أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في مصر والسودان - كمال الجزولي - أوريجينال!















المزيد.....



أوريجينال!


كمال الجزولي

الحوار المتمدن-العدد: 2059 - 2007 / 10 / 5 - 11:34
المحور: اليسار , الديمقراطية والعلمانية في مصر والسودان
    


رزنامة الأسبوع 25 سبتمبر – 1 اكتوبر 2007
الثلاثاء:
صفحة من رزنامة قديمة تحمل تاريخ نفس هذا اليوم 18/9/2004م، الفرق الوحيد هو أن اليوم الثلاثاء وذلك اليوم كان السبت. ولسبب ما قررت أن أعيد نشر هذا الجزء منها بتصرف أرجو ألا يكون مخلاً، وعلى ما هي عليه من تداخل بين الخاص والعام.
............................
............................
بدأ اليوم بزيارة باكرة من فيالق (مفتشى البيوت)! وفي الحقيقة، منذ أن انفجرت، مطلع سبتمبر الجاري، حكاية السلاح الذى تتهم أجهزة الأمن حزب الترابى بإخفائه فى بعض المواقع بالعاصمة، ومجالس الناس فى المدن الثلاث ما تنفكُّ تتداول وقائع تطويقات الفيالق المباغتة للأحياء وتفتيشها بيتاً بيتاً، بل حجرة حجرة، بل خزانة خزانة! لكننى، فجر اليوم، حين فتحت باب بيتنا فى إثر الطرقات الملحاحة، وجدتهم أمامى، لأول مرَّة، بالاسلحة المشرعة، وخليط الأزياء العسكريَّة والمدنيَّة، وقسمات الوجوه تتجهَّمني بالصرامة والارهاق.
ـ "تفتيش"!
قال آمرهم ، ودخلوا.
قبل أن أغلق الباب وأقودهم إلى الداخل ألقيت نظرة على شارعنا. أبواب الجيران مفتوحة على مصاريعها، وطيوف الأطفال تتراءى خلفها يعصف بها الفزع وبقايا النعاس، وجماعات الجند تجوس بأسلحتها بين الدور، على حين رابطت جماعة منهم فى مدخل الحى تحظر الدخول والخروج!
لم أسأل عمَّا إن كان لديهم إذن خاص بالتفتيش .. حسب (القانون)! وللدقة، فقد خطر لى أن أفعل، غير أننى سرعان ما طردت الفكرة حين تذكرت كيف حدجني، مرَّة، آمِرٌ آخر، فى مناسبة سابقة، بنظرة ساخرة من طرف عينه عندما وجهت إليه ذات السؤال، وكان جاء على رأس قوة لتفتيش مكتب المحاماة الذى أديره، والذى يتمتع، أو هكذا يُفترض، (بحصانة قانونيَّة) مخصوصة! وقتها قالت لى تلك النظرة بفصاحة بليغة: لا تضيِّع وقتك فى أمور لا طائل من ورائها! لذا ، عندما سألنى الآمر الجديد، فجأة، وهو يهمُّ بالمغادرة مع مجموعته عند نهاية التفتيش الطويل الذى لم يسفر عن شئ:
ـ "هل تحوز أىَّ سلاح"؟!
وجدتنى، لسبب ما، أومئ برأسى إلى زكائب الكتب، وتلال الصحف والمجلات، وبعض الأجهزة والأدوات الموسيقيَّة، واللوحات والمنحوتات المُهداة من أصدقائى التشكيليين، وأقول، والحنظل ملء اللهاة:
ـ "لا يا سيِّدى، أنا فقط أضيِّع وقتى، كما ترى، فى أمور لا طائل من ورائها"!
............................
............................
سلخت الظهيرة أقلب بعض المصادر عن فضل المساليت فى تشكيل السودان الراهن، وعن بعض مشكلات التنوُّع الثقافى، وظلامات الهامش، ودارفور بالأخص، ووقائع التناحر بين أجنحة السلطة المتشاكسة فى ظل مهدِّدات التدخل الأجنبى، ودروس غزو العراق عالمياً وإقليمياً، وصراع المصالح الدوليَّة فى المنطقة، و.. بدا لى كلُّ ذلك مقدوراً عليه فى ما لو أحسنت الحكومة التعاطى مع الفرص الشاخصة فى أفق الحلِّ السياسى الشامل، سدَّاً لنواقص مفاوضات نيفاشا، واستكمالاً لقصورها البائن، وإماطة للأذى عن طريق أبوجا، والقاهرة، والمؤتمر الجامع، والسلام الدائم، والتحوُّل الديموقراطى، وحقوق الانسان، وحكومة القاعدة العريضة، ومعالجة مشكلات السلطة، ودارفور، والتهميش، والمظالم، والعدالة، والتنمية .. الخ.
............................
............................
آمال الظهيرة علكَتها الصحف التى اعتدتُ أن أرجئ مطالعتها بتمكث إلى أول المساء. فالحكومة ما تزال تعوِّل على إدارة الأزمة فى ملابسات السياسة الدوليَّة، متشاغلة عن رؤية (مفاتيحها) الحقيقيَّة فى ترميم شروخات الجبهة الداخليَّة، وتحمُّل استحقاقات السلام والوحدة الوطنيَّة، دون أن تحقق ولو كسباً واحداً على المديين المتوسط والبعيد! مع ذلك لا تكاد تتنبَّه لضرورة تعديل استراتيجيَّتها، بحيث تجعل الأولويَّة لقدرات البلاد الداخليَّة، للشعب وقواه الحيَّة، فتواصل، للأسف، تعويلها على العامل الخارجى، تارة بعقد آمالها على حدوث انقسام في مجلس الأمن، أو، على الأقل، داخل الادارة الأمريكيَّة، وتارة أخرى برجائها فى (فيتو) صينى، إستناداً، فحسب، إلى ما للصين من مصالح نفطيَّة فى البلاد، رغم أن أدنى قدر من تدقيق الحساب كاف لإثارة التساؤل عمَّا إذا كان من الممكن أن تغامر الصين بمبلغ 700 مليار دولار هو حجم ميزانها التجارى مع أمريكا، لأجل (حفنة) دولارات لا تتجاوز المليار الواحد هى جملة مصالحها النفطيَّة فى السودان!
............................
............................
آخر الليل إنطلقت القنوات الفضائيَّة تتبارى فى نقل قرار مجلس الأمن رقم 1564 لسنة 2004م الذى يهدِّد السودان بفرض عقوبات على صناعته النفطيَّة إذا لم يقم بتفكيك مليشيا الجنجويد، وتجريدها من أسلحتها، وتوفير الحماية للمدنيين، والتعاون مع بعثة الاتحاد الافريقى للمراقبة. صوَّتت مع القرار 11 دولة من جملة 15 دون أىِّ اعتراض!
وإذن، فلا المجلس انقسم، ولا إدارة بوش انقسمت، ولا الصين استخدمت حق (الفيتو)، ولا يحزنون! بل إن المندوب الصينى عقد اجتماعاً لم يدُم أكثر من 15 دقيقة مع المندوب الأمريكى جون دانفورث عشيَّة التصويت، فى محاولة أخيرة لتعديل المشروع شيئاً. ولكن دانفورث ما لبث أن أخطر المندوب الصينى، بناءً على اتصال تلقاه من الرئيس الأمريكى، بألا سبيل لإدخال أىِّ تعديل على المشروع! ولأن الصين فهمت الرسالة، فقد تبدَّد (الفيتو)!
هكذا اكتفت الصين بالامتناع عن التصويت، مثلها مثل روسيا التى ما تنفكُّ (تقدِّم السبت!)، توقعاً لمؤازرة أمريكا لها (بالأحد) في ورطتها على جبهة الشيشان، ومثل الجزائر المحاصرة بوضعيَّة الدولة العربيَّة الوحيدة فى مجلس الأمن، ومثل باكستان التى لن تكون ذات نفع غداً لأمريكا فى منطقة الاسلام الآسيوى الملتهبة إذا استمرت اليوم فى ممالأتها هكذا، على المكشوف، فى كلِّ هيِّنة وقاسية!
............................
............................
قبل أن أجرَّ الغطاء وأخلد (لأرق) مُمِض رحت أراجع كلام المستشار السياسى لرئيس الجمهوريَّة الذى نعى على (الشعب!) أنه لا يوجِّه "جزءاً من لومه إلى المجتمع الدولى!" مضيفاً أن "المشكلة هى أن الوعى الجماهيرى دائماً ما يطالب الحكومة بأن تفعل كذا وكذا .. ولا يتوجَّه بخطابه لمن يسلط على رقبتها السيف بأن يبعد سيفه هذا"! ثم ختم حديثه بقوله: "على الناس أن يعوا جيِّداً أن هناك أطماعاً حقيقيَّة تتستر خلف هذه القضيَّة" (الصحافة ، 18/9/04).
نحيت الصحيفة جانباً، ثم أطفأت المصباح وأنا أتمتم بينى وبين نفسى: ولكن الناس لا يحتاجون لمن يلفت نظرهم إلى هذه الحقيقة البسيطة! نعم، ثمة أطماع حقيقيَّة، لكنها واضحة وليست مستترة .. وتحتاج فقط لمن يتقن التعاطي معها بالعقل، لا بركوب الرأس!
............................
............................
فجأة .. طار النعاس من عينىَّ حين سطع فى ذهنى، نفرة واحدة، مشهد فيلق الفجر! فقد خطر لى أنهم لا بد يأخذون، فى تلك اللحظة، أيضاً، قسطاً من (الأرق)، ريثما يهرعون، فجرَ الغد، إلى حىٍّ جديد، يغلقون مداخله، ويطرقون أبواب بيوته، بيتاً بيتاً، لينبشوها غرفة غرفة، بل خزانة خزانة، بينما آمرهم يعلن بكلِّ ما أوتى من عزم وحزم:
ـ "تفتيش"!

