر ، تقرع في آذان الإخوة والأخوات المصريين ، حاثـّة إياهم على تلمـّس طريق النجاح ، أو مواصلته ، متسلـّحين بما عهدناه عنهم ، في العهود الغابرة ، من مثابرة ومكابدة . أما الاطمئنان إلى النجاح الحتمي ، اعتمادا ً على ماض ٍ لايـُدعم بالمزيد من التطوير والابتكار والإبداع ، فهو المقتل الحقيقي والنهائي للمواهب الشابة ، ناهيك عن الهرمة أو التي كاد المشيب أن يطمرها في قبر العجز والفشل ! ومهما كان من أمر ، فالنجاح السوري ، هو الآخر ، مدعاة لليقظة عند هؤلاء الأشقاء المكتسحين حثيثا ً كل العيون العربية . فثمـّة ، أيضا ً ، دراما خليجية تنهمر على الشاشات كأمطار الخير ، بحثا ً عن غد ٍ أكثر سعة ، والبقاء ، بالتأكيد ، للأصلح والأكثر صبرا ً ووعيا ً ومثابرة ً ، والأهم ّ من ذلك كله : تواضعا ً ! أما الدراما العراقية ، فليطمئن الجميع من أنها لن تشكـّل خطرا ً على أحد ٍ ، مادامت أسيرة ً في قبضة الإسفاف والزعيق والأداء البهلواني الذي تغذيه وتشيعه وتنمـّيه قناة الشرقية . بقيت كلمة . وهي أنه آن الأوان لدراسة العهود الملكية في العالم العربي دراسة ً محايدة ومنطقية ، مثلما فعلت دراميا ً د . لميس جابر . فهذه العهود جزء من تاريخنا يمكن أن نستلهم منه المزيد من عوامل النجاح والبناء والتقدم . والملوك ليسوا – كلّهم - شرّا ً مطلقا ً . ويكفي أن نعلم أن المداعبة القرآنية ( إذا جاز لي التعبير وغفر لي ربـّي إساءة الأدب ) الواردة في الآية الكريمة : إن الملوك إذا دخلوا قرية أفسدوها ، إنما تتعلق بـ " كلام " نملة ضعيفة " العقل " لاتدرك ماوراء قرنيْ استشعارها ، عن قمـّة في العدالة والحكمة والرحمة ، هو سيدنا سليمان بن داود ( أو هكذا فهمت من بعض القراءات في التفاسير وعذرا ً إن كنت مخطئا ً ) . ومن هنا ، فما الضير في أن تدرس الأجيال اللاحقة تجربة أجيال مضت ، دون تفريق بين ملوك ٍ ورعيـّة ؟ وياعمـّي ! إذا كانت الملكية سيئة ، فما بالنا نشهد تحوّل الجميع إلى ملوك برؤوسنا . فرئيس الجمهورية يستخلف " ولي ّ عهده " غصبا ً عمـّن يرضى أو لايرضى من المحكومين . وعالـِم الدين والمرجع الروحي يسلـّمها ، ومعها الجمل بما حمل ، إلى ابنه أو أخيه مع تسليم الروح إلى بارئها . والقائد والثائر الإقطاعي والعشائري لا يرحل عن الدنيا ويخلد في التاريخ المجيد ، قبل أن يستولي الأبناء والأحفاد على البلاد والعباد ، حتى قبل أن تكون هناك معالم واضحة للبلاد والعباد . والزعيم السيا – ديني أو الدي – سياسي لاتغمض عيناه في المشفى قبل أن يطمئن على استقرار " التركة " بين يدي قرّة العين الناعمتين ... وهلم ّ سحبا ً وسحلا ً ! فمالنا نكابر .. ونخاتل .. ونخادع ، مانعين الحقيقة عن الباحثين عنها ؟
#علاء_الزيدي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
الحزب الوهابي ( 8 ) دعوة إلى مناهج السلف الاستعماري الصالح !
-
الحزب الوهابي (7) سياحة وهّابية في الديار الرافضية !
-
الحزب الوهابي ؛ دعوة إصلاحية أم حركة يهودية ؟ (6) محمد بن عب
...
-
الحزب الوهابي (5) حقد تاريخي على العراق ومصر !
-
الحزب الوهابي ؛ دعوة إصلاحية أم ... ؟ - 4
-
الحزب الوهابي ؛ دعوة إصلاحية أم حركة يهودية ؟ - 3
-
الحزب الوهابي ؛ دعوة إصلاحية أم حركة يهودية – 2
-
خلافات - الدعوة - الداخلية ومصالح الناس المتوقفة !
-
الحزب الوهابي ؛ دعوة إصلاحية أم حركة يهودية ؟ - 1
-
هذا المنتخب الوطني الرمز ...
-
لماذا غابت قناتا - شهرزاد - و - كنوز - ؟
-
ماذا لو بقيت مالطا مسلمة !
-
مفاهيم بالية لن تتقدموا قبل كنسها
-
تاريخنا المجيد ليس تاريخنا !
-
الزعيم مداحا
-
لطم وحدوي
-
صدى السنين – إعترافات متطرف
-
القتل الوردي .. ماركة بعثية مسجلة
-
جمجمة وعظمتان !
-
طائف ميت
المزيد.....
-
جيل -زد- والأدب.. كاتب مغربي يتحدث عن تجربته في تيك توك وفيس
...
-
أدبه ما زال حاضرا.. 51 عاما على رحيل تيسير السبول
-
طالبان تحظر هذه الأعمال الأدبية..وتلاحق صور الكائنات الحية
-
ظاهرة الدروس الخصوصية.. ترسيخ للفوارق الاجتماعية والثقافية ف
...
-
24ساعه افلام.. تردد روتانا سينما الجديد 2024 على النايل سات
...
-
معجب يفاجئ نجما مصريا بطلب غريب في الشارع (فيديو)
-
بيع لوحة -إمبراطورية الضوء- السريالية بمبلغ قياسي!
-
بشعار -العالم في كتاب-.. انطلاق معرض الكويت الدولي للكتاب في
...
-
-الشتاء الأبدي- الروسي يعرض في القاهرة (فيديو)
-
حفل إطلاق كتاب -رَحِم العالم.. أمومة عابرة للحدود- للناقدة ش
...
المزيد.....
-
مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة
/ د. أمل درويش
-
التلاحم الدلالي والبلاغي في معلقة امريء القيس والأرض اليباب
...
/ حسين علوان حسين
-
التجريب في الرواية والمسرح عند السيد حافظ في عيون كتاب ونقا
...
/ نواف يونس وآخرون
-
دلالة المفارقات الموضوعاتية في أعمال السيد حافظ الروائية - و
...
/ نادية سعدوني
-
المرأة بين التسلط والقهر في مسرح الطفل للسيد حافظ وآخرين
/ د. راندا حلمى السعيد
-
سراب مختلف ألوانه
/ خالد علي سليفاني
-
جماليات الكتابة المسرحية الموجهة للطفل في مسرحية سندس للسيد
...
/ أمال قندوز - فاطنة بوكركب
-
السيد حافظ أيقونة دراما الطفل
/ د. أحمد محمود أحمد سعيد
-
اللغة الشعرية فى مسرح الطفل عند السيد حافظ
/ صبرينة نصري نجود نصري
-
ببليوغرافيا الكاتب السيد الحافظ وأهم أعماله في المسرح والرو
...
/ السيد حافظ
المزيد.....
|