أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مقابلات و حوارات - مهدى بندق - حوارات مهدى بندق 7 - مع د.وحيد عبد المجيد















المزيد.....



حوارات مهدى بندق 7 - مع د.وحيد عبد المجيد


مهدى بندق

الحوار المتمدن-العدد: 2059 - 2007 / 10 / 5 - 06:44
المحور: مقابلات و حوارات
    


من الأقوال الواردة بالحوار
ــــــــــــــ

·ما يحتاجه المجتمع المصري من الليبرالية هو منهجها الذي يتيح للإنسان أوسع قدر من حرية الاختيار .
· الرأسمالية لم تنتصر على الاشتراكية إلا بفضل الاشتراكية وذلك لسببين، الأول يعود إلى أن التحدي جعل الرأسمالية تصحح نفسها، الثاني هو أن الرأسمالية أخذت من الاشتراكية أهم ميزاتها وهو العدالة الاجتماعية.
· اليسار يستعيد الآن مواقع بشكل يوحى أنه استفاد من تجاربه السابقة، فهناك أجيال جديدة في بعض بلدان أمريكا اللاتينية بدأت تطور تيارا لديه رؤية جديدة للعالم ، وتشكل ما يسمى بالاشتراكية الديمقراطية .
· معظم المصريين اليوم هم خارج الدورة الاقتصادية الرسمية، دورة الإنتاج والتوزيع، وأنهم يعملون في أعمال هامشية، وهؤلاء لا يشعرون بأي أثر للنمو الاقتصادي أو الزيادة في الإنتاج حتى لو وصلت لمعدلات مرتفعة وليس في حدود 7أو 8 %،
· تجربة حماس جزء من التجربة الفلسطينية، وفشل حماس هو جزء من فشل التجربة الفلسطينية في
مواجهة الاحتلال .
· الإسلام المعتدل باختلاف نسخه عاجز عن تجاوز مستوى من التطور ،بحيث يتعذر عليه استيعاب المفهوم الديمقراطي بشكل سليم . حتى أنه يتعامل مع الانتخابات وكأنها نوع من البيعة .
· الأخوان غير مؤهلين للقفز على السلطة لغيبة العقل السياسي عنهم .
· لا اعتقد أن الأزمة التي يمر بها النسيج الوطني في مصر لها علاقة بصدام الحضارات، هي لها علاقة بطبيعة النظام السياسي أكثر من أي شيء آخر ، فهذه الأزمة تعود إلى نزع السياسة من المجتمع .
· هناك نظرية في العلم الاجتماعي تقوم على أن الانتماءات الحديثة ( مثل الانتماء للأحزاب والنقابات والجمعيات الأهلية )عندما تسود في المجتمع، فان الانتماءات الأولية مثل الانتماءات العرقية والقبلية والدينية لا تستفحل وانما تعود إلى حجمها الطبيعي .
· التعديل الدستوري هو نوع من المسكنات الضعيفة التي قد تقلل من الإحساس بالألم لكنها لا تزيله ولا تعالج المرض، ورفع الحظر والقيود المفروضة عن العمل السياسي يجعل المسلمين والمسيحيين يشاركون معا في مؤتمرات لمناقشة برامج سياسية تعبر عن مصالحهم ويتحركون في ميدان واحد هو النشاط السياسي، ويقل تدريجيا تركيزهم في ميدان الدين .



الحوار

تحديات ثقافية ترحب بالأستاذ الدكتور / وحيد عبد المجيد أستاذ الدراسات الاقتصادية والسياسية الكبير في حوار معه طال الاشتياق إليه وانتظارنا له، وجاء الوقت لكي نبدأ، وأنا اعتقد إن البداية الحقيقية تنطلق من منطلقات نظرية أولا، ثم نعرج إلى مشكلات وهموم الواقع، فأهلا بك يا دكتور في هذا الحوار .

· اسمح لي باعتبارك مفكرا ليبراليا أصيلا أن أتوجه إليك بسؤال عن الليبرالية الجديدة، التي يرتكز الاتجاه الجديد فيها على أفكار لورد كينز اقتصاديا، وعلى فلسفة هيجل من ناحية أخرى، وعديد من المفكرين، ربما نذكر منهم ميتشل فريدين، وليوتار، وجال، حيث تقوم جمعية النداء الجديد هنا في مصر على التعريف بخصائص هذا الاتجاه .
والسؤال هنا : إلى أي مدى نجحت الجمعية في سعيها لتوضيح الفارق بين تيار الليبرالية الجديدة وبين اليمين المحافظ ؟

- في الحقيقة أن مفهوم الليبرالية الجديدة مختلف عليه، وقد استخدم استخدامات مختلفة، وفهم من وجهات نظر وتفسيرات مختلفة، وهذا أمر مرتبط في بعض جوانبه بطبيعة الليبرالية نفسها كطريقة للتفكير أكثر منها اتجاه فكرى أو فلسفة، ومرتبط أيضا في بعضه الآخر بأزمة الليبرالية وعجزها عن تطوير رؤية متكاملة للعالم في مرحلة ما بعد القطبية الثنائية، وفي ظل الاقتصاديات ومجتمعات العولمة، ولذلك أنا لا أفضل الحديث عن اتجاه محدد لليبرالية باعتباره اتجاها يستحق الاهتمام أكثر من غيره وخصوصا عندما يتعلق الأمر بمجتمعات متخلفة، تحتاج إلى تأسيس أولا، وما يصلح من الليبرالية لديها هو المنهج، وليس الاتجاهات، ولا الفلسفات، ولا المواقف السياسية، أو النظم المحددة .ما يحتاجه المجتمع المصري والمجتمعات العربية المشابهة من الليبرالية هو طريقتها في التفكير، منهجها الذي يقوم على أن من حق الإنسان أن يختار، وأن هذا الاختيار بالرغم من أنه مقيد بظروف اجتماعية وسياسية ونفسية وثقافية، إلا أنه من الممكن توسيع نطاقه، وأن هناك مساحة أساسية منه إذا لم تتوفر يفقد الإنسان إنسانيته، فالمنهج هو ما تحتاجه المجتمعات المماثلة للمجتمع المصري، من الليبرالية وليس أي شيء آخر، هذا المنهج والطريقة المرتبطة به من التفكير، والقائمة على الانفتاح والجدل والتعدد، وعل احترام الآراء المختلفة، وحرية الاختيار بين هذه الآراء المختلفة، واحترام التفكير الحر، وبناء العقل النقدي، كل هذا هو جزء من الطريقة الليبرالية في التفكير ومن منهجها، وهو ما يحتاج إليه المجتمع المصري قبل أي شيء آخر .

