أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - حسين عجيب - نور الدين بدران وسلمى...في حديقة الغياب_ثرثرة














المزيد.....

نور الدين بدران وسلمى...في حديقة الغياب_ثرثرة


حسين عجيب

الحوار المتمدن-العدد: 2061 - 2007 / 10 / 7 - 12:43
المحور: الادب والفن
    




الطريق إلى حمص طويل....وغامض,عبره ماركس وبوذا,تكسّرت بين حجارته أحلام الثورة والعدالة...وما يزال يمتدّ في الفراغ المخيف,يتعرّج ويطول....لينطفئ أخيرا في مقبرة بعيدة ومغبّرة على أطراف حمص.
سيكتبون فوق الشاهدتين المتلاصقتين إلى الأبد: هنا ترقد الدكتورة سلمى دليلة, ولن يختلف الأهل و الأصدقاء حول "كفاية الشهادة" للدكتورة المحبوبة والمعروفة في اللاذقية_زوجة نور الدين بدران وأم يزن وأخت الدكتور عارف دليلة...دكتورة الأطفال التي يثق بها الأهل ويحبها الصغار.
وأما نور الدين....أبو النور,سرحان,زياد نجم, عدنان....وبقية الأسماء المرتجلة بسرعة وسط الخوف والحذر...الهارب المتخفّي عشرات السنين,والتي ستعرف سلمى الطبيبة الشابة,بحدسها الأنثوي وبصيرتها,أن هذا الشاب مختلف قولا وفعلا, وسيكون حبيبها وزوجها حتى النهاية....
سلمى ونور الدين يحققان المعادلة النادرة(الزوجة_الحبيبة) في الحياة وفي الموت.
موت فظيع وشاعري_على طريق صحراوي في الأردن_ماتا معا وترافقا إلى الأبد.
ما العبارة التي تصف نور الدين بدران!
الثوري,المختلف,عاشق الحياة والكأس, الكاتب,الشاعر,المناضل,العبثي....جميعها ممارسات نور الدين الصريحة,ومنذ شبابه الأول.
مختلف أطياف "الفكر السوري" يمشون معا حول جنازة سلمى ونور.
*
لا استطيع تخيّل نور الدين بدران_إلا وهو يضحك_ في الخوف يضحك, بعد جدال ثوري عنيف يضحك,في حوارات الشعر والأدب يضحك, على مسافة من وظائف السلطة أو المعارضة...ويضحك. يحب قراءة تشيخوف والماغوط ورياض وشوقي أبي شقرا,ولا يساوم_الأدب والشعر أولا_الحقيقي في فضاء الثقافة, الحب والعشق روح الحياة...ضحكة نور الدين بدران هويته الأعمق.
اعذرني يا أخي الكبير...يا صديقي...
ضعفت وخضعت لمقتضيات الواقع,صرت أخاف ضمير سوريا المشترك وأل.. أنا العليا ....خاصتي .
أعرف أن الحركة كانت لتسعدك وتضيء ضحكتك الدافئة.....
أن أجلس بين الشاهدتين,ومعي زجاجة ميماس كوننا في حمص, أوزّع الجرعات بالتساوي....وأنت تضحك أعمق وأقوى وأكثر وضوحا...من كل ما مضى,لا تطمع....زجاجة واحدة بالكاد تكفي ثلاثة.
عماد ما كان ليتردد في تنفيذ رغبتك الأخيرة,نودّعك على طريقتنا_نحن الصعاليك الثلاثة. نشرب ونضحك_عماد ونور وحسين_كأننا في نخيم جرمانا أو حارة علي الجمّال أو مشروع شريتح أو جبلة ...أو حديقة أو رصيف....نشرب ونضحك.
*
مات نور الدين بدران كما سنموت جميعا.
لكنه فاجأنا...الخبيث فعلها بشاعرية وروعة,تعانق وسلمى, وقفزا في المجهول.