الأربعاء:
عجبت لعلي السيِّد المحامي يؤاخذ على محمود حسنين، نائب رئيس الحزب الاتحادي، كونه بعث بمذكرة (سياسيَّة) إلى رئيس الحزب يشرح له فيها ظروف اعتقاله مع آخرين على ذمَّة تحقيق متطاول لا تريد له النيابة أن ينتهي بإطلاق سراحهم، ودون أن يفتح الله عليها، في ذات الوقت، بتهمة واحدة توجهها لأىٍّ منهم، فتحيله، من ثمَّ، إلى محاكمة عادلة!
مبرِّرات (المؤاخذة)، كما ساقها علي السيِّد في تصريحاته لبعض الصحف، تنصبُّ على ما سعى، عبثاً، لتصويره كما لو كان (استجداء) من علي محمود للميرغني كي يتدخل لدى السلطة لإطلاق سراحه! وأن القضيَّة، حسب فهمه، هي قضيَّة محامين، فحسب، فلا معنى للزَّج بالميرغني فيها وهو ليس محامياً (آخر لحظة، 17/9/07).
قد طاش، والله، سهم علي السيِّد أربعاً:
أولاً: لأنه فارق جادَّة أخلاقيات مهنته التي هي من أشرف وأطهر المهن في ما لو مورست بحقها! وإلا فبأيِّ وجهٍ، يا ترى، يواصل المحامي (تمثيل) موكله الأسير بعد أن (مثل) به، وقلب له ظهر المجن، ووصفه، على رءوس الاشهاد، بالضعف والخور، حتى اضطرَّ سجَّانوه للاسراع به إلى المستشفى، عندما ارتفعت، فجأة، نسبة السكر في دمه، إثر مطالعته لتلك التصريحات، ولو كان من اهل الهوان لما شقَّ الهوان عليه؟!
وثانياً: لأنه لو قال كلامه هذا عن رجل يفزع من صرير الباب، أو يخشى طنين الذباب، أو حتى عن نكرة ما تكاد تندُّ بشأنه نأمة ذكر في الحيِّ، أو يستبين منه طيف ملمح وسط إبل القافلة، لقلنا: يجوز! لكن مصيبته أنه قال ما قال عن رجل سارت بسيرة بسالته الركبان، ولا يختلف الناس، البتة، مهما اختلفوا معه في أمور كثيرة، حول الشهادة له بالشجاعة والنزاهة والتجرُّد والاخلاص والثبات على الحق كما يراه، لا يرتضي الدنيَّة في مبدأ ، ولا يبهرج يوم دواس، أو كما قال أبو تمام وكأنه يمدحه شخصياً: "لو ان إجماعنا في فضل سؤدده/ في الدِّين لم يختلف في الأمَّة اثنان"! فليس مثله، إذن، من يُرمى، أخلاقياً، بـ (الاستجداء)! ولعلَّ علي السيِّد لن ينسى، مدى الحياة، كيف تصدَّى علي محمود، كعادته، لقيادة هيئتنا للدفاع عنه، شخصياً، وعن زملائه في ما كان يُعرف، في الزمان الغابر، بـ (سكرتاريَّة تجمُّع الداخل)، يوم أنشبت السلطة أظفارها في أعناقهم، وقدَّمتهم للمحاكمة بتهم تصل عقوبتها إلى الاعدام! و .. حقاً من استحى مات!
وثالثاًً: لأنه لم يتحرَّ الموضوعيَّة في منطقه حتى يكون أدنى لأن يُصدَّق! وإلا فما حاجة علي محمود، أصلاً، لتعريض نفسه لخصومة السلطة كي يُضطر لـ (استجداء!) رفع يدها الثقيلة عنه، وهو الذي يكفيه، لو أراد، أن يشير بطرف إصبعه كي يُفرش تحت قدميه البساط الأحمر، بكامل وشيه ونمنماته الملوكيَّة، للالتحاق بهذه السلطة، و(التمرُّغ!) في ما يحسبه البعض (نعيمها!) المأمول؟!
وأخيراً وليس آخراً: لأنه كشف عن جهل لا يليق بالتداخل بين (القانوني) و(السياسي)، وبوجه خاص في قضيَّة علي محمود. لقد كان ينبغي أن يدرك علي السيِّد ما يدركه طلاب القانون في مقاعد الدراسة، وهو أن لـ (القانون) وقت وأهل، وكذلك لـ (السياسة). وقد ترك علي محمود الجانب (القانوني)، في ظرفه الراهن، للمحامين، لكنه وجد لزاماً عليه، بطبيعة الحال، وبحكم منصبه كنائب لرئيس الحزب المشارك في ما يُعرف بـ (حكومة الوحدة الوطنيَّة)، أن يتولى الجانب (السياسي) بنفسه، فعمد لإرسال مذكرته إلى رئيس الحزب، منبِّهاً إلى ضرورة اتخاذ موقف يطالب بإطلاق سراح (جميع المتهمين) أو الانسحاب من الحكومة. لاحظ (جميع المتهمين)، وذاك عمل (سياسي) بالدرجة الأولى، ولا شأن لـ (القانون) به، وإلا فتحت أيَّة مادة، وفي أيِّ قانون، يجوز للمحامين أن يبعثوا بمثل هذه المذكرة إلى رئيس الحزب الاتحادي!
لكن علي السيِّد نفسه ما لبث، في نهاية تصريحاته، أن وقع في تناقض مفضوح، حين أكد (متنبِّراً!) أنهم سيواصلون متابعة قضيَّة علي محمود، قانونياً و .. جماهيرياً! وإذن، فثمَّة طريقة لمتابعة هذه القضيَّة (جماهيرياً)، فهل بـ (القانون) أم بـ (السياسة)؟! وإذا كان ذلك بـ (السياسة)، كما هو الأمر بالفعل، أفلا يحق لعلي محمود ، من باب أولى، أن يسهم في ذلك كلما وجد سبيلا؟! وإذا كان ذلك كذلك، ففيم يؤاخذه علي السيِّد إلى حدِّ نعت إسهامه هذا بـ (الاستجداء)؟!
ما زلت أؤمِّل في عودة علي السيِّد إلى صوابه القديم، فقد ربطت بيننا، دائماً، أواصر مبدئيَّة يعزُّ عليَّ أن أراه يوغل في النأي عنها يوماً بعد يوم، متشبِّثاً بكرسيٍّ (هزَّاز) قد ينزلق من تحته في أيَّة لحظة!