· هذا كلام عظيم ويدعوني إلى المساءلة حول الأفكار الموازية لليبرالية وما وصلت إليه من طرق مسدودة، وأقول في هذا السياق انك في كراسك المؤسس – والمعنون ب الليبرالية الجديدة والاتجاهات المحافظة قضايا معرفية –، ذكرت أن الليبرالية تتميز عن الماركسية في إيمان الأولى بالحرية التي لا تحد، بينما الثانية تغلق التاريخ عند مرحلة الشيوعية المتصورة والتي تراها الماركسية آتية حتما، وأنا أتفق معك بالطبع في تهافت فكرة الحتمية، ولكن ما قولك فيما ذهب إليه فرنسيس فوكوما من أن التاريخ قد بلغ نهايته فعلا بانتصار الرأسمالية على الاشتراكية السوفيتية 00ألا يعبر هذا الفكر عن عودة الحتمية من النافذة، بعد أن طردت من باب الفيزياء الحديثة وسائر العلوم الإنسانية ؟
- لا، هذه طبعا كانت فكرة ساذجة وفوكوما نفسه تراجع عنها، وأدرك تهافتها بعد ذلك، لقد كانت فكرة خرقاء طرأت له في نشوة انتصار الرأسمالية، وبعد انهيار الاتحاد السوفيتي، وهذا أصابه بنشوة شديدة ربما تذهب بالعقل فيتصور الإنسان أشياء لا وجود لها في الواقع، هو تصور ذلك في هذا الإطار، ولكن على العكس ربما يكون انتصار الرأسمالية على الاشتراكية مأزقا للرأسمالية، وليس انتصارا بالمعنى الدقيق أو نقلة أخرى إلى الأمام، لأن الرأسمالية لم تنتصر على الاشتراكية إلا بفضل الاشتراكية، وهذا يعود إلى سببين، السبب الأول : هو أن التحدي الذي مثلته الاشتراكية دفع الرأسمالية إلى تصحيح نفسها، وكان هذا هو العامل الوحيد الذي يمكن أن يتيح لها الاستمرار، السبب الثاني : هو أن الرأسمالية أخذت من الاشتراكية بعض أهم ما فيها من ميزات خاصة على صعيد العدالة الاجتماعية، وأدخلت أشكالا من التوزيع العادل، وتعميم الانتفاع بالخدمات العامة .واعتقد أنه لو لم تظهر الاشتراكية بالقوة التي ظهرت بها والزخم الذي استمرت به خلال فترة طويلة، لربما ما وصلت الرأسمالية إلى ما وصلت إليه في هذا العصر، ولما أخذت الصورة التي نرها عليها الآن، فإذا فقدت الرأسمالية التحدي الأساسي، والمنبع الذي ساعدها على تلمس الطريق لعجزت عن رؤية باقي الطريق في المستقبل، وربما تتخبط ويصيبها العمى، كما يحدث بالنسبة للسياسة الخارجية الأمريكية الآن، وربما يكون هذا نصيب ممارسات أخرى من القوى الرأسمالية العالمية على نحو يؤدى إلى تهديد الرأسمالية، وليس تأكيد نموها .

· هذا يدعونا إلى الانتقال لبعض القضايا الآنية والحالية، ولكن قبل الانتقال أريد أن أواصل الحوار معك في هذه النقطة، وأقول : في عقد التسعينيات أطلق جورج سورس – أحد المسئولين عن إدارة العولمة والبنك الدولي – عبارة لافتة تقول : يجب إنقاذ الرأسمالية من النيوليبرالية، وبالفعل تم التراجع عن استحقاقات دولة الرفاه، وعادت الريجانية والتاتشرية إلى الإمساك بزمام المبادرة، فهل يعنى هذا أن تسلم الليبرالية بالهزيمة ؟ ولماذا لم تتسلح بالوسائل والأدوات والآليات التي يمكن بها مواجهة الوضع العالمي الراهن ؟

- ما يحدث على صعيد الممارسات و الصراعات بين القوى الرأسمالية، هو في الحقيقة ليست له علاقة مباشرة بالخلافات النظرية، إلا فيما يتعلق بفلسفة وممارسات المحافظين الجدد خاصة في الولايات المتحدة وبعض البلدان الأوروبية، فيا عدا ذلك المسافة أحيانا تكون بعيدة بين الأفكار وبين الممارسات في العالم الغربي، وفي معظم الأحيان ترتبط هذه الممارسات بنزوع برجماتى عملي وليس بخلفيات نظرية، هذه هي الحالة التي يوجد فيها تأثير قوى ومباشر إلي حد كبير عند المحافظين الجدد الذين تنامي نفوذهم السياسي والفكري والاجتماعي في المجتمع الأمريكي بشكل تدريجي على مدى أكثر من عقدين من الزمن، وأصبحوا مسيطرين بشكل كامل على إمكانية صنع القرار في الإدارة الأمريكية منذ بداية القرن الحالي، وهؤلاء يمثلون تهديدا لليبرالية بمختلف اتجاهاتها وتنوعاتها الفكرية والسياسية والفلسفية، ولذلك أقول أن الليبرالية الجديد فيها والقديم والبين بين، كلها واجهت تهديدا قويا خلال السنوات الأخيرة .

هذا هو التحدي الأساسي الذي يواجه الليبرالية بكل نسخها وليس الليبرالية الجديدة فقط ، وهي حتى الآن لا تجد سبيلا لمواجهة هذا التحدي، وربما لا يكون هناك سبيل لذلك إلا بانهيار نفوذ المحافظين الجدد، وهو ما يبدوا أنه يقترب في الأفق، مما يعطى فرصة لليبراليين الأمريكيين لأن يستعيدوا دورهم بعد أن تم تهميشه لفترة طويلة، وربما تكون هذه بداية لوضع مختلف يمكن إن يبزغ فيه نسخ جديدة من الليبرالية أكثر قدرة على التعامل مع مستجدات هذه المرحلة، وبصفة خاصة مع العولمة وتأثيراتها المختلفة في العالم الغربي والعالم بشكل عام .
· لو جئنا إلى مصر والقضايا المثارة فيها خلال الفترة الأخيرة، نجد أن وصول عدد من رجال الأعمال إلى مقاعد الوزارة أصبح يشكل ظاهرة جديدة لم تعرف من قبل 00 كيف يمكن النظر إلى هذا الواقع الجديد في ظل غياب السياسيين الذين يمثلون الاتجاهات الاقتصادية، وفي نفس الوقت لا يشاركون في السوق بحسبانهم انتلجنسيا، وليس مجرد ممارسين للنشاط التجاري والصناعي، ألا يفهم من هذا أن التيار الليبرالي بنوعيه لم ينجح في إبراز نموذج " السياسي المثقف " المعبر عن مصالح الطبقة، فكان أن دخل أفراد الطبقة للعمل بأنفسهم حين لم يجدوا لهم الوكيل الملائم سياسيا وبرلمانيا ؟

