|
اول الوطن ام اول الكاؤثة
يحيى رباح
الحوار المتمدن-العدد: 2060 - 2007 / 10 / 6 - 09:30
المحور:
القضية الفلسطينية
علامات على الطريق أول الوطن أم أول الكارثة؟؟؟
احترت كثراً قبل التوافق على هذا العنوان لمقالة اليوم عن قطاع غزة، والتي جاءت بعد اتصالات ومناقشات وإلحاحات من قبل العديد من الأخوة والأصدقاء، والسبب وراء ذلك، أن قطاع غزة مقبل على أطوار جديدة تفوق في خطورتها كل ما سبق من فصول التدهور في العلاقات الفلسطينية الداخلية التي وصلت في نهاية المطاف إلى الواقع الحالي، واقع الانقلاب، والانقسام السياسي والإداري، والانفصال الجغرافي بكل حيثياته التي تزداد ترسخاً وخطورة.
والطور الجديد الخطير:
أن قطاع غزة، يراد له من قبل أطراف عديدة، أن يكون "ماصّة صواعق"، وأن يكون بؤرة لصراع الأجهزة الاستخباريه الدولية!!!.
وبعيداً عن زيف ورعونة الاتهامات الإسرائيلية، حيث إسرائيل هي السبب الرئيسي وراء كل المصائب التي يواجهها قطاع غزة، ابتداءً من قرار الانسحاب أحادي الجانب، وانتهاءً بقرار اعتبار القطاع كياناً معادياً، ومساهمتها الممتدة لعقود طويلة في إحداث هذا الارتباك في أوضاعنا الداخلية، والانقراض والضعف في مرجعياتنا الوطنية!!! أقول، إنه بعيداً عن ذلك، فإن التفاصيل اليومية الجارية تشير ولو بشكل أولي إلى أن أجهزة الاستخبارات الدولية بدأت تلعب فعلاً في هذه الساحة الضيقة المعقدة، وأن الكثير مما يجري على الأرض يومياً ليس فيه أدنى معادل موضوعي فلسطيني، وليس فيه أي مصلحة فلسطينية لأي طرف من الأطراف الفلسطينية المتناقضة أو المتجاذبة.
والأمثلة على ذلك كثيرة:
فهناك مثلاً هذه المتفجرات التي تزرع في الشوارع، وفي حاويات القمامة، وداخل السيارات المتوقفة وأمام البيوت، التي من جرائها، أو تحت غطائها تحدث ردات فعل أمنية رعناء، وعنيفة، ومؤذية، وكأن الفعل ورد الفعل هما طرفا معادلة يصنعها الآخر الخفي ونحن في القطاع مجرد أدواتها وضحاياها!!!.
وهناك عمليات الاعتقال اليومية، التي تجري بالجملة، لعشرات من الأفراد يومياً، بعضهم لا علاقة له بأي شيء، وبعضهم لا يثبت عليهم شيء، والبعض الآخر يبدو وكأن الهدف من اعتقاله أو استجوابه مجرد الإهانة أو الإذلال أو الإيذاء، وحين ندقق النظر في النتائج نكتشف أن أحداً من الأطراف لم يستفيد من ذلك، لا حماس التي تسيطر على الأوضاع في القطاع، ولا أي من الفصائل الأخرى، إذاً لماذا يتم الأمر على هذا النحو؟؟؟ ولماذا تجري التفاصيل بهذه الكيفية؟؟؟ ومن المستفيد من الجريمة؟؟؟
وهناك أيضاً الحديث المتكرر عن القاعدة، ونوّيات القاعدة، بل وإتمام صفقات على خلفية ذلك، وهناك مبالغة في الحديث عن دخول خبراء إرهاب إلى قطاع غزة، وعن دخول أسلحة نوعية غير تلك التي نعرفها محدودة الكفاءة!!! ويبدو الأمر مثيراً للتساؤلات الصعبة، كيف لهذا القطاع الصغير المكتظ والمحاصر أن يدخل إليه عناصر بشرية غريبة، وأسلحة خارج السياق العادي، بينما الضروريات البسيطة يعاني قطاع غزة من فقدانها أو شحتها إلى درجة خطيرة؟؟؟
وفي السياق نفسه:
لماذا اختارت إسرائيل هذا التوقيت لتعلن قطاع غزة كياناً معادياً، ثم تبدأ فوراً بالتصرف على هذا الأساس؟؟؟ وبعض تطبيقات هذا القرار في الجانب المصرفي مثلاً سوف تحول الحياة في قطاع غزة إلى المستحيل بعينه كما شرح لي بعض خبراء العمل المصرفي.
ربما نصل إلى الاستنتاج أن إسرائيل لها مصلحة كبرى في تعقيد الوضع، وفي رسم هذه الصورة الخطيرة، وه تريد أن ترفع قيمة فاتورتها المستحقة إذا تطور الوضع في المنطقة إلى حالة حرب!!! أو أن إسرائيل تريد أن تدفع بالأمور في قطاع غزة إلى حالة خطيرة ومتداخلة من الحرب الأهلية التي لا يسيطر على مجرياتها أحد، فتبقى مفتوحة هكذا بلا سقف ولا ضوابط، ومعروف أن قطاع غزة في عزلته الخانقة لا يحتاج إلاّ لأقل القليل لكي تستقر فيه مثل هذه الحالة!!!.