الخميس:
إنحسم التصويت، منذ قرابة الأربعة أشهر، داخل اللجنة المشرفة على جائزة منظمة الأمير كلاوس الهولنديَّة لصالح منحها، في هذه الدورة، لاتحاد الكتاب السودانيين. نقلت إليَّ الخبر السعيد في حينه فاريبا دي بروين، ضابطة الاتصال بالمنظمة المرموقة، لكنها طلبت مني عدم الاشارة إليه لحين إعلانه رسمياً عبر التعميم الصحفي التقليدي من مقر المنظمة بأمستردام في 13/9/2007م.
لم تنقطع فاريبا، منذ ذلك الوقت، عن مهاتفتي مستفسرة، حيناً، عن مزيد من التفصيلات لأغراض إعداد كتاب الجائزة السنوي، وطالبة، حيناً آخر، بعض الصور الفوتوغرافيَّة أو شرائح الفيديو عن أنشطة الاتحاد لأغراض الاحتفال الرسمي. أفهمتها أن ما تطلبه سوف يستغرق بعض الوقت، وأن عليها أن تتذرَّع بالصبر الجميل، فنحن ننفذ برامجنا بأنفسنا على طريقة الهواة، إذ ليس لدينا جهاز إداري متفرغ، بل ليس لدينا حتى مقر!
لكنها علقت ضاحكة من اعماقها:
ـ "كمال! كلُّ هذه الانجازات الواردة ضمن بيانات ترشيحكم .. وتقول لي هواة"؟!
ـ "بالمناسبة يا فاريبا .. من هم الذين رشحونا؟! وأعدك بأن أتكتم على الأمر"!
فعادت تطلق ضحكتها الطفوليَّة فائقة العذوبة:
ـ "لا .. لا .. لا تكن طماعاً! هذه أسرار مهنيَّة لا نبوح بها في العادة. كلُّ ما أستطيع قوله هو أن ترشيحكم جاء من بلدان وجنسيَّات مختلفة، ومن عدة شخصيَّات طبيعيَّة واعتباريَّة متخصِّصة وذات وزن"!
أنجز عصام عبد الحفيظ ومجدي الجزولي ومجدي النعيم ومامون التلب تجهيز وتصنيف الصور الفوتوغرافيَّة ، وأشرف عبد المنعم الكتيابي على إعداد ومونتاج الفيلم التلفزيوني القصير بمساعدة الاخوة في مركز عبد الكريم ميرغني الثقافي بأم درمان ، لا جاء يوم شكرهم. وبعثنا بالمواد المطلوبة إلى أمستردام. وما كادت تنقضي بضعة أيام حتى رنَّ جرس هاتفي ، لتجيئني شهقات الدهشة تسابق الكلمات المبهورة:
ـ "أوريجينال .. أوريجينال ، لا تتصور سعادتنا ونحن نتلقى موادكم .. وبالمناسبة ثمة عدد كبير من الصحفيين والاعلاميين يريدون محادثتك هاتفياً أو عن طريق الايميل"!
أخبرتها بأن سفارتهم اتصلت بي للتشاور حول الحفل الذي تعتزم تنظيمه على شرف الاتحاد. وبعد ذلك بيوم أو يومين عقدنا اجتماعنا العام الذي يسَّر لي فيه الاخوة الأعضاء مشكورين إنفاذ قراري بمغادرة موقعي كأمين عام، ضمن سبعة مواقع في اللجنة التنفيذيَّة أخلاها أصحابها بنفوس راضية، وفي مقدمتهم أستاذنا الجليل يوسف فضل. وعند التسليم والتسلم سأطلب من فاريبا وكلِّ الجهات الاخرى التعامل، من الآن فصاعداً، مع صديقي محمد جلال، الأمين العام الجديد الذي أثق، تماماً، في جدارته بالموقع، مثلما أثق في الكفاءات الاخرى التي تسنمت قيادة قافلتنا القاصدة بإذن الله.
شئ واحد لم أخبر به فاريبا، وهو أن الجهة الوحيدة التي لم تزف إلينا التهنئة بهذه المناسبة حتى الآن هي .. دولتنا السنيَّة! حتى سيِّد هارون، رفيق (الزنزانة!) سابقاً، ووزير الثقافة الولائي حالياً، بل حتى البشير سهل، شريك الانتباهة الباكرة أوان (الميلاد الأوَّل)، وعضو اللجنة التنفيذيَّة السابق، ووزير التربية والتعليم بولاية القضارف حالياً، لم يجد أيٌّ منهما نصف دقيقة، وسط مشغولياته الجمَّة، يرفع فيها سمَّاعة الهاتف ليقول كلمة واحدة .. مبروك!