- أنا معك في أنه لا يوجد مثل هذا النموذج بالفعل، لكن في الوقت نفسه ما يحدث على صعيد النظام السياسي في مصر والتفاعلات التي نراها، لا يمكن الاعتماد عليه لقياس مدى نجاح أو فشل أي تيار أو أي تجربة، لأن رجال الأعمال الذين تولوا المناصب الوزارية حدث لهم ذلك في لحظة يصعب فيها الحكم عليهم أو تقييم هذه التجربة بمعزل عن النظام السياسي، حيث أن المجتمع المصري ونظامه السياسي الآن في نهاية مرحلة، ونهايات المراحل هي بطبيعتها لا تصلح للحكم على التجارب، لأنها تكون محملة بمواريث وأثقال شديدة تؤثر على أي تجربة من التجارب، وتحول دون الفصل بين ما هو خاص بهذه التجربة، وما هو ناتج عن المواريث الراسخة من المراحل السابقة .
وفي هذه الحالة سوف نحتار في تفسير وتقييم تجربة الاعتماد على رجال الأعمال ليصبحوا سياسيين أو صانعي سياسات عامة، أو حتى منفذي سياسات عامة، فإذا قلنا أنهم فشلوا لا نستطيع أن نحدد إلى أي مدى يرجع هذا الفشل، هل إلى فساد التجربة ذاتها، أم إلى طبيعة النظام السياسي نفسه الذي وصل إلى نهاية مرحلة تجاوزت أكثر من نصف قرن من الزمن، والتي قد تجعل مصير أي تجربة الفشل في اغلب الأحيان، وأنا اعتقد شخصيا أن كل إنسان يصلح لما خلق له، فرجل الأعمال قد ينجح أو يفشل في حدود إمكانياته كرجل نشأ لا يعرف غير الربح هدفا لنشاطه، ونقله من موقعه هذا إلى موقع أخر لا يحقق فيه ربح شخصي، ولكن المنتظر منه تحقيق ربح للمجتمع كله يعتبر مسألة غير منطقية، ويصعب تصور نجاحها إلا في حالات نادرة لا يقاس عليها، لأنه بطبيعة الحال لا يمكن نجاح الأشخاص في مجالات تخالف تكوينهم الفكري، ولا أجد ما يدل على أن هذه التجربة فيها ما يستحق التمسك به أو تكرارها، لكن لا أستطيع أن اجزم أن العامل الوحيد فيها يعود إلى عدم قدرة رجال الأعمال على أن يؤدوا في هذا الموقع الذي يختلف مع طبيعة تكوينهم ونظرتهم للحياة، والطريقة التي تعودوا أن يديروا بها أمورهم .
فطبيعة النظام السياسي في هذه اللحظة تجعل الفشل نصيبهم، ونصيب آخرين غيرهم لأسباب هيكلية، حيث إن هيكل النظام السياسي في مرحلة نهاية يصعب فيها الحكم على الأمور بمعزل عن مقدرات هذه النهاية وما يرتبط بها من مشكلات، في ظل هذا الوضع يكون النظام السياسي مفكك واقرب إلى الجزر المعزولة، تزداد الصراعات بين هذه الجزر على نحو يؤدى إلى مزيد من الأعباء على من يعملون في إطار هذا النظام، خصوصا على القادمين الجدد، وبصفة أخص على من قدموا إليه دون تجربة أو خبرة سياسية ووجدوا أنفسهم في مهب صرا عات هائلة تدور من حولهم ولا يفهمون في الغالب مغذى هذه الصراعات ولا إبعادها، يقفون مشدودين لا يعرفون من يفعل ماذا، ومن يقف ضد من، يجدون مشهدا عشوائيا لا يستطيعون فهمه ثم يطلب منهم أن يؤدوا وأن ينجذوا ويساعدوا في حل أزمات تراكمت حتى وصلت إلى مستويات تحتاج إلى طاقات أخرى هائلة، لا يستطيعون توفير الأجواء أو الإمكانيات اللازمة لحلها، وبالتالي هذه التجربة أنا شخصيا لا أرحب بها، إلا أنني من الناحية الموضوعية لا أستطيع الحكم عليها حكما مقنعا .

· أشرت في حديثك إلى فشل الاشتراكية، واسمح لي أن اختلف معك حيث أنني لا أري أن الاتحاد السوفيتي يتصل بالاشتراكية كما حلم بها ماركس، وحاول أن يؤسسها لينين في السنوات الأولي من الثورة، بل أنا أظن أن ما حدث في الاتحاد السوفيتي هو رأسمالية دولة حاولت أن تنقل المجتمع من مرحلة ما قبل الحداثة، إلى تصنيع وإنجاز مرحلي في التاريخ، وعلى أي حال هذه قضية قد تبدوا جانبية الآن وتكلمنا فيها من قبل كثيرا 0
إلا أنني سأركز بشكل عام على اليسار لا على الماركسيين دون غيرهم من قوى اليسار فأقول : أن اليسار قد استعاد مواقع كثيرة في عالمنا المعاصر خصوصا في أمريكا اللاتينية ، شيلي ( انتخاب ميشيل باشيليت رئيسة للجمهورية ) فينزويلا ( انتخبت رئيسا يساريا أفشل انقلابا أمريكيا ضده عام 2002 ) وكذلك وصل حزب ماس Mass إلى السلطة في بوليفيا البلد الذي اغتيل فيه جيفارا، فضلا على البرازيل ( لويز دى سلفيا الشهير بلولا ) فكيف تنظر إلى هذه الموجة اليسارية الصاعدة في سياق ابستيمولوجيا الاحتمال واللاحتمية، هذا السياق الذي يطلق للخيال فرصة أن يصنع من السيناريوهات العديد والعديد ؟

