محمد موسى شاطي
الحوار المتمدن-العدد: 2058 - 2007 / 10 / 4 - 06:43
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
حين يحل علينا رمضان من كل سنة نعيش التعامل معه و بشيء من الازدواجية و الانتقائية في التصرفات يخلط فيها التدين مع النفاق. حيث نشهد جملة من المظاهر السلوكية التي تبدر عن كثير من الناس لكنها لا تبدر الا في هذا الشهر فهناك اهتمام مرتفع بالطقوس الدينية ,اعادة نظر في السلوكيات الشخصية , الحذر من الاساءة للأخرين و بعضنا نراه يطيل ترديد الادعية و التسبيحات على حبات مسابح فخمة و رجال يتوقفون عن التدخين بعدما ما كانوا لا يفتئون عن مفارقتها ولو للحظة و منهم من لم يفعل و له علته الخاصة به ( و هذا شأنه) مما لا ريب فيه ، ونساء يمتنعن عن استخدام مساحيق التجميل ويرتدين حجاب الرأس،الى غيرها من المظاهر و السلوكيات الحميدة التي تميز افراد مجتمعنا في هذا الشهر . و مما لا ريب فيه اننا نحاول ان نتخلص من الكثير من المظاهر التي كانت جزءً لا يتجزاء من مظاهر و شكليات لا نفارقها بالعادة عن حياتنا اليومية والسبب في ذلك كوننا صائمون و هذا شهر الطاعة و الغفران. لكن مع انتهاء هذا الشهر تذبل هذه المظاهر رويداً رويداً حتى تختفي، فننتظر العام القادم لرؤيتها. يرى البعض ان ذلك التغير في سلوكيات الناس في رمضان على أنه تعبير عن شوق للروحانيات، بعد أن غلب التفكير المادي على الكثير من علاقاتنا الاجتماعية، شوق للروحانيات يعبّر عن صدأ بدأ يأكل أرواحنا من الداخل، فيأتي هذا الشهر ليشكّل مناسبة تتيح للجميع غسل نفسه من ما علق فيها من اردان الحقد و الضغينة .
لكن ما يطرح نفسه على مائدة التساؤول هو هل ان الصيام يعني الابتعاد عن كل ملذات الدنيا من المأكل و المشرب ؟؟!! ام ان العبرة من ورائه اكبر من ذلك وهل حققنا الهدف المرجو منه وقد يجيب مجيب ان العبرة في الصيام تكمن بأحساسك بأحوال الفقراء و الشعور بجوعهم و وحاجتهم الى المساعدة و تنظيف الجسد من المحرمات , ولكن مانراه في رمضان هو فقط الانقطاع عن الطعام لعدة ساعات وعند موعد الاذان ترى موائدنا ملئى بما لذ وطاب من
الاطعمة التي تكفي لملء البطون و سلال النفايات ايضا وكأن العبرة من الصيام هي فقط الامتناع عن الطعام لفترة من النهار .فأي احساس بالفقير هذا واي تطهير للانفس هذا ما دمنا لا نخرج حتى النزر البسيط من هذه الموائد لا نخرج ما يستحق علينا من اموال للسائل و المحروم ولو فعلنا لكنا حققنا جزئاً بسيطاً من الهدف المرجو من الصيام .
ان الحقيقة المرة اننا في هذا الشهر بالذات نعيش حالة من النفاق الديني الذي يستغل هذا الشهر بكل ما يحفل به من طقوس وروحانيات مضاعفة، بغية تأمين صورة اجتماعية أفضل للفرد اذ ما ان يتخلص الجميع من شهر رمضان ينطلقون فى لهوهم معوضين ما فاتهم في هذا الشهر، اذ اننا كنا نتمسك بطقوس دينية محصورة على مظهر متغير دون أن تمس لدينا اي جوهرا او كما يقول الحديث الشريف :
((كم من صائمٍ ليس له من صيامه الا الجوع و العطش ))
#محمد_موسى_شاطي (هاشتاغ)
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