الجمعة:
ما زلت عند رأيي في كون الخلط والتخليط الفكريَّين اللذين ما ننفكُّ نمارسهما بدارج الاستخدام السوداني الكثيف لمصطلحي (العلمانيَّة) و(الديموقراطيَّة) بالتبادل، هما سبب أكثر الالتباسات السياسيَّة التي نعاني من ويلاتها حين نستخدم (الأول) لوصف تيار بعينه يشكل (الثاني) أهمَّ مطلوباته، سواء في (مركز) الثقل المستعرب المسلم في (الشمال) النيلي، أم في (هامشه)، وبالاخص (الجنوب)، حيث الثقل المسيحي والأرواحي.
وبما أن تعريف (الديموقراطيَّة) قد انحسم، سودانياً، أو كاد، من خلال وقائع الصراع السياسي الطويل في بلادنا، بحيث آلت إلى افتضاح جهير كلُّ محاولة للحجاج بأن المقصود شئ آخر سوى الاقرار بالتعدُّد، والتنوُّع، واحترام الآخر، والحريَّات العامَّة، والحقوق الاساسيَّة، وسيادة حكم القانون، والتداول السلمي للسلطة عبر صناديق الاقتراع، فإن المقاربة الصحيحة لإشكاليَّة (العلمانيَّة)، لا بُدَّ أن تبدأ، في رأيي، من ملاحظة معرفيَّة بسيطة، وهي أن لكلِّ ثقافة وحضارة (عقلانيَّتها) الخاصَّة، وأن (العلمانيَّة) secularism، أو اللائكيَّة laicisme فى طورها الفرنسي الخاص، مفهوم محدَّد أنتجه الفكر البرجوازي الأوربي، مطلع عصر الحداثة بحقبه الثلاث (النهضة ـ الإصلاح الدينى ـ التنوير)، بدلالة تحرير (السلطة الزمنيَّة) من قبضة (الكنيسة)، تحت التأثير المباشر لفلسفة (الأنوار) التى رتبت لواقع فكري جديد هيَّأ لصعود مناهج مغايرة في الفلسفة خارج اطار اللاهوت. (العلمانيَّة)، والأمر كذلك، أدنى لأن تتمظهر (كعقلانيَّة أوروبا rationalism) الحداثيَّة، ومنجزها الحضاري التاريخي، بحيث تكرَّست كأسلوب فى التفكير والتفلسف ينطلق من فرضيَّة محددة مفادها أن (العقل) الانساني قادر على إنتاج المحاكمات الواعية لمختلف الظاهرات وتعليلها، سواء فى الحياة اليوميَّة أم فى الممارسة المعرفيَّة. ولا نغفل أن أغلب الفلسفات الغربيَّة الراهنة تعود بجذورها إلى الفلسفات اليونانيَّة والرومانيَّة القديمة، ثم تطورت عند فلاسفة الالحاد البرجوازى الذين سعوا لتجاوز الدين، خلال القرنين الثامن عشر والتاسع عشر، جاعلين من نقده عملهم الاساسى. ونشير، خصوصاً، إلى الوضعية positivism باعتبارها الأكثر تأثيراً على حركة العلم والثقافة فى الغرب اليوم، منذ أول نشأتها فى مطلع القرن التاسع عشر، وتطوُّرها فى خواتيمه ومطالع القرن العشرين، فى مرحلة (الوضعيَّة الثانية) أو (مذهب نقد التجربة)، ثم تطوُّرها خلال النصف الأول من القرن العشرين، فى مرحلة (الوضعيَّة الجديدة) أو (الوضعيَّة المنطقيَّة) أو (التجريبيَّة المنطقيَّة). أما (الماركسيَّة)، فمع تشكلها في رحم (العقلانيَّة الغربيَّة)، إلا أنها انتقدت مغالاتها في قدرة (العقل) على تجاوز المعطيات المباشرة للتجربة الحسيَّة، وإسقاطها لأهميَّة تجربة (الحواس).
ما يهمنا هنا، بوجه خاص، هو أن جميع هذه الفلسفات المعاصرة مشدودة، على نحو أو آخر، إلى ملابسات الصراع الذى بلور (عقلانيَّة) الغرب، وأنتج مفاهيم (الحداثة) البرجوازيَّة بين القرنين السادس عشر والثامن عشر، ومن بينها (العلمانيَّة)، دون أن نغفل أن هذه (العلمانيَّة)، برغم كونها جنين (العقلانيَّة) الأوروبيَّة الوضعيَّة الطالعة من رماد حرب ضروس بين (إكليروس) زعم النيابة عن السماء فى الأرض، وبين (مجتمع مدنى) صارع للتحرر من تلك الهيمنة، إلا أنها لم تعُد تفترض الالحاد بالضرورة، أو تسعى لإقصاء الدين من الحياة، كما كان الأمر في عصر الثورة الفرنسيَّة مثلاً، فقد عادت، على كل حال، لتبقى مؤمنة، كاثوليكيَّة كانت أم بروتستانتيَّة.
لكن مصطلح (العلمانيَّة) أسئ استخدامه فى بلادنا، حتى أصبح صنواً بالكامل، أو كاد، لدلالة هذا الاقصاء للدين عن الحياة، بما لم تعد تجدى معه (المذكرات التفسيريَّة) فى سياق الاشتباك الذي ساد مع سؤال (الدين والدولة) من باب (السجال) لا (الحوار)، منذ أول ظهور التيار (السلطوى) للإسلام السياسى، وحتى حلَّ قضية السلطة عام 1989م لصالح مشروع (الدولة الدينيَّة)، المستحيلة إسلامياً، على يد هذا التيار، ببنائه الرأسى الضيِّق، وبمنهجه القائم فى ذمِّ الخصوم السياسيين، وتلطيخ سمعتهم دينياً لدى الذهنيَّة الرعويَّة السائدة، علاوة على اجتراره المتواصل، بلا طائل، لنظام (القيم)، عوضاً عن إنتاج نظام محدَّد لـ (المفاهيم)، كما نعى عليه النفيسى، وذلك بسبب تطلع هذا التيار الدائم إلى (وضعيَّة مقدَّسة) تدرأ عنه النقد وتجنبه الحوار، وفق ملاحظة حيدر ابراهيم!