- اتفق معك أولا في أن اليسار يستعيد الآن مواقع بشكل يوحى أنه استفاد من تجاربه السابقة، فبعض قطاعاته بدأت تمثل تيارا جديدا، ربما نجد إرهاصات ذلك في الحزب الشيوعي الإيطالي والأسباني في وقت مبكر منذ السبعينات، وذلك في نقد التجربة الشيوعية على يد تليوتى، وقدر لهذه الآراء أن تنتشر، لكن هذا التيار لم يستطع أن يؤثر ويشكل مجرى رئيسي في حركة اليسار العالمي، إلى أن حدث ما حدث وبدأت مراجعات من أجيال جديدة من اليسار كانت لديها نظرة إلى الاشتراكية وإلى العالم وإلى الحياة والكون، وتشكلت نظرة طازجة غير معلبة، لأن مشكلة اليسار لفترة طويلة أنه تم تعليبه وحفظه في مواد حافظة مما أدى إلى تقادم المد اليساري وانحسار مميزاته وتراجعه عن كونه تيارا طازجا لم يأتي من قلب المجتمع وينتمي إلى الشارع حيث الحواري والناس، والتي كانت تجعله مرتبطا بالحياة .ما حدث هو أن هناك أجيال جديدة ظهرت في بعض بلاد أمريكا اللاتينية استفادت من المراجعات، وبدأت تبلور تيارا ديمقراطي لديه رؤية مختلفة وجديدة، وشكلت ما يسمى بالاشتراكية الديمقراطية التي اقتربت كثيرا من الاتجاهات الليبرالية إضافة إلى رؤية اجتماعية وقدره على التعامل مع الواقع والتخلي عن القوالب النظرية الجامدة، لذلك نجد أن ممارسته في السلطة في البلاد التي وصل إليها أخيرا مختلفة وليس شيئا واحدا في كل هذه البلدان، ففي البرازيل تجربة مختلفة عنها في شيلي عنها في الأرجنتين عنها في أورجواي، هذه هي الدول التي بها أنظمة يسارية، وهي تختلف كثيرا عما يحدث في بوليفيا أو فنزويلا التي يوجد بها نظم حكم قومية متطرفة، على شاكلة الأنظمة الناصرية والبعثية أنظمة تتلاعب بالمفاهيم الاجتماعية لكنها ليست اشتراكية ولا يسارية، ولا علاقة لها بالاشتراكية الديمقراطية .لذا لا يوجد قاسم مشترك بينها وبين تجارب البرازيل ف.. دى سلفيا يعتبر هذه الأنظمة قادمة من التاريخ وليست نتيجة التفاعل مع الواقع الجديد، ولذلك لا يرتاح إلى شافيز ولا يستطيع أن يتفاهم معه، لأن اليسار الجديد ليس لديه هذا التشبث بالسلطة، هناك فرق كبير بين رئيس دخل الانتخابات وهو يعد نفسه لمغادرة السلطة، وبين شافيز الذي يعد الآن لتغير الدستور لكي يستمر في السلطة إلى الأبد كما فعل السادات، وبالتالي لا شافيز ولا رئيس بوليفيا ونظامه الذي يمثل الجماعات العرقية وليس جماعات عمالية من أصول صناعية أو جماعات فلاحية، فنظام بوليفيا يمثل جماعات الهنود الحمر الذين اضطهدوا لفترات طويلة، وقد نهضوا أخيرا خوفا على مصيرهم وخرجوا لكي يقتصوا من البيض ويعيدوا مجد الهنود الحمر، وهذا ليس سوى صراع عنصري، قد يكتسي بطابع يساري ولكنه لا يدافع عن مصالح الطبقات الكادحة، لذلك نجد أن جزء كبير من الطبقة العاملة البوليفية ضد هذا النظام لأنهم يعرفون أنه لا يعبر عنهم إنما يعبر عن العرق الجنسي .
هذا يختلف تماما وجذريا عن أنظمة دى سليفيا وعن ميشيل باشيليت اللذين ناضلا نضالا هائلا وتعرضا لصنوف من الاضطهاد من أجل العمال والفلاحين والفئات الفقيرة، وليس لصالح عرق جنسي، لكن للأسف هناك قطاع كبير من اليسار العربي لا يستطيع أن يميز بين اليسار الجديد في أمريكا اللاتينية، وبين القوى القومية العنصرية الصاعدة هناك على أكتاف الهنود الحمر الذين يمثلون أغلبية في بعض بلدان أمريكا اللاتينية، قد يكونوا تعرضوا لظلم لفترات طويلة، وجاء الوقت ليتحولوا إلى ظالمين بدلا من أن يحققوا العدل للجميع، أن يثأروا لظلمهم بدلا من المطالبة بإلغاء كل أشكال الظلم عن الجميع .
أن تجارب أمريكا اللاتينية التي تقوم على رؤية جديدة للعالم وتقدم نماذج متميزة هي في الأساس تجارب عملية يمكن خلال عقد أو عقدين أن تبلور فكر يساري جديد، لكن هذه الموجة ليس ورائها فكر محدد أو نظرية جامدة، إنما ورائها أجيال جديدة من الشباب يريدون التصدي للمتغيرات التي تحدث في هذا العالم نتيجة هزيمة اليسار القديم .
هذه التجارب تعتبر إضافة للتجارب البشرية يريدون من خلالها إعادة الاعتبار لفكرة العدالة الاجتماعية، لديهم استعداد قوى للعمل مع كل من يقترب منهم في الاتجاهات والبرامج والمواقف، هم يعتمدون على برامج تقدمية أكثر مما يعتمدون عل أفكار ومن خلال هذه البرامج التقدمية والإنجازات التي تترتب عيها ستصاغ أفكار تقدمية جديدة .

· لبرنارد شو تعريف ذو طرافة للرأسمالية حيث وصفها بأنها مثل لحيته الكثة وصلعته الكبيرة00غزارة في الإنتاج وسوء في التوزيع، وهو تعبير يجد مصداقيته في أن الرأسمالية ـ لامشاحة ـ تنتج فائضا لا يمكن استخدامه قياسا إلى منظومة الأرباح والأجور المحدودة بسقف معين، الأمر الذي يترتب عليه تزايد دور المضاربات المالية، التي تسبب الـكوارث في بلـدان الأطــراف Prephiries فكيف يمكن لمثل هذه البلدان تحقيق التنمية المنشودة تحت لواء الرأسمالية العالمية ؟ مع التسليم بأن نظرية سمير أمين لم تعد صالحة للتطبيق الآن بعد انهيار الاتحاد السوفيتي ودول أوروبا الشرقية ؟

- هو في الحقيقة أي نظام اقتصادي يحقق كم كبير من الإنتاج يحتاج إلى تدخل في توزيعه، فالاتجاهات الليبرالية مختلفة هناك على هذه المسألة، هناك بعض الاتجاهات الليبرالية الغربية من الفكر المحافظ تعتبر أنه ليس للدولة أي دور يتجاوز وضع القواعد العامة المنظمة للسوق، ثم ترك السوق يعمل، وهناك اتجاه آخر من الليبرالية يرى أن هناك ضرورة للتدخل في عملية التوزيع، وأن هذه الضرورة تقل أو تزيد من مجتمع إلى آخر حسب طبيعة هذا المجتمع، قد تقل كثيرا في مجتمع ينخرط كل أفراده أو معظمهم في الدورة الاقتصادية، في هذه الحالة عندما يحدث نمو اقتصادي ينعكس ايجابيا على الجميع أو على الأغلبية الساحقة، لكن كلما ازدادت نسبة من يقفون خارج نطاق الدورة الاقتصادية، ازدادت الحاجة إلى تدخل الدولة .في المجتمع المصري اليوم تظهر الحاجة الملحة إلى تدخل الدولة، فبالرغم من عدم توفر بيانات وإحصاءات دقيقة، إلا أن هناك ما يدل على أن معظم المصريين اليوم هم خارج الدورة الاقتصادية الرسمية، دورة الإنتاج والتوزيع، وأنهم يعملون في أعمال هامشية، وهؤلاء لا يشعرون بأي أثر للنمو الاقتصادي أو الزيادة في الإنتاج حتى لو وصلت لمعدلات مرتفعة وليس في حدود 7أو 8 %، لأن هذا النمو لا يشعر به إلا من يرتبطون به ، وبالتالي هذه المسألة جوهرية وهي مرتبطة بخلاف تقليدي في الفكر الليبرالي بين من يرون دور الدولة لا يتعارض مع سياسة السوق، بل على العكس أن دور الدولة ضروري لكي يعمل السوق بشكل عاقل وفعال وللتقليل من التشوهات التي تحدث نتيجة السير التلقائي للسوق، وبين اتجاه آخر يرى أن تدخل الدولة في السوق هو شر لا تتولد عنه إلا شرور، وأن الدولة الصالحة الوحيدة هي الدولة التي يقتصر دورها على حماية الحدود وعلى تنظيم الأمن العام والمرافق العامة، التي كلما قل العام فيها كلما كان أفضل .
ما حدث في الواقع أن الاتجاه المؤيد لدور أكبر للدولة هو الذي ساد خلال الفترات السابقة في الولايات المتحدة وفي أوروبا، وكانت الريجانية والتاتشرية كرد فعل على هذا التطور، مما أدي إلى انتشار الاتجاه المؤيد لتدخل الدولة .

