ا
قصة كردية معاصرة
(هذه القصة فازت بالجائزة الأولى فى مهرجان ( أمياتا ) للأدب والفن فى إيطاليا
( من أجهر بالقتل .. ؟! )
قصة : كازيوه صالح
ترجمة : احلام منصور و محمد امين احمد
[email protected]
تقع نافذة ذلك البيت الشامخ على ذلك الشارع المزدحم المليء باللغط والضجيج . وعلى يمينه سـوق مألوف كأسواق العالم ، وعلى يسارهِ قد بني سقق طويل يدعى بسوق بائعي التحف ( الأَنتيكات).
الصف الأول على اليمين منها تبيع فيه النساء فقط ..كل واحدة تصرخ لرواج سلعتها بطريقتها الخاصة ، الآثار الملونة ، هـويات ، كتب ، قواميس ثمينة قديمة ، نظارة مولوي ، غليون الجد ، كانت الأشياء المعروضة مسعّرة حسب أعمار الأطفال من السنة الأولى حتى السنة الرابعة .. وقد كتب على قمصا نهم ( بيت المهرب للمعيشة ) . و من الرابعة الى العاشرة بيت (طلاء من أجل النقود ) .. ومن العاشرة الى الخامس عشرة قد كتب عليه ( بيت الجنس ذلك البنفسج ) . والنساء قد وقفن متراصات و كل واحدة منهن لابسة سروالا رجاليا ، إذ يبعن كل شيء نسائي .. مشدات ، قمصان داخلية ، طقم أسنان الجدة ، و بعضٌ منهن يبعن تلك القطعة من القماش التي إحتفظن بها سنين كجواز سفر للشرف .
هناك كل شيء يباع ، ولا سيما غطاء رأس الشيخ ، وكشيدة (الوزرة) العم عزيز الذي يعود لزقاق القزازين ، و قد شوهد بيعها بالمزاد العلني .. ناهيك عن الأشياء الأخرى الموجودة هنا ، كلها من التحف النادرة (أنتيكات) ؟ وحتى (هوشيار) الذي يقف بين سوقين ، بدوره هو أيضاً يبيع أنتيكات نادرة و قد لبس في عنقه صندوقا نايلونيا – بلاستيك – مكتوبا عليه (كل واحدة بدينار) . إضافةً إلى خمسة عشر بالوناً ، أي عدد من النفاقات المربوطة بعضها ببعض بحبل طويل و نهاية طرفها في فمه ِماسكاً إياها بأسنانه ما أن يشاهد كل طفل هذا المشهد فأنه يندهش و يضرب برجله على الأرض مصرّاً على افتنائها،و لن يهدأ حتى تُشترى له واحدة .. و هكذا وعلى هذا الأساس كانت تباعُ أعداد كبيرة منها ..
لم تكن هذه السوق حاجزاً قبالة النافذة قط ، و إنما قد رُسِمَ على الجهات الأربع وما حول البيت ، صخب ملل السوق . ومما جعل من البيت مملكةً للقلق وعدم الراحة ، و خصوصاً بعد الصراع الناجم عن ذلك السوق . إذ كانت تتسلق عبر السلالم و تواجه غرفة تتوسطها مظلة معلقة ، وتحتها جثة هامدة بلا أنيس ولا رقيب . فرغم تعودها على الصخب والمشاهد الحزينه فانها كانت تقضي جلةاوقاتها بمشاهدة ما الفوق والنظر الى العلو , أو لنقل أنها قد اجتازت النافذة و خبالها معلق بقطع الغيوم أو البقع الغيمية أوراق و الأشجار التى تحيط بها كمن يريد بذلك أن تنسى هي ماضيها . أي ماض ؟! إنها تحس بزيفة و لما أحست بذلك شعرت بأنها تخادع نفسها , وكانت الأشجار والجدران والطبيعة قد حملت ذكرياتها دوماً تتماطر مع قطع السحب .. وفي آخر تنهيدة الصيف تسكبها كالدمعة .. ولا أحد يعرف مديات البروق والغيوم والأمطار ومظلة أي مسافات عريضة واسعة هي ؟ و التي تغزو و تجتاح فكرها ! الغيمة تئن و السماء تمطرُ و تبكى هي بدورها و فجاة تبرق و تقول هي : من يدري أن السماء لا تبكي لبعد الأرض عنها ؟ و التي إحتلها الانسان لدرجة لاتسمح لها أن تروي ظمأها … لم لا ؟! فالإنسان أكثر الأحياء راغبا في الإحتلال والإستلاء , حتى أنهم وإن لم يحتلوا شيئا منا فلما نراجع أنفسنا لنعرف فيما إذا هم محتلون أم لا .. لا … لا أصدق ذلك بأنهم حين ذاك يتساءلون فيما لو كانوا مهتمين خلال تلك االسنوات .. هل تحسسوا كل شئ . و استذكروا كل شئ . و اغتصبوا حتى حياتي و سلبوها و أخذوها إلى المجهول . للبدايه على الأقل إنهم لم يبلغوا ما فعلتها ( هوشار ) … ها ؟ يبدو أنني أهذي . حقاً أنا أهذي ؟ ترى من تفانى أكثر من (هوشار) أغيرها ؟! في هذا الوقت كمن قد أثار عاطفتها فتأججت وبعيون حيرى مليئة بالقلق , بدأت تتحسس طمأنة وجودها في السوق . أقلها ألا تصاب بأذى من أحد .