بالمقابل نشأ الحزبان الرئيسان، برغم استنادهما إلى نفوذ طائفتين دينيَّتين، على (بداهة عقلانيَّة) بألا تعارض بين الاسلام وبين الديموقراطيَّة البرلمانيَّة. لكنهما لم يسعيا، ردحاً طويلاً من الزمن، لتوطين (عقلانيَّتهما) تلك فى (فقه) أوثق مقاربة لمسألة (الدولة فى الاسلام)، والتفريق بينها وبين مسألة (الدولة في التاريخ الاسلامي)، فتركا للتيار الاسلاموي السلطوي أن يروِّج للتعارض بين مفهومي (الديموقراطيَّة) و(الشورى)!
أما الحزب الشيوعى الذي يغلب الثقل المطلق للعنصر المستعرب المسلم فى قيادته وقواعده، فبرغم انتباهته الباكرة لضرورة إعادة صياغة الاشكاليَّة من منظور (العقلانيَّة الاسلاميَّة)، وبرغم إلزامه نفسه، قبل زهاء الأربعين سنة، بالسعى لوضع الدين فى مكانه بين حركة الشعوب، كطاقة دفع للجماهير المناضلة فى سبيل الكرامة والحريَّة، وعودته مؤخراً لاقتراح مصطلح (الدولة المدنيَّة) بديلاً، إلا أنه لم يبذل تاريخياً، هو الآخر، المستوى الفكري المطلوب، ولو لفضح اتهامه (بالالحاد) كمحض مزايدة مكشوفة عليه بين الجماهير (المؤمنة)، فى سياق التشويه المتعمَّد لحقائق الصراع السياسى فى بلادنا.
وأما الحركة السياسيَّة فى جنوب البلاد فقد ظلت تحافظ، من زاوية (عقلانيَّة) خاصَّة أيضاً، على علاقات وثيقة بمساقات السلطة الدينيَّة، وعلى رأسها مجالس الكنائس الأفريقيَّة والعالميَّة، وتفرد لها، بل وللشئون الاسلاميَّة، حيِّزاً معتبراً فى بنياتها التنظيميَّة الداخليَّة، كما في مثال الحركة الشعبيَّة/الجيش الشعبى لتحرير السودان.
الشاهد أنه ليس فى دعاوى أىٍّ من قوى (عقلانيَّة البداهة) هذه، سواء استخدمت مصطلح (فصل الدين عن الدولة) نصاً، أم عدَّه المحللون ضمن خطابها الفكرى أو السياسى حكماً، ما يمكن اعتباره مطالبة فعلية تنصبُّ، قصداً وعملاً، على المعنى (العلماني) الحقيقي للاحتجاج على طابع (التديُّن) فى الحياة العامة، أو الاعتراض على أيٍّ من مهام الدولة السودانيَّة، اعتباراً لـ (الدين)، ونهوضاً بمقتضيات (التديُّن). وبالتالى فإن مصطلح (العلمانيَّة) ليس مِمَّا يصلح لتوصيف التيار (العقلاني) في إطار الصراع السياسي أو الفكري في بلادنا.
وقد يلزمنا هنا أن نسارع لتأكيد أننا لا نصدر عن أىِّ قدر من توهُّم كوننا جزيرة معزولة عن تيارات الفكر الانساني العالمي. كلُّ ما نعنيه هو ضرورة الانتباه للتساوق بين (المصطلح) و(تاريخه)، ومن ثمَّ وجوب أن تعي خطاباتنا السياسيَّة ذواتها. فقد هبت علينا، كما في قول بشير أبرير، بعض المفاهيم والمصطلحات من المناخات الفكريَّة لـ (عصر الحداثة) الأوربى، بتاريخانيته الخاصة وأشراطه المحدَّدة، فتلقيناها بمختلف خطاباتنا، دون أن يكون فى ثقافاتنا مهد ملائم لها، ودون أن تعانى مجتمعاتنا المخاض المباشر لإنتاجها، فشكلت لدينا مصدر اختلاف إلى حدِّ التصادم، سواء بيننا، كجماعة مستعربة مسلمة، وبين مساكنينا من الأغيار، أم بين مكوناتنا نحن أنفسنا كجماعة يحق لها التميُّز، ومن ثمَّ تقديم أفضل عناصر غيريَّتها إلى الآخرين.
يلزمنا أيضاً التفريق بين ما نرمى إليه وبين المحاولات التى قد نصادفها، أحياناً، فى إطار الفكر العربى المعاصر، حسب ملاحظة كريم حلاوة السديدة، لإيجاد مفاهيم ومصطلحات بديلة للمفاهيم والمصطلحات الغربيَّة، كحالة خاصة لمقاومة الفكر الغربى، مِمَّا يفتقر إلى التسويغ المعرفي، ويهدر السياق التاريخى الذى أنتج تلك المفاهيم والمصطلحات، ويقوم بعمليَّة معاوضة وهميَّة تهدف إلى تعزيز نزعة الاستغناء عن الآخر، والتخلى الطوعى عن منجزات العلم الحديث والثقافة الانسانيَّة، ومواجهة التحدى الغربى بالتراجع والانحسار على المستوى الحضاري، وبوهم القوة والحماس على المستوى الواقعي، حيث تفتقر هذه الرؤية للغرب، بالمطلق، إلى القدرة على تحليل ونقد الآخر، تماماً كالرؤية التى تدعو، بالمقابل ،إلى التبني شبه التام لكل ما هو غربي! ما نرمى إليه هو النأى عن كلا (التطرفين)، بتنمية العقل النقدي، وامتلاك الأدوات المعرفيَّة والمنهجيَّة الحديثة التى تمكننا من فهم الذات والآخر، حسب د. حلاوة أيضاً.
وإذن، فليس ثمة مناص من التوقف للمراجعة، وسك المصطلحات الجديدة، والمفاهيم المستحدثة، وإعادة انتخاب ما قد يصلح من المصطلحات والمفاهيم الغربيَّة لتوصيف أحوالنا، وتحليلها ببصيرة نافذة، دون (الانغلاق)، من جهة، على (خصوصيَّة) مبالغ في تضخيمها، تدفعنا إلى تصوُّر أنفسنا فى عزلة سرمديَّة، أو (الانكسار)، من جهة أخرى، بإزاء (مركزويَّة) تجعلنا نسلم بوجود نهج فكريٍّ واحد للتطور!