· كمفكر اقتصادي وسياسي، أود أن تحدثني عما تراه بشأن القاعدة الاقتصادية التي ترتكز عليها جماعة الأخوان00 وإذا اتفقنا على أن تلك الجماعة إنما تعبر عن مكونات البورجوازية الصغيرة، بجانب شرائح من البورجوازية المتوسطة التجارية، فهل يمكن لهذه التركيبة ـ ما لم تكن متصلة برأس المال النفطي ـ أن تتاح لها فرصة السيطرة على مقاليد الحكم في بلد كبير متعدد الطبقات مثل مصر ؟

- الأخوان المسلمين قاعدتهم الاجتماعية تاريخيا كانت في حدود الطبقة الوسطي الصغيرة، موظفين، صغار تجار، مهنيين0 وكان لها وجود أدنى في الشرائح العليا من المجتمع، ووجود قليل جدا في الشرائح الدنيا، لكن هذه القاعدة اتسعت خصوصا في العقود الثلاثة الأخيرة، بعد أن استعاد الأخوان دورهم وازداد نفوذهم الاجتماعي والديني، ومن ثم السياسي في المجتمع، لكن هذا الاتساع أصبح عشوائيا، مثل عشوائية وتشوه التركيب الاجتماعي المصري الذي أصبح لا ضابط ولا رابط له، وليس له بداية ولا نهاية، هو تركيب عشوائي نتج عن عمليات وظواهر اجتماعية بعضها كان متناقضا مع بعضه الأخر، وقد انعكس هذا على قاعدة الأخوان المسلمين بحكم أنها القاعدة الأوسع مقارنة بأي تنظيمات سياسية أو دينية أخري، هذه القاعدة تتيح للإخوان وجودا بين مختلف الأوساط الاجتماعية .

· هل هذا يتيح لهم إمكانية القفز على السلطة ؟

- لا، القفز على السلطة مسألة لا علاقة لها بالقاعدة الاجتماعية، الأخوان ليسوا مؤهلين للقفز على السلطة في أي مدى منظور لأسباب تتعلق بعقلهم، أي تنظيم كبير يمكن أن يقفز على السلطة أي تكن قاعدته الاجتماعية، لكن الأخوان لا يستطيعون الاستفادة من قاعدتهم الكبيرة، بسبب غياب العقل .

· في كتابك " الأزمة المصريةـ مخاطر الاستقطاب الإسلامي العلماني " رفضت رأى البروفسير بيتر رودمان الذي يؤكد أن الإسلاميين حين يصلون إلى السلطة سيقومون بتغيرات دستورية تضمن بقائهم حكاما للأبد، وقد قلت أن هذه الحتمية لا تستند إلى دليل تجريبي، فما قولك الآن بعد الذي حدث من حماس من انقلاب على الشرعية، واستقطاع غزة من الجسد الفلسطيني منذ الرابع من تموز الماضي ؟

- بالفعل لا يوجد ما يدفع لليقين بطريقة معينة سيتصرف بها هذا الحزب أو هذه الحركة الإسلامية أو تلك إذا وصلت إلى السلطة، وبرغم تجربة حماس فأعتقد أننا مازلنا نفتقد اليقين بدليل تجريبي، لأن تجربة حماس تجربة خاصة جدا، في ظرف خاص جدا، في بلد خاص جدا خاضع للاحتلال، فقد صدق الفلسطينيون أنفسهم وصدق الكثيرون معهم، أنه يمكن إقامة ديمقراطية تحت الاحتلال، وبدأ كثير من الجوعي يتشدقون بمزاعم فارغة وانتخابات ديمقراطية، وهذا شيء في الحقيقة فكاهي إلى حد كبير، لكن للأسف فأن حياتنا في مصر وفي العالم العربي مدعاة للفكاهة السوداء .
لم تكن تجربة الفلسطينيين في الانتخابات والممارسة السياسية إلا مزيد من هذا الهزل التراجيدي والكوميدي، على نحو أنتج تجربة يريد البعض أن يبنى عليها نتائج وهى غير صالحة لذلك، لأنها تجربة خاصة جدا تأثرت بمؤثرات غير طبيعية، حجم المؤثرات من خارجها كان أكبر من مكوناتها الداخلية، لذا فأن تجربة حماس في الحقيقة لا اعتقد أنها تدلنا على شيء، ولا يمكن أن نبني عليها موقف عام للحركات الإسلامية .

· هذا كلام يؤكد أنك تمتلك نظرية متكاملة حقا، ونحن نعلم أن النظرية الجيدة هي التي يمكن مد خطوطها وخيوطها إلى ما هو ابعد من المنطلق الذي تنطلق منه، وقدرتها أيضا على التنبؤ، فبماذا نتنبأ لحماس في صراعها مع منظمة التحرير الفلسطينية حول المكسب الذي هو في الحقيقة ليس مكسبا على الإطلاق، أو على هذه الممارسة التي يسخر منها التاريخ، حيث أنه لا ديمقراطية تحت الاحتلال وهذا كلام جيد، فما هو تنبؤك في ضوء نظريتك لنهاية هذه الحركة ؟

- تجربة حماس جزء من التجربة الفلسطينية، وفشل حماس هو جزء من فشل التجربة الفلسطينية في مواجهة الاحتلال، فالقضية الفلسطينية منذ عرفناها من 48 أو إلى ما قبل ذلك منذ وعد بلفور، وبهذه الصورة التي يتم بها معالجتها أخذت تنتحر، وكما في هذه اللحظة فأن طبيعة الصراع في المنطقة اختلفت، فبعد أن كانت القضية الفلسطينية هي جوهر الصراع العربي الإسرائيلي، وقد دار حولها كل التفاعلات الصراعية سواء بين قوى عربية وقوى دولية، أو بين القوى العربية وبعضها البعض، أو حتى بين قوى دولية وقوى دولية أخري، الآن فقدت هذه القضية موقعها الاستراتيجي، وفقدت أهميتها وأصبحت جزء من صراع أكبر، صراع يدور على المنطقة ككل، صراع بين مشروعين أحدهما المشروع الذي تريده أمريكا تحت أسم " الشرق الأوسط الكبير أو الجديد " والثاني مشروع تقوده إيران وتلتحق به دول وقوى أخري متنوعة في حالة عداء مع الولايات المتحدة .هذا الصراع كلي شمولي يدور حول هوية المنطقة، الصراع العربي الإسرائيلي والقضية الفلسطينية كانا يرتبطان بصراع تحرري من منطلق سياسي، وكانا جزءا من مواجهة الاستعمار العالمي، الآن نحن نري صراعا على نحو مختلف، صراع هوية بغرض من الذي يستطيع أن يسيطر على المنطقة من منطلقات ثقافية وحضارية ذات طابع ديني، ووفقا لمعطيات صمويل هنتنجتون ربما يكون القرن الحالي صراع ثقافات وحضارات، كما كان الصراع في القرن الماضي حول إيديولوجيات وسياسات .