فإن سلوك الأطراف الفلسطينية إذا بقي على وتيرته الحالية، يعتبر أكبر من مجرد قصور وفشل، إنه قد يصل إلى مرتبة خيانة الذات وتدمير الذات!!! لأن كل الأطراف الفلسطينية مطالبة بمراجعة سلوكها، ومراجعة المرتكزات السياسية أو الأمنية لهذا السلوك، لترى إن كان بالإمكان نقل الحالة الراهنة إلى أفق جديد أم نبقى هكذا كعربة بلا توجيه تنحدر على قاع المنحدر؟؟؟
الشرعية الفلسطينية تتحمل مسئولية كبرى وشاملة عن قطاع غزة حتى وإن كان يقع تحت سيطرة حركة حماس فعلياً، وهي مطالبة بتبديد أجواء اليأس والإحباط والتآكل الاجتماعي الذي يحدث في قطاع غزة، وأن تقوم بحملة واسعة لتكسير هذه التهم الموجهة للقطاع، وأن تفعل كل ما تستطيع مع القوى العربية المحيطة بنا ومع القوى الدولية حتى لا يتحول قطاع غزة إلى ساحة عمل استخباري لكل من هب ودب، نكون نحن فيه الأدوات والضحايا.
وحركة حماس يتوجب عليها بشكل صريح أن تضع حدوداً واضحة بين مصالحها الذاتية، وما يترتب عليها من مقايضة، ومن سلوكيات سلبية، وبين مصير القطاع الذاهب باتجاه الكارثة!!! فليس مفيداً لحركة حماس أن تلعب لعبة " أنا أو الطوفان" حيث أن ذلك لا يبقي في يدها شيء على الإطلاق في نهاية المطاف!!! والجميع يعلم أن ألعاب السياسة تختلف عن ألعاب القمار الذي قد يخسر فيه اللاعب كل شيء، وحماس رغم كل ما جرى، ليس من مصلحتها أن تقطع شعرة معاوية مع الكل الوطني الفلسطيني، وأن تضع كل أوراقها في رهان خارجي قد يربح وقد يخسر، وقد يصيب وقد يخطئ!!!
أما الحركة الوطنية الفلسطينية بمجملها، فأنا أعتقد شخصياً أنها أقوى مما تعتقد، وخاصة في هذه المرحلة، وأن دورها يجب أن يتجاوز حدود السلامة الفردية أو تبرئة النفس!!! إن دورها يجب أن يتمحور حول اجتراح صيغ عملية وقابلة للتنفيذ من أجل الوصول إلى الخلاص، إلى الإنقاذ الوطني، إلى إعادة الحياة لقطاع غزة قبل أن يصبح موته السياسي واقعاً يتعاطى معه الجميع كأمر واقع.
إن قطاع غزة هو أول الوطن، فلا تجعلوه يغرق في دمائه، ويحتقن بألعاب الآخرين الشيطانية!!! لا تدعوه يصبح أول نموذج للكارثة.
#يحيى_رباح (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
الجمهوريون يحذرون.. جلسات استماع مات غيتز قد تكون أسوأ من -ج
...
-
روسيا تطلق أول صاروخ باليستي عابر للقارات على أوكرانيا منذ ب
...
-
للمرة السابعة في عام.. ثوران بركان في شبه جزيرة ريكيانيس بآي
...
-
ميقاتي: مصرّون رغم الظروف على إحياء ذكرى الاستقلال
-
الدفاع الروسية تعلن القضاء على 150 عسكريا أوكرانيا في كورسك
...
-
السيسي يوجه رسالة من مقر القيادة الاستراتجية للجيش
-
موسكو تعلن انتهاء موسم الملاحة النهرية لهذا العام
-
هنغاريا تنشر نظام دفاع جوي على الحدود مع أوكرانيا بعد قرار ب
...
-
سوريا .. علماء الآثار يكتشفون أقدم أبجدية في مقبرة قديمة (صو
...
-
إسرائيل.. إصدار لائحة اتهام ضد المتحدث باسم مكتب نتنياهو بتس
...
المزيد.....
-
الحوار الوطني الفلسطيني 2020-2024
/ فهد سليمانفهد سليمان
-
تلخيص مكثف لمخطط -“إسرائيل” في عام 2020-
/ غازي الصوراني
-
(إعادة) تسمية المشهد المكاني: تشكيل الخارطة العبرية لإسرائيل
...
/ محمود الصباغ
-
عن الحرب في الشرق الأوسط
/ الحزب الشيوعي اليوناني
-
حول استراتيجية وتكتيكات النضال التحريري الفلسطيني
/ أحزاب اليسار و الشيوعية في اوروبا
-
الشرق الأوسط الإسرائيلي: وجهة نظر صهيونية
/ محمود الصباغ
-
إستراتيجيات التحرير: جدالاتٌ قديمة وحديثة في اليسار الفلسطين
...
/ رمسيس كيلاني
-
اعمار قطاع غزة خطة وطنية وليست شرعنة للاحتلال
/ غازي الصوراني
-
القضية الفلسطينية بين المسألة اليهودية والحركة الصهيونية ال
...
/ موقع 30 عشت
-
معركة الذاكرة الفلسطينية: تحولات المكان وتأصيل الهويات بمحو
...
/ محمود الصباغ
المزيد.....
|