السبت:
هاتفني صديقي الحبيب فاروق كدودة. مرحى .. مرحى، فقد عاد، هذه الليلة، معافى من لندن التي ذهب إليها مستشفياً قبل أكثر من شهر افتقدته خلاله، مثلما افتقده أصدقاؤه الكثر. ففاروق، علاوة على علمه الغزير، وعطائه الاكاديمي الثر، نموذج ساطع لطيب المعشر، واللطف الجَّم، والتعاطف الانساني النبيل، والتواضع في أبهى صوره. وهو، إلى ذلك، (نصبٌ تذكاريٌّ) ضخم للتلقائيَّة، وسرعة البديهة، وطلاقة الروح الحُرَّة، وخفة الظلِّ النوبيَّة المشهودة!
مساء اليوم، وبالمصادفة البحتة، كان محمد ابراهيم نقد ضيفاً على خيمة الصحفيين الرمضانيَّة ببحري، حيث تطرَّق إلى بعض طرائف حياة المناضلين المختفين الذين ينبغي أن تتوفر فيهم بعض المهارات، كفنِّ الطبخ! فروي كيف جئ إليهم بفاروق الذي لا يحسن حتى صنع الشاي! ولما أتى عليه الدور لإعداد الطعام، وضع (حَلة السليقة) على النار، وانصرف لمطالعة إحدى المجلات، حتى احترقت (الحَلة)!
وذات اعتقال على أيام مايو، كنا مجموعة كبيرة من بيننا فاروق، وقد تمَّ ترحيلنا، مساءً، من حراسات الأمن إلى سجن كوبر. لكن، ولمَّا لم يكن قسم (المديريَّة) الذي أدخلونا فيه مهيئاً، في ما بدا، لاستقبالنا، فقد أصابنا الملل من الاجراءات المطوَّلة، واستلقينا على أرض الفناء العارية ريثما يحضرون النِّمَر (بروش وبطاطين)! وكان العساكر الذين نعرفهم ويعرفوننا من الاعتقالات السابقة يتراكضون هنا وهناك، بقيادة شاويش سيد احمد، وبرفقتهم مساجين يحضرون أزيار الماء وأواني المطبخ وأشياء أخرى. لكنهم، رغم إلحاحنا، يؤجلون إحضار النِّمَر! وكان أكثرنا مللاً فاروق الذي بلغ به الارهاق والنعاس كلَّ مبلغ، فأخذ يستحث شاويش سيد احمد لتأجيل كلَّ شئ وإحضار ما ننام عليه. وكان شاويش سيد احمد يكرِّر عبارة واحدة:
ـ "دقايق يا دكتور .. دقايق"!
لكنه، في المرَّة الأخيرة، عندما ازداد إلحاح فاروق ، صاح من آخر الفناء، بلهجته الشايقيَّة المميَّزة:
ـ "يا دكتور خلي عندك صَبُر يا خي"!
فما كان من فاروق إلا أن أطلق واحدة من ضحكاته الساخرة، وردَّ عليه قائلاً:
ـ "يا شاويش سيد احمد شفت ليك زول عايز يبني اشتراكيَّة في البلد دي .. وما عندو صَبُر"؟!
أحلى التهاني لفاروق بالشفاء، وبسلامة العودة إلى أرض الوطن.