· في نفس كتابك عن الأزمة المصرية، ناديت بتشجيع ما أسميته بتيار الإسلام المعتدل، الذي يقبل الحوار مع التيارات العلمانية ( ربما كان النموذج التركي ماثلا أمامك ) والآن، وبعد وصول الأخوان إلى البرلمانية بكثافة نسبية، وبعد تصريحات المرشد عاكف الرافضة لمبدأ المواطنة ـ وهي التصريحات المعبرة عن البنية الأيديولوجية لهذه الجماعة بغض النظر عن المعالجات اللفظية المراوغة من قبل عبد المنعم أبو الفتوح أو عصام العريان، أسالك هل ما زلت متفائلا بإمكانية الحوار بين عناصر المجتمع المدني، والدولة المدنية ذاتها، وبين جماعة لا يمكنها القبول الصريح بالمبادىء الواردة بالميثاق العالمي لحقوق الإنسان، وعلى رأسها مبدأ المساواة الكاملة في الحقوق والواجبات بين الرجال والنساء وبين أصحاب العقائد المختلفة دون تمييز بين دين ودين ؟
- لا ، لم اعد متفائلا بذلك، وأنا قدمت هذه الفكرة في ذلك الكتاب الذي صدر عام 1993 وفي ذروة الصراع مع الإسلام العنيف، عندما كانت مصر مهددة من جراء الارهاب، وكان ذلك تعبير عن التمني في أن يكون الإسلام المعتدل أكثر عقلانية من الإسلام العنيف، وبالرغم من أنه بالفعل كانت هناك مسفة كبيرة بين الإسلام الراديكالي والإسلام المعتدل إلا أن هناك سقفا لم يستطيع الإسلام المعتدل أن يتجاوزه لكي يصبح جزءا من بناء جديد ذو طابع ديمقراطي كي يكون له دور سياسي، دور يقوم على أساس التنافس والحوار والاعتراف المتبادل، وبالرغم من حاجة الإسلام المعتدل إلى مثل هذا الاعتراف إلا أنه يرفض اعترافه بالآخرين إلا بشروط .وعلى مدى السنوات منذ حوالي عقد ونصف تبين أن الإسلام المعتدل باختلاف نسخه عاجز عن تجاوز مستوى من التطور، هو بالفعل تطور في الاتجاه الذي كنا نرجوه، ذلك لأن لديه مشكلة جوهرية في العقل السياسي، فالإسلام المعتدل على مستوى العالم العربي وبصفة خاصة حركة الأخوان المسلمين تنامي جسمها بشكل كبير دون أن يتطور عقلها بنفس المقدار تقريبا، وهذه مشكلة تواجه المجتمع والقوى والاتجاهات الأخرى، وهى أيضا مشكلة لهذه الحركات الإسلامية نفسها بالرغم أنها لا تشعر بها .لقد ثبت أنه في لحظات الحسم التي يحتاج الإنسان فيها إلى العقل كان غياب العقل عند هذه الحركات له أثر خطير للغاية، حيث أنه يفقدها فرصة مهمة كانت تلوح لها فضلا عن أنه يفقد المجتمع القدرة على التطور المنسجم إلى نظام ديمقراطي، لأنه يستحيل من الناحية العملية التطلع إلى نظام ديمقراطي حقيقي في وطن به انقسام إسلامي علماني دون الوصول إلى توافق على قضية العلاقة بين الدولة والدين، هذا التوافق هو البنية الأساسية للنظام الديمقراطي، والإسلام المعتدل حتى الآن لا يساهم على الوصول لهذا التوافق، لا يتعامل مع هذه القضية بجدية .
الشعور الغالب على جماعات الإسلام المعتدل وفي مقدمتهم الأخوان المسلمين هو أنهم ليسوا في حاجة إلى أحد، هم يشعرون أن أخطاء نظام الحكم المتتالية تعمل في مصلحتهم، والثمرة ستسقط في نهاية الأمر بين أيديهم، وهم يفضلون أن يجلسوا تحت الشجرة وكل ما يفعلوه هو أن يهزوا الشجرة من وقت إلى آخر، لكنهم لا يريدون أن يتعاملوا مع غيرهم في الصعود إلى الشجرة، يظنون أن الثمرة ستسقط بين أيديهم وحدهم وهم فقط المؤهلين لقطف هذه الثمرة، وأنهم سيخطفونها ويجرون بها بعيدا عن الآخرين، ومن المستحسن ألا يشاركهم أحد، هذه كلها أوهام، حيث النظم السياسية ليست مثل الشجرة، النظم لا تسقط ثمارها في يد غيرها، إلا إذا كان هذا الغير قادر على ذلك من خلال عمل جاد ومنظم ونضال حقيقي ديمقراطي .
الحركات الإسلامية المعتدلة بما فيها الأخوان ليس لديها هذا الميل، إضافة إلى أن هناك سقفا لمفهومها عن الديمقراطية بما في ذلك الاتجاه الأكثر اعتدلا على الإطلاق مثل حزب العدالة والتنمية في تركيا، حتى هذا الحزب لديه مشكلة مفهومية فيما يتعلق بالديمقراطية، كل هذه الحركات والأحزاب لا تستطيع أن تميز بين الانتخابات وبين الملعب، هي تتعامل مع الانتخابات كما لو كانت نوعا من البيعة، لذلك نجد حزب العدالة والتنمية يريد أن يحتكر كل المواقع الرئيسية في السلطة وبدون الوصول إلى التوافق، لا يريد أن يتذكر أنه لم يحصل إلا على تأييد 45% فقط من الناخبين الأتراك أي أنه ليس لديه سوى تفويض من الأقلية .في المفهوم الديمقراطي الذي يتعذر عليهم فهمه واستيعابه حتى لو حصلت على 99% فليس هذا تفويض كامل من الأمة أو الطبقة، لأن التفويض المطلق يساوى سلطة مطلقة، والسلطة المطلقة هي نقيض للديمقراطية، التفويض الانتخابي في الديمقراطية هو تفويض نسبي ومحدود وجزئي ومؤقت حتى موعد الانتخابات التالية، وتفويض مقيد بالقواعد العامة التي تمت بعد التوافق عليها في المجتمع وفي النظام السياسي، القاعدة العامة في هذه الاتفاقية هو أن ما تم التوافق عليه لا يصح تغيره بإرادة منفردة وليس من خلال أغلبية مهما كانت نسبتها، لذلك الديمقراطية لا تعرف أن الفوز في الانتخابات يعنى أن الشعب فوض الفائز كي يفعل ما شاء وأن يغير في البلاد والعباد كم يريد، أن اجعل الناس يأكلون ويلبسون ما أمر به ويتصرفون في كل شئون حياتهم حسب ما أريد لا حسبا لإرادتهم الحرة، كل هذا لا علاقة له بالديمقراطية، وكل هذا مازال موجودا في المفاهيم السائدة لدى الحركات الإسلامية بما في ذلك أكثرها اعتدلا .