.
.
طلبت من عماد أن يتصّل بك, منذ عشرة أيام ونحن نشرب البيرة على بلكون بيت شريتح, ربما وصلوا من السعودية وتباطأ في الاتصال...عماد حاول مرارا...
اشتقنالك يا أبو النور.
سنتجاوز خجلنا الموروث,في التعبير عن عواطفنا تجاه صديق,...يا أخي حضوره حلو, رفيق ممتع...عبارات مواربة, لكننا بعد غيابك النهائي,نهزّ رؤوسنا بقهر.
فقدناك وخسارتك لا تعوّض.
.
.
مات أبو النور!
نعم يا عماد.مات وشبع موتا.
.....أغلقنا التلفون, وبكينا كلّ بمفرده.
عماد وأننا بيننا تواطؤ ضمني_ضد الموت والبكاء ومظاهر الألم_ الكأس الثالث لم يفرغ. سيبقى كأسك عامرا حتى نلحق بك...أين ومتى وكيف...تعرف أنها أسئلة لم تعنينا في يوم. الكأس والعشق والضحك حقيقتنا الخالدة.
*
مرة صرخت فريدة السعيدة: أنا أو الكأس؟
الكأس يا فريدة.
صمتت, وجمت, صعقت....الكأس أهمّ مني!
يا فريدة أنا ضدّ هذه الصفقات السخيفة...
لو وضعني الكأس مرة في مأزق الاختيار!أنا أو....آخر,لرفضته وكسرته بلا تردد.
الكأس يرفض التنافس. الكأس مشاركة وحب واحترام لا إلغاء واستبعاد.
أشرب بصحتك يا أبا النور.
هذه كأس نور وسلمى.
*
.
.
...الخرا صاير عاطفي...
_لا....ورومانسيكي كمان, يردّ اللعين عماد.
أرى أبو النور يرفع رأسه فوق النعش, ويشير غامزا...أين السكرة اليوم!؟
سنجد طريقة للتملّص من هذا الكابوس الثقيل, ونعود إلى السكر والضحك.
.
.
في غرفتي وأمام كمبيوتري, يضغطني ثقل الواقع وقوانينه الصارمة...
نور تحوّل إلى فراشة,طبعت ظلها صفحة بيضاء على الحوار المتمدن.
انتهى الكلام.
انتهى الحلم.
ابتدأ الواقع....الواقع القاسي,المصمت,....كأن نور وسلمى لم يمرّا يوما.
كأنه حلم طويل ومديد....بلا بداية أو نهاية.



#حسين_عجيب (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- قصيدة نثر_ثرثرة
- ذهاب أيلول_ثرثرة
- الضمير بين الثقل والخفة_ثرثرة
- مع بيسوا وفراشات أيلول_ثرثرة
- اللعبة المنتهية_ثرثرة
- يوم خارق_ثرثرة
- الفكر السوري في طور التفعيلة_ثرثرة
- لفظتنا أرصفة دمشق...بعدها اللاذقية_ثرثرة
- أحلام...في الصحو والنوم_ثرثرة
- خطوة إلى الأمام ثلاث إلى الوراء_ثرثرة
- كأس أصدقائي....في مشارق الأرض ومغاربها_ثرثرة
- في الليل الطويل تشتت أحلامي_ثرثرة
- القضية.....فراغات المعنى_ثرثرة
- معجب بذكائي رغم كل شيئ_ثرثرة
- مدارات حزينة_ثرثرة
- فنّ الاختلاف_ثرثرة
- طائر الخفّة يعبر 11 أيلول_ثرثرة
- صباح جديد_ثرثرة
- ...فليأتي الطوفان_ثرثرة
- لماذا لا تغير حياتك!؟_ثرثرة


المزيد.....




- -هواة الطوابع- الروسي يعرض في مهرجان القاهرة السينمائي
- عن فلسفة النبوغ الشعري وأسباب التردي.. كيف نعرف أصناف الشعرا ...
- -أجواء كانت مشحونة بالحيوية-.. صعود وهبوط السينما في المغرب ...
- الكوفية: حكاية قماش نسجت الهوية الفلسطينية منذ الثورة الكبرى ...
- رحيل الكوميدي المصري عادل الفار بعد صراع مع المرض
- -ثقوب-.. الفكرة وحدها لا تكفي لصنع فيلم سينمائي
- -قصتنا من دون تشفير-.. رحلة رونالدو في فيلم وثائقي
- مصر.. وفاة الفنان عادل الفار والكشف عن لحظات حياته الأخيرة
- فيلم -سلمى- يوجه تحية للراحل عبداللطيف عبدالحميد من القاهرة ...
- جيل -زد- والأدب.. كاتب مغربي يتحدث عن تجربته في تيك توك وفيس ...


المزيد.....

- مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة / د. أمل درويش
- التلاحم الدلالي والبلاغي في معلقة امريء القيس والأرض اليباب ... / حسين علوان حسين
- التجريب في الرواية والمسرح عند السيد حافظ في عيون كتاب ونقا ... / نواف يونس وآخرون
- دلالة المفارقات الموضوعاتية في أعمال السيد حافظ الروائية - و ... / نادية سعدوني
- المرأة بين التسلط والقهر في مسرح الطفل للسيد حافظ وآخرين / د. راندا حلمى السعيد
- سراب مختلف ألوانه / خالد علي سليفاني
- جماليات الكتابة المسرحية الموجهة للطفل في مسرحية سندس للسيد ... / أمال قندوز - فاطنة بوكركب
- السيد حافظ أيقونة دراما الطفل / د. أحمد محمود أحمد سعيد
- اللغة الشعرية فى مسرح الطفل عند السيد حافظ / صبرينة نصري نجود نصري
- ببليوغرافيا الكاتب السيد الحافظ وأهم أعماله في المسرح والرو ... / السيد حافظ


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - حسين عجيب - نور الدين بدران وسلمى...في حديقة الغياب_ثرثرة