وهكذا كانت ترى كل شيء عبر النافذة أخرس وأبكم.. وبعيون ملأى بالتساؤلات.. كانت ترى البالونات المعلقة الملونة من فوق رأسها نحو متر عن مدى رؤيتها. تذكرها متخيلة بليلة رأس السنة الكرستالية تحوم بين حلقات الملأ وهي تسير بين زحمة الإزدحام .. وهؤلاء منهم من يتجنب مسها أو ملامستها ومنهم من يتأملها بحيرة واستغراب وتعاطف، وفي الحال يقطعون خيط البالون الممسوك بالفم.. يأخذون بالوناً ويرمون ديناراَ داخل الصندوق المعلق بعنقها.
كلما كانت تسير.. كانت ترقبها، وبعضهم ينظرون إليها بأشمئزاز وتقزز. ويصفعون أطفالهم ويدفعونهم دفعاَ أو يركلونهم أو يكيلون السبق والشتم على بائعة البالونات وفي خاتمة المطاف تعود هي إلى أولئك الأطفال المشاكسين الذين كادوا يحيرونها ويستفزونها فترجع إليهم بقلب كسير.. وعلى هذه الشاكلة فإنه لم يكن قد باعت أكثر من عشرين بالوناً ( كل واحد من هؤلاء الاطفال المتعبين ماكانوا يحصلون يومياً إلا على عشرة دنانير.. أما هي قد القى على عاتقها مصاريف البيت.. إذن لم يلقى على والدي اللوم وينهال عليّ بالشتائم ؟ ويقولون: أنت عاقر، أي شيء بانتظارك ؟ لا طفل تتسلين به، ولا زوج قد ترك لك إرثاً كي تقتاتي به بسلام ، فلولا وفاء وإخلاص وعون هوشار ومساعدته التي لامثيل لها، لبات المرء خجلاً، لابل تجعل المرء يشعر بالخجل من كلمة المساعدة، ومن المحتمل أن تفهم اخلاقياتهم.. ولذا فهي تتعب نفسها كثيراً ).
جثة معلقة تحت مظلة.. تلك الغرقة التي تقع قبالة السلالم، جثة هامدة وغير قابلة للتعفن. ترى بالعين فقط.. لا تلمس.. ولا تنزاح جانباً، لن تتوارى، ولا تدفن، ولاترمى، ولا يؤثر عليها الندم ولا تنسى.. جثة فقط وحدها التي تفهم مدى التغييرات التي تجرى على ملامحها وتصاب بها سمتها.. والمظلة هناك أبداً.. والمظلة يمكن قلعها وإزاحتها، لكنها لاتزيحها لأن كلتيهما تربطهما ذكرى أليمة.. تلك الجثة الهامدة.. تسأل عن مدى إحتفاظها بتلك المظلة المغيرة ؟
تقول:- كلما وجدت المظلة الشرفاء تعبت الجثة هناك من الإعتصام، رغم أنهم يسألونها (بفظاظة) لكنها تجيبهم بأجوبة متقطعة.. كلما كانوا يسألونها أسئلة واضحة، كانت أجوبتها متقطعة وفي كل مرة إذاً يتسرب خيالها نحو حادثة، قد سجلتها مع تلك الجثة.