الأحد:
رمضان كريم. وثمَّة شركة اتصالات كبرى تدرُّ على مساهميها أرباحاً سنويَّة بمئات الملايين من الدولارات الأمريكيَّة (احتلت!) أهم فترات البث في تلفزيوننا (القومي!) لتعلن عن نفسها بتنظيم (يانصيب!) على مدى ثلاثين مساءً، وجائزته اليوميَّة سيَّارة جديدة (لنج) كلما ابتلت العروق وذهب الظمأ مع كلِّ غروب شمس، حتى قال (نقناق) الكاريكاتير نادر جنِّي، بصحيفة الوطن الغرَّاء، على لسان الزوجة لزوجها: إن الشهر الفضيل تبقت منه .. 12 سيَّارة!
فقهاء الاسلامويين كانوا، قبل مصالحتهم مع النميري والتحاقهم بدولته، قد ملأوا الآفاق فتاوى عن حُرمة (توتو كورة)، وهي جوائز أخرى كانت تمنح أسبوعياً لمن تصدُق تنبؤاتهم بنتائج مباريات كرة القدم، حتى (تضايقت الزومة) أيَّما ضيق، فجعل المرحوم الشهيد المقدَّم حسن حسين من إلغاء (توتو كورة) هدفاً رئيساً لانقلابه المُظاهِر للاسلامويين، والذي لم يدُم سوى ساعة أو بعض ساعة صباح الخامس من سبتمبر عام 1975م، وأعدم بعده مع رفاقه الشهداء بلا محاكمة عادلة!
حسناً! هبْ أن كلَّ هذه التناقضات مفهومة ومبلوعة في دولة إسلامويي آخر الزمان وفقهائهم الساكتين عن الحق، لكن كيف يمكن أن نفهم أو نبتلع إعلان وزارة الداخليَّة عن تبرُّعها من (بيت المال!)، وعلى حساب دافعي الضرائب، برسوم الترخيص لكلِّ سيَّارة من سيارات هذا (الاعلان!) اليومي عن هذه الشركة (الخاصَّة!) ورأسمالها (الاجنبي!) .. كمان؟! أليس هذا معناه شئ واحد، هو أن (بيت المال!) ليس (مملوكاً!) للشعب، وإنما لوزارة الداخليَّة تتصرَّف فيه كما تشاء؟!
وبعد، هل نطمع في أن يثير (أحدهم) الأمر من تحت قبَّة البرلمان، ولو من باب .. (التسلية البريئة)؟!