· هذا يفسر في رأيي أسلوب التفكير لدى مثل هذه الجماعات والحركات الإسلامية، وترك الأمور تجري على أعنتها وأن يحدث الاشتعال المتكرر لأزمة الفتنة الدينية بين المسلمين والأقباط " وهز الشجرة " هذا التعبير الرائع الذي أطلقته، لأن كل اهتزازات لهذه الشجرة يؤدى في نهاية الأمر إلى سقوط الثمرة في أيديهم، لكن أنا حديثي معك وسؤالي إليك وأنا أشعر بالخطر الدائم، أشعر به في كياني وفي جسدي وعقلي وعلى مستقبل أبنائي وأحفادي وعلى كل الأجيال القادمة، أسئل : هل من سبيل عملي لإيقاف هذا الاشتعال المتكرر بين المسلمين والأقباط وإعادة اللحمة إلى سدى النسيج الوطني الذي تمزق فعلا أو كاد في ظل حالة الاستقطاب الذي أسماه صمويل هنتنجتون بصراع الحضارات ونحن نراه ماثلا أمامنا الآن ؟

- لا اعتقد أن الأزمة التي يمر بها النسيج الوطني في مصر لها علاقة بصدام الحضارات، هي لها علاقة بطبيعة النظام السياسي أكثر من أي شيء آخر ، فهذه الأزمة تعود إلى نزع السياسة من المجتمع، فعندما نزعت السياسة من الناس منعوا من الاهتمام بشئونهم العامة وتقوقعوا حول أنفسهم، تقوقع الأقباط حول أنفسهم في الكنيسة، وتقوقع كثير من المسلمين حول أنفسهم في المساجد والزوايا، ونشأت عدة أجيال لا تعرف شيئا عن هذا الوطن، لم يكن هناك حوار وطني في مصر، كل ما عرفته هذه الأجيال هو معرفة مكثفة وكثيرة ومشوهة عن هويتها الدينية، واتخاذ موقف من الآخر الديني .أدى ذلك إلى تدهور الوعي الثقافي وأصبح الشيء الوحيد الذي يشغل المصريين هو الحديث عن الدين بمختلف أشكاله وجوانبه، من هنا حدث الاستقطاب، وقد ساهم بروز الجماعات الدينية بالذات الجماعات السلفية في تدعيم هذا التشوه، لكن هذه الجماعات لم تخلق الأزمة ربما ساهمت في تفاقمها وجعلتها أكثر حدة، أيضا الإحباط الوطني العام سواء تجاه الخارج بدأ من هزيمة 67والإحباط الداخلي الناتج عن عد تحقيق نجاح عل المستوى الاقتصادي مما أدى إلى تدهور أوضاع المجتمع، كل هذه الأمور ساهمت في تفاقم الأزمة وأخذت تحدث انعكاسات على المصريين فلم يعودا يهتموا سوى بالدين، لذلك أنا أرى أن إبعاد الناس عن السياسة هو أصل المرض، وعلينا أن نتوجه بالعلاج لهذا السبب أكثر من أي شيء آخر .

· مع ذلك ألا ترى معي أن الدولة قد حاولت على الأقل أن تقلل وتسكن من هذه الآلام بإعمالها لمبدأ المواطنة، خاصة عند التعديلات الدستورية في المادة الأولي وفي المادة الخامسة التي تجرم الاشتغال بالعمل السياسي الذي يرتكز على الدين، ألا ترى معي أن هذا إجراء يمكن اعتباره إجراء وقائي أو علاجي، وتبقى المادة الثانية في الدستور حجر عثرة دون استكمال هذا المشروع العلاجي، لكن أسألك ما هي فرصة نجاح الدعوة من قبل المجتمع المدني إلى تعديل المادة الثانية من الدستور لكي يخلص للدولة وجهها المدني غير مشوب بشبهة انحياز لأصحاب دين بالضد على غيرهم ؟

- هذا التعديل الدستوري هو نوع من المسكنات الضعيفة التي قد تقلل من الإحساس بالألم لكنها لا تزيله ولا تعالج المرض، هو نوع من المسكن البطيء كما لو أنك تتعامل مع مريض بالسرطان على أنه يعاني من صداع، تعطيه مسكنا للصداع دون أن تقدم له علاج للسرطان، الحقيقة أن السرطان مازال يتفشى في المجتمع ولا أحد يعالجه، رغم أن طريقة علاجه معروفة وهي طريقة واحدة، هي إعادة السياسة إلى الناس، رفع الحظر والقيود المفروضة عن العمل السياسي، لأنه عندما يجد الناس مسلمين ومسيحيين نشاطا سياسيا ويشاركون معا في مؤتمرات لمناقشة برامج سياسية تعبر عن مصالحهم فأنهم يتحركون في ميدان واحد ويقل تدريجيا تركيزهم في ميدان الدين .هذا الأمر يرتبط بنظرية معروفة في العلم الاجتماعي، وهي نظرية العلاقة بن الانتماءات الأولية التي يولد الإنسان بها، وتوجد لدى الإنسان البدائي كما توجد لدى الإنسان الحديث، أما الانتماءات الحديثة أي التي يختارها الإنسان بنفسه فلا توجد إلا لدى الإنسان الحديث بطبيعة الحال،والبشرية تطورت من خلال الانتقال من الانتماءات الأولية إلى الانتماءات الحديثة، ليس بإلغاء الانتماءات الأولية ولكن بمعنى أن تكون الانتماءات الحديثة هي السائدة، ففي المجتمع الحديث يختار الإنسان الانتماء الأساسي له، من خلال الانتماء إلى حزب أو نقابة مهنية كانت أو عمالية أو إلى أحد منظمات المجتمع المدني كالجمعيات الثقافية والفكرية والروابط وتجمعات المعبرة عن المصالح الحقيقية، هذه الانتماءات تفوق في أهميتها الانتماءات الأولية سواء كانت انتماء للدين أو العرق أو للقبيلة .عندما نفرض على الناس أن يحدوا من انتماءاتهم الحديثة، ونجعلها خطرا عليهم يكلفهم الانتماء إليها تكلفة هائلة قد تصل إلى الزج بهم في السجون، ويكون الانتماء إلى النقابات من أجل التصفيق والتهليل وليس أدوات نضالية من أجل الدفاع عن حقوقهم، ندفهم دفعا بشكل غير مباشر إلى الانتماءات الأولية خاصة الانتماء الديني ليستغرقوا فيه ليصل الأمر إلى ما وصلنا إليه، إذا أردنا أن نعالج علينا أن نعيد الاحترام والمكانة والمشروعية للانتماءات الحديثة وكل ما يتعلق بها من أنشطة تدريجيا، هذا ليس حلا سحريا فخلال عقد أو عقدين سيستعيد المجتمع حيويته بازدياد الانتماءات الحديثة وتوضع الانتماءات الأولية بما فيها الانتماء الديني في حدودها الطبيعية وتظل داخل الجامع أو الكنيسة، ويقل اهتمام الناس بهذا الهوس الديني الذي يعتبر شكلا غير طبيعي ومشوه للعلاقات الاجتماعية .