تذكرت ذلك اليوم الذي جاء إليها والدها وساقها بعنف وهو يقول:
- (لايليق بنا أن تكوني وحدك في البيت، وتتألفين وحيدة مع جثة ذكر! ) .
كنت أتوسل إليه مرة تلو الأخرى:
- (هذا البيت يحتوي على ستة أرامل مع جوقة من الأطفال، لم لايليق بنا إذن ؟ إضافة إلى ما تقدمه (هوشار) من مساعدة)..
قال أبي:
-(اللعنة عليك وعليها.. لا أدري ما الذي جمعك بها ؟ وما الذي وجدت في هذه الشيطانة ؟ لدرجة بدأت تاتلفين هذا البيت! أنا واثق من أن هذه هي شيطانة.. جنية.. عفريتة.. تتراى من خلالهن الأرواح والنجسة والاشباح الخادعة والتي تظهر بها.. أنظروا إليها، كيف تنظر إلينا
بعيون مشزرة، ويغضب حين نتحاور عنها).
عندما أخذني والدي قسراً، لحقت بنا ولقد علم بأن لا فائدة منا.. صمت، لكنه ربط (هوشار) بسياج الحديقة، وحين استيقظنا صباح اليوم التالي، لم نجد لها أثراً، لذا لم أتمالك نفسي، ورغم كل التهديدات وعنجهية والدي لمعرفة سر تلك الجثة وعدم عودتي..يقيناً.. قفلت راجعة إلى بيتى وإلى (هوشار) وصديقتي الجثة الهامدة.
كانت جارتي لم تكمل بعد غنوتها الحزينة.. قالت:- (لقد رجعت في الحادية عشرة ليلاً ولم تبت هناك) ومن خلال النافذة، كعهدي بنفسي أتفحص السوق المكتظ وتلك البالونات المتبقية التي لم تبعها أمس بسبب مجيء الوالد والتي أخذتها إلى السوق ولكن لم تبع منها واحدة، وعينها كانت على النافذة.. عندما رأتني قد فتحت النافذة مع ومضة فرح قد استعرضت ورقصت رقصة حلوة وتشجعت ولم يمض كثيراً حتى باعت ماعندها ورجعت إلى البيت منتعشة.. عادت إليَ وأنا بدوري جهزت لها عشر بالونات أخرى أخلت سبيل نفسها بعد ساعة.. وفى ذلك اليوم الذي قضته كان مفعماً بالعمل والإطمئنان.. وكأنها على ثقة باعتزازى بها.. رغم عدم بقائها في البيت عدا ساعة واحدة فقط.. إذ ترجع لعملها، وحتى أيام الجمعة تغادر البيت مبكرةً متجهة نحو المقبرة وقبل أن يستيقظ أحد من النوم، ثم تعود قبل ازدحامها بالزوار، إنها قد إتعظت من تلك التجربة التي تلقتها يوما ما في ذهابها وملاحقتها لي أي المقبرة.
هناك كانت تحاول بتعب أن تعلق على القبر بالوناً كانت تنزلق وتقع على الأرض، ثم تنهض وتحاول مرة أخرى.. لو كان للحجر إحساس لذاب من المشهد.. لكن أطفال الزقاق كانوا يرمون إيانا بالحجر.. إلى حد كان رأسي يتشظى، رمونا بالحجر، لولا تجمهر الناس حولنا حيرتهم واندهاشهم بأخلاقية (هوشار).. أبعدوا أطفالهن.. فكادت أن تكون إحدى الضحايا.. وعلى الأقل لو لم تكن أنثى إلا أنهن كانوا يتهمونها بأنها قد ضبطت مع إمرأة ما.. لذا لازالت تستيقظ مبكراً وتغادر البيت قبل إستيقاظ الأطفال.
جثة هامدة مرماة وبلا مبالاة تحت مظلة معلقة بسقف فوق رأسها وتحرسها ليلاً بارق، جثة مجهولة، جثة هناك دائماً بلا أهل ولا أصحاب.. تبدو وكأنها ليست لأحد.. جثة لن تحيا ولكنها تتغير دائماً ولا أحد يفهم سر تلك المظلة وسر الجثة معاً.. لذا لم يكن للأب بدّ إلا أن يصاب بالهستريا.!!