الإثنين:
ذهب الزوج الفرنسي الذي سطا أحد اللصوص على منزله أثناء غيابه في الليلة السابقة إلى مركز الشرطة، وطلب التحدث إلى اللص الذي تمَّ القبض عليه. فقال له الضابط المناوب:
ـ "ستكون لديك فرصة لذلك أمام المحكمة".
لكنه ألحَّ في طلبه قائلاً:
ـ "أرجوك، يا سيدي، أريد فقط أن استفسره حول الكيفيَّة التي استطاع بها أن يفعل ما لم أستطعه أنا طوال السنوات الماضية .. التسلل إلى المنزل آخر الليل دون أن تستيقظ زوجتي"!



#كمال_الجزولي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- يَا لَلرَّوْعَةِ .. أَيُّ نَاسٍ أَنْتُمْ؟!
- وَمَا أَدْرَاكَ مَا .. حَدَبَايْ!
- كَابُوسُ أَبيلْ!
- غابْ نَجْمَ النَّطِحْ!
- بُحَيْرَةُ مَنْ؟!
- دِيْكَانِ عَلَى .. خَرَاب!
- صُدَاعٌ نِصْفِي!
- كَجْبَارْ: إِرْكُونِي جَنَّةْ لِنَا! - سيناريو وثائقي إلى رو ...
- عَوْدَةُ الجِّدَّةِ وَرْدَةْ!
- الحُرُّ مُمْتَحَنٌ!(صَفْحَةٌ مِن مَخْطُوطَةِ ما بَعْدَ السِّ ...
- طَاقِيَّتي .. التشَاديَّةْ؟!
- كانْ حاجَةْ بُونْ!
- إنتَهَت اللَّعْبَة!
- سَفِيرُ جَهَنَّمْ!
- برُوفيسورَاتُ تُوتِي!
- العَقْرَبَةُ!
- لَكَ أَنْ تَرمِيَ النَّرْد!
- شَمسٌ كَرَأسِ الدَّبُّوس!
- قصَّةُ بَقرَتَيْن!
- الحَامِضُ مِنْ رَغْوَةِ الغَمَامْ - الأخيرة


المزيد.....




- كيف يمكن إقناع بوتين بقضية أوكرانيا؟.. قائد الناتو الأسبق يب ...
- شاهد ما رصدته طائرة عندما حلقت فوق بركان أيسلندا لحظة ثورانه ...
- الأردن: إطلاق نار على دورية أمنية في منطقة الرابية والأمن يع ...
- حولته لحفرة عملاقة.. شاهد ما حدث لمبنى في وسط بيروت قصفته مق ...
- بعد 23 عاما.. الولايات المتحدة تعيد زمردة -ملعونة- إلى البرا ...
- وسط احتجاجات عنيفة في مسقط رأسه.. رقص جاستين ترودو خلال حفل ...
- الأمن الأردني: تصفية مسلح أطلق النار على رجال الأمن بمنطقة ا ...
- وصول طائرة شحن روسية إلى ميانمار تحمل 33 طنا من المساعدات
- مقتل مسلح وإصابة ثلاثة رجال أمن بعد إطلاق نار على دورية أمني ...
- تأثير الشخير على سلوك المراهقين


المزيد.....

- كراسات التحالف الشعبي الاشتراكي (11) التعليم بين مطرقة التسل ... / حزب التحالف الشعبي الاشتراكي
- ثورات منسية.. الصورة الأخرى لتاريخ السودان / سيد صديق
- تساؤلات حول فلسفة العلم و دوره في ثورة الوعي - السودان أنموذ ... / عبد الله ميرغني محمد أحمد
- المثقف العضوي و الثورة / عبد الله ميرغني محمد أحمد
- الناصرية فى الثورة المضادة / عادل العمري
- العوامل المباشرة لهزيمة مصر في 1967 / عادل العمري
- المراكز التجارية، الثقافة الاستهلاكية وإعادة صياغة الفضاء ال ... / منى أباظة
- لماذا لم تسقط بعد؟ مراجعة لدروس الثورة السودانية / مزن النّيل
- عن أصول الوضع الراهن وآفاق الحراك الثوري في مصر / مجموعة النداء بالتغيير
- قرار رفع أسعار الكهرباء في مصر ( 2 ) ابحث عن الديون وشروط ال ... / إلهامي الميرغني


المزيد.....


الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في مصر والسودان - كمال الجزولي - أوريجينال!