· إذن أنت تطالب بدور حقيقي للفاعلين الاجتماعيين من أجل أن يقوموا بهذا الدور العلاجي، سؤالي الأخير إليكم، الفاعلون الاجتماعيون الذين تقصدهم من هم ؟ وفي أي السياقات نجدهم ونقترب منهم ونحفزهم على القيام بهذا الدور ؟

- الفاعلون الاجتماعيون موجودون لأنهم نتائج الواقع الاجتماعي لكن القيود التي تفرض عليهم تجعلهم يختبئون تحت الجحور، ولا نستطيع إخراجهم من الجحور إلا بعد أن نوفر لهم المناخ المناسب، وذلك في اعتقادي أهم من التعديلات الدستورية، وهو أن تكون هناك تعديلات قانونية تتيح لمن لجئوا للجحور أن يخرجوا منها مرة أخري، هذا يحتاج لكثير من التشريعات القانونية لتعديل نظم الأحزاب والنقابات ومنظمات المجتمع المدني لإطلاق حرية الفاعلين الاجتماعيين والفاعلين السياسيين وإعادة الطمأنينة إليهم .
هذا هو الطريق الذي يؤدى إلى إعادة الاعتبار إلى الانتماءات الحديثة، ومن ثم وضع الانتماءات الأولية وخصوصا الانتماء الديني الغالب على المصريين الآن في حجمها الحقيقي الذي لا ينبغي أن تتجاوزه .
· أنت تلقى بالكرة في ملعب الدولة من جديد، الدولة هي القانون لو نظرنا إلى البناء الفوقي، لكن إذا نظرنا إلى البناء التحتى فإن الدولة هي الطبقة، أنت تطالب دولة مصر الطبقية الآن أن تقوم بدور هي غير مؤهلة له، أو على الأقل غير راغبة فيه، ولا تقبل به !

- اعتقد أن هذا الدور ينسجم مع مصالح الدولة ومصالح الطبقات السائدة، فاستمرار عشوائية التكوين الاجتماعي يشكل خطرا على الدولة وقد يؤدى إلى دولة بديلة، قد يجد بعض أركان هذه الدولة مكانا لهم في الدولة الجديدة إذا ارتدوا الجلباب القصير وأطلقوا اللحية ودقوا على جباههم ذبائب، وفعلا يستطيع بعضهم فعل ذلك لكن سيكون هذا تحت أمرة دولة بديلة محكومين فيها وليسوا حاكمين، ربما يحتفظون ببعض مكانتهم عندما يعيدون للمجتمع المصري دوره وفاعليته، قد يؤدى ذلك لتخليهم عن بعض مكاسبهم وجزء من سلطتهم، لكنهم بطريقتهم الحالية سيخسرون كل شيء، سلطتهم كلها ومكاسبهم جميعها، واشرف لهم أن يخسروا جزءا من سلطتهم لصالح مجتمعهم وشعبهم بدلا من أن يخسروا سلطتهم كلها لصالح قوى ستدفع هذا المجتمع إلى كارثة وتعيده إلى العصور الوسطي وتكون وبالا على الجميع .

· هذا تحليل جيد من متحدث مخلص وشجاع،وفي ختام هذا الحوار الممتع الثري أتوجه للصديق الدكتور وحيد عبد المجيد بخالص الشكر وعظيم التقدير على ما خصصه لنا من وقت ثمين، وما أعطاه لنا من صائب فكره وثاقب نظره ..

- شكرا لهذه الشهادة التي أعتز بها، وسنكون دائما في حوار وتواصل مستمر .




#مهدى_بندق (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- كرمة الإدانة
- قصيدة- ظل الملك
- سوسيولوجيا المسرح الشعري في مصر الحمل الكاذب والحمل المجهض
- الدكتور وحيد عبد المجي دمفهوم الليبرالية مختلف عليه وقد استخ ...
- اللبرالية الجديدة..حل مؤقت لأزمة دائمة
- المَحْلُ وما أحاط
- والعكس وما يغشى
- بعد عرفات سيزيف الفلسطيني يبني بيتاً
- مطوي بيميني منشور بيساري
- صفرٌ في الغَلَس
- وعي بالجهل أم تنمية معرفية ؟!
- اللغة .. والثقافة الشعبية المظلومة - مصر وتونس نموذجاً
- تحطيم سرير -بروكروست-
- ثقافتنا العربية أمام خيارين التحول أو التلاشي
- مياه الأمن القومى
- !السلام بين العرب واسرائيل ..كيف؟
- لغة عربية أم لغة مصرية؟
- الكاتب في عصر العولمة
- تفكيك العقاد العقاد مفككاً
- إلى أن تطل عيون المطر.


المزيد.....




- الأنشطة الموازية للخطة التعليمية.. أي مهارات يكتسبها التلامي ...
- -من سيناديني ماما الآن؟-.. أم فلسطينية تودّع أطفالها الثلاثة ...
- اختبار سمع عن بُعد للمقيمين في الأراضي الفلسطينية
- تجدد الغارات على الضاحية الجنوبية لبيروت، ومقتل إسرائيلي بعد ...
- صواريخ بعيدة المدى.. تصعيد جديد في الحرب الروسية الأوكرانية ...
- الدفاع المدني بغزة: 412 من عناصرنا بين قتيل ومصاب ومعتقل وتد ...
- هجوم إسرائيلي على مصر بسبب الحوثيين
- الدفاع الصينية: على واشنطن الإسراع في تصحيح أخطائها
- إدارة بايدن -تشطب- ديونا مستحقة على كييف.. وترسل لها ألغاما ...
- كيف تعرف ما إذا كنت مراقبًا من خلال كاميرا هاتفك؟


المزيد.....

- قراءة في كتاب (ملاحظات حول المقاومة) لچومسكي / محمد الأزرقي
- حوار مع (بينيلوبي روزمونت)ريبيكا زوراش. / عبدالرؤوف بطيخ
- رزكار عقراوي في حوار مفتوح مع القارئات والقراء حول: أبرز الأ ... / رزكار عقراوي
- ملف لهفة مداد تورق بين جنباته شعرًا مع الشاعر مكي النزال - ث ... / فاطمة الفلاحي
- كيف نفهم الصّراع في العالم العربيّ؟.. الباحث مجدي عبد الهادي ... / مجدى عبد الهادى
- حوار مع ميشال سير / الحسن علاج
- حسقيل قوجمان في حوار مفتوح مع القارئات والقراء حول: يهود الع ... / حسقيل قوجمان
- المقدس متولي : مقامة أدبية / ماجد هاشم كيلاني
- «صفقة القرن» حل أميركي وإقليمي لتصفية القضية والحقوق الوطنية ... / نايف حواتمة
- الجماهير العربية تبحث عن بطل ديمقراطي / جلبير الأشقر


المزيد.....


الصفحة الرئيسية - مقابلات و حوارات - مهدى بندق - حوارات مهدى بندق 7 - مع د.وحيد عبد المجيد