-لاتفقديني عقلي، لاتجنيني ايتها البنت ، حين أرى بيتك أحس أنني أعيش في عالم آخر.. ما سر المظلة والجثة وهوشار في هذا البيت ؟) .
أما هي فقد كانت تمنع الجواب بنظرة خانقة، ما الداعي لمعرفة الأب، كانت تعرف مصابها، لازالت لاتبرح النافذة وتراقب (هوشار) خوفاً من حجر الطفل كي لا يسبب لها ألماً، ليس محو ذكرياتها القديمة علينا سهلا: أتذكر حين استعدت وعي، تلك اللحظة التي كنت فيها في المستشفى، كان الحديث كله يدور حول هوشار، كانوا يقولون (منذ الصباح حتى المساء) عندما استرجعت الوعي كانت أمام بوابة المستشفى، تارة تنبح بخفوت وضعف، وتارة أخرى تبكى بكاءً حاراً، والذي سبب اندهاش الناس لها ولبكائها، لأنهم ولأول مرة تقع عيونهم على كلبة تبكي، ولم يك الأمر غريبا عليً، حقاً انني لم أرى قبلا كلباً يبكي ولكن لحظتها أهدانا الـ (ميجر) إياها.
إذ قال:- (جلبتها من إحدى القرى التي لم يبق فيها أي كائن عداها، لها عادة غريبة، كئيبة كآبة من نوع خاص، تبدو عليها بوضوح.. فنحاول بكل قدراتنا أن نتالف معا، لكن محاولاتنا باءت بالفشل.. أعتقد بأنها لاتحب الغرباء.. لذا أهديها إليك)..
لذا نحن سميناها (هوشار)، ولدى (أوميد) معرفة جيدة حول تربية الحيوانات، إذ ربيناها وهاهي (هوشار) بين أيديكم .
لقد تآلفت مع أوميد لدرجة كنت أحس أنها بدأت تغير مني، والحق ، كنت أغير منها أنا أيضاً. وكثيراً ماكنت أقول لـ(أوميد):
-انك تهتم بـ (هوشار) أكثر مني.
وفي اليوم الذي تمرض فيه (أوميد) كانت تحيطه برعايتها، تلاطف برأسها صدره، بكت له، وخجلت من نفسي، ومنذ ذلك اليوم منحتها حق أداء الخدمة لبعضهم، لأنها كانت أكثر حناناً تجاهه مني. وحتى وإن نهض أوميد وتناول الطعام إعتصمت (هوشار) وأضربت عن الطعام، كانت تبكي بقربه، ولم تبرح المكان، ومنذ ذلك اليوم تعودنا على دموعها وبكائها، ولكنني لم ارَ أبداً بكاءها بحرقة في مثل ذلك اليوم، لأن إغماءاتي قد جردتني بقايا المأساة وفي النهاية أخبروني بأن قالوا لي:
" لولا هوشار لما كان أحد يعرف تلك الكارثة التي أصبتم بها.."
ذلك اليوم وبشكل آخر وبرغبة أخرى كنت قد غيرت ملابسى، وأثناء تناول الطعام، كنا نتحدث عن أحداث ومشاهد السنوات الثلاثة العجيبة، وعن نضالها السري، ولمدة ثلاثة أعوام عند العلاقة وسنة زواجنا، وكان من المقرر في ذلك اليوم أن نهدى بعضنا البعض حلويات وهدايا.. كان عيد زواجنا بعد يومين.. أثناءها أيقظتني تلك الأحلام والذكريات، واصلنا المسير تحت مظلة واحدة والمطر كان يبللنا، وكنت أسرق ذكرياتي من السماء، وفجأة إنطلقت رصاصة حيث أيقظتني من أجمل الأحلام والذكريات، وقد تمرغ (أوميد) بالدم، وبرؤيا ذلك المشهد أصبحت بإغماءة، وأخيراً وجدت نفسي في المستشفى، وعرفت بأننا غدونا كأحدى الحكايات الغريبة لهذا العصر.. تلك الحكاية التي كنا في تلك القرية كمعلمين، نصل إلى بداية ذلك الشارع واقفين، ننتظر السيارة.. في ذلك اليوم كان هناك رجلان ملتحيان إحتواهما تل يقابلنا.. كانا يتراهنان على إمكانيتهما وقدرتهما فى التصويب، لذلك الهدف الذي كان عبارة عن نتوء معدنى خارجى، فى منصف تلك المظلة التى كانت تحمينا من المطر. وليس من الرصاص لكن الأيادى قد شلت وعميت البنادق وبنذالة أصابوا الهدف وكان الأخير هو رأس(أوميد) وحين رأت(هوشار) ذلك المشهد غرقت بالبكاء، ومرغت نفسها فى التراب الملطخ بدمه. وهرعت نحو المدرسة قابضة بأسنانها على أذيال جاكيت (سترة) المدير ساحبة إياه نحو تلك المأساة والأخير حاول ركلها ليبعدها عن نفسه: حتى أنه قد بدأ بشتمنا أنا وأوميد، لأننا قد تبنيناها رغم عدم ملائمة هذا التبنى لعاداتنا وتقاليدنا، حتى أن تجمهر الصفار حولها. كل اذاها بطريقة خاصة دافعين أياها للنباح. على أية حال، وكيفما أتفق المدير تبع" هوشار" ودق جرس الدخول. وبهذه الطريقة يبعد عنها التلاميذ وفى نفس الوقت" العانس ذات الاربعين عاماً" و منذ كانت في الثانية عشرة من عمرها راهبة تقيم في غرفة تقع على يسار المدرسة من الداخل . وخلال تلك الأعوام لم تر أحداً ، ولكن كما يبدو بأن الآخرين يتذكرون، ويروون عنها مشاهد أسطورية عن طبيعتها.. وسلوكها.. وطريقتها في تناول الطعام ، وكيفية ممارسة حياتها.. ويقولون لو أصغيت من خلال الباب، لن تسمع سوى الوجوم المخيم والسكون المطلق، ولم تخرج من عقر دارها، لكن حارس المدرسة قال في حينه:- ( نعم.. كل ليلة، وبعد الإنتفاضة أسمع صوتها ممتزجاً بأسواط مجموعة من النساء تقوم بالذكر معهن: سموها ( الأغنية الخالدة ) لكن أبدا لم أر إحداهن تخرج وتبرج مكانها. لكنها، وفي ذلك اليوم هاجرت عقر دارها.. وكاد المدير يصاب (بالإغماء)، ويغشى عليه إثر رؤيته إياها بشعر فضي وذات ملامح وملابس ثلجية.. وقد إلتحقت به لتوصيه على متابعة تلك الكلبة.. إن جنازة في طريقها نحو.. كانت قد مسحت عيون المدير الذي رأى ذلك الدم الذي تلطخ به (هوشار) يتجرد عنه ويغدو … ويرتفع الى علو المدرسة و يغدو جثة مجهولة بهذه الطريقة أعلن (هوشار) موت (أوميد) وأسعفنا..
ومنذ ذلك اليوم والذي غدا عادة لدى (هوشار) وهذه المظلة التي كانت تعلو رأسنا حين أرادوا التصويب نحو النتؤ المعدني، علقتها في تلك الغرفة، ستبقى لاصقة بذلك السقف دائما ترى جثة تحتها، كل يوم جثة مختلفة، ولكن في أيام الاثنين، وفي نفس التاريخ تبدو كجثة (أوميد) ولأن تبدو غرفة إنتظارنا غرفة للجثث، تلك الجثة التي لا تباع في سوق الأنتكيات (سوق التحف) ولا تعرض في المزاد , جثة قد خبأت في الغرفة التي تقع قبالتي .. جثة بلا لون، بلا رائحة، مجهولة.. ومن النافذة أرنو إلى سوق الأنتكيات، وأخاطب اليوم الأخير للأسبوع..
-لاتخف من غسل وتلقين تلك الجثة.. لن تتعفن لأنه من جعل منك أن تكون فجراً للآله مع قاتلي الجثث..وكبراؤنا متعفنون.. متعفنون.
*من بيع بالونات (هوشار) إستفدت من خبر